إن المشهد السياسي الجديد في سوريا أعاد ترتيب الأوراق في المنطقة، انطلاقا من علاقة سوريا بدول الجوار ومحيطها العربى، وفي مقدمتها العلاقات السورية مع لبنان ، والتي شهدت كثيرا من التعقيدات في ظل نظام بشار الأسد ، ومع تأسيس النظام الجديد في سوريا عاد الحديث عن صفحة جديدة للعلاقات مع لبنان .
وأفادت تقارير إعلامية لبنانية بأن هناك مساعى من الطرفين للدخول في مرحلة أفضل ن العلاقت بين البلدين ، ولكن في غضون ذلك ، شهدت الحدود بعضا من التوترات خاصة بعض التضييق من سلطات لبنان على دخول سوريين إلى الأراضى اللبنانية ، ما دفع بعض المراقبين للربط بين هذا الأداء وبين القرار السورى، الجمعة، بمنع دخول اللبنانيين إلى سوريا ، وهو القرار الذى زاد من حدة التوتر.
ومن جانبه، علق وزير داخلية لبنان بسام مولوى، قائلا إن العمل جارٍ على حل مسألة منع اللبنانيين من دخول سوريا بين الأمن العام اللبنانى والجانب السوري.
وبالنسبة لأسباب الإغلاق، كشف مصدر أمنى لبنانى، عن إن المعلومات تشير إلى أن هناك أعداد كبيرة من السوريين الموجودين فى لبنان يكلفون عددا من اللبنانيين الذهاب إلى سوريا من أجل نقل أمتعتهم التى تركت هناك يوم سقوط نظام الاسد ولجلب الأموال التى تركت هناك والشقق فى سوريا، وذلك مقابل مبالغ مالية يتقاضاها هؤلاء السائقون ناقلو البضائع والأموال.
وأشار المصدر، إلى أن السلطات السورية اكتشفت هذا الأمر، فقامت بالتشدد فى دخول اللبنانيين، على أن تحل هذه الإشكالية بعد أسابيع قليلة .
وقال مسئول أمنى لبنانى، إن القيود التى تأتى فى وقت يسعى فيه لبنان إلى تحسين العلاقات مع سوريا فى ظل الإدارة الجديدة، تعنى أن اللبنانيين الذين ليس لديهم إقامة أو عائلة داخل سوريا لن يتمكنوا من العبور، لكنه أشار إلى أن هناك بعض الاستثناءات لمن لديهم أنشطة أخرى داخل سوريا.
وأضاف المسئول اللبنانى، أن هذه الإجراءات "مؤقتة" وجاءت نتيجة نزاع بين الجانبين عن سوء المعاملة الواضح من السلطات اللبنانية للسوريين الذين يدخلون لبنان أو يغادرونه، وأكد المصدر أن هذه المشكلة سوف تحل بعد إمساك الأمن العام السورى بالجانب السورى من الحدود.
يأتى هذا بعد أن تدفقت أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى دمشق، منذ 8 ديسمبر الماضى، تاريخ سقوط نظام بشار الأسد، وحتى الأيام الماضية، بمن فيهم وفود إعلامية وسياسية ومدنيون.
وقد منع الأمن العام اللبناني اللبنانيين من عبور نقطة المصنع الحدودية في اتجاه سوريا، منذ ليل الخميس، بناءً على توصيات سورية بمنع دخول اللبنانيين إلى البلد، إلا لمن يحمل إقامة سورية، وتوقف الأمن العام اللبناني عن السماح للمواطنين اللبنانيين بالعبور إلى الداخل السوري، على عدد من المعابر الحدودية البقاعية شرق لبنان، وشماله أيضاً في العريضة والعبودية وجسر قمار.
وتتطلب الإجراءات السورية الجديدة أن يكون اللبنانى حائزاً على إقامة سورية سارية المفعول، أو حجز فندقي ومبلغ ألفي دولار، أو موعد طبي مع وجود كفيل سوري، مع الإشارة إلى أن أى مخالفة بالإقامة داخل الأراضي السورية ليوم إضافي تفرض على اللبناني غرامة مالية، مع منعه من دخول سوريا لمدة عام".
وعلى صعيد متصل، علق مولوي أيضا على الاشتباكات التي وقعت بين الجيش اللبناني وسوريين عند الحدود مع سوريا، قائلا: "نعمل على حل المشكلة التي وقعت على الحدود السورية، ولا نوقف أي سوري إلا إذا كان مطلوبا لدينا أو دوليا".
وأضاف: "المسلحون الذين اشتبك معهم الجيش لا يتبعون لإدارة سوريا الجديدة". واكد ان "دخول السوريين إلى لبنان يتم وفق التعليمات والقانون".
من جهة أخرى تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتى دعوة من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لزيارة سوريا، أجل البحث في الملفات المشتركة بين البلدين، فيما جرى إتصال بين ميقاتي والشرع، تم خلاله البحث في العلاقات بين البلدين وفي شكل خاص الملفات الطارئة، كما تطرق البحث الى ما تعرض له الجيش على الحدود مع سوريا في البقاع.
وأكد الشرع أن الأجهزة السورية المعنية قامت بكل ما يلزم لإعادة الهدوء على الحدود ومنع تجدد ما حصل.
مسار جديد للعلاقات
وكان وليد جنبلاط السياسى اللبنانى البارز والرئيس السابق لحزب التقدمى الاشتراكي في لبنان قد بادر بزيارة تعد هى الأولى لسياسى لبنانى إلى دمشق منذ سقوط نظام بشار الأسد ، الشهر الماضى ، بهدف تدشين مرحلة جديدة من العلاقات بين لبنان وسوريا.
والتقى جنبلاط خلا زيارته مع قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع فى قصر الشعب مهديا إياه كتابًا عن والده، حيث يرافق جنبلاط شيخ طائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى وأعضاء المجلس المذهبي الدرزي، وكتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة نجله النائب تيمور جنبلاط. كما تحظى الزيارة بتغطية إعلامية لافتة.
حمل جنبلاط معه للشرع مذكرة تتضمن مقاربة الحزب التقدمي الاشتراكي للمرحلة الجديدة من العلاقات بين لبنان وسوريا، مرتكزها حسن الجوار وإصلاح ما شاب هذه العلاقة، وما تطلبه من إعادة صياغة الاتفاقات المعقودة بين البلدين خلال نظام الأسد، لتناغم وأسس العلاقات السليمة بين الدول، وإلغاء ما يتعارض مع هذا المبدأ. كما تطرق الاشتراكي في رسالته إلى النازحين السوريين في لبنان وعودتهم الكريمة إلى ديارهم، ووجوب متابعة البحث عن اللبنانيين المفقودين والمخفيين قسرًا في سوريا، والعمل على ضبط المعابر الحدودية ومنع التهريب.
مزارع شبعا أيصا طرحت خلال اللقاء بين جنبلاط والشرع، وأكد جنبلاط جنبلاط على وجوب حسم هوية مزارع شبعا، وتعاون القيادة الجديدة في سوريا في هذا السياق.
من جانبه قال الجولانى فى أول تصريح له عن لبنان، إن سوريا ستكون سنداً له وأرجو أن تُمحى الذاكرة السوريّ السابقة من أذهن اللبنانيين.
أضاف الجولانى أن سوريا تقف على مسافة واحدة من الجميع وستحترم سيادة لبنان واستقراره الأمني ونتمنى بدء ترسيخ علاقات استراتيجية مع لبنان وتاريخ جديد.