لن نكرر النكبة مرتين.. فلسطينيون يعيشون على أنقاض منازلهم المدمرة ويرفضون مغادرتها.. النايلون والشوادر وألواح الزينجو أدوات الغزاويين لترميم بيوتهم.. و"مش طالعين" شعار سكان القطاع لمواجهة غارات الاحتلال.. صور

الثلاثاء، 03 سبتمبر 2024 12:00 م
لن نكرر النكبة مرتين.. فلسطينيون يعيشون على أنقاض منازلهم المدمرة ويرفضون مغادرتها.. النايلون والشوادر وألواح الزينجو أدوات الغزاويين لترميم بيوتهم.. و"مش طالعين" شعار سكان القطاع لمواجهة غارات الاحتلال.. صور الفلسطينيون يعيدون ترميم منازلهم المدمرة
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< تدمير 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي و200 ألف بشكل جزئي

<< تقرير أممى يكشف احتياج غزة 80 عادا لترميم وحداتها السكنية

<< ارتفاع أسعار الأسمنت والطوب يمنع سكان القطاع من ترميم منازلهم بالكامل


ظل لسنوات يبني في منزله، ويرى حلمه يظهر في كل طوبة يضعها على المنزل كي يكتمل، حيث يسعي لتوحيد أسرته في مكان واحد يأويهم، دفع الغالى والنفيس من أجل أن يكون لأسرته منزلًا مكونا من 4 طوابق يعيش هو وأبنائه وأحفاده مع بعضهم البعض، لكن هذا المنزل الذي حمل ذكريات عديدة للأب والأم والأولاد والأحفاد، أصبح في لحظات عبارة عن كومة من الركام بفعل صواريخ الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

الفلسطيني، جمال إبراهيم، الذي يبلغ من العمر 50 عاما، ويعيش في منطقة جباليا شمال القطاع، كان من بين مئات الآلاف من الفلسطينيين المشردين الذين أصبحوا بلا مأوى بعد أن دمر الاحتلال منزلهم، ولكن يظل إصراره على الحياة والبقاء في منزله وعدم القبول بضغوط الاحتلال للتهجير نبراسا يدفعه نحو إزالة بعد ركام المنزل والعيش بجواره هو وأسرته، ليبعث برسالة قوية أن الفلسطينيين لن يكررون سيناريو التهجير في 1948 وباقون في منازلهم حتى إذا تحولت لأنقاض.

80 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن

بحسب أخر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومى في غزة، يوم 16 أغسطس الماضي، تبين أن العدوان الإسرائيلي تسبب في تدمير 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، بجانب تدمير 200 ألف وحدة سكنية بشكل جزئي، لافتا إلى أن هناك 80 ألف وحدة سكنية دمرها الاحتلال غير صالحة للسكن، هذه الأرقام ببساطة تكشف حجم العائلات التي شردت من منازلها، إما في مراكز الإيواء أو مخيمات النزوح، ولم يعد لها منزل يأويها مثل ما كان قبل العدوان.

إصلاح بعض المنازل المدمرة جزئيا في غزة
إصلاح بعض المنازل المدمرة جزئيا في غزة

ويقول "جمال إبراهيم"، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن منزله تعرض مع بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، لتفجير خلال اجتياح الاحتلال لشمال القطاع، متابعا:" منزلنا المكون من 4 طوابق والواقع في جباليا، لعمليات حرق وتفجير وذلك خلال الاجتياح الإسرائيلي المتكرر للمنطقة".

ويضيف، جمال إبراهيم أن يفقد الانسان منزله أمرا صعبا، ففيه تجتمع الأمنيات والذكريات الجميلة التي قد مسحت تماما بعمليات الحرق والتفجير التي تعرض لها المنزل، فلا نجد وصف لهذا الواقع المرير الذي نعيشه اليوم"، موضحا أن الاحتلال مارس بحق الفلسطيني كل أشكال الإبادة في محاولة لتحقيق أهدافه كالتهجير والتشريد والسيطرة على الأرض لكنه اليوم فشل أمام صمود الناس وتمسكهم بأرضهم.

ويوضح أنه منذ بدء الحرب الدموية على غزة قدم الشعب الفلسطيني، كوكبة من شهداء العائلة، ورفض أن يخرج من شمال قطاع غزة لأنها أرضنا ولن نقبل أن تكرر النكبة مرتين، متابعا :"اليوم نؤكد للعالم الصامت على جرائم الاحتلال النازي بأننا لن نقبل مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية ولن نرحل، بل نتمسك بحقوقنا في الحرية والعودة وتقرير المصير، وهذا مكفول دوليا لشعبنا الفلسطيني".

عدد الوحدات السكنية المدمرة في غزة خلال العدوان الإسرائيلي
عدد الوحدات السكنية المدمرة في غزة خلال العدوان الإسرائيلي

وبشأن دعوات الاحتلال المتكررة للفلسطينيين للنزوح من مناطقهم، يقول :"بخصوص دعوات الاحتلال للنزوح نقول إنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة على الإطلاق فهو يمارس الشائعات والحرب النفسية ضد شعبنا ويمارس المجازر بحق المدنيين في كل مكان".

وحول إقدامه على ترميم منزله في غزة بعد أن هدمه الاحتلال، يضيف جمال إبراهيم :"الترميم في مثل حالة منزلنا لا يمكن لأنه بحاجة إلى إزالة وبناء من جديد بفعل النيران الشديدة التي أصابت المنزل، لكن لعدم توفر البديل قمنا بإزالة النفايات والركام المكومة بما يسهل علينا العيش بداخله".

وبشأن رسالة الفلسطينيين من إعادة ترميم منازلهم المدمرة من قبل الاحتلال والعيش فيها من جديد يقول:"محاولة الفلسطيني ترميم منزله المدمر هو أكبر رسالة للعالم الذي يشاهد الإبادة والمعاناة ويبقى متفرجا على حياة المدنيين الذين يموتون ألف مرة في اليوم، والفلسطيني عندما يرمم منزله فهو يقدم رسالة أنه صامد في أرضه ولن يرحل أبدا مهما بلغت التضحيات، وهذا الأمر قد فهمه الاحتلال والعالم كله، ونقولها مرة أخرى: "الصغار لا ينسون".

أنقاض منازل مدمرة في غزة
أنقاض منازل مدمرة في غزة

ترميم جميع الوحدات السكنية المدمرة بالكامل في غزة يحتاج 80 عاما

في 2 مايو الماضي، أصدرت منظمة الأمم المتحدة تقريرا حول الصعوبات التي ستواجه عمليات إعمار قطاع غزة بعد وقف والحرب، أكدت فيه أن إعادة بناء المنازل في قطاع غزة قد تستمر حتى القرن المقبل، كاشفا أن غزة تحتاج نحو 80 عاما لترميم جميع الوحدات السكنية المدمرة بالكامل.

تقرير الأمم المتحدة تضمن رؤى متشائمة بشأن مستقبل الأسر التي شردت وعدم قدرة المجتمع الدولى على توفير منازل بديلة لها بشكل سريع حال وقف الحرب، خاصة مع تأكيد تقرير الأمم المتحدة، أنه في أفضل السيناريوهات، حال تسليم مواد البناء بسرعة تصل لخمسة أضعاف ما كانت عليه في الأزمة الأخيرة في عام 2021، فإنه يمكن أن يتم إمار غزة بحلول عام 2040، حسبما ذكر تقرير الأمم المتحدة.

جانب من ترميم بعض المنازل المدمرة جزئيا في غزة
جانب من ترميم بعض المنازل المدمرة جزئيا في غزة

عبر النايلون والشوادر.. الفلسطينيون يصلحون منازلهم للعيش فيها

رغم الدمار الذي لحق بقطاع غزة بسبب استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي، والمشاهد المروعة لمربعات سكنية مدمرة بالكامل في مدن القطاع، إلا أن الشعب المصري يصر على البقاء في منازله وإصلاح ما يمكن إصلاحه بعد التدمير الكبير الذي لحق بمنازلهم، ولسان حالهم "مش طالعين"، فقد قرر الفلسطينيون عدم تكرار نكبة 1948 وعدم مغادرة أراضيهم وسيبقون بتلك المنازل مهما كلفهم من مخاطر تصل إلى فقدان حياتهم.

وفقا للصور التي نشرها صحفيون فلسطينيون، تظهر قيام عدد من الفلسطينيين بترميم أجزاء من منازلهم سواء عبر ترميم بعض الغرف، أو بناء بعض الأسوار التي تقيهم من حرارة الشمس الحارقة في فصل الصيف.

في هذا السياق، يؤكد الصحفي الفلسطيني عماد زقوت، المقيم في شمال قطاع غزة، أن النسبة الأكبر من منازل القطاع أصبحت مدمرة بشكل كبير للغاية وبعضها مدمر بشكل جزئي، إلا أن المواطنين الفلسطينيين يحاولون بقدر الإمكان ترميم ما يمكن ترميمه من منازلهم كي يقون أنفسهم من حر الصيف وفي الحقيقة هي لا تقيهم حر الصيف ولكنها محاولة للهروب من جحيم الخيم في هذا الصيف.

شباب فلسطينيين يحاولون إصلاح ما يمكن من منازلهم
شباب فلسطينيين يحاولون إصلاح ما يمكن من منازلهم

وأضاف "زقوت"، في تصريحات لـ"اليوم السابع" من غزة: "الناس في القطاع تعيش معاناة شديدة بسبب شدة الحرارة واستمرار القصف التدمير وتدمير البنية التحتية والشوارع ونقص الغذاء والمياه، خاصة أن القصف الإسرائيلي مستمر حول محيط المنازل"، متابعا :"هناك إصرار للمواطن الفلسطيني أن يبقى على أرضه وفي منزله وترميم ما يمكن ترميمه من خلال استخدام النايلون أو الشوادر وما يستطيع جلبه من بعض الأشياء التي يستطيع من خلالها أن يستر بها نفسه وأسرته داخل منزله المدمر.

وأوضح أن المعاناة الأولى والكبرى للفلسطينيين في قطاع غزة هي معاناة الحصول على المياه، لأنها معاناة لحظية وليست يومية بل على مدار اليوم يحتاج المواطن في غزة المياه في كل لحظة الاغتسال والتنظيف والشرب، مضيفا :"ما يتعلق بالترميم نسبة كبيرة يعيشون في عيادات ومراكز إيواء وبعض المستشفيات والنوادي والأماكن العامة ومن يستطيع ترميم منزله يرممه من خلال إزالة مت يمكن من أنقاض بيته وترميم أجزاء منه يستطيع أن يعيش فيها لكن ترميم بشكل كامل لا يوجد نظرا لعدم وجود أي مواد أسمنتية يمكنه من خلال الترميم الكامل للمنزل".

تأثر التركيب العمري والنوعي لسكان غزة بعد تدمير الوحدات السكنية واستهداف محدد للسكان

ويكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الصادر في نوفمبر الماضي، أن التركيب العمري والنوعي للسكان تأثر بشكل مباشر نتيجة لاستهداف الجيش الإسرائيلي المتعمد لفئات محددة للسكان كالأطفال والشباب، وهدم آلاف الوحدات السكنية، مما أدى إلى تشوه في شكل الهرم السكاني خاصة في قاعدته، لافتا إلى أن هناك تأثير متوسط وبعيد المدى يتوقع أن يطال التركيب العمري للسكان تتمثل بانخفاض عدد المواليد للسنوات القادمة والذين يمثلون القاعدة الأساسية للهرم السكاني نتيجة لاستشهاد واستهداف الفئة العمرية التي تنجب أو التي يتوقع أن تساهم في إنجاب الأطفال خلال السنوات القادمة.

كما يؤكد التقرير، أن سكان قطاع غزة يفتقرون لأساسيات الحياة من مسكن ومأكل ومياه، وما لا يقل عن 70% من سكان قطاع غزة معرضون لخطر المجاعة مما يعني أن سكان قطاع غزة يعانون من جوع كارثي، مما يجعل قطاع غزة الآن من أكثر المناطق مجاعة في العالم، كما أن 90% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهرا والنساء الحوامل يواجهون نقصا حاداً في المواد الغذائية، كما يعاني قطاع غزة من أزمة حادة في الحصول على المياه، حيث إن سكان القطاع يكاد يستطيعون الوصول إلى ما بين 3 - 15 لتر/فرد/يوم فقط.

تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني
تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني

الحكومة الفلسطينية تضع خطة إغاثة وإعادة الإعمار بالقطاع مدتها 3 سنوات

من جانبها، تضع الحكومة الفلسطينية خطة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع حال وقف الحرب على غزة، ومحاولة تخفيف المعاناة على الفلسطينيين المشردين في القطاع، حيث يؤكد عاهد بسيسو وزير الإسكان الفلسطيني، أن الحرب والعدوان الغاشم على القطاع لم ينتهِ إلى هذه اللحظة، خاصة أن الأرقام في تزايد ونعتمد على صور الأقمار الصناعية وتقارير المؤسسات الدولية، بالإضافة إلى أطقم الوزارة على الأرض، والأرقام تتحدث على أكثر من 300,000 وحدة سكنية تم تدميرها ما بين تدمير كامل وتدمير جزئي وهى تشكل بحدود 80% من المباني السكنية في القطاع، حيث إن معدل الأسرة في قطاع غزة 6.2 فرد/ العائلة.

وأضاف وزير الإسكان الفلسطيني، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن هناك خطة أعدتها الوزارة للتدخل في اليوم الأول لتوقف الحرب وبالتنسيق مع باقي الوزارات وهي خطة تم اعتمادها من الحكومة للتدخل، لافتا إلى أن الخطة تعتمد في البداية على عمليات الإغاثة ثم الإيواء مدتها 3 سنوات يرافقها خطة إعادة إعمار غزة بمراحلها المتعددة من إزالة الركام إلى إقامة التجمعات السكنية المؤقتة وما يرافقها من أعمال بنية تحتية لعدد من التجمعات على امتداد مناطق القطاع.

"هناك التزام دولي من الاتحاد الاوروبي والبنك الدولي والدول المانحة والصناديق العربية والدولية في المشاركة الفاعلة في عملية إعادة إعمار غزة والذي يتطلب جهد دولي مكثف بسبب حجم الدمار الذي يتسبب به العدوان الإسرائيلي"، هنا يكشف عاهد بسيسو، الأطراف الدولية التي ستشارك في عمليات الإعمار بعد وقف الحرب، مشيرا إلى أن التدمير الذي تمارسه آلة الحرب الإسرائيلية هو تدمير ممنهج هدفه القضاء على جميع مقومات الحياة في القطاع من كهرباء ومياه وصرف صحي وطرق وأبنية عامة ومستشفيات ومدارس.

شباب فلسطينيين يلعبون على أنقاض منازلهم
شباب فلسطينيين يلعبون على أنقاض منازلهم

صعوبة ترميم المنازل في غزة بسبب تدمير مصانع الطوب والأسمنت

على الجانب الآخر هناك من الفلسطينيين من يرى أن عملية ترميم أجزاء من المنازل في الوقت الراهن أمرا صعبا للغاية، خاصة في ظل قلة الأدوات الخاصة بالبناء واستمرار غارات الاحتلال على المدن في القطاع بشكل يومي، يجعل المنزل مهدد بالهدم بعد ترميمه مباشرة.

هذا الرأي تؤكده النازحة أمية جحا، رسامة الكاريكاتير الفلسطينية، التي أشارت إلى أن عملية إعادة البناء للمنازل المدمرة في القطاع أمر مكلف للغاية، موضحة أن من أقدم على ترميم منزل، فإن الترميم ليس للمنزل بالكامل بل إعمار غرفة فقط من بيته المدمر ليستطيع العيش فيها.

وأضافت أمية جحا، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الاحتلال لم يترك مصانع الطوب والأسمنت إلا ودمرها، وهناك خوف كبير من قبل الفلسطينيين في غزة من محاولة إعادة البناء لأن الاحتلال في الغالب يعود مرات أخرى للمناطق ويجدد التدمير وهو أمر تكرر مرات كثيرة منذ بداية العدوان.

فلسطينيون يطلقون هاشتاج "#مش_طالعين"

وأطلق فلسطينيون في قطاع غزة، خاصة في منطقة الشمال، هاشتاج "#مش_طالعين"، معلنين عن صمودهم في منازلهم المدمرة، رافضين لعمليات التهجير الجديدة وأوامر الإخلاء الإسرائيلية التي صدرت اليوم، وفي الأيام الماضية.

جمال ذيب، المواطن الفلسطيني المقيم في شمال غزة، يؤكد أن بعض الفلسطينيين أقدموا على ترميم بيوتهم المدمرة بشكل جزئي بالحجارة المستخدمة لكي يستروا أنفسهم من حر الخيام، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يستخدمون حجارة الخاصة بالأنقاض المتعلقة بالبيوت المدمرة ليعيدون استخدامها كنوعا من الاسمنت لبناء أجزاء من المنزل المدمر.

وأضاف في تصريح لـ"اليوم السابع"، أن بعض الأهالى يستخدمون الاسمنت المحجر من قبل 7 أكتوبر 2023، وبعض الطوب من البيوت المقصوفة لترميم بعض غرف منازلهم، متابعا :"لسان حالهم وهم يرممون بيوتهم حسبي الله ونعم الوكيل".

غزة
غزة

نفس الشئ يؤكد المواطن الفلسطيني، محمد ياسين، أن الترميم من الأعمال الضرورية التي يقدم عليها الأهالى في غزة حتى يصلح المكان للسكن، ويعملون على إغلاق فتحة بالمنزل المدمر عبر جدار، وربما سترها بقطعة قماش ونحو ذلك.

وأضاف محمد ياسين لـ"اليوم السابع"، أن بعض الأهالى استصلحوا الأضرار التي لحقت بمنازلهم حتى يتمكنون من العيش فيه، رغم أن المناح من مواد البناء بسيط للغاية، ورغم ضراوة العدوان على غزة ودعوات الإخلاء من قبل جيش الاحتلال، تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي حملة "مش طالعين".

"جرت أعمال ترميم لبعض المرافق الصحية بغزة خلال العدوان الحالي"، هكذا يصف محمد ياسين عمليات الترميم التي شهدتها بعض المؤسسات الصحية الفلسطينية التي تقدم العلاج للجرحى، مشيرا إلى أنه تم إطلاق حملات تنظيف لبعض مناطق بعد انسحاب الجيش منها، ومتابعا :"اتصلت ببعض الأقارب والأصدقاء بغزة للاطمئنان عليهم، فما وجدت منهم إلا كل صبر واحتساب وثبات، فرفعوا معنوياتي في عنان السماء، وزدت يقينا بمعية الله المحيطة بهم، صحيح ومن نزحوا للجنوب يتمنوا العودة لمنازلهم المدمرة، وإذا اتيح للنازحين العودة الآن ما ترددوا لحظة".

بلوغ نسبة اللاجئين في قطاع غزة 66.1%

بحسب تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 20 يونيو الماضي، فقد بلغت نسبة السكان اللاجئين في دولة فلسطين حوالي 42.2% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في دولة فلسطين في العام 2017، 26.3% من السكان في الضفة الغربية لاجئون، في حين بلغت نسبة اللاجئين في قطاع غزة 66.1%.

ووفقًا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنه نتيجة للقصف المستمر بالغارات العنيفة على قطاع غزة وحصيلة الشهداء من الطلبة والمعلمين وتدمير البنية التحتية لعدد لا بأس به من المدارس تعطلت العملية التعليمية في قطاع غزة منذ بدء العدوان وحرم حوالي 620 ألف طالب من حقهم بالتعليم المدرسي للعام الدراسي 2023/2024.

نسب اللاجئين في فلسطين
نسب اللاجئين في فلسطين

ألواح الزينجو .. وسيلة الفلسطينيين في ترميم أجزاء من منازلهم

ذكر فلسطينيون خلال السطور السابقة أن الأهالى يستخدمون أدوات بسيطة في إعادة ترميم بعض أجزاء منازلهم المدمرة، ولكن من أين يأتون لتلك الأدوات، أحد تلك الأدوات هي ألواح الزينجو، وهو ما يؤكده دياب الجرو، رئيس بلدية دير البلح، الذي يشير إلى أن هناك فلسطينيين يرممون أجزاء من منازلهم المهدمة وذلك لعدم وجود أماكن لإقامة عائلاتهم.

فلسطينيون يرممون بعض منازلهم
فلسطينيون يرممون بعض منازلهم

وأوضح في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الترميم يتم بأقل الإمكانيات وأقل ما يتوافر من مواد، حيث إن هناك بعض الطوب الموجود ما زال متواجد في بعض معامل الطوب وكذلك مادة الأسمنت ما زالت موجودة ولكن أسعارها مرتفعة للغاية بالنسبة للأهالى ولكن الأمر يكون أقل تكلفة من بحثهم عن مكان يعيشون فيه.

وأشار إلى أن الأهالى في غزة يبحثون عن ألواح الزينجو أو الخشب أو الشوادر أو غيرها من الإمكانيات البسيطة التي قد تتوافر بحكم الظروف، ويحاولون يوجدون مساحة من منزلهم المهدم وينظفوه ويعيدون ترتيبه وبناء جدار أو شيء معين بألواح الزينجو أو الخشب أو الشوارد أو غيرها من المواد التي تتوافر في القطاع.

وبشأن طبيعة الترميم، يؤكد دياب الجرو، أنه ليس بناء مبنى بالكامل أو قواعد وأعمدة أسمنتية ولكن الترميم المقصود ترميم بسيط عبر جدار أو جدارين أو عمود مسلح معين، حيث إن الأهالي في غزة أن هذا الأمر أفضل من أن يبحثون عن مكان يعيشون فيه أو خيمة بل يذهبون إلى بيوتهم المدمرة لتصلحيها إذا كان به جزء قائم لتعيش فيه.

نفس الشئ يؤكده الصحفى الفلسطيني، حمزة حماد، الذي يؤكد لـ"اليوم السابع" أنه لا يوجد إعادة ترميم كامل للمبانى المدمرة في مدن غزة، ولكن الترميم يكون في أجزاء فقط وعلى الأنقاض، وهو ما يعني استصلاح للأنقاض الموجودة في المبني للتمكن من العيش بداخله.

فلسطينيون يصلحون منازلهم
فلسطينيون يصلحون منازلهم

عدم توافر أدوات أبرز الصعوبات والاحتماء بالقماش وسيلة للعيش على الأنقاض

كما يؤكد المواطن الفلسطيني، عاهد الريس، أن الأهالى تعبثوا كثيرا من حياة الخيام، والبعض يعيش في منزله المدمر فوق الأنقاض افضل من الذهاب إلى الخيام خاصة في منطقة خان يونس، حيث يضعون شوادر بلاستيكية أو قماش في الجزء من المنزل المدمر الذي يتواجدون فيه كي تسترهم تلك الأقمشة.


ويضيف عاهد الريس لـ"اليوم السابع"، أن أهل غزة مستعدون لعمل المعجزات من أجل البقاء في بيوتهم وارضهم رغم الدمار الذي ألحقه الاحتلال في قطاع غزة، لافتا إلى أن إقدام بعض الأهالى على وضع شوادر أو قماش على الأنقاض أفضل من العيش في خيام بمخيمات النزوح التي يعد العيش فيها أمرا صعبا للغاية.

فلسطينيون ينقلون آثاث منزلهم
فلسطينيون ينقلون آثاث منزلهم

على الجانب الأخر، يؤكد محمود بصل، المتحدث باسم مديرية الدفاع المدني في غزة، لـ"اليوم السابع"، أن عملية ترميم المنازل في قطاع غزة ليست منتشرة، حيث لا يوجد أي أدوات تؤهل المواطنين لذلك، حيث إن أدوات البناء غير متوفرة على الإطلاق بفعل استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.

صعوبات أمام إزالة ركام المنازل المدمرة لعدم وجود كباشات

من جانبها ترشح الإعلامية الفلسطينية، فاطمة أبو نادي، المقيمة في غزة، الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين في القطاع من أجل إزالة بعض أنقاض منازلهم للعيش فيها، حيث تؤكد أن الأهالى يحاولون تنظيف بعض الركام الخاص بمنازلهم المدمرة ويجرون عمليات إصلاح طفيفة، وهناك من يرمم بعض التلفيات في المنازل.

منازل مدمرة في غزة
منازل مدمرة في غزة

وتقول فاطمة أبو نادي، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، إن الترميم الكامل المقصود به بناء بيت مكون من 4 طوابق يكون فيه ردم وجدران وأعمدة تحمل المنزل ومداخل المنازل، ولكن هذا لا يحدث، بل يتم استصلاح جزء صغير من المربع المقصوف بالمنزل كي يمكن للعيش فيه، حيث يترك الأهالى حمل الحجارة الكبيرة ويزيلون فقط الأشياء الخفيفة التي يستطيعون حملها.

"لا يوجد لدى قطاع غزة كباشات لإزالة الركام الكبير في المنازل والناس بأبسط الأشياء وبقوة أجسادهم الضئيلة الضعيفة بسبب حالة الحرب والجوع نقص الفيتامينات بإزاحة بعض الركام"، هنا تشير الإعلامية الفلسطينية المقيمة في غزة، إلى طرق استبدال الأهالى في القطاع الكباشات بأدوات أخرى لإزالة الركام، متابعة :"يقوم مجموعة من الشباب بإزاحة هذا الركام بأنفسهم رغم الجوع والعطش الذي يعانون منه، ويحاولون تنظيف المنطقة بأقل قدر، وإذا كان المنزل مكون من ثلاثة أو أربعة طوابق يستصلحون غرفة أو غرفتين عبر ألواح من الأسمنت أو الحديد لمحاولة المكان وحمياته ويزلون الركام وينقلوه لأقرب مكان من المنزل كي يعشون فيه ولكن لا يعيدون ترميم المنزل وبنائه بشكل كامل".

الهروب من جحيم الخيم

فيما يؤكد أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن هناك بعض الفلسطينيين بدأوا يعودون لما تبقى من منازلهم بعض القصف، ولكن لا يوجد ترميم للبيوت المهدمة من جديد، حيث لا يوجد مواد بناء تدخل لقطاع غزة من أجل تمكين الفلسطينيين من ترميم بيوتهم المقصوفة.

مواطنون يصلحون منازلهم في غزة بعد تدميرها على يد الاحتلال
مواطنون يصلحون منازلهم في غزة بعد تدميرها على يد الاحتلال

وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن هناك بعض الفلسطينيون بدأوا يعدون لما بتقى من منازلهم خاصة في خان يونس والمغازي والبريج، وهناك آلاف الأسر الذين عادوا إلى خان يونس بشكل خاص رغم أن منازلهم أصبحت ركام، ويعيشون الآن فيما تبقى من منازل سواء بعض الغرف التي لا زالت سليمة رغم عدم وجود مياه أو صرف صحي لكن فضلوا العودة لما بتقى من منازلهم أفضل من العيش في جحيم الخيام أو مراكز إيواء مكتظة وعادوا في ظروف صعبة للغاية.

"رغم تهديدات الاحتلال يوميا بالقصف إلا أن الكثير من الفلسطينيين فضلوا العودة لتلك المنازل التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي"، هنا يشرح أمجد الشوا حجم إصرار الفلسطينيين على عدم ترك منازلهم المدمرة، لافتا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الأطفال بشكل متعمد وواضح للغاية، بجانب الأزمة الإنسانية التي تسبب فيها الاحتلال فإن المتأثر الأكبر منها هم الأطفال على صعيد النزوح الذي يتكرر ومعظم الأسر تضم أطفال من مختلف الأعمار خاصة الرضع ويعشون في مراكز إيواء مكتظة وخيام في ظل ظروف لا يطيقها كبار أو صغار الذين تتضاعف معاناتهم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة