سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 4 سبتمبر 1894.. فشل مشروع والدة الخديو عباس الثانى بتزويجه من ابنة السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى بسبب وشاية بخطر هذا الزواج على الخلافة

الأربعاء، 04 سبتمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 4 سبتمبر 1894.. فشل مشروع والدة الخديو عباس الثانى بتزويجه من ابنة السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى بسبب وشاية بخطر هذا الزواج على الخلافة  الخديو عباس الثانى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الخامسة بعد ظهر يوم 22 يونيو 1894 حين أقلع «يخت المحروسة» من رأس التين بالإسكندرية يحمل الخديو عباس الثانى وحاشيته متوجها إلى الآستانة بتركيا، وسبقته والدته «أمينة هانم إلهامى» يوم 4 يونيو 1894، ترافقها البرنسيستان شقيقتا الخديو عباس، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا فى الجزء الثانى من مذكراته «مذكراتى فى نصف قرن»، وكان شفيق رئيسا للديوان الخديوى، وممن رافقوا «عباس الثانى» فى هذه الزيارة وكانت الثانية له إلى الآستانة منذ توليه العرش خلفا لأبيه الخديو توفيق المتوفى عام 1892.

كان عباس الثانى فى الثامنة عشرة من عمره حين تولى عرش مصر، وانشغلت والدته بمسألة تزويجه، وشهدت هذه الزيارة محاولة منها لاقترانه بابنة السلطان العثمانى عبدالحميد الثانى، ويكشف عنها شفيق باشا، قائلا إن الخديو اعتزم منذ سنة «1893» أن يتزوج بابنة عمه المرحوم البرنس حسن باشا، ولكنه عدل عن ذلك نظرا لبعض أمور عائلية وقعت داخل الحريم، ثم فكر سموه فى بنات عثمان فاضل باشا، ولكنه عدل عن ذلك.

يذكر شفيق، أنه بلغه أن السلطان عبدالحميد قال: «لو علمت أن الخديو يرغب فى ابنتى لما بخلت بها عليه، وكان الشائع أيضا أن ابنة السلطان عبدالعزيز مرشحة لهذا الزواج»، ويكشف «شفيق» أنه تحدث مع عباس بشأن الزواج، ففهم من حديثه أنه يفضل ابنة السلطان عبدالعزيز «تم خلعه عام 1876 وتولى ابن أخيه عبدالحميد»، يؤكد شفيق أنه امتدح هذا الاختيار لأسباب منها أن مصاهرة السلطان القائم تبدو عبئا ثقيلا، وتكبد الخديو كثيرا من التبعات والنفقات، هذا فضلا عن تفوق ابنة السلطان عبدالعزيز فى الخلال والجمال، ويذكر شفيق أنه قال لعباس، إن الزواج بإحدى بنات السلاطين أرفع وأشرف، لا سيما فى نظر المصريين، من الزواج بإحدى بنات الأسرة الخديوية، فأبدى سموه دلائل الاستحسان لهذا الكلام، وقال إنه فى نيته الرجوع من أوروبا إلى الآستانة فى شهر سبتمبر لهذا الغرض، وكان عباس سيسافر إلى أوروبا من الآستانة ثم يعود إليها.

يكشف شفيق، أن الوالدة حينما سافرت إلى الآستانة اعتزمت أن تلتمس من السلطان إحدى الأميرات السلطانية لتكون زوجة لعباس، ورغبت أن تكون هذه الزوجة هى ابنة السلطان عبدالعزيز، وقابل الخليفة هذه الرغبة أولا بالارتياح ولكنه فكر فى تزويج عباس إحدى كريماته ثم وعد بذلك، وفعلا كلفت الوالدة «كومانوس باشا» بشراء بعض الجوارى للعروس السلطانة لخدمتها، فاختار ست جوار ثمن الواحدة منهن أربعمائة جنيه.

يضيف شفيق، أنه بعد بضعة أسابيع تراجع السلطان عبدالحميد عن وعده، ولما كان الخليفة لا يخلق به أن يرجع عن وعده فإنه قيل للخديو ألا يتحدث فى هذا الشأن وألا يقول عنه شيئا عند سفره وعندئذ تحل المسألة من نفسها، ويكشف شفيق أن السلطان تراجع لأن أبا الهدى الصيادى الزعيم العربى، أفهم الخليفة خطر هذا الزواج لأنه إذا أنجبت كريمته ذكرا فلا يبعد أن يرشحه الإنجليز للخلافة، وبذلك تمحى الخلافة من تركيا، ويذكر أنه لما علم الخديو بذلك سر لأنه لم يكن راغبا فى هذا الزواج، خاصة بعد أن تبين خطر الاقتران بكريمة السلطان لما عساه أن يتعرض إليه من نفوذها وسيطرتها، ولما تقدم عباس بطلب الإذن بالسفر لم يذكر للسلطان شيئا، فأمر السلطان بإقامة مأدبة الوداع.

بالرغم من ذلك لم تتوقف جهود الوالدة لإتمام زواج نجلها بسلطانة، وركزت على أن تكون العروس إحدى ثلاث، بنت السلطان الحالى «عبدالحميد الثانى» أو بنت أخته، أو ابنة السلطان عبدالعزيز، غير أن هذه الجهود فشلت أيضا، وتلقى الخديو عباس الثانى رسالة بذلك وهو فى أفيان بفرنسا يوم 4 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1894.

يستكمل شفيق باشا باقى القصة، قائلا إنه فى 8 ديسمبر 1894 ذاع بين رجال المعية نبأ يختص بظهور أعراض الحمل على فتاة من ربيبات الخديو هى إقبال هانم أفندى، وكانت إحدى جاريات ثلاث خصصتهن الوالدة لخدمة الخديو أثناء إقامته بقصر القبة، وكانت تمتاز برائع جمالها وساحر قوامها، فشغف بها الخديو وتوثقت بينهما العلاقات.

يضيف شفيق: «كانت إقبال هانم تطمح إلى الزواج من الخديو وترقب فرصتها، فلما فشل مشروع زواج سموه من إحدى الأميرات السلطانية فرحت فرحا شديدا، ولما عاد عباس إلى مصر كان رأيه استقر على الزواج بها خصوصا بعد ظهور حملها، ولم يلبث أن نفذ عزمه بعقد هذا الزواج، وبذلك حققت أمنية إقبال هانم، وغدت زوجة لخديو مصر، أما الوالدة فقد تكدرت وأسفت شديد الأسف لفشل مشاريعها، ولأنها لم تصبح حماة لسلطانة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة