بات التعارف والتقارب والخصوصية والتشاركية التي تقوم على الاهتمامات وتبادل الأفكار أمر ليس صعبًا، كما أن المقدرة على تبادل الخبرات في العديد من المجالات صار متاحًا وسهلًا، قد يرجع ذلك للمزايا التي تفردت بها التقنية الرقمية في الحياة العلمية والعملية والاجتماعية على وجه العموم، كما أن هناك بساطة في الاستخدام والتداول وتنوع لمواقع التواصل الاجتماعي، وإتاحة لتباين اللغات التي يستخدمها الفرد وفق ثقافته ومستوى تعليمه.
وهناك العديد من السلبيات التي ظهرت نتيجة لسوء الاستخدام والتوظيف للتقنية الرقمية، وأضحت مؤشرًا لأخطارٍ قد تصيب المجتمع وأفراده وتؤثر بصورةٍ مباشرة ٍعلى استقراره وتماسكه ونسقه القيمي والأخلاقي، وللأسف يستثمرها أصحاب المنهج الفكري الإلحادي المعاصر بغية النيل من شباب الأمة والعمل على تزييف وعيهم وتغييب عقولهم والحد من مقدرتهم على ممارسة التفكير في صورته الإيجابية وإيهامهم بوعود كاذبة بهدف إغراقهم في براثن منهجهم الخبيث.
وتساعد مواقع التواصل الاجتماعي على انتشار الشائعات بشكل سريع في أزمنةٍ قصيرةٍ للغاية حول العالم بأسره؛ حيث تحمل الشائعة الأخبار المكذوبة أو المفبركة أو المضاف إليها أو المحذوف منها؛ لتستهدف إثارة البلبلة والتشكيك وإضعاف الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة الوطنية، كما تسعى إلى إحداث فتنٍ بتنوعاتها أو صراعاتٍ لا حدود لها على المستوى الفردي والجماعي.
ويعمل أصحاب الفكر الإلحادي المعاصر على بث الشائعات المغرضة لتصيب شباب الأمة، وتساعد في أن تتجمع الأسباب لضمهم لصفوف الإلحاد من خلال وعود كاذبة ينساقون خلفها ومن ثم يقعون فريسة سهلة تؤدى بهم في النهاية إلى التهلكة، كما أن انتشار الشائعات المغرضة يهيئ البيئة والمناخ المناسب أمام أصحاب الفكر الإلحادي المعاصر كي يستغلوا حالة تزييف الوعي بإيجاد البديل الذي يلجأ إليه أصحاب القلوب الضعيفة خاصة من فئة الشباب.
وتفشي الشائعات وظهور آثارها السلبية بين أفراد المجتمعات يساعد في نشر الأفكار المسمومة من الملاحدة الجدد؛ فنجد أن بعضًا من فئات الشباب على وجه الخصوص له دورٌ فاعلٌ في نشر الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث يتداولون المعلومات بصورةٍ غير صحيحةٍ، أو يطلعون على أخبار يجترون منها جزءًا منقوصًا، وهنا ينبغي أن نوقن بأن ضعف الأمم يكمن في صورة الوعي المزيف والفكر المنحرف لشبابها، بما يُمكن أصحاب الفكر الإلحادي المعاصر من إيصال رسائلهم البغيضة.
وغياب الوازع الديني والقيمي والأخلاقي الذي يحث الفرد على الالتزام بصحيح العقيدة قد يكون سببًا رئيس في انتهاج البعض سياسة نشر الشائعات عبر الفضاء المنفلت؛ فكثير من الشباب المغيب الذي يساعد على نشر الشائعات لا يدرك خطورة الشائعة أو لجسامة ومخاطر المعلومات غير الصحيحة على الاستقرار المجتمعي، وما يتداوله الشباب من شائعات مغرضة تحمل معلومات مكذوبة تسهم في بث الفرقة أو إحداث زعزعة السِلم والأمن داخل المجتمع الواحد، بل وبين المجتمعات.
وهناك كتائب ممولة تبث الشائعات ليل نهار بغرض النيل من استقرار الأوطان وهدمها؛ فانتشار الشائعات يضعف العزائم ومن ثم يؤثر حتمًا على النمو الاقتصادي للدولة ويضير بمقدراتها ويضعف نشاطها في المجالات والقطاعات المختلفة وبخاصةٍ المنتجة منها، وهذا يضير بالدولة ويؤدي بالضرورة إلى انهيارها بعد تكرار الفشل جراء الانهزامية التي تتعرض لها المجتمعات.
وتستهدف الشائعات هدم وانهيار المؤسسات الوطنية بالدولة والعمل المتواصل على تعطيل أو إضعاف إنتاجيتها نتيجةً لنشر الطاقة السلبية بين الأفراد والمجتمعات والتجمعات؛ حيث تؤثر الشائعات بشكلٍ مباشرٍ على الروح المعنوية للفرد والمجتمع ومن ثم ينتقل الأثر للقيادة، وتؤدي إلى إضعاف الأثر المعنوي لمؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية، ولها تأثيرٌ نفسيٌ عميقٌ يوازي ما قد تحدثه الحروب في النفوس؛ ومن ثم فإن ضعف الروح المعنوية لدى الشباب نتيجة لانتشار الشائعات المحبطة يجعلهم فريسة للفكر الإلحادي المعاصر.
ويشهد الواقع بأن مخاطر الشائعات لا تتوقف عند حدٍ معينٍ؛ فهناك الشائعات الرقمية التي تؤدي بالفرد إلى هاوية التلوث الفكري برغم ما قد يمتلكه من ثقافةٍ وعمق معرفةٍ، وتؤدي إلى تغيير الاتجاهات في مسارها السلبي لدى الفرد وتسيطر على خواطره بصورةٍ سلبيةٍ لتُحدث المرض الاجتماعي الفتاك والمتمثل في التشكيك، كما تؤدي أيضًا إلى إحباطٍ وتشرذمٍ وضعفٍ معنويٍ وعزوف عن العمل الجاد لدى كثير من الشباب الذي يبنى على كاهله حماية الأوطان.
والشائعات الرقمية تنال من الوحدة الشعبية بين أفراد المجتمع؛ فهي تستهدف تأجيج الخصومة وتشويه السمعة وإثارة الأحقاد وتوسيع دائرة الخلاف وإثارة الغضب خاصةً بين الشعب وقيادته السياسية، كما تساعد على خلق مناخٍ سلبيٍ يوصف بالمربك، يقوم على نوايا غير سليمةٍ، وفكرٍ مخططٍ له من قبل أصحاب الفكر الإلحادي، وتحدث بلبلة فكرية تصيب الفرد بالعديد من الفهم المغلوط في كثير من القضايا التي تعمل عليها الشائعات الرقمية بشكلٍ متواصلٍ وحرفيٍ.
وتحاول المليشيات الإلحادية أن تعمل على فلسفة إعادة تشكيل الرأي العام من خلال المزيد من الأكاذيب والافتراءات بطرائق ممنهجة؛ كي يسهل نشر أفكارهم المقيتة بين المجتمعات، وتستطيع المليشيات الإلحادية عبر منصات التواصل الاجتماعي إقناع روادها بطرائق واستراتيجيات متغيرة تجاه القضية محل الاهتمام والتناول التي تود نشر الفكر الإلحادي من خلالها؛ إذ تمتلك مهارات تقنية نوعية تساعد في استهداف شرائح مجتمعية ليست بالقليلة عبر العالم الافتراضي؛ لتصل أفكارهم الإلحادية بين مجتمعات وشعوب العالم بسهولة ويسر.
وتهتم المليشيات الإلحادية بخلق حالة من تشويه الأذهان، وتسبب حالة من الارتباك بما تعرضه من محتوى مفبرك للجمهور المستهدف لتشويه وعيه وحضه على تقبل أفكارهم الإلحادية، والعمل على زيادة الخصومات السياسية من قبل هذه المليشيات كي ترقى لحد التناحر والتفرقة كي تنفصل الشعوب عن حكوماتها وحكامها؛ حيث إن الرسالة الرئيسة لدى المليشيات الإلحادية تنبري في بث الفتن بهدف تفكيك لُحمة المجتمع المستهدف ومن ثم سهولة نشر أفكارهم الإلحادية.
ونؤكد على أن غاية المليشيات الإلحادية الاهتمام بإحداث نزاعات الغرض في كثير من الأحيان منها الوصول إلى حد الاقتتال؛ لتنهار الأوطان ، ويُهدم النسق القيمي الذي تقوم عليه المجتمعات.
وتحارب المليشيات الإلحادية ماهية الضمير وتحاول إضعاف التمسك بالقيم النبيلة بما يؤدي لاستقطاب المستضعفين فكريًا لهذا المنهج الذي يلبي الرغبات والشهوات والنزوات لديهم، وتعتمد المليشيات الإلحادية على منهجية العدائية التي تتضمن في طياتها التحذير والسب، والقذف، والتخويف، والتهديد بغية إجبار الغير على نشر أفكارهم الإلحادية، ولا تتورع المليشيات الإلحادية عن استخدام كافة الأساليب الرخيصة ضد الأخرين بهدف نشر الفكر الإلحادي في صورته المعاصرة، كما أن ممارسات المليشيات الإلحادية غير الحميدة تتمثل في انتهاج سياسة الاستمالة حتى تستقطب مناصرين لأفكارهم الإلحادية.
وقد أصبح التعارف والتقارب والخصوصية والتشاركية تقوم على الاهتمامات وتبادل الأفكار عبر الفضاء الرقمي، وإفشال محاولات الفكر الإلحادي المعاصر يقوم على التخطيط الجيد من قبل المتخصصين يتبعه تنفيذ عبر الفضاء الرقمي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي بوسائله المتعددة، وهذا يتطلب بيان خطورة نشر الفكر الإلحادي المعاصر عبر الفضاء الرقمي وإيضاح صور لمداخلهم وسمومهم التي يبثونها بين شباب الأمة على وجه الخصوص.
ونثق بأن إيمان شبابنا الواعد بدورهم الفاعل عبر الفضاء الرقمي في إفشال محاولات الفكر الإلحادي المعاصر ودحر مخططاتهم المقيتة، ويستطيع أن يساهم شبابنا الواعد في تعريف المجتمع بصور الشائعات الرقمية المغرضة التي تناول من وحدة الوطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويشارك شبابنا الواعد في تعزيز النسق القيمي الذي يؤمن به المجتمع المصري وتقره الأديان السماوية من تحري الصدق والأمانة في القول والنقل عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وما تبذله الدولة من إنجازاتٍ على أرض الواقع يُمكن شبابنا الواعد تعريف المجتمع به عبر الفضاء الرقمي مما يقوي العزيمة والإيمان في نفوسهم، ومن ثم ينبغي أن يعمل شبابنا على تزويد أفراد المجتمع بالمعلومات الصحيحة وتصويب الأفكار الخطأ التي ترد من قبل الشائعات الرقمية المغرضة، كما يتوجب أن يؤكد شبابنا الواعد على أن غياب النسق القيمي يؤدي لغياب الضمير والمحاسبية والرقابة الذاتية، ومن ثم تجد شياطين الأنس مُدخلًا واسعًا لضخ المزيد من الشائعات التي يتلقفها أصحاب القلوب الضعيفة.
ويتوجب العمل الممنهج على تدريب المتخصصين على طرائق وأساليب التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بغية تمكينهم من الرد على شبهات ومداخل الاستمالة التي ينتهجها أصحاب الفكر الإلحادي المعاصر، والرد على الشبهات عبر الفضاء الرقمي صارأمراً ضروريًا لمجابة الفكر الإلحادي المعاصر وموجاته الشرسة والممنهجة؛ فقد أضحى ترك الساحة خالية أمام الملحدين الجدد يمدهم بقوة الانتشار واستدراج المزيد تجاه منهجهم المدمر، كما أن نقل وجهات النظر عبر الفضاء الرقمي أضحى متاحًا للجميع، ومن ثم يمكن دحر أفكار الملحدين الجدد.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة