أكد أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الاعتداء الإسرائيلى الغاشم على فلسطين الذى اقترب من مرور عام على بدايتة، لم يكن الأول من نوعه لكنه بالتأكيد الأعنف والأكثر همجية والأشد انسلاخاً من القانون والأخلاق والإنسانية وبشاعاته وجرائمه.
وقال أبوالغيط، فى كلمتة امام الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري الدورة العادية (114) برئاسة دولة الامارات والتى مثلها وزير الاقتصاد السيد عبد الله بن طوق المرّي رئيس الدورة الحالية للمجلس ، اننا نرصد بقلق شديد محاولات إسرائيل المستمرة في توسيع دائرة الصراع إلى دول الجوار تحت ذرائع وحجج صارت أبعادها الداخلية والحسابات السياسية الشخصية التي تحركها مكشوفة للجميع .
وأضاف أنه ليس خافياً ما يترتب على ذلك من مخاطر حقيقية باندلاع حرب إقليمية ستكون بلا شك ذات عواقب وخيمة على المنطقة والعالم أجمع ، وستكون وطأتها شديدة على الشعوب الساعية إلى التنمية والتقدم، إذ ستعيد هذه المنطقة سنوات إلى الوراء.
وأوضح أن الفترة الماضية كانت عصيبة على الشعب الفلسطيني،الذي عاش هذه المأساة وتعايش على قدر ما يستطيع مع أثقالها ، وتحمل ظروفاً قاسية تتجاوز بكثير طاقة تحمل البشر ، صابراً محتسباً، كريماً مرفوع الرأس ، لا يتزعزع إيمانه قيد أنملة بعدالة القضية التي يقف مدافعاً عنها في مواجهة قنابل العدو ومسيراته وصواريخه.
وقال إن كل ذلك حدث في ظل عجزٍ دولي عن إيقاف المعتدي ، بل ومنحه في بعض الأحيان – مظلة أمان للمضي قدماً في ممارسة الفظائع بغير عقاب أو حساب.
وأشار إلى أن الدورة الرابعة عشرة بعد المائة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، تناقش عدداً من الموضوعات الهامة، وفي مُقدمتها الموضوع الخاص بـ"دعم الاقتصاد الفلسطيني" ، موضحا انه موضوع يُعرض بشكل دوري على هذا المجلس الموقر في دورة سبتمبر من كل عام، منذ نحو الثلاثين عاماً، ولكنه يكتسب اليوم أهمية خاصة وأولوية واضحة.
وقال إن تقرير هذا العام يبرز بالأرقام، الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبّدها الشعب الفلسطيني، جرّاء العدوان الإسرائيلي الوحشي عليه منذ السابع من أكتوبر الماضي ، وذلك في ظل ما يُلحقه هذا العدوان من تدمير شامل ومتعمد لكافة وسائل الحياة بجميع قطاعاتها في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف أن تلك الأرقام والإحصائيات تؤكد أن حجم القنابل والمتفجرات التي أُلقيت على قطاع غزة قد تجاوز عشرات الآلاف من الأطنان، وهو ما يفوق بمراحل قوة القنبلة النووية التي أُلقيت على مدينتي هيروشيما ونجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.
واردف " وتدركون جميعا أن هذه الجرائم قد خلّفت خسائر بشرية ومادية باهظة لن يكون التعافي منها أمراً سهلاً ، ولن يحدث – للأسف – في وقت قصير ".
وأوضح أن الاحتلال، لقد تباهى ومنذ بداية عدوانه الغاشم، بقصفه لغزة بآلاف القنابل يومياً، منها المئات التي لم تنفجر ومُعرّضة للانفجار في أية لحظة ، وهو ما يُضيف كارثة أخرى إلى مُجمل المآسي التي لحقت بالقطاع منذ ما يقرب من العام.
وقال ان هناك جيلا كاملا من الأطفال فقد حياته الدراسية الطبيعية ، ناهينا عن الوضع الصحي المروع ،والذي يشهد عودة لأمراض اختفت من ربع قرن.
وأكد "أبوالغيط "أن هذه الجريمة التي تنفذها إسرائيل بلا هوادة، قد استهدفت أجيالاً كاملة من الشعب الفلسطيني، وليس فقط الجيل الحالي.
وشدد على أن هذه الجرائم لن تتقادم وستبقى المشاهد القاسية للقتل والتعذيب والتشريد والتجويع، ماثلة أمام العيون ولن تُمحى من الذاكرة الفلسطينية والعربية والإنسانية.
وقال إنه لم تكن السنوات الماضية الأفضل عالمياً من زاوية مؤشرات التنمية الإنسانية ، مشيرا إلى انه لأول مرة تتراجع أعداد من يخرجون من دائرة الفقر ، ومشاكل العولمة لم تعد خافية، من تفاوت هائل داخل البلد الواحد وبين البلدان وبعضها البعض ، إلى هشاشة شبكات التوريد، إلى التراجع البيئي والتغير المناخي الذي يضع علامة استفهام كبرى على مفهوم النمو المستدام.
وأضاف أن منطقتنا العربية ليست ببعيدة عن هذه المشكلات، بل هي تتحمل أيضاً عبء الصراعات المستفحلة والأوضاع غير المستقرة التي تؤثر على صورة المنطقة وجاذبيتها كمقصد للاستثمار.
وأعرب أبو الغيط عن أسفه الكبير إزاء تعطل المسيرة التنموية في السودان واليمن وليبيا – بسبب الصراع الداخلي.
وأكد أن تعزيز النمو الاقتصادي المستدام في منطقتنا يتطلب نقلة نوعية في تعاملنا مع بؤر الأزمات وانعدام الاستقرار كأولوية ملحة ، كما تقتضي التحديات العالمية منا نظرة جديدة لجهود التكامل الاقتصادي.
واردف قائلا إن" الاتجاه اليوم – في كافة مناطق العالم – يذهب لمزيد من تعريز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري على مستوى الأقاليم الجغرافية ، بعد أن ظهرت مشكلات العولمة، وخطورة الاعتماد عليها على نحو استراتيجي.
كما أكد إن جهود التكامل الاقتصادي العربي تحتاج لتسريع وتكثيف يكون على مستوى التحديات القائمة، كما نحتاج كذلك إلى تفعيل الآليات العربية القائمة في مختلف المجالات للاستفادة منها، بما في ذلك تطوير أداء المنظمات العربية المتخصصة، وهو الموضوع المعروض ضمن جدول أعمال اجتماع اليوم.