رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، كان بمثابة ضربة موجعة لصميم "محور المقاومة"، وهو ما قد يغير من شكل المواجهة بين الطرفين.
واعتبرت الصحيفة البريطانية، اليوم الأحد، أن استهداف إسرائيل لزعيم حزب الله في مقر القيادة العامة للحزب في العاصمة اللبنانية بيروت، شكل ضربة قوية لإيران ولاستراتيجيتها الإقليمية.
وأشارت إلى أنه بعد ساعات قليلة من الغارة التي نفذتها إسرائيل مساء الجمعة على الضاحية الجنوبية في بيروت، ظهرت الكثير من اللافتات الكبيرة في جميع أنحاء طهران تعلن أن "حزب الله حي"، بينما أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية في أعقاب الغارة الإسرائيلية مباشرة إن نصر الله، "في مكان آمن"، وبينما سيطر صمت واضح من مسؤولي النظام الإيراني، فور وقوع الغارة الإسرائيلية، وكأن طهران لم تكن مستعدة للاعتراف بخسارة أهم حليف إقليمي لها.
واستطردت الصحيفة البريطانية بالقول "لم يوجه اغتيال إسرائيل لنصر الله، ضربة كارثية لحزب الله فحسب، بل ضربة مدمرة لإيران، فعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، نظرت طهران إلى نصر الله وحزب الله، كركيزة أساسية في استراتيجيتها الأمنية والردعية في المنطقة، وعلى خط المواجهة في حرب الظل الطويلة مع إسرائيل.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إيراني -لم تكشف عن هويته- قوله إن " المرشد الأعلى الإيراني وصانع القرار النهائي في إيران، آية الله خامنئي، كان يعتبر حسن نصر الله "ابنا" له.
”وتابع بالقول: ”إنها ضربة كبيرة لإيران، من الناحيتين التكتيكية والاستراتيجية على حد سواء - خسارة مثل هذه الشخصية التي حظيت بثقة مطلقة من المرشد الأعلى الإيراني، بيد أن هذا لا يعني أن حزب الله قد انتهى ... لكنه يعني أن الأمر سيستغرق وقتا طويلًا لبناء الثقة بالنسبة لزعيم الحزب الجديد، فالقادة الآخرون في حزب الله لم يكونوا قريبين من المرشد الأعلى، وأخيرا، على المدى القصير، فإن الاغتيال، يعد ضربة قوية للغاية للمقاومة جميعها".
وأشارت الصحيفة إلى أن إعادة بناء قيادة حزب الله وقوته العملياتية ستشكل تحديات بالغة لطهران، لا سيما أن هجمات إسرائيل الأخيرة كشفت عن مدى تغلغل أجهزة استخباراتها في كل من لبنان وإيران.
وقال محللون إيرانيون إن طهران لن تتخلى عن استراتيجيتها المتمثلة في استخدام القوات بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة، على الرغم من الانتكاسة الأخيرة.
ونوه التقرير إلى أن إيران اعتمدت على الجماعات المسلحة الإقليمية منذ حربها مع العراق في الثمانينيات، مدركةً أنها تفتقر إلى القوة العسكرية اللازمة للدفاع ضد خصومها، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة.
ووفقا للصحيفة، فإن إيران تعول بشكل أساسي على هذه القوات - التي يطلق عليها محور المقاومة - من أجل إبراز قوتها خارج حدودها، والتي تستند جزئيا إلى الاعتقاد بأنها قادرة على إلحاق الأذى بأعدائها دون الانجرار إلى صراع مباشر.
وأشارت إلى أن إيران رعت حزب الله كقوة وكيلة لها في لبنان منذ ثمانينيات القرن الماضي، واعتبرته أنجح مشاريعها الإقليمية.
وشكل حزب الله نموذجًا للجماعات المدعومة من إيران في العراق وسوريا، إلى جانب الحوثيين في اليمن، وساعدت طهران أيضًا في تدريبهم، حيث يعمل فيلق القدس التابع لطهران، وهو جناح النخبة في الحرس الثوري الإيراني، والمسؤول عن العمليات الخارجية لإيران، يدا بيد مع وكلاء إيران، حيث يوفر لهم الأسلحة والأموال والتدريب، وفقا للصحيفة البريطانية.
واعتبرت الصحيفة أن إيران يبدو أنها مترددة في الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، خاصة مع في ظل النهج العدائي الذي ينتهجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يستخدم تكتيكات عدوانية ليبدو أنه لا يمكن السيطرة عليه.
وأضافت "قد يكون تردد طهران الواضح للعلن، مكلفا من الناحية السياسية. فالنظام الإيراني، الذي نصب نفسه قائدًا للحركات المناهضة لإسرائيل في العالم الإسلامي، يتعرض لضغوط متزايدة للتحرك للرد على سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إيران تواجه الكثير من التحديات في الوقت الراهن، في ظل قيادة الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، أول رئيس إصلاحي لإيران منذ عقدين من الزمن، والذى يسعى إلى تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة والتفاوض بشأن برنامج إيران النووي لتأمين تخفيف العقوبات الغربية عليها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة