مائة عام مرت على ميلاد عمود من أعمدة الكوميديا في السينما المصرية، العبقري الراحل فؤاد المهندس، الذى جعل الكوميديا صنعة وفكر وليس مجرد "إفيهات عابرة"، فقد خلق نهج جديد في كيفية صناعة الضحك على خشبة المسرح، وهو أصعب مهمة تواجه الممثل الكوميدي، لكنه نجح في أن يكون من مدرسة السهل الممتنع ورسم الضحكة على وجه الجمهور بدون كلمة أو إفيه واحد، وهذا ماجعل له لغة خاصة في عالم التمثيل لغة فؤاد المهندس المميزة للغاية.
علاقة فريدة بين الريحاني والمهندس.. ماذا تعلم التلميذ من الأستاذ؟
"هذا الشبل من ذاك الأسد"، وصف دقيق يعبر عن العلاقة الفنية التي جمعت بين التلميذ فؤاد المهندس وأستاذه الراحل الضاحك الباكي نجيب الريحاني، الذى كان له الفضل على السينما المصرية في إنتاج مواهب فنية وكوميدية، أصبحوا بعدها عمالقة في التمثيل بفنونه المختلفة، بعدما أسس فرقة نجيب الريحاني التي استقطبت نجوم كبار قادوا السينما لعقود وسطروا ملامح السينما المصرية في البدايات.
البداية كانت على مسرح جامعة القاهرة، بعدما نجح " المهندس" في إقناع " الريحاني "، بإخراج مسرحية لفريق التمثيل بكلية التجارة التى كان يقودها المهندس حينها، وبالفعل وقع اختيار الريحاني على رواية " حكاية كل يوم "، ونجح فريق الكلية في الفوز بكأس يوسف وهبي لأول مرة، ومن هنا أخذت العلاقة بين الريحاني والمهندس طابع خاص، وبات رفيقا له في مشاويره الشخصية، وكان يحرص على مشاهدة كواليس المسرحيات التى تعرض على مسرح نجيب الريحاني، ومن هنا تبلورت شخصية فؤاد المهندس الفنية، لتلتقط أصول المهنة من عمالقة التمثيل وقتها وهم حسن فايق، ماري منيب، وغيرهم.
فؤاد المهندس: لم أخرج يومًا من عباءة الريحاني ولن أتمرد عليه
الفن المسرحي من أصعب الفنون وأكثرها مشقة وتحدى على الفنان الذى يرى رد الفعل في غضون ثواني، لذا فإن التمكن على خشبة المسرح دليل على براعة الممثل وقدرته على التحكم في أدواته بحرفية شديدة، وهذا ما تعلمه التلميذ من الأستاذ، وكشف عنه خلال حوارات تليفزيونية سابقة، حيث أكد أن أهم الدروس التي تعلمها من " الريحاني " كانت عدم الأنانية والدقة في الحوار والسيناريو ومراجعته وكيفية وجود ترابط قوي بين الشخصيات.
في حديث سابق للراحل للمهندس، أكد قائلاً:" لم أتمرد يوما على الريحاني ولم أخرج عن عبائته فهو من وضع القواعد التى يسير عليها مدبولي وعادل أمام والجميع دون استثناء"، وتابع قائلا: الريحاني دا كان حكاية ظاهرة عبقري بمعنى الكلمة فكان الممثل والمخرج والمؤلف وهو من يدير الفرقة في نفس الوقت، من يستطيع أن يقوم بجميع الأدوار بهذا الإتقان إلا الريحاني ".
امتنان التلميذ لأستاذه، كان واضحًا في كل حديث للمهندس عن الريحاني، وهذا ما يعكس شخصية الراحل فؤاد المهندس الفنية التى لمعت وقدمت أدوار ومسرحيات كوميدية مازالت باقية برغم نصف قرن على عرضها لكنها قادرة على رسم الضحكة بل والقهقهة على جميع الأجيال دون استثناء، وهذا ما جعل المهندس أحد عباقرة كوميديا الموقف بأعمال خالدة ولا تموت حتى الآن .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة