سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 سبتمبر 1952.. الموسيقار محمد عبدالوهاب يكتب عن التأثير الذى تركه عبده الحامولى ومحمد عثمان فى الغناء العربى

الإثنين، 30 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 30 سبتمبر 1952.. الموسيقار محمد عبدالوهاب يكتب عن التأثير الذى تركه عبده الحامولى ومحمد عثمان فى الغناء العربى محمد عبدالوهاب
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان عبده الحامولى كبير مطربى القرن التاسع عشر بشهادة جميع من عاصروه وعاصروا أولئك المطربين، وكان محمد عثمان منافسا فى الطرب له، ولكن عبده الحامولى كان يعجز عن منافسة محمد عثمان فى التلحين، فكان يغنى إلى جانب أدواره الخاصة أدوار محمد عثمان، وفقا للكاتب والناقد الموسيقى البارز كمال النجمى فى كتابه «تراث الغناء العربى».
مات محمد عثمان سنة 1900، ثم تلاه عبده الحامولى فى 1901 وعمره نحو تسعة وخمسين عاما، وتركا أثرهما العظيم فى الغناء العربى، بتأكيد الموسيقار محمد عبدالوهاب فى مقاله «عبده الحامولى ومحمد عثمان وأثرهما فى الغناء العربى»، بمجلة «الكواكب»، عدد 61، فى 30 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1952.


وحول تأثيرهما يطرح عبدالوهاب سؤالا: «من هو أكثر الأشخاص أثرا فى الموسيقى العربية؟، ويجيب: «الغناء العربى يشترك فى فضل النهوض به أكثر من عبقرى واحد، فى اعتقادى أن أكثر الأشخاص أثرا فى الغناء والموسيقى هم عبده الحامولى ومحمد عثمان بالنسبة للتخت، والشيخ سلامة حجازى وسيد درويش بالنسبة للغناء المسرحى».


وعن «الحامولى» يقول عبدالوهاب: «الواقع أنه قبل ظهور عبده الحامولى لم تكن هناك موسيقى مصرية جديرة بأن تدخل الصالونات وتصادق الطبقات الراقية والمتوسطة، وكانت الموسيقى التى تدخل القصور العامرة بالعائلات التركية كلها بدورها من الواردات التركية كالبشارف والسماعيات وبعض التواشيح، وكانت الطبقات المتوسطة لا تجد لها موسيقى نفهمها وتلائم ذوقها ومزاجها، أما الطبقة الدنيا فكانت الموسيقى بالنسبة لها تتمثل فى طائفة «الصهبجية» التى تغنى فى المواخير والأفراح خليطا من التواشيح يلحنها المشايخ، ويقحمون فيها بعض الألفاظ التركية تزلفا للأسياد الأتراك، وفى وسط هذا كله كانت الموسيقى المصرية الخالصة هى الموسيقى الدينية التى تتمثل فى ترتيل القرآن الكريم، وما ينشد فى الأذكار».


جاء عبده الحامولى فنقل الموسيقى والغناء من حال إلى حال، ويرى عبدالوهاب: «وهب الله عبده الحامولى من المزايا الفنية والخلقية ما جعله أهلا لحمل عبء الرسالة الأولى لنهضة الغناء الحديث، أما مزاياه الخلقية فكان أخصها الكبرياء والاعتزاز بالكرامة إلى أبعد حد، كان المغنى محسوبا على الكبراء، فأبى عبده الحامولى إلا أن يكون صديقا لهم، كان المكان الطبيعى للمطرب وأقصى ما يطمع إليه أن يكون فى حاشية كبير أو عظيم، ولكن الحامولى تمسك بأهداب كبرياء عتيقة، ففرض احترامه على الكبراء وساكنى القصور الذين فتحوا له أبوابها كصديق».


يضرب عبدالوهاب مثلا على «كبرياء وكرامة الحامولى»، قائلا: «يروى عن اعتزازه بكرامته أنه كان يخرج مع والد الأمير يوسف كمال فيصر على أن يدفع هو الحساب، ويروى أنه كان يغنى فى حضرة الخديو إسماعيل فى جلسة خاصة، وقام الخديو لبعض شأنه فى وسط الغناء، فأمسك الحامولى بطرف ثوبه وأعاده إلى مجلسه وهو يقول له: «اقعد اسمع عبده الحامولى»، ويرى عبدالوهاب أن الحامولى بتمسكه بكبريائه وكرامته «فرض احترامه واحترام فنه على الناس جميعا، وهو فضل كبير لا يقل عن فضله فى نهضة الفن نفسه».


وعن الجانب الفنى عند الحامولى، يذكر عبدالوهاب: «كان عبده الحامولى موهوبا وعبقريا، جمع بين الموهبة وبين المقدرة، صوت كامل يبعث الطرب، وأدخل على الموسيقى أنغاما تركية وساهم مع محمد عثمان فى إدخال الحوار الغنائى بين المغنى والكورس، ومن هذا التطعيم بين الألحان استخرج موسيقى نظيفة تحتفظ بالطابع والروح المصرى، موسيقى تعجب الخاصة وتهضمها العامة».


يضيف عبدالوهاب: «الحامولى هو صاحب الفضل فى ابتكار «الدور» فى الأغانى، وفى إدخال العاطفة فى الغناء، فلحن وغنى أدوارا تتحدث عن الحب، وتترجم عن هذه العاطفة الشخصية، التى هى أعمق العواطف الإنسانية جميعا»، ويضيف: «لصداقة الحامولى وصلته بكبار الشعراء والأدباء كتبوا له الأغانى، فلحن لشوقى «يا ما انت واحشنى» وغير ذلك من الأغانى، وهكذا استطاع أن يرقى بكلام الغناء، ويجدد فى أسلوبه ومعانيه».


أما عن دور محمد عثمان، فيذكر عبدالوهاب: «لم تكن له مواهب عبده الحامولى الصوتية، وكان صوته أقل من صوت صاحبه، إلا أنه عوض ذلك بالمقدرة المكتسبة والإقبال على التحصيل والنظام، وكان أخص ما يمتاز به مقدرته القائمة على التلحين، واهتمامه باللحن المرقص، فكان عثمان يغير فى الدور الواحد أوزانا كثيرة منها البطىء والسريع، حتى كانت الجماهير تتحرك على الأوزان كتحرك السامع الآن لأنغام الجاز، وكان لا يرتجل ألحانه حتى فى غناء الموال، وإنما كان يضع له لحنا يحفظه، ويدرب عليه فرقته الموسيقية، وكانت ألحانه مصرية خالصة، ذات طابع شرقى صميم، لا أثر فيها للموسيقى التركية».


يضيف عبدالوهاب: «نستطيع أن نقول إن محمد عثمان هو صاحب الفضل الأكبر فى إدخال اللحن وعنصر النظام فى عالم الغناء، فكان أول من استخدم فرقة للتخت تعمل بأجر شهرى وتداوم على إجراء بروفات، وهكذا كان عمله مكملا لعمل الحامولى، وتعاون الاثنان على وضع أسس التخت الشرقى الحديث».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة