ساعات قليلة تفصلنا عن انتخابات الجزائر، حيث يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم القادم .
وتعد هذه الانتخابات السابعة في تاريخ الجزائر، منذ دخولها عهد التعددية السياسية عام 1989، ومنذ أول انتخابات رئاسية جرت في عهد التعددية السياسية في عام 1995، وهي الثانية بعد الحراك الشعبي الذى اندلع في فبراير2019، وأول انتخابات رئاسية تجرى في ظل الدستور الجديد، الذي صدر في نوفمبر 2020، و كرس سلطة الانتخابات هيئة دستورية مستقلة في قرارها وسلطتها المادية؛ حيث تجرى هذه الانتخابات تحت إشراف السلطة الجزائرية المستقلة للانتخابات.
تنتظر الرئيس الجزائرى الجديد، تحديات جمة ، تأتى انعكاساً للظروف الإقليمية والدولية المعقدة، ما سيشكل أولويات الرئيس الجديد خلال الفترة الأولى من رئاسته، حيث تُعد مرحلة حساسة تتطلب حسماً في العديد من القطاعات لإجراء الإصلاحات اللازمة.
في مقدمة تلك الملفات يأتي الملف الاقتصادى، فالبرغم من التحسن الذى شهدته البلاد خلال السنوات التالية لحراك عام 2019 مقارنة بالوضع خلال حكم الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة؛ إلا أن الجزائرتواجه تحديات اقتصادية كبيرة بسبب اعتمادها بنسبة كبيرة من دخلها القومى على صادرات النفط والغاز، حيث تشكل العائدات من هذه المصادر أكثر من 90% من إيرادات الدولة؛ لذا فإن تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة متأثرة بجائحة كورونا والظروف السياسية الإقليمية والدوية أيضاً، تسبب في تأزم الوضع الاقتصادى للبلاد، وتقليص احتياطي النقد الأجنبي.
تحدٍ اقتصادى
وسيكون على الرئيس الجديد الشروع في إصلاحات اقتصادية شاملة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال تعزيز الصناعات المحلية والزراعة والسياحة، وتبني سياسات تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، هذه الإصلاحات لن تكون سهلة، إذ تتطلب مواجهة مقاومة من الأطراف المستفيدة من الوضع الحالي، وإجراء تغييرات هيكلية على مستوى القوانين والإجراءات الإدارية.
إضافة إلى الأزمة التى تسببت فيها الحكومة السابقة من خلال طبع عملة من دون قيمة، ما نتج عنها الارتفاع الكبير فى الأسعار ، وهذا من أهم التحديات التي تنتظر الرئيس القادم، ومن بين التحديات الداخلية التي ستواجه الرئيس المنتخب ملفات تحسين القدرة الشرائية والشغل والسكن وتوافر مياه الشرب، هناك جهود كبيرة سمحت بتقليص حدة الأزمات لكن تبقى غير كافية أو بحاجة إلى مزيد من الصرامة في التنفيذ والمتابعة.
وفى هذا الصدد، هناك وعود اقتصادية بتحقيق نسبة نمو تزيد على 4.2 % وناتج محلي إجمالي يصل إلى 400 مليار دولار في عام 2027، وبلوغ قيمة الصادرات غير المحروقات 7 مليارات دولار، واحتياطات العملة الأجنبية 70 مليار دولار، وجلب أكثر من 100 مستثمر أجنبي.
الملف الأمنى
ومن جهة أخرى يمثل الملف الأمني والإقليمي تحديًا آخر للرئيس الجزائري الجديد، هناك حاجة ملحة لتعزيز أمن الحدود، وتطوير استراتيجيات لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث يفرض الموقع الجغرافى للجزائر تحديات ثقيلة، بسبب التوترات على الحدود الشرقية والغربية، حيث تعاني دول الجوار مثل ليبيا ومالي من أزمات أمنية وصراعات داخلية تمتد تأثيراتها إلى الأراضي الجزائرية.
وعلى الصعيدين الاجتماعي والسياسى، ينتظر الرئيس الجديد ملف العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهناك مطالبات بتحسين الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والنقل، وتوفير السكن الملائم للشباب والأسر الفقيرة، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية للفئات الضعيفة، هذه الملفات تتطلب رؤية سياسية شاملة وموارد مالية كبيرة لتحقيق تقدم ملموس، كما يظل ملف الإصلاحات السياسية في مقدمة تطلعات المواطنين، حيث يطالب الجزائريون بإجراء تغييرات جذرية في النظام السياسي تضمن مزيدًا من الشفافية والمشاركة الشعبية في صنع القرار.
وهناك دعوات لإصلاح النظام الانتخابي، وتعزيز استقلالية القضاء، ومكافحة الفساد وتشكيل حكومة توافقية تمثل مختلف القوى السياسية والاجتماعية في الدولة.
المتسابقون
يتقدم المرشحون الثلاثة، الرئيس الحالي، عبدالمجيد تبون، الذي يسعى لولاية ثانية، حيث تم انتخابه رئيسا في 12 ديسمبر عام 2019، ويخوض عبدالمجيد تبون (مواليد عام 1945 ) الانتخابات القادمة كمترشح حر، و تدرج قبلها في عدة مناصب، بينها وزير الإسكان ورئيس الحكومة.
يوسف أوشيش
وتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة في عام 1969 بتخصص في الاقتصاد والمالية، قبل أن يتقلد عدة مناصب إدارية بعد تخرجه أبرزها ولايته على رأس محافظة أدرار سنة 1983، ثم تيارت سنة 1984، ثم تيزي وزو سنة 1989.
إضافة إلى مرشح حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني شريف، ومن بين المرشحين أيضاً يوسف أوشيش مرشح حزب جبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر، يبلغ أوشيش من العمر 41 عاما، وهو يعد أصغر مرشح في تاريخ الانتخابات الرئاسية بالجزائر.
وتولى أوشيش منصب الأمين الوطني لجبهة القوى الاشتراكية، الحزب الذي أسسه رمز الثورة الجزائرية حسين آيت أحمد في سنة 1963، بعد عام واحد من استقلال الجزائر عن فرنسا.
ودرس العلوم السياسية في جامعة الجزائر، وتخصص في السياسة الدولية، وعمل كصحفي في الصحافة المكتوبة من عام 2008 إلى 2012، مع استمراره في النشاط السياسي ضمن حزب جبهة القوى الاشتراكية .