بعد ما هزّت عملية اغتيال إسرائيل لأمين عام حزب الله، أول أمس الجمعة، أجواء لبنان، في ضربة وصفت بأنها "الأشد" لحزب الله منذ تأسيسه؛ أسرع الإيرانيون إلى التحذير من أن دولة الاحتلال دخلت مرحلة خطيرة من الصراع بتغيير قواعد الاشتباك.
وفي حين تشاهد طهران حليفها الأكثر قيمة في المنطقة يتعرض للضربات، تتزايد الأسئلة حول كيفية ردها؛ كما يلفت تحليل لشبكة CNN الأمريكية حسبما نقلت " القاهرة الإخبارية" إلى أن الدولة العبرية "صعّدت بشكل كبير من صراعها المستمر منذ عام مع حزب الله بعد توسيع أهداف حرب غزة في 17 سبتمبر لتشمل جبهتها الشمالية".
وبعد الضربات المتعددة، التي شملت تفجير أجهزة الاتصالات والغارات الجوية، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سلسلة القيادة في حزب الله "تم تفكيكها بالكامل تقريبًا" بعد اغتيال سلسلة من كبار المسؤولين في الجماعة هذا الأسبوع.
امتصاص الصدمة
ينقل التحليل عن حنين غدار، الزميلة في معهد واشنطن ومؤلفة كتاب "أرض حزب الله": "لقد تلقى حزب الله أكبر ضربة لبنيته التحتية العسكرية منذ تأسيسه، فبالإضافة إلى خسارة مستودعات الأسلحة والمرافق، خسرت الجماعة معظم قادتها الكبار، كما تمزقت شبكة اتصالاتها".
ورغم الخسائر، لا تزال الجماعة تحتفظ بقادة مهرة والعديد من أصولها الأكثر قوة، بما في ذلك الصواريخ الموجهة بدقة، والصواريخ بعيدة المدى "التي يمكن أن تلحق أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية ولم يتم نشر معظم هذه الصواريخ بعد"؛ حسب "غدار".
وتشير أمل سعد، الخبيرة في شؤون حزب الله والمحاضرة في جامعة كارديف، إلى أنه منذ كثفت إسرائيل حملتها "أثبت الأداء العسكري لحزب الله أنه كان قادرًا على امتصاص تلك الصدمة، والضرب بقوة في شمال إسرائيل منذ أيام"، في إشارة إلى اعتراض إسرائيل، الأربعاء الماضي، لصاروخ باليستي أطلقه حزب الله بالقرب من تل أبيب، استهدف مقر وكالة الاستخبارات الإسرائيلية.
وأضافت: "هذا (اغتيال نصر الله وقادته) لا يعني الشلل، فحزب الله منظمة تم إنشاؤها لامتصاص هذا النوع من الصدمات، وهي مصممة لتكون قادرة على الصمود والبقاء لفترة أطول للأفراد من القادة".
وحال تم تفكيك قيادة المجموعة بشكل حقيقي، وتعطيل التنسيق بين إيران وحزب الله، فقد يدفع ذلك الحرس الثوري الإيراني إلى تولي زمام المبادرة، بحسب رأي غدار، والذي قال: "سيتعين عليهم أن يجدوا طريقة للقيام بذلك بأنفسهم، لكن هذا ليس خيارًا سهلًا لأنهم سيصبحون أهدافًا، وهم لا يفهمون لبنان".
قبل اغتيال نصر الله، كان الخط الرسمي لإيران هو أن حزب الله قادر على الدفاع عن نفسه، حتى مع اعتراف المرشد الأعلى علي خامنئي، الأربعاء الماضي، بأن اغتيال إسرائيل لقادة حزب الله "كان خسارة بالتأكيد".
وبعد تأكيد اغتيال أمين عام حزب الله، أشارت السفارة الإيرانية في لبنان إلى أن حسابات طهران ربما تتغير الآن، إذ قالت في بيان لها: "لا شك أن هذه الجريمة النكراء والسلوك المتهور يمثل تصعيدًا خطيرًا يغير قواعد اللعبة، وسيتم معاقبة مرتكبها وتأديبه بالشكل المناسب".
ينقل تحليل CNN عن تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي" في واشنطن، قولها إن المنطق الإيراني لتجنب التورط في الصراع ربما لم يعد صالحًا إذا اتضح (لإيران) أن حزب الله لا يستطيع، في واقع الأمر، الدفاع عن نفسه بعد التفجير في بيروت، فإن مبررات إيران للبقاء خارج الحرب قد انهارت".
يضيف: "عند هذه النقطة، فإن مصداقية إيران مع بقية شركائها سوف تتعرض لخطر الانهيار إذا لم ترد طهران".
أما فرزين نديمي، الزميل في معهد واشنطن، فيلفت إلى أنه "من المرجح أن تكون إيران مرعوبة من فعالية وكفاءة الهجمات الإسرائيلية، لكن على الرغم من استهداف القيادة العليا لحزب الله، فإن طهران قد لا تزال تعتقد أن الجماعة قادرة على الدفاع عن نفسها وإملاء شروط وقف إطلاق النار في نهاية المطاف، الأمر الذي من شأنه أن يساعد المجموعة على التعافي".
وأضاف أن طهران تساعد حزب الله بالفعل على إعادة بناء هيكل قيادته العسكرية وتقديم المشورة التكتيكية والعملياتية لقيادته "ومع ذلك، إذا اقتربت المجموعة من الانهيار، فقد يدفع ذلك إيران إلى تدخل أكثر حزمًا"، ربما في شكل ضربات صاروخية وطائرات بدون طيار.
وقالت أمل سعد، الخبيرة في شؤون حزب الله، إن تدخل إيران من المرجح أن يجر الولايات المتحدة إلى الحرب، مشيرة إلى أن طهران هي "الحلقة الأضعف" في الصراع، خاصة وأنها العضو الوحيد فيما وصفه بـ"محور المقاومة" الذي يمثل دولة فعلية، أما البقية فهي جهات غير حكومية أو شبه حكومية، لذا فإن إيران هي التي ستخسر الكثير إذا شاركت".
وذكرت أن "إيران قوة مسلحة تقليدية، وربما لن تحقق نتائج جيدة مثل حزب الله في الحرب لأنها تشكل بنية تحتية عسكرية مختلفة تمامًا، وحزب الله يعرف تضاريسه وخصومه بشكل أفضل من أي طرف آخر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة