شاعر وناقد بارز، حاصل على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد من جامعة الملك عبد العزيز، وهو مؤسس ورئيس منتدى الثقفي الأدبي بثقيف، نال العديد من الجوائز، منها المركز الأول في جائزة الشعر بمكة المكرمة وجائزة القوافي الذهبية عام 2023، من أبرز أعماله كتاب نقدي بعنوان "المتنبي.. رؤية نقدية معاصرة"، وديوان "أميرة القلب"، وكتاب "منهج يحيى الجبوري في نقد الشعر"، هو الشاعر السعودى سامى الثقفى، أجرى معه "اليوم السابع" حوارًا تناول الشعر وحركة النقد فى الوطن العربى.
ــ فى البداية نود أن نتوقف عند موهبتك الشعرية .. كيف بدأت ؟
كانت ولادتي في قرية الجبيل بثقيف قريبا من الطائف بالمملكة العربية السعودية، وهذه القرية تقع في أحضان جبال السروات، وعلى ارتفاع شاهق عن سطح البحر، وفيها ترعرعت ونشأت، وكان العمل في القرية؛ من رعي الغنم، والحرث، والحصاد يعتمد على أهازيج وأغانٍ، يرددها أهل القرية مع نسمات الصباح، وغروب شمس الأصل، وكانت هذه الأهازيج والأشعار والأغاني من كلماتهم؛ من خلال هذه البيئة بدأ الارتباط بالشعر وبدأت تتكون الملكة الشعرية، وحب الشعر، والميل إلى الأدب الذي تطور مع مرور الزمن من خلال القراءة والمطالعات في الكتب حتى صار شغفًا تبلورت من خلاله موهبة الشعر، وبدأت في محاولات الكتابة في المرحلة الثانوية، ومازالت أحاول تطويرها.
ــ من المبدعون العرب الذين أثروا بشكل كبير في كتابة القصدية لديك؟
الشاعر الذي يعيش في كنف شاعر آخر؛ إنما هو نسخة مكررة من ذلك الشاعر، ومن يرتدي عباءة أو قميص شاعر آخر؛ فهو رجع صدى لتلك الشخصية، لذلك لم أكن حريصًا أن أقف عند تجربة شعرية عينها دون غيرها، حتى لا أكون مجرد مستنسخ لتجربة هذا الشاعر أو ذاك، في نظري أن الشاعر يجب أن يقرأ - بوعي - لكل تجربة شعرية يطلع عليها ويفيد منها سواءً كانت في القديم أو الحديث، اتفق معها أو اختلف، لأنها حتما ستثري تجربته الشعرية، وتغذي معجمه، اللغوي، وتطور أخيلته، لذلك قرأت لكثير من شعراء العربية، من العصر الجاهلي إلى العصر الحديث ولكني لا أستطيع أن أحدد أسماء، وأقول: إن هذه الأسماء تحديدًا هي التي أثرت في كتابة القصيدة لدي، ولكنها مدارس شعرية مختلفة اطلعت عليها، وتجارب شعرية لعدد كبير من شعراء العربية قرأتها وأفدت منها إفادة كبيرة.
ــ حصلت على درجة الدكتوراه عن بحث "منهج يحيى الجبوري في نقد الشعر".. حدثنا عن الرسالة ولماذا وقع الاختيار على يحيى الجبوري؟
العالم العراقي الجليل يحيى الجبوري -رحمه الله- من الأفذاذ الذين خدموا العربية من خلال البحث والتحقيق والترجمة، حيث قدّم عددًا من الدراسات النقدية في الشعر العربي، وحقق الكثير من الكتب والمخطوطات، بل وترجم عددًا غير قليل إلى العربية، فقد لفتني هذا الجهد الكبير، والعمل الممتد لأكثر من ثمانين عامًا في خدمة العربية، ولأن جهود يحيى الجبوري لم يُلتفت إليها بالشكل المطلوب، حيث لم يسبقني لدراسة إرثه النقدي سوى دراسة واحدة؛ فقد آثرت أن أقف على تلك الجهود، وأقدمها لطلاب العلم والمعرفة.
والبحث عبارة عن دراسة في نقد النقد، حيث وقفت على جهود يحيى الجبوري النقدية في الشعر العربي، فتحدثت عن تكوينه وآثاره العلمية، وعن أسس منهجه النقدي، وتحولاته النقدية، وعن المنهج وقضايا النص لديه. وتحت كل هذه العناوين الرئيسة الكثير من القضايا الفرعية التي سيجدها المطلع على الكتاب، وأسال الله أن يكون ما قدمته علما نافعًا.
ــ حكمت في جوائز عدة.. فماذا عن مستوى المواهب التى تقف أمامك وهل هناك جيل يستطيع استكمال مشوار كبار المبدعين على مدار السنوات المقبلة؟
من خلال ما يصلنا في بعض الجوائز من أعمال نلحظ التفاوت بين المستويات والأعمال المشاركة فى هذه الجوائز، ولكن فى الغالب تكون الأعمال جيدة وتستطيع المنافسة بشكل كبير، بل إنها إن لم تفز بالجائزة فكثير منها يستحق الإشادة والالتفات إليها لإبرازها من خلال الكتابة عنها، في الصحف والمجلات أو جعلها ضمن مادة الدرس النقدي الأدبي. فالمواهب كثيرة وقادرة على السير بخطى ثابتة، وجعل راية الشعر خفاقة، فالعرب أمة الشعر والأدب، وسيبقى أبناؤها قادرين على إكمال المشور، والوصول بالإبداع إلى مدارات عليا.
ــ كونك أستاذًا للأدب والنقد فى الجامعة.. ما تقييمك للحركة النقدية في الوطن العربي؟
الإنتاج الأدبي على مستوى الوطن العربي كبير، وفي كل يوم نرى أعمالاً أدبية في شتى أجناس الأدب، من شعر ورواية وقصة ومسرح وسيرة ذاتية وغيرها، هذا النتاج الكبير يحتاج إلى حركة نقدية توازيه أو تقاربه، والذي أراه أن لدينا محاولات وتجارب نقدية متميزة، وأن لدينا نقاد مبدعين لهم تجاربهم النقدية، ولكن النقد بشكل عام في الوطن العربي لم يستطع بعد أن يجاري الحركة الإبداعية.
ــ حصدت الكثير من الجوائز.. فكيف تمثل تلك الجوائز فى مشوار الشاعر ؟
يبدو لي أن الكثير من الشعراء عندما يكتبون إبداعهم لا يجعلون نصب أعينهم التكريم، أو الجوائز، إذ الشعر شعور وتعبير عمّا يجول في خلد ووجدان الشاعر، ورسالة يتضمنها يحب أن يشاركه فيها المتلقي، ومن أعظم الجوائز المعنوية التي يحصل عليها الشاعر هي ذلك التفاعل والتلقي لما يكتبه ويبدعه، أما الجوائز المخصصة للشعر والشعراء فهي بلا شك لها دور كبير في تحفيز الشاعر، وإثراء تجربته الشعرية، ومن المبهج أن يحصل الشاعر على التقدير والاحتفاء بتجربته الشعرية من خلال الحصول على أحد تلك الجوائز.
ــ تم اختيارك ضمن قائمة "مائة شاعر سعودى" نريد أن نعرف منك آليه الاختيار لانتقاء المبدعين؟
هناك مشروع يقوم عليه مجموعة الشعراء ضمن سلسلة أسموها: مشروع نخبة شعراء العرب، ويقومون باختيار مائة شاعر من كل بلد من البلدان العربية، ومن ثم يصدر كتاب عن كل بلد ويطبع، أما الاختيار فتم من قبلهم وكنت ضمن مئة شاعر سعودي، وفيما يخص آلية التي تم الاختيار بها فهذا يرجع إلى القائمين على المشروع، فلديهم الإجابة الكافية عن هذا الأمر.
ــ ماذا عن مشاركتك فى مهرجان الشارقة للشعر العربي بدورته الـ20 ومدى أهمية هذا المهرجان للشاعر؟
الشارقة منارة من منارات العلم والأدب والثقافة بقيادة حاكمها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي بذل للشعر العربي الشيء الكثير من وقته، وماله، وفكره، فشكرًا لحاكم الشارقة على هذه الرعاية الكريمة للأدب الأدباء، ولا شك أن هذا المهرجان من المهرجانات التي يطمح كل شاعر إلى حضوره والمشاركة فيه، لما له من أهمية كبيرة في خدمة الشعر ولأدب والثقافة.
وقد فزت بجائزة الشارقة - القوافي الذهبية لعام 2023 عن قصيدتي "أميرة القلب" التي شرفت باختيار الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لها، وهذا شرف كبير سواءً الاختيار، أو التكريم منه، ولا شك أن هذا المهرجان له أهمية كبرى في مسيرة الشاعر، سواءً في التكريم أو الاطلاع على تجارب شعرية من مختلف أرجاء الوطن العربي، والالتقاء بالشعراء والشاعرات، وهذا مما يثري ويعزز تجر الشاعر.
ــ برأيك هل يحتاج الشعر لعدة مهرجانات مثل مهرجان الشارقة حتى تتعدد نوافذ الشعراء في الوطن العربي؟
كلما تعددت المنافد التي تخدم الشعر؛ كلما أورق الشعر وأزهر، وكل مهرجان شعري يقام في الوطن العربي هو بمثابة دعم وتحفيز لحركة الشعر العربي، فكلما تعددت المهرجانات، وفي أوقات مختلفة من العام كان ذلك أنفع للحركة الشعرية، ولدعم وتحفيز الشعراء والشاعرات.
ــ عملت على تأسيس منتديات وجمعيات ثقافية.. فما مدى أهمية ذلك على الواقع الإبداعي بشكل عام؟
لنا تجربة في تأسيس " منتدى الثقفي" تحت مظلة إمارة منطقة مكة المكرمة، وكان له صدى كبير، وأثر بالغ على واقع الأدب والأدباء والمبدعين، حيث أقمنا الأمسيات الشعرية والندوات والمحاضرات، والمبادرات، وكان من آخرها مبادرة: "ديوان لطائف من قوافي الطائف"، وهو مبادرة بمناسبة اختيار الطائف عاصمة للشعر العربي من قبل سمو الأمير خالد الفيصل، شارك فيها مئة وثمانية من الشعراء والشعراء من المملكة والوطن العربي، فهذا أحد الأمثلة على الأثر الإيجابي للمنتديات وجمعيات الثقافة بشكل عام.
ــ ما آخر أعمالك الإبداعية سواء الشعرية أو النقدية؟
لدي ديوان مخطوط جاهز للنشر، ولعله يرى النور قريبًا، ولدي كتاب في السرد بعنوان: فانوس القرية، وقد تأجل اكتماله كثيراً، لكثرة الأعمال والمشاغل ولعل الله ييسر ويكتمل.
ــ إذا أردنا أن نعجل الشعر منافسًا قويا للرواية أو القصة ما الذى يجب أن يتم فعله على أرض الواقع من حيث انجذاب القراء على شراء الدواوين؟
كأن هذا السؤال يشير إلى أن الرواية تفوقت على الشعر فعلا! وأنها أزاحت الشعر عن مكانته في نفوس العرب، وتصدرت المشهد، مثل هذا الكلام نسمعه يتردد بكثرة.
ـ إذن دعنى اطرح عليك السؤال بشكل آخر.. هل نجحت الرواية في إزاحة الشعر عن الصدارة المشهد الأدبي والثقافي؟
في رأيي مازال الشعر محتفظًا بمكانته لدي الإنسان العربي، فنجده حاضرًا في مناسبات العرب وأنديتهم، وأحاديثهم الأدبية، ومسامراتهم. وفي نظري أن عقد المقارنة بين الشعر وبين الرواية أو القصة مقارنة غير عادلة، فلكل مميزاته وخصائصه التي يتميز بها عن غيره من الفنون الأخرى، فللشعر عشاقه، وللراوية قراؤها، وللقصة مريدوها، وأما مجرد الاحتكام إلى أرقام المبيعات من كل جنس أدبي والحكم بالسبق للأكثر مبيعًا فهذا في نظري غير دقيق.