تنهدات عميقة يتعالى صوتها هنا وهناك، يحتضنها ظلال سعف النخيل، الشمس تلقى بأشعتها على قطوف التمر المتدلية على امتداد مساحات زراعية شاسعة، نساء وأطفال يحملون الصواني والطشوت بروح طيبة، وشباب يسيرون بالمقاطف والمناجل بوجوهٍ باسمة، وعمال باليومية يتسلقون النخل كي يوفرون قوت صغارهم، فرحين بانطلاق موسم "التمور" كرم النخيل في أيام الحصاد.
الحصاد في قرية المرازيق
لوحة بديعة ساحرة يغلبها خضرة نضرة وآلاف أشجار النخل المصطفة بجوار بعضها البعض، وخلية نحل دؤوبة لا يتوقف لها عمل بسواعد الآباء والأجداد في قرى مركز ومدينة البدرشين "المرازيق، والشنباب، وسقارة، ومنشأة دهشور"، تُرسم معالمها في شهر سبتمبر كل عام مع انطلاق موسم حصاد التمر السيوي.
وبينما كان يجمع محصوله بـ"القفة" المصنوعة من سعف النخيل، في ساعات الصباح الأولى وسط نسماته، والجميع، كبارًا وصغارًا، قد خرجوا إلى الحقول سيرًا على الأقدام، قال طارق لطفي أحد المزارعين بقرية المرازيق، إن موسم حصاد التمور ينطلق سنويًا في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر ويستمر حتى نهاية شهر أكتوبر، مشيرًا إلى أن فترة الحصاد يتزامن معها مراحل تجفيف التمور في المناشر وتنظيفها وتعبئتها.
وأضاف خلال حديثه لـ"اليوم السابع" أن قرى البدرشين تنتج التمر السيوي، أجود أنواع التمور، التي تستخدمها شركات البسكويت، فمنه ما يتم توريده للمصانع لتصنيع العجوة، ومنه ما يتم تخزينه، ويجرى بيعه في الأسواق وتوزيعه منه للأهل والأقارب، مشيرًا إلى أن إنتاجية النخلة الواحدة من التمور تصل لحوالي 65 كيلو جرام.
وتابع أن التمر من المحاصيل الاستراتيجية المهمة التي تشتهر بزراعتها قرى المدينة، والحصاد موسم رزق وخير ينتظره الفلاحون والمزارعون كل عام ويستقبلونه وأبناؤهم بفرحة وسعادة عارمة، مؤكدًا أنه موسم عمل للجميع، ينتظرونه بشغف عامًا تلو الآخر، فمعظم أهالي القرية والقرى المجاورة يعملون في التمور في موسم حصاده.
وقال أحمد محمود علام، أحد الشباب العاملين باليومية بـ قرية المرازيق، إن موسم الحصاد تنطلق بشائره ابتداءً من يوم 20 أغسطس ويستمر حتى نهاية شهر سبتمبر، وخلاله يجمعون التمور على فترات متقاربة مع تمام نضجها، مضيفًا أن الحصاد يعتمد على مراحل عديدة ومتنوعة، يشارك فيها عدد كبير من المزارعين وعمال اليومية، فمنهم من تكون مهمته طلوع النخل وتجميع عراجينه، ومنهم من تكون مهمته تقليم العراجين وفصل ثمار التمر عنها ونقلها للمناشر، والتي يتم فيها تجفيف التمور وتعبئتها.
وأضاف أن الموسم يمثل مصدر رزق سنوي لكثيرين، فالبعض ينتظره لتجهيز بناته، وتوفير احتياجات الزواج لأبنائه، أو سداد ديونه، أو توفير احتياجاته المؤجلة، كما أنه يمثل مصدر دخل لعمال اليومية، مشيرًا إلى أن العامل يعمل في موسم الحصاد من الساعة السادسة صباحًا وحتى الساعة الرابعة عصرًا، سواءً في طلوع النخل، أو تجميع التمر، أو خرط العراجين وتقليمها، أو التحميل والنقل، ويتقاضى يومية 400 جنيه، مؤكدًا: "بنتعب ونشقى عشان نوفر مصدر دخل لينا، رزق بنستناه".
سيد عرفة أحد المزارعين بقرية المرازيق
وقال سيد عرفة، إن النخل يزرع في البداية كفسائل، ويبدأ في الإنتاج بعد مرور حوالي 8 سنوات على زراعته، مشيرًا إلى أن بعد زراعة النخيل يجرى له عملية تطريح، وبعدها تأتي مرحلة الحصاد، التي تنطلق من منتصف شهر أغسطس، وخلالها يتم تقطيع البلح من على النخل وخرطه وتحميله ونقله إلى المناشر، التي يتم فيها تجفيف التمر تحت أشعة الشمس على أجولة بيضاء تمتد لمساحات واسعة، لفترة تتراوح بين أربعة وسبعة أيام، تختلف المدة حسب درجة الحرارة، وبعدها تأتي مرحلة التنظيف والفرز والتعبئة.
وأضاف أن موسم الحصاد يوفر فرص عمل عديدة لأبناء القرية بداية من زراعة النخيل وصولًا لمرحلة الحصاد، فالنخلة بكل ما فيها من أجزاء تشكل أهمية كبيرة لهم، مشيرًا إلى أنها تعتمد على الأيدي العاملة، فمرحلة "التقليم" لها أناس متخصصون، وكذلك التطريح وتنزيل النخل، والتقطيع، وخرط البلح، ونقله للمناشر، وفرزه وتعبئته، فضلًا عن الجريد الذي يعتمد عليه كثيرون في صناعة الأقفاص والكراسي والترابيزات يدويًا، ونوى التمر الذي يدخل في صناعة الأعلاف، مؤكدًا أن التمر أساس اقتصاد المدينة.
وأوضح أن إنتاجية النخل تتوقف على عدة عوامل، منها نوع وعُمر النخلة، وخدمة الفلاح للأرض، فقد تكون إنتاجية النخلة ستين كيلو جرام، ومتوسط عمرها يصل لثمانين عامًا، مشيرًا إلى أن التمر السيوي، الذي تنتجه قرى البدرشين، ويتحول بعد تجفيفه لعجوة، يتميز بإمكانية تخزينه لفترات طويلة، والاعتماد عليه في تصنيع العجوة، مؤكدًا: "التمر نعمة من نعم ربنا، ومصدر دخل لكل أهالي القرية".
محمد أحمد طالع نخل في المرازيق
وقال محمد أحمد، 52 عامًا، طالع نخل، إنه تعلم طلوع النخل منذ أن كان في الـ11 من عمره على يد والده وأجداده، كغيره من أبناء القرية، مشيرًا إلى أنها مهنة شاقة ومحفوفة بالمخاطر، تحتاج لخبرة ومهارة وخفة، مع الاعتماد على أدوات بدائية بسيطة، عبارة عن حبل يربطه حول خصره يساعده في صعود النخلة، ومنجل يستخدمه في تقليم النخلة وتقطيع سباطة التمور، وطبق كبير يجمع فيه ما تم تقطيعه، مؤكدًا: "لازم طالع النخلة يحافظ على نفسه، ومش أي حد يطلع نخل، مهنة صعبة وفيها مخاطر وبناكل منها عيش، الكل بيشتغل في الموسم ده، الرجالة في النخل والستات في المناشر".
المزارعون في موسم حصاد التمور
بدء موسم حصاد التمور بالمرازيق
بدء موسم حصاد التمور
جمع المحصول
جمع محصول التمور
حصاد التمور بالمرازيق
حصاد التمور في البدرشين
حصاد التمور في قرية المرازيق
حصاد التمور
طالع النخل في البدرشين
طالع النخل في المرازيق
طالع النخل في موسم الحصاد
طالع النخل
طفل من قرية المرازيق
فرحة أطفال البدرشين بموسم حصاد التمور
فرحة المزارعين بالمحصول
فرحة المزارعين بانطلاق موسم الحصاد
فرحة المزارعين بموسم الحصاد
فرحة المزارعين بموسم حصاد التمور
مراحل طلوع النخل
مزارع
مهنة طالع النخل
موسم الحصاد في البدرشين
موسم الحصاد
موسم حصاد التمور بقرية المرازيق
موسم حصاد التمور بمدينة البدرشين
موسم حصاد التمور
نخل المرازيق
نقل التمور للمناشر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة