القمح هو المحصول الاستراتيجى الأول على مستوى العالم، والذى يمثل عملة تجارية رابحة للدول المنتجة والمصدرة، وعبئًا ماليًا واقتصاديًا أكبر على الدول المستوردة، لذلك أولت القيادة السياسية كامل اهتمامها، للاقتراب من حدود الاكتفاء الذاتى، وتشجيع المزارعين على التوسع فى زراعة القمح، مع إنتاج سلالات جديدة قادرة على مجابهة التحديات والتغيرات المناخية، وتطوير المعاملات الزراعية، للوصول لأعلى معدلات الإنتاجية الممكنة.
ويصاب القمح بعدة أمراض فطرية منها التفحم السائب والبياض الدقيقى، أما أهم الأمراض الفطرية التى يصاب بها نبات القمح فهى أصداء القمح الثلاثة، التى تختلف فيما بينها فى نوع الفطر المسبب لكل مرض وموقع وشكل ولون الإصابة على النبات، واسم كل منها تبعا لذلك، كما تختلف الظروف المناخية المناسبة لظهور وانتشار كل مرض منها، والأصداء الثلاثة التى تصيب نبات القمح هى "الصدأ الأصفر "الصدأ المخطط"، صدأ الورقة "الصدأ البرتقالي" والصدأ الأسود "صدأ الساق".
ووفقًا لوزارة الزراعة فإن أهم طرق مكافحة الأمراض الفطرية فى نبات القمح، وأبسطها وأقلها تكلفة وحفاظا على البيئة من التلوث، هى زراعة الأصناف الموصى بها والموزعة عن طريق جهات رسمية موثوق بها، وهى الأصناف المنتجة بمعرفة قسم بحوث القمح والتى تتمتع بدرجة عالية من المقاومة للأمراض الفطرية والتى يقوم القسم بإحلال الجديد منها باستمرار للحفاظ على درجة عالية من المقاومة للأمراض.
أوضح الدكتور رضا إبراهيم بمعهد بحوث أمراض النباتات التابع لوزارة الزراعة أن هناك قائمة بأفضل الأصناف المقاومة للإصابة بالصدأ الأصفر، والأصداء بوجه عام تضم "جيزة 171، مصر 4، مصر 3، سخا 95" وهذه الأصناف لا تستدعى قيام المزارع بأى معاملات مكافحة وقائية مهما كان موقع زراعته الجغرافى سواء فى الوجه القبلى أو البحرى.
أضاف إبراهيم أن اختيار الصنف المقاوم يمثل أبرز خطة مكافحة الإصابة بـ "أصداء القمح" حيث تعد البداية الصحيحة، التى يتم البناء عليها لتحقيق معدلات الإنتاجية والربحية المستهدفة من زراعة محصول القمح.
وأكد أن معهدى المحاصيل الحقلية وأمراض النبات، يعقدون اجتماعًا خاصًا مع منتجى التقاوى، للتوقيع على السياسة الصنفية المعتمدة التى يجب مراعاتها، والتى تتماشى مع الظروف البيئية السائدة فى كل نطاق جغرافى داخل الجمهورية، بما يعزز قدرة هذه الأصناف على تحقيق أعلى معدلات الإنتاجية، ويقلص حدود الإصابة المتوقعة للمساحات المنزرعة بمحصول القمح.
ولفت إلى جهود معهدى المحاصيل الحقلية وأمراض النباتات حيث يتم متابعة كافة الأصناف سنويًا، مع تعديل الخريطة الصنفية ونقل الأصناف التى يحتمل إصابتها ب أصداء القمح من مناطق الوجه البحرى إلى محافظات الوجه القبلى، مع إنتاج وإدراج أصناف جديدة، بما يلبى احتياجات المزارعين كل موسم.
ولفت إلى خطورة الطور اليوريدى، المسبب لمرض الصدأ الأصفر، والذى يستغرق قرابة 12 يومًا، فيما لا تحتاج بعض السلالات سوى إلى 9 أيام فقط وهى ما يضاعف من معدلات وسرعة انتشاره وهو ما يهدد بإنتاج عدة أجيال، حال تأخر المزارع فى تطبيق إجراءات المقاومة الموصى بها.
وأكد إبراهيم أن البثرة الواحدة فى الطور اليوريدى تكون محملة بعشرات الملايين من الجراثيم، ما يهدد بانتشارها بشكل سريع بمجرد انفجارها والتى تضاعف من فرص انتقال العدوى عبر الرياح إلى المناطق غير المصابة وتخلق بؤر عدوى كبيرة على مستوى الجمهورية وتضاعف معدلات الخسارة المتوقعة.
وأوضح إبراهيم أن العرض الأبرز والأشهر الذى يمكن للمزارعين رصده بسهولة، هو تراكم مسحوق أصفر يشبه الصدأ عند مسح أوراق النباتات المصابة بأصابع اليد، موضحًا أن هذا المسحوق الأصفر يمثل جراثيم الفطر، أو "الجراثيم اليوريدية" كما يطلق عليها اصطلاحًا لدى المتخصصين.
ولفت إلى أن المسحوق الأصفر الناجم عن مسح أوراق النباتات المصابة بالصدأ الأصفر، يمثل العائل الأساسى والمتكرر الذى يحدث العدوى وينتشر تحت الظروف البيئية المصرية، مؤكدًا أنها تمثل أخطر مسببات الخسائر الاقتصادية التى يتعرض لها المزارعين.
وأوضح أنه فى خلال 12 يومًا من ظهور هذا العرض على محصول القمح، تبدأ المسببات المرضية فى تكوين البثرات، التى تمثل مصدرًا أساسيًا لنقل العدوى بمجرد انفجارها، حيث تنتقل بسهولة عبر الرياح من الحقول المصابة إلى الحقول السليمة المجاورة.
وحذر من تداعيات عدم الاكتشاف المبكر، وتطبيق معاملات وإجراءات المكافحة الواجبة الموصى بها لمرض الصدأ الأصفر وأصداء القمح بشكل عام، حيث تهدد بفقدان المحصول بنسبة 100% خلال شهر واحد فقط.
وأكد أن الحشائش لها علاقة وثيقة الصلة بظهور أعراض الاصفرار التى تظهر على نباتات ومحصول القمح، وغالبًا ما تكون نتيجة مباشرة لارتكاب المزارع لبعض الأخطاء، مشيرًا إلى أن أبرز هذه الأخطاء والتى يلجأ فيها المزارع للاستعانة ببعض مبيدات الحشائش غير الملائمة لنوع الآفة الموجودة فى الحقل.
وأكد أن الإفراط فى تطبيق معاملات رش المبيدات غير المتخصصة، علاوة على استخدامها فى غير الأوقات المصرح والموصى بها، يؤدى لظهور أعراض الاصفرار على النباتات خاصة أن بعض المزارعين، يرجئ إتمام معاملات الرى، لحين الانتهاء من تطبيق إجراءات الرش بالمبيدات والتى قد تستمر لأسابيع.
وحدد عدة توصيات فيما يخص أسلوب تطبيق إجراءات مكافحة الحشائش، حيث يتوجب رش الحشائش العريضة قبل الرى بيومين، على أن يعقبها رشة أخرى للحشائش الرفيعة، بعد الرى بثلاثة أيام.
ولفت إلى أن ظهور أعراض الإصابة ب "أصداء القمح" خلال الفترة بين شهرى يناير وفبراير، اللذان تنخفض فيهما الحرارة والرطوبة، ويتسع فيهما الفارق بين درجات حرارة الليل والنهار، مؤكدًا أن الإصابة فى هذه الحالة تنحصر فى الصدأ الأصفر.
وأكد أن احتمالات الإصابة بأعراض الصدأ الأصفر تتزايد بنسب كبيرة حال عدم التزام المزارع باستخدام التقاوى المعتمدة المقاومة.