أصبح طريق كامالا هاريس ودونالد ترامب إلى المكتب البيضاوى أكثر وضوحا بعد اشهر من الاضطرابات التاريخية فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية الذى شهد بداية كارثية لجو بايدن -المرشح الديمقراطى آنذاك- فى مناظرة امام المرشح الجمهورى دونالد ترامب حيث كان أداء الأول باهت بكل المقاييس ما دفع حزبه للضغط عليه للتخلى عن حلم الولاية الثانية، وتصدر هاريس المشهد، إضافة إلى تعرض ترامب لمحاولة اغتيال درامية إلى جانب انقسام فى الشارع الأمريكى حول قضايا عدة داخلية وخارجية.
مع بقاء شهرين فقط على تصويت نوفمبر، وضحت الرؤية الان للمرشحين الرئاسيين، وبالفعل قرر دونالد ترامب وكامالا هاريس تخصيص معظم وقتهما زمواردهم المتبقية لسبع ولايات فقط، حيث سينفقان مئات الملايين من الدولارات لاستهداف الناخبين الذين، بدأوا للتو فى الاهتمام بالانتخابات. وستحاول الحملات تركيز رسائلهما على ثلاث قضايا مألوفة - الاقتصاد والهجرة والإجهاض – رغم الجدل المستمر حول الشخصية والثقافة والديمقراطية.
خلال أسبوع تحديدا فى 10 سبتمبر، سيقف ترامب وهاريس وجها لوجه للمرة الاولى فى مناظرة على شبكة ايه بى سى، وستبدأ ولاية بنسلفانيا، الولاية المتأرجحة الأولى التصويت الغيابى الشخصى فى الأسبوع التالى وبحلول نهاية الشهر، سيبدأ التصويت المبكر فى أربع ولايات على الأقل وبحلول منتصف أكتوبر سيكون تبعهم اثنتى عشرة ولاية أخرى.
وفى خلال 63 يومًا فقط، سيتم الإدلاء بالأصوات النهائية لتحديد أيهما سيقود أقوى دول العالم لاربع سنوات مقبلة.
وفقا لاسوشيتد برس، يعترف كلا المعسكرين بأن النصر ليس بالأمر المؤكد مع بدء السباق الذى يستمر ثمانية أسابيع حتى يوم الانتخابات وتتنافس هاريس وترامب فى معظم استطلاعات الرأى الوطنية التى أجريت منذ أنهى الرئيس جو بايدن حملته لإعادة انتخابه، وأصدرت حملة هاريس مذكرة خلال عطلة نهاية الأسبوع تصف نفسها بأنها "الطرف الأضعف بوضوح" فى المنافسة.
وقال ديفيد بلوف، كبير مستشارى هاريس فى مقابلة: "لا يوجد سيناريو هنا سهل الطريق إلى هزيمة دونالد ترامب، الطريق إلى 270 صوتًا انتخابيًا لكامالا هاريس، صعب للغاية، ولكن يمكن تحقيقه".
من ناحية أخرى، يرفض ترامب أى مؤشرات تشير إلى أن هاريس متقدمة حتى مع مهاجمتها بعبارات شخصية عميقة وأحيانًا كارثية، معلنًا أن "البلاد سينتهى امرها إذا فازت هاريس"
وقال جيمس بلير، المدير السياسى لحملة ترامب: "مع مرورنا بيوم العمال، سنصل حقًا إلى الوقت الذى يبدأ فيه الناخبون فى تشديد آرائهم.. نشعر بتحسن كبير بشأن الأمور. نشعر بالنشاط. شعبنا نشيط. ولكن هناك بالتأكيد الكثير من العمل الذى يتعين القيام به".
7 ولايات تحدد مصير الانتخابات
قبل أكثر من شهر بقليل، اقترح حلفاء ترامب أن الولايات ذات الميول الديمقراطية مثل مينيسوتا أو فيرجينيا أو حتى نيوجيرسى قد تكون فى صفهم ولا يعتقد أى من الجانبين أن هذا لا يزال هو الحال فى عطلة نهاية الأسبوع فى عيد العمال.
من خلال استبدال بايدن كمرشح للحزب، نفخت هاريس حياة جديدة فى الآفاق السياسية للديمقراطيين، وخاصة فى ولايات حزام الشمس -أريزونا وجورجيا ونيفادا ونورث كارولينا- حيث تضم الولايات الأربع أعدادًا كبيرة من الأمريكيين من أصل أفريقى واللاتينيين، وهى الدوائر الانتخابية الديمقراطية التقليدية التى كانت منخفضة على المستوى الوطنى فى دعم بايدن ولكن يبدو أنها عادوا للتجمع خلف هاريس.
فى الوقت نفسه، يظل ترامب فى موقف هجومى حاسم فى ساحات المعارك فى الغرب الأوسط فى ميشيجان وبنسلفانيا وويسكونسن، والتى تشكل ما يسمى "الجدار الأزرق" الديمقراطى الذى فاز به بصعوبة فى عام 2016 وخسر بفارق بسيط فى عام 2020.
وستجذب هذه الولايات السبع - بالإضافة إلى الدوائر المتأرجحة فى نبراسكا وماين التى تمنح كل منها أصواتًا واحدة فى المجمع الانتخابى - انتباه وموارد جميع المرشحين تقريبًا على مدار الأسابيع الثمانية المقبلة.
يستثمر ترامب المزيد من أموال الإعلان فى بنسلفانيا أكثر من أى ولاية أخرى حتى يوم الانتخابات وفوزه فى بنسلفانيا وحدها من شأنه أن يجعل من الصعب على هاريس كسب 270 صوتًا فى المجمع الانتخابى سيكون مطلوبًا للفوز بالرئاسة رغم أن فريقها يصر أن لديها مسارات متعددة لفوز.
ماذا تقول الاستطلاعات؟
يخوض كلا المرشحين سباقات متقاربة عبر الولايات السبع المتأرجحة الرئيسية، قال جون أنزالون، خبير استطلاعات الرأى الديمقراطى، أن هاريس أعادت الديمقراطيين إلى اللعبة لكن الصعب لم يأتى بعد"، وأضاف: "بعد عيد العمال، هناك معركة من أجل عالم ضيق من - يمكنك أن تسميهم بأى شيء تريده: الناخبين المقنعين، الناخبين المتأرجحين، الناخبين المستقلين - وهو صغير جدًا، وهنا يحصل كل جانب الفارق"
وفقا لاستطلاع أجرته الوكالة، يبدو أن العديد من المستقلين يجدون كلا المرشحين غير مرضيين، وفى الوقت الحالى، تتمتع هاريس أيضًا بميزة طفيفة فى بعض السمات الرئيسية بين المستقلين، بينما هى وترامب متساويان تقريبًا فى سمات أخرى.
على سبيل المثال، يقول حوالى 3 من كل 10 مستقلين أن "الصدق" يصف هاريس بشكل أفضل، بينما يقول حوالى 2 من كل 10 أنها تصف ترامب بشكل أفضل، ويقول حوالى 3 من كل 10 أيضًا أن "الالتزام بالديمقراطية" يصف هاريس بشكل أفضل، بينما يقول أقل من 2 من كل 10 أنها تصف ترامب بشكل أفضل.
وقد يتم تحديد السباق فى النهاية من قبل أى مرشح يمكنه أن يصور نفسه بنجاح باعتباره "مرشح التغيير" نظرًا لأن حوالى 7 من كل 10 ناخبين يقولون أن البلاد تسير فى الاتجاه الخاطئ، بناءً على استطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس أواخر يوليو بعد انسحاب بايدن من السباق.
كان ترامب وجه التغيير عندما فاز فى انتخابات عام 2016. وحتى بعد خدمته فى البيت الأبيض لمدة أربع سنوات، لا يزال ينشط ملايين الناخبين المحبطين الذين يحتضنون أسلوبه القيادى وعدم رغبته فى اتباع القواعد التقليدية للسياسة.
وكانت هاريس نائبة بايدن لمدة أربع سنوات تقريبًا، ومع ذلك فإن الطبيعة التاريخية لترشحها - ستكون أول رئيسة امرأة - تسمح لها بتقديم قضية مقنعة بأنها تمثل اتجاهًا جديدًا للبلاد، ومع ذلك هناك قلق بشأن "الأداء الضعيف الشديد" لحزبها فى ما يسمى بالولايات "الجدار الأزرق" فى الانتخابات الأخيرة.