تحل علينا اليوم 30 سبتمبر ذكرى استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي وثقت الكاميرات استشهاده برصاص قناص إسرائيلي في اليوم الثالث للانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000، وخلال توثيق عدسات الكاميرات لمحاصرة جمال الدرة ونجله محمد صرخ الأب قائلا: مات الولد برصاصة وهو الحدث الذي تسبب في حالة غضب غير مسبوقة في الشارع العربي والدولي وأشعلت الانتفاضة الفلسطينية.
محمد جمال الدرة
لم تمحى ذكرى استشهاد الطفل محمد الدرة الذي تحول إلى أيقونة في قطاع غزة أشعلت الانتفاضة الفلسطينية بشكل واسع في كافة الأراضي المحتلة، ففي شارع صلاح الدين، قرب مستوطنة "نيتساريم" جنوب غزة، احتمى جمال الدرة وطفله محمد بحاجز "برميل" اسمنتي من طلقات كثيفة أطلقت من رشاشات جنود الاحتلال الإسرائيلي باتجاههم.
يقول جمال الدرة والد الشهيد محمد لـ"اليوم السابع"، إنه لم يستطع أن ينسى أو يتناسى تلك الحادثة، حيث أطلق جنود الاحتلال الاسرائيلي الرصاص علينا، مشيرا إلى المكان الذي أختبأ فيه لحماية طفله وهو ما شاهده العالم على الهواء مباشر، مضيفا: قال لي ابني محمد لماذا يطلقون علينا الرصاص.
وأوضح جمال الدرة، أنه عجز عن الإجابة على سؤال نجله حول سبب إطلاق الاحتلال النار عليهم، وتابع: لم استطع الرد على ابني وكان كل همي أن أحمي ابني.. وبعدها بوقت طويل من إطلاق الرصاص علينا، والذي كان أقوي من زخات المطر أصيب ابني بأول رصاصة في ركبته اليمنى، وقال لي "أصابوني الكلاب وكررها ثلاث مرات"، مؤكدا أنه حاول تهدئة نجله بأن سيارة الإسعاف ستأتي إلى المكان لنقله إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأضاف والد الشهيد الفلسطيني الذي تحول لأيقونة فلسطينية: محمد قال لي "لا تخف يا أبي" وكان يمدني بالقوة، وأنا من دفاعي عن ابني أصبت بعدة عيارات نارية وأمتلأ جسدي بالرصاص، وبعدها نظرت إلى محمد الذي لم يكلمني فكانت رأسه على قدمي اليمين وفتحة كبيرة في ظهرة فأيقنت أن محمد استشهد.
والد محمد الدرة
مشهد استشهاد الطفل الفلسطيني محمد الدرة التقطه المصور الفلسطيني طلال أبو رحمة، والمصور الفرنسي شارل إندورلان "مصور فرانس2".
بعد إذاعة مشهد الطفل محمد الدرة على الهواء مباشرة خرجت مسيرات في العديد من الدول الغربية استنكارا للجريمة، وتجولت صور محمد شهيداً في مختلف شوارع العالم وميادينه، قبل أن يصبح اسمه علماً واستشهاده أيقونة في انتفاضة الأقصى، وأطلقت على العديد من المدارس ورياض الأطفال والشوارع في فلسطين والعالم العربي اسم محمد الدرة.
ولد محمد الدرة في 22 نوفمبر 1988، ودرس حتى الصف الخامس الابتدائي وعاش في كنف أسرة بسيطة لاجئة من مدينة الرملة، والده يعمل نجارًا ووالدته ربة منزل، لاحقًا بعد استشهاده رزقت عائلته بطفل أطلقت عليه اسم محمد تيمنًا بشقيقه.
وكان جمال الدرة خرج ذلك الصباح من منزله في مخيم البريج بقطاع غزة مع طفله محمد إلى مزاد للسيارات حتى يقتني واحدة، قبل أن يجد نفسه محاصرا تحت نيران جنود الاحتلال الاسرائيلي في شارع صلاح الدين.
منذ العام 2000 وحتى اليوم استشهد أكثر من 17 ألف طفل فلسطيني استشهدوا على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي حتى كتابة هذه السطور، وهو ما يؤكد أن الجيش المحتل يستهدف الأطفال في المقام الأول حال شنه لأي عدوان على قطاع غزة أو الضفة الغربية.
وعن أمانيه في ذكرى استشهاد نجله، أكد جمال الدرة أنه يتمنى في ذكرى استشهاد نجله بأن يعم الأمن والأمان والاستقرار والاستقلال، وأن يعيش أبناء الشعب الفلسطيني مثل أطفال العالم بدون خوف أو قتل أو حروب، مؤكدا أن الاحتلال الصهيوني يستهدف الأطفال من الفلسطينيين منذ احتلال فلسطين ويرتكب المجازر هولوكوست بحق شعبنا، وأضاف بالقول: الاحتلال يصفنا بالأفاعي ويطالب بقتلنا .. رأيتم قتل أبني محمد في أحضاني .. وقتل فارس عودة ..وقتل الرضيعة أيمان حجو ... وسكب البنزين على الطفل محمد أبو خضير وحرقه وهو حي .. هذه الجرائم تثبت أن هذا العدو الإسرائيلي ينمو ويترعرع على دماء الاطفال الفلسطينيين.
وحول الوضع في قطاع غزة، أكد والد الشهيد محمد الدرة أن الوضع في القطاع صعب للغاية مع استمرار القصف الإسرائيلي والمجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الاحتلال الصهيوني قتل شقيقه نائل وزوجته وكذلك شقيقه إياد وابنته وعدد من جيرانه، موضحا أن 65 شخصا استشهدوا من عائلته بينهم نجله أحمد (33عاما).
وأوضح الدرة لـ"اليوم السابع" أن جيش الاحتلال يقصف منازل العائلات الفلسطينيين على ساكنيها بأطنان من الصواريخ والبراميل المتفجرة وهو ما تسبب فى ارتقاء أسر بأكملها وشطب اسمها من السجل المدني، مضيفا: الصهيانية قصفوا الطرقات والمستشفيات والدفاع المدني وقتلوا سائقي الاسعافات .. قتلوا الصحفيين .. قتلوا الأطباء والممرضين .. ضربوا البنية التحتية وآبار المياه .. أصبحت غزة عبارة عن صحراء اخرجوا شعبي الفلسطيني من بيوتهم ودمروها.
وتابع والد الطفل محمد الدرة: تمر علينا الآن سنة من المحرقة الإسرائيلية ، كنا نطالب ومازلنا نطالب بوقف الحرب ووقف الهولوكوست الذي يرتكب في غزة، معربا عن أمله في إقامة دولة فلسطينية مستقلة كي يشعر الشعب الفلسطيني بالأمن والأمن والاستقرار.
ولفت إلى أن 80% من الشعب الفلسطيني في غزة بلا منازل حيث دمرت بيوتهم وتم تسويتها بالأرض، مشيرا إلى الإعدامات التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني في معتقلات الاحتلال، حيث يستخدم المحتل الفلسطينيين كدروع بشرية في حربه وبعدها يقوم بإعدامهم.
وعن الموقف الدولي الحالي من العدوان الإسرائيلي على غزة: الموقف الدولي يكيل بمكيالين وهو منحاز مع الاحتلال بسبب الدعم الأمريكي وهم يقومون بإدانة الضحية ويساندون الجلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة