في ظل التزايد المستمر لعدد المواطنين الراغبين في أداء مناسك الحج والعمرة، ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الشركات السياحية غير المرخصة، التي تستغل هذا الاندفاع الديني والروحي لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب المواطنين، وبينما يسعى الكثيرون لتحقيق حلمهم المقدس، فإنهم غالبًا ما يقعون ضحية لشبكات نصب واحتيال تغلف خداعها بطابعٍ ديني مقدس.
قبل أيام، نجحت وزارة الداخلية في توجيه ضربة قوية لهذه الشركات والمكاتب غير المرخصة، إذ تمكنت من ضبط 45 شركة ومكتب سياحي تعمل خارج إطار القانون في عدة محافظات، وذلك في إطار حملتها المتواصلة على الأنشطة غير المشروعةفي مجال السياحة الدينية.
ووفقًا للضبطيات الأمنية، فإن هذه الشركات كانت تدعي تنظيم رحلات الحج والعمرة، حيث كان يتم تقديم وعود كاذبة للمواطنين بحجز تذاكر سفر وتوفير خدمات لمناسك الحج بأسعار مغرية، ولكنها في النهاية كانت مجرد أوهام بنيت على أساس الاحتيال.
المأساة لا تكمن فقط في النصب الماليالذي يتعرض له المواطنون، بل في خيبة الأمل والضياع الذي يصيبهم بعد أن يكتشفوا أنهم سقطوا ضحايا لوعود كاذبة، ويصير حلم العمر مجرد سراب.
عصابات النصبهذه لا تقتصر على بيع حجوزات وهمية، بل تمتد لتشمل خدمات الحج والعمرة المزعومة، حيث يكتشف ضحاياهم أنهم عالقون في فخ من الوعود الزائفة، دون الحصول على أي من الخدمات أو التسهيلات التي تم تسويقها.
اللواء رأفت الشرقاوي الخبير الأمني، أكد أن الإجراءات القانونية التي اتخذتها الوزارة جاءت في إطار سعيها للحد من هذه الظاهرة التي تزايدت بشكل ملحوظ مع اقتراب موسم الحج لهذا العام.
وقال: "لقد تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط أكثر من 45 مكتبًا سياحيًا في "المنيا، وأسيوط، والإسكندرية"، كانت جميعها تعمل دون ترخيص، تحت غطاء تنظيم رحلات حج وعمرة، وقد تبين أن هذه الشركات كانت تستغل جهل المواطنين وعدم درايتهم بالقوانين المنظمة لمثل هذه الأنشطة."
لكن ماذا عن هؤلاء الذين وقعوا ضحية لهذه الشركات غير المرخصة؟ كيف يمكن للمواطن العادي التمييز بين "الشركة الشرعية" التي تحظى بتراخيص رسمية وبين "الجهات المشبوهة" التي تبيع الوهم؟
اللواء رأفت الشرقاوي، أكد على أهمية التحقق من الترخيص قبل التعاقد مع أي شركة سياحية، محذرًا من مغبة التعامل مع الشركات التي لا تحمل التراخيص اللازمة من وزارة السياحة، خاصة في موسم الحج الذي يعج بالكثير من السماسرة والمتاجرين بمشاعر الناس.
ونصح الخبير الأمني المواطنين بالتحقق من جميع التفاصيل المتعلقة بالشركة، مثل وجود الشعار الرسمي وتراخيص العمل على الإنترنت أو من خلال زيارة المكتب المعني مباشرة.
الجهود الحكومية ليست وحدها المسؤولة عن التصدي لهذه الظاهرة، المجتمع المصري يجب أن يكون أكثر وعيًا بمخاطر التعامل مع هذه الشركات، ويجب على الإعلام أن يكون له دور فعال في توعية الناس وتعريفهم بطرق حماية أنفسهم من النصب.
إن التعامل مع شركات السياحة المرخصة لا يمثل فقط ضمانًا للحصول على خدمات قانونية وشرعية، بل هو أيضًا حماية لحق الإنسان في أداء مناسكه الدينية في أجواء من الأمان والطمأنينة.
تُعد هذه العمليات الأمنية بمثابة نداء تحذيري لكل مواطن: من الوقوع في فخ الشركات غير المرخصة، فلا يمكن أن يكون هناك تساهل مع أي جهة تتاجر بالآمال والأحلام الدينية للمواطنين، كما أن تكرار هذه الوقائع يؤكد ضرورة تعزيز الرقابة والمراقبة على هذا القطاع، لضمان حماية حج وعمرة المواطنين من أيدي السماسرة والمتاجرين بمشاعرهم.
ويبقى أملنا أن يسود الوعي بين الناس، وأن يظل الحلم الديني للمصريين بعيدًا عن كل يد تعبث به تحت ستار النصب والاحتيال.