قال المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن الدولة المصرية تسعي مع أشقائها العرب لتحقيق قدر كبير من التكامل ودعم البنية التحتية واللوجستيتات بهدف توفير الغذاء الصحي والأمن المستدام مع تدعيم بناء أنظمة زراعية وغذائية أكثر صمودا وأكثر استدامة.
أضاف نائب وزير الزراعة في الاحتفال بيوم الزراعة العربى، الذي يتم الاحتفال به هذا العام تحت شعار: "نحو زراعة عربية مبتكرة من أجل مستقبل مستدام"، و يوافق هذا اليوم ذكرى مباشرة المنظمة العربية للتنمية الزراعية لأعمالها عام 1972، أن قضية الأمن الغذائي أصبحت من القضايا المحورية إقليمياً وعالمياً، كما تعتبر واحدة من أكثر التحديات التي تواجه الدول المتقدمة والنامية على السواء.
ولفت إلى أنه لم تعد مشكلة الفجوة الغذائية مجرد مشكلة اقتصادية وزراعية فحسب بل تعدت ذلك لتصبح قضية سياسة استراتيجية ترتبط بالأمن القومي والإقليمي، الأمر الذى يقتضى ضرورة البحث عن آليات جديدة ومبتكرة لتطوير القطاع الزراعي وزيادة الإنتاجية، لضمان تحقيق الأمن الغذائي للشعوب العربية من خلال بناء انظمة غذائية وزراعية أكثر صموداً وأكثر استدامة وشمولاً.
وأشار إلى أن دول المنطقة العربية تواجه حاليا مخاطر وتهديدات اجتماعية واقتصادية في ظل عالم متغير بصورة مضطردة، كما أن التطورات والمتغيرات الاقتصادية والدولية المتسارعة تعظم من التحديات التنموية والتكنولوجية والبيئيه التي تواجهها منطقتنا العربية، ولا سيما قضايا الأمن الغذائي، والحد من ارتفاع الأسعار، إضافة إلي تحقيق الأمن المائي في ظل شح الموارد المائية العربية وسوء استغلال المتاح منها، إضافة غلى ذلك عدم استقرار المنطقة.
وقال إن ذلك الأمر يحتم ضرورة بذل المزيد من الجهود، لتعزيز أواصر العمل العربي المشترك لمواجهة تلك المخاطر والتحديات باستغلال كافة المتاح من موارد اقتصادية وطبيعية كبيرة ومتنوعة بشكل فاعل ومؤثر لتحقيق التكامل الاقتصادى العربي والتعامل مع الواقع العالمي الجديد.
وتابع نائب وزير الزراعة، أن التحديات التى تواجه قطاع الزراعة في المنطقة العربية منها ما هو متعلق بالشح المائي والتصحر وتدهور الأراضى وتفتت الحيازة الزراعية ونقص العمالة المدربة والتكنولوجيات الحديثة المتعلقة بالممارسات الزراعية، فضلاً عن التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، خاصة ما يتعلق بحدوث السيول والفيضانات والاعاصير وما تخلفه من ازمات غير عادية، فضلاً عن وجود تحديات اقتصادية أخرى مرتبطة بنقص التمويل الزراعي، واستمرار إتباع نظم زراعية تقليدية فى بعض المناطق، فضلا عن المشكلات الاجتماعية المرتبطة بسوء التوزيع في ظل نقص متطلبات التنمية الريفية المتكاملة ببعض المناطق الأخرى.
وأكد الصياد أهمية التكامل الزراعي العربي المشترك فى إطار التكامل الاقتصادي للتغلب على تلك المشكلات والقضاء عليها مع تعزيز التجارة البينية بين الدول العربية وزيادة وتشجيع الهيئات والكيانات الاستثمارية الكبرى بالمنطقة العربية فى الأستثمار بالقطاع الزراعى وكذا توفير التمويل المحفز والميسر للنهوض بهذا القطاع الهام، فضلا عن تهيئة البنية التحتية وتبنى تطبيق التكنولوجيات الحديثة والممارسات الزراعية الجيدة لتقليل الهدر والفاقد في المحاصيل الاستراتيجية مع رفع كفاءة استخدام الموارد الطبيعية المتمثلة في وحدتى الارض والمياه.
ولفت إلى أهمية اتخاذ عدد من الإجراءات لتحسين حالة القطاع الزراعي وتطوير الإنتاج والإنتاجية في بلداننا العربية، بحيث تشمل الاهتمام بتنفيذ مشروعات التكامل الزراعي العربي ودعم أنظمة غذائية وزراعية مستدامة أكثر شمولاً وصموداً لدولنا العربية، فضلا عن تنشيط وتعزيز التنمية الريفية والبدوية، مع تدعيم أصحاب الحيازات الصغيرة خاصة في المناطق الهامشية و الهشة، إضافة إلى توفير التمويلات التنموية المناسبة للدول لتمكينها من تنفيذ برامج تسهل حصول صغار المزارعين على التمويل الميسر والمحفز.
وأكد الصياد أهمية تكثيف وتوحيد الجهود لدعم تطوير سلاسل القيمة مع التركيز على السلع الزراعية الاستراتيجية ذات الأولوية وتوفير فرص عمل، فضلا عن الاهتمام بإنشاء المخازن الاستراتيجية لدعم احتياطي الأمن الغذائي العربي كإطار للعمل الإنساني والتنموي بين الدول العربية لضمان قدرة النظام الغذائي على الصمود، وكذلك لتكون آلية استجابة للطوارئ لمعالجة الجوع وسوء التغذية في ضوء الكوارث والازمات التي قد تتعرض لها دولنا العربية الشقيقة، كذلك تطبيق التكنولوجيات الزراعية مع الاهتمام بقضية التصنيع الزراعي لأنها تحقق قيمة مضافة إلى اقتصاديات الدول العربية وتوفر التكنولوجيا وفرص العمل، وتعزيز التجارة البينية بين دولنا العربية والعمل على ازالة العوائق الفنية لتسهيل انسياب السلع الزراعية بين الدول العربية.
وقال إنه ايمانا من الدولة المصرية بأهمية هذا القطاع كركيزة أساسية في دعم اقتصاد الدول من خلال توفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فقد شهدت نهضة ودعماً غير مسبوق من القيادة السياسية خلال العشر سنوات الماضية من خلال مجموعة من المحاور تمثلت أهمها في: التوسع الأفقي وذلك من خلال خطة الدولة لاستصلاح نحو 4 مليون فدان لتدعيم إنتاج المحاصيل الاستراتيجية بهدف تقليل الفجوة الغذائية بها وتحقيق الأمن الغذائي للشعب المصرى، والتوسع الرأسى وذلك من خلال استنباط أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية ومبكرة النضج وقليلة الاحتياج المائي ومتحملة للتغيرات المناخية، كذلك تبني التقنيات الحديثة في تطوير نظم الري ورفع كفاءة استخدام الموارد المائية من خلال بناء محطات معالجة مياه الصرف الزراعي العملاقة.
وأشار إلى أنه ضمن الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية أيضا تدعيم التحول إلى النظم الغذائية الصحية والآمنة والاهتمام ببرامج التغذية المدرسية وبرامج تدعيم صحة الأطفال، حيث انضمت مصر إلى تحالف التغذية المدرسية إدراكاً منها بأهمية توفير غذاء صحي و آمن للتلاميذ فى مراحل التعليم المختلفة، كما اصبحت إحدى أكبر الدول تنفيذًا لبرنامج التغذية المدرسية في المنطقة، لافتا إلى أن الدولة المصرية سعت أيضا إلى تقليل نسبة الفاقد والهدر من خلال توسيع نطاق البرنامج القومي للصوامع مما أدى إلى زيادة القدرات التخزينية ورفع جودة التخزين مع تنويع مناشيء الاستيراد للسلع الاستراتيجية من الحبوب تدعيماً لقدرة الدولة على مواجهة تداعيات الأزمات العالمية في سبيل توفير احتياجات الشعب المصري .
وأضاف أنه تم أيضا تدعيم وتوسيع نطاق شبكة الحماية الاجتماعية من خلال برامج تكافل وكرامة وإطلاق المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التي استهدفت التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجا في الريف والمناطق العشوائية في الحضر.
وأكمل الصياد، أن المنطقة العربية تعد من أكبر أقاليم العالم استيراداً للغذاء، حيث تستورد نحو 100 مليون طن من المواد الغذائية، الأمر الذي يستوجب العمل على توفير الدعم المالي اللازم لإقامة مشروعات عربية لسد الفجوة الغذائية، وذلك من خلال التعاون بين القطاعات الحكومية ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص العربى والعمل على تفعيل آلية تمويل عربية تضمن تدفق رؤوس الأموال بشكلٍ دائم، وتشجع الاستثمار في المشروعات المستدامة التي تهدف إلى رفع القدرات العربية في مجالات الطاقة النظيفة، والزراعة الذكية المستدامة، وتُشَجّع منح قروضٍ ميسرة للمستثمرين ولصغار المزارعين.