"نتمنى أن يعاملنا العالم كبشر وننام دون سماع القصف"..غزة تودع عام وتستقبل أخر تحت النيران والتشريد.. وقف الحرب ودفن الشهداء والعودة للمنازل وعلاج الأطفال أبرز أمنيات 2025.. وقصص من الواقع المؤلم

الأربعاء، 08 يناير 2025 01:00 م
"نتمنى أن يعاملنا العالم كبشر وننام دون سماع القصف"..غزة تودع عام وتستقبل أخر تحت النيران والتشريد.. وقف الحرب ودفن الشهداء والعودة للمنازل وعلاج الأطفال أبرز أمنيات 2025.. وقصص من الواقع المؤلم قصص من الواقع المؤلم فى غزة
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< التعذيب بسجون الاحتلال أصعب لحظات عاهد الريس في 2024

<< لم الشمل أمنية سارة بهار في 2025

<< أسماء اللواح تتمنى سفر ابنتها لدولة أوروبية لإجراء عملية ضرورية

<< لؤي الغول حلم بلم رفات شهداء عائلته ودفنهم

بينما ودع العالم 2024 متذكرا لحظاته السعيدة فيها، واستقبل عام 2025 بكثير من الأمنيات والأحلام السعيدة، يقف عاهد الريس أمام خيمته في غزة، ينظر للسماء، يتذكر الأحباب الذين فارقهم خلال العام المنقضى، منزله الذي غادره أصعب اللحظات وهو داخل سجون الاحتلال قبل أن يخلى سبيله، ليبسط يديه ويدعو الله عز وجل أن تنقضى تلك الغمة ويصبح أبسط أمنيته أن يعود لمنزله وتتوقف الآلة العسكرية الإسرائيلية عن القتل اليومي في أبشع جريمة إبادة جماعية عرفها التاريخ الحديث.

اقرأ أيضا:

الشتاء القارس يفاقم أوضاع أهالى غزة.. البرد يفتك بالرضع.. انعدام الأمن الغذائى بين الأمهات يظهر أمراض جديدة بين الأطفال.. الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار القطاع لليوم الـ447.. ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء


بقعة في العالم لا تتعدى مساحتها 360 كيلو متر، عاهد الريس من بين 2 مليون و142 ألف مواطن غزاوي – وفقا لأخر إحصائية عن تعداد سكان القطاع في عام 2024 – أحلامهم لا تتشابه مع باقي شعوب العالم، بل هي أبسط من ذلك بكثير، وتتمحور حول أن يعاملهم العالك كأنهم بشر، حيث يوقف التهجير القسري والمساعدة في إنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار، والعيش في مسكنهم الذي يحمل ذكرياتهم مع العائلة التي فقدها عشرات الآلاف من الفلسطينيين خلال هذا العدوان، أمنياتهم لا تتعدى سوى أن يعيشون مثل أي مواطن طبيعي في أي دولة بالعالم.

 

اقرأ أيضا:

الأسوشيتد برس: منظمة تسحب تقريرا بشأن المجاعة فى غزة بعد انتقادات أمريكية

خلال هذا الملف، حرصنا على التواصل مع فئات متنوعة تعيش داخل غزة، أو من غادر للعلاج أو لعلاج بعض أطفاله، سواء معتقلون وصحفيون وأمهات وفتيات وذوى إعاقة وأصحاب أمراض مزمنة ونازحون قسريا والمسافرون خارج القطاع للعلاج، فمن خلال الحديث مع أكثر من 15 مواطنا من كافة الأعمار والشرائح المجتمعية الفلسطينية، وثقنا شهادات 10 منهم حول أبرز اللحظات الصعبة في 2024 والأمنيات التي يحملونها على عاتقهم مع حلول العام الجديد ليكون ذلك توثيقا لعام يعد الأصعب في تاريخ القطاع، ونقل آمال هذا الشعب الصامد الذي يتعرض لأبشع جريمة إبادة جماعية.
 

معاناة أسير محرر خلال عام 2024

عاهد الريس، كان من بين 6,500 معتقل من قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية، وفقا لأخصر إحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، وكذلك من بين 1,9 مليون نازح، حسب تقرير وكالة الأونروا الصادر في 12 ديسمبر الماضي، والذي أكد أنه وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حتى يوم 10 ديسمبر، يخضع نحو 80 % من قطاع غزة لأوامر إخلاء سارية المفعول أصدرتها إسرائيل، وهناك ما لا يقل عن 1,9 مليون شخص - أو حوالي 90 % من السكان - في جميع أنحاء قطاع غزة نازحون، وتعرض العديد منهم للنزوح مرارا وتكرارا، بعضهم 10 مرات أو أكثر، بينما حتى تاريخ 3 ديسمبر الماضي تم تسجيل حوالي 380,000 نازح يحتمون في أكثر من 100 مبنى مدرسي تابع للأونروا في قطاع غزة.

تقرير الأونروا
تقرير الأونروا

 

يتذكر "الريس" أصعب لحظاته في عام 2024، حيث يقول في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" :" أصعب لحظة في 2024 هو خروجنا من منزلنا في شمال غزة وذهابنا إلى الجنوب تحت القصف والرصاص، ثم اعتقالي من قبل جيش الاحتلال والتعذيب في السجون الإسرائيلية".

عاهد الريس
عاهد الريس

أمنيات بسيطة يحملها قلب هذا الشاب الفلسطيني، الذي حوله الاحتلال لمشرد لا مكان ولا طعام أو شراب له ولغيره من مئات الآلاف الفلسطينيين، حيث يؤكد أنه يتمنى أن يعم السلام والاستقرار في جميع البلدان، وعلى قطاع غزة بشكل خاص، قائلا :" نتمنى أن تقف حرب الإبادة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي علينا من قتل أطفالنا وشبابنا ونسائنا وشيوخنا".

"نطالب العالم أن يقف معنا ويوقف الحرب العسكرية وسياسه التجويع التي تمارس بحقنا في قطاع غزة ويفتح المعابر خاصة معبر رفح"، كانت هذه أبرز مطالب عاهد الريس من المجتمع الدولى مع بداية عام 2025، موضحا أن الاحتلال يمارس أقسى أنواع الظلم والاستبداد.

وفقا لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال شهر ديسمبر، فإن النساء والفتيات في غزة، تركن دون مقومات البقاء على قيد الحياة، كاشفا أن تحليل العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي أجرته المجموعة الفرعية المعنية بالعنف القائم على النوع الاجتماعي أبرز أن 96 % من النساء اللاتي شملهن المسح تعرضن لشكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال الفترة الممتدة من شهر أكتوبر 2023 إلى شهر سبتمبر 2024.

أبرز انتهاكات الاحتلال في 2024
أبرز انتهاكات الاحتلال في 2024

 

وأوضح الصندوق، أن أنواع ذلك العنف شملت اللفظي (97%) والنفسي (90 %) والاقتصادي (52 %) والجسدي (39 %) والجنسي (11 %)، كما أظهر التحليل أيضا أن 94 % من النساء يعشن في خيام أو مخيمات، وأن 64 % منهن يتشاركن الأماكن مع ثمانية أشخاص أو أكثر، وكل هذا العنف تعرضن له نساء غزة من قبل قوات الاحتلال.

 

مآسي الفتيات الغزاويات

روند التتر التي تعيش في شمال غزة، هي إحدى فتيات قطاع غزة اللاتي تعرضن لهذا العنف من قبل الاحتلال، حيث تعرضت للحظات صعبة كثيرة خلال العام الماضي على رأسها قصف منزل عائلتها، ونزوحها إلى المخيمات، وعدم قدرة والدتها على الذهاب للمستشفى للعلاج من مرض السرطان بعد تدمير مستشفى الصداقة التركي.

تكشف "روند التتر"، لـ"اليوم السابع"، عن أصعب تلك اللحظات قائلة إنها فقدت الكثير من الأحباب خلال 2024، بين شهداء ومصابين، ونزحت لأكثر من مكان في القطاع على مدار العام، متابعة :"أكثر لحظة صعبة عندما قصف الاحتلال منزلنا ولم نكن نعرف هل نهرب ونذهب لأماكن اللجوء، أم ننتظر ونجمع بعض متعلقات منزلها للخروج بأقل الخسائر".

وتتابع :"بعد قصف المنزل لم نكن نعرف أين وجهتنا، ولم نكن نعلم ماذا نأخذ معنا إلى مخيمات النزوح، وأصبحنا مشردين"، متحدثة عن أمنياتها في العام الجديد قائلة :"أتمنى أن يشهد عام 2025 انتهاء تلك الحرب والعيش بدون خوف وممارسة حياتنا الطبيعية مثل أي مواطن في أي دولة في العالم، واتمنى رسالتي توصل لكل العالم ليعلم كيف هي معاناتنا والصعوبات التي نتعرض لها يوميا، وكل ما نتمناه أن نؤسس حياة ومستقبل جديد لنا في القطاع بعد نهاية الحرب".

ووفقا لبيان المكتب الإعلامى الحكومي في 29 ديسمبر الماضي، فإن هناك 161500 وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كلي، و82000 وحدة سكنية دمرها الاحتلال غير صالحة للسكن، و194000 وحدة سكنية دمرها الاحتلال جزئيا، و110000 خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للنازحين.

حجم الدمار في غزة خلال عام 2024
حجم الدمار في غزة خلال عام 2024

فقد عائلته في 2024

بينما أيمن الغول، والذي استطاع مؤخرا أن يخرج من قطاع غزة لعلاج زوجته في مصر، لكنه ترك في القطاع ذكرياته وأحبابه وعائلته، وترك ابنته الكبرى الشهيدة سلام وشقيقته أمل، وغيرهم من أفراد العائلة الذين قصف الاحتلال منزلهم في مخيم الشاطئ.

"2024 شهدت أصعب الظروف حيث استشهاد ما نحب من أهلنا وأحبائنا بينهم  شقيقتى الكبيرة وكذلك ابنتى الكبيرة والأحبة جميعا من العائلة وأصدقائنا"، هكذا يصف أيمن الغول العام الماضي، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، متابعا :" كانت سنة صعبة للغاية وكذلك قبلها عام 2023، فالنزوح كان صعبا، فقد كنا قبل العدوان نعيش في بيوتنا مرتاحين ولكن ذهبنا للعيش في خيمة والأطفال ينتظرون الحمامات كان أصعب شيء عندما يقف أطفالنا وزوجاتنا كي يقضون حاجتهم في الحمام عبر الوقوف في طوابير طويلة ".

ويتابع :"نتمنى في العام الجديد أن يعم على أهلنا في فلسطين عامة وفي غزة خاصة الأمن والسلام وتنتهى هذه الحرب الشرسة وهي حرب ضد الأطفال خاصة وإجرام بحق الطفولة الفلسطينية ونتمنى أن توقف هذه المجزرة وأن نعود ونعمر بيوتنا بأيدينا وندفن شهدائنا ونكرمهم، والرحمة للشهداء والسلامة والشفاء للجرحى".

انتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين خلال العام الماضي
انتهاكات الاحتلال ضد الفلسطينيين خلال العام الماضي

 

كما يتحدث "الغول" عن لحظات الرعب التي عاشها أطفاله في القطاع، قبل استشهاد إحدى بناته، وإصابة زوجته، مشيرا إلى أن الأطفال كانوا يشعرون دائما بالفزع، ونحن تعيش في خوف دائم ولكن نضطر أن نظهر لأطفالنا أنه لا يوجد خوف ونحتضنهم، بينما القلق والتوتر والرعب يسيطر عليهم في ظل القنابل التي يلقيها الاحتلال على الشعب الفلسطيني يوميا وكم الصواريخ تسقط كبيرة للغاية، مختتما رسالته قائلا :" لا نقول إلا حسبى الله ونعم الوكيل فقط وغير ذلك ما بنحكي".

خلال حديث أيمن الغول ركز على نقطتين هامتين، هما حجم القنابل الملقاه على القطاع، ومعاناة أطفال غزة، وهذا يأخذنا إلى أخر إحصائية نشرها المكتب الإعلامى الحكومي في غزة في 29 ديسمبر الماضي، بأن هناك 88000 طن متفجرات ألقاها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

كما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، في 21 ديسمبر من أن الجوع وسوء التغذية يهدد حياة الأطفال ويدفع بهم نحو المجهول، حيث أكدت روزاليا بولين مسؤولة الاتصالات الرئيسية لمنظمة اليونيسيف في غزة، أن الحرب تشكل تذكيرا بمسؤولية العالم الجماعية للقيام بكل ما هو ممكن لإنهاء معاناة الأطفال، خاصة أن جيلا منهم يتحملون وطأة الانتهاك الوحشي لحقوقهم وتدمير مستقبلهم.

وأشارت إلى أن غزة واحدة من أكثر الأماكن المحزنة بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، لأن كل جهد صغير لإنقاذ حياة طفل يضيع بسبب الدمار العنيف، والإبلاغ عن استشهاد أكثر من 14500 طفل وإصابة آلاف آخرين، ومع حلول فصل الشتاء على غزة، تشعر تلك الفئة بالبرد والرطوبة وهم حفاة الأقدام، فيما لا يزال الكثير منهم يرتدون ملابس الصيف في ظل انتشار الأمراض مع انعدام الخدمات الصحية وتعرض المستشفيات للهجوم بشكل مستمر.

 

حجم جرائم الاحتلال في غزة خلال عام 2024
حجم جرائم الاحتلال في غزة خلال عام 2024

آمال ذوى الإعاقة في غزة خلال 2025

إذا ذهبنا إلى هشام ساق الحق، وهو أحد ذوى الإعاقة الذين يقطنون في منزله بالقرب من محور نتساريم، هذه المنطقة التي تشهد أكبر معدلات القصف الإسرائيلي لتوسيع هذا المحور الذي يقسم شمال غزة وجنوبها، و"جاد الحق" هو واحد من بين 58 ألف شخص من ذوى الهمم في القطاع ووفقا لأخر إحصائية من الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يواجهون أشد معاناة في ظل استمرار هذا العدوان.

أمنيات هشام جاد الحق تشابهت مع باقي الفلسطينيين في بعض النقاط ولكنها تطرقت لنقاط أخرى، على رأسها تمنيه تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، قائلا في تصريحات لـ"اليوم السابع":" بعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء، لابد من تحقيق هذه الوحدة الآن  وأتمنى أن أرى الكهرباء تعمل في غزة، والطعام بكل أنواعه فكل شيء حرمنا منه في القطاع ".

ويضيف :"أتمنى في 2025 أن تتوقف الحرب ويتوقف إطلاق النار ولا نسمع صواريخ الاحتلال، وأن نعيش مثل باقي البشر ونأكل مثل باقي البشر ونشعر أننا بشر ، فنحن عشنا ما يقرب من 15 شهرا متواصل من العدوان، ولا نريد حروب أخرى قادمة، فقط نريد أن نعيش، وأتمنى أن نستطيع من إصلاح منزلنا، تبعنا من النزوح ، أتمنى أن يلتحق أبنائى بالجامعة ويعملون بعد التخرج وأن يعود اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وأن يكون هناك هدوء وسلام وأمن وطمأنينة".

كما يتحدث "جاد الحق"، عن عام 2024 ، قائلا :"كان عاما صعبا للغاية حيث أعيش في منزل قريب من حدود محور نيتساريم وهذه المنطقة دائما ما تشهد إطلاق النار وقصف إسرائيلي، حيث ننام ونستيقظ على صوت القصف الإسرائيلي وتعبنا من هذا الصوت، وعشنا خلال عام 2024 سنة كاملة من المخاطر والخوف والجوع وقلة النوم ونتمنى أن نستطيع النوم بهدوء دون أن نسمع أصوات متفجرات ورصاص وقذائف ونعود كما كنا قبل 7 أكتوبر 2023".

وفي 29 يونيو الماضي، حذر قطاع تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، في تقريره عبر موقعه الرسمي، من التداعيات الخطيرة للعدوان الاسرائيلي المتصاعد والمستمر في غزة على واقع الاشخاص ذوي الإعاقة وحياتهم، مؤكدا استشهاد المئات من الأشخاص ذوي الإعاقة وإصابة الآلاف منهم بجراح، وإصابة عشرة آلاف مواطن بإعاقات مختلفة جراء العدوان الإسرائيلي، بجانب نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة بالإضافة إلى الصدمات النفسية الصعبة التي يتعرضون لها.

تحذيرات من أوضاع ذوى  الإعاقة في غزة
تحذيرات من أوضاع ذوى الإعاقة في غزة

 

وأشار إلى أن قيام الاحتلال بتدمير البنى التحتية والطرق الرئيسية وتدمير المواءمات ومقار المنظمات العاملة في مجال التأهيل تسبب في الحد من قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الحركة والوصول للخدمات، وبالتالي الحد من فرص التنقل والإخلاء مما عرض ويعرض حياتهم للخطر الشديد، بالإضافة لخسرانهم/ن لأدواتهم المساعدة بسبب اضطرارهم لترك الأدوات المساعدة بسبب القصف.

وأوضح أن حياة الاشخاص ذوي الإعاقة تتعرض للخطر بسبب النقص الحاد في مصادر المياه والغذاء والطاقة، والأدوية، والعلاج الطبي، والتأهيلي، وفيما يتعلق بالنزوح، حيث أن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون صعوبات كبيرة في مراكز الإيواء المكتظة بالنازحين وغير المواءمة والتي لا تتوفر فيها مقومات الشمول، ما يضاعف صعوبة حصولهم على المساعدات الإنسانية واستخدام الحمامات وغيرها من الاحتياجات والمتطلبات الضرورية.

قهر الرجال في غزة

يتفق معه المواطن الفلسطيني في غزة، مؤمن قريقع، سواء من حيث المعاناة التي عاشها أو الأمنيات التي يتمنى أن يجدها مع حلول هذا العام، قائلا :"اتمنى أن تنتهي الحرب وتعود غزة جميلة كما نعرفها وتعيش في سلام وأمان وقد تحررت أرضنا وانتهى الاحتلال، حيث ⁠مررنا بالكثير من الصعوبات من نزوح ومجاعة حقيقية والبحث عن الماء والحطب لإشعال النار".

مؤمن قريقع
مؤمن قريقع

 

يسير على كرسي متحرك، خلال نزوحه بشكل مستمر للهروب من صواريخ الاحتلال، يشاهد بنفسه الجثث في الشوارع دون أن يتمكن ذويهم من دفنهم، حيث يشرح مؤمن قريقع الصورة كاملة لـ"اليوم السابع" قائلا :"⁠مررنا عن الكثير من الجثث للشهداء والبيوت المهدمة والدمار الهائل في البنية التحتية، كما ⁠مررنا عن الأشجار المجرفة بفعل قصف وتجريف الاحتلال والمصانع، وبأيام رعب وخوف ونجانا الله من قتل محقق واعتقال، وبتهديدات من الاحتلال للأماكن التي نزحنا إليها وقصف عشوائي قتل احبتنا وأقاربنا وأبنائنا وبناتنا، وقهر الرجال".

 

آلام من غادروا غزة للعلاج

الأمر لا يقتصر فقط على من يعيشون داخل غزة، فهناك من غادر القطاع لعلاج أبنائه ولكن تظل همومه التي بدأت مع عام 2024 مستمرة حتى 2025، في ظل عدم القدرة على علاج الأطفال، بينهم المواطنة الفلسطينية أسماء اللوح، والتي استطاعت الخروج قبل غلق معبر رفح، لعلاج ابنتها أسماء البلغة من العمر 15 عاما وتامر 12 عاما في مصر، وكلاهما مرضى سرطان ولكن جاءت الرياح بما لا تشته السفن لتعلم أن ابنها يحتاج إلى علاج مزمن مدى الحياة، بينما ابنتها تحتاج للسفر لدولة أوروبية لإجراء عملية نخاع بسبب خطورة حالتها الصحية.

أسماء وتامر أبناء أسماء اللواح
أسماء وتامر أبناء أسماء اللواح

 

خلال حديثها مع "اليوم السابع"، كانت أمنية أسماء اللواح اثنان فقط، أن تستطيع علاج ابنتها أسماء، وأن تتحسن الحالة الصحية لأبنائها، وأن يلم شمل أسرتها خاصة أن زوجها ما زال في غزة بينما خرجت هي كي ترافق طفليها.

وبحسب تقرير صادر من وكالة الأونروا ، في 24 ديسمبر الماضي، أكدت فيه أن الاحتلال يقتل طفلا كل ساعة في قطاع غزة، ولا مكان للأطفال، موضحة أن هذه ليست مجرد أرقام، إنها حياة قُطعت، ولا يوجد مبررات لقتل الأطفال بينما كل من نجا من تلك الفئة أصيب بندوب جسدية ونفسية.

وحذرت في ختام بيانها أن الوقت ينفد بسرعة لهؤلاء الأطفال، حيث يخسرون حياتهم ومستقبلهم ومعظم آمالهم.

 

عذاب أصحاب الأمراض الخطيرة
 

هناك حالات مرضية عديدة تعيش داخل هذا القطاع الذي أصبح أخطر مكان في العالم، وسط تلك الشوارع التي تمتلأ بالشهداء والجرحى، هناك من يناضلون من أجل الاستمرار في العيش خاصة أصحاب أمراض الدم، من هؤلاء المواطنة نداء سلمان، وهي واحدة من 282 مريض ثلاسيميا يعيشون في غزة ووفقا لأخر تقرير صادر من جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا بغزة، توفى منهم 27 مريضا إما بسبب القصف ونقص الدماء والمتبرعين.

نداء سلمان
نداء سلمان

 

وتتحدث نداء سليمان لـ"اليوم السابع"، عن أبرز المأسي التي عاشتها خلال العام الماضي قائلة، إن أصعب اللحظات عندما تواجه الحياة ليس بألم إنما آلام المرض والحرب والدمار والجوع ثم الفقد، وأن تنزح من مكان إلى أخر وأنت مصاب فوق مرضك ولا تستطيع السير على قدميك، والنزوح وسط الاليات والرصاص، متابعة :" كل ما نتمناه أن تقف الحرب ويعود الاستقرار ولا نريد الكثير أو المستحيل إنما توقف القتل والدمار فقط".

بينما حسين كريزم ، الذي يعيش في شمال غزة، وتزداد معاناته من مرض ثلاسيميا، ضمن 63 مريضا يعيشون في الشمال وفقا لإحصائيات المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، يوجه رسالة قصيرة عبر "اليوم السابع" قائلا :"ننتظر خلال السنة الجديدة أن نبدأ حياة جديدة ونبني بيوتنا وبلدنا، ونستطيع أن نجد العلاج ونحصل على وحدات الدم، خاصة أننا مررنا طوال 2024 من الحرب التي لا تتوقف، وكل ساعة في هذا العام كانت صعبة علينا ولا يمكن وصفها".

 

النزوح القسري وتشريد العائلة

في 23 ديسمبر الماضي أنذر الجيش الإسرائيلي، سكان حي الشجاعية بإخلاء منازلهم قبل مهاجمتها، خلال تلك الأثناء كان تتحدث معنا "سارة بهار" التي تقطع مع عائلتها بمنزل في هذا الحي، وستضطر للمرة الثانية خلال 6 أشهر فقط للنزوح قسريا بعد أن أجبرها الاحتلال على المغادرة مع عائلتها في يوليو الماضي وقتل شقيقها محمد بهار واعتقل اثنين آخرين.

تتحدث سارة بهار عن تلك اللحظة، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، قائلة إن أصعب اللحظات في 2024 كانت مشهد شقيقها محمد والكلاب التي أدخلها قوات الاحتلال للمنزل تنهش جسده حياً ولم تستطع الأسرة أن تساعده، متابعة :"أتمنى أن يعود بي الزمن إلى هذه اللحظة لكي أساعده ويكون بجانبنا، وأطلب منه السماح على كل لحظة غضبت فيها عليه، أتمنى من محمد أن يسامحنا لأننا وقفنا عاجزين عن مساعدته ".

وتضيف :"كم القهر والعجز الذى نشعر به لا تفارقني أبدا، حيث ترك في قلبي ندبة لا تشفى لبقية عمري، وأتمنى في 2025 أن تعود ابتسامة أمي إلى شفتيها ولو حتى بمعلومة صغيرة عن أخي المعتقل سيف الدين أو عن أخي المفقود جاد الحق بهار، أتمنى أن يكون ما عشناه ونعيشه عباره عن حلم وما حدث عبارة عن كابوس ، وانتظر عودة أخوتي وأخواتي من الشق الأخر في الوطن، وألتقي بأخي المعتقل سيف وأن يفرج أسره، وأن أعرف ولو معلومة واحدة عن أخي جاد المفقود منذ شهر أبريل، وأزور قبر والدي الشهيد المتواجد في مقبرة الشهداء الشرقية وأن يكون قبره كما هو ولم يتم تجريفه وننقل جثمان أخي محمد بجانب والدي، وأن أعود إلى منزلي الذي تربيت فيه ".

 

انخفاض السكان وارتفاع البطالة لـ80% مع نهاية 2024
 

وبحسب التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، الصادر في 31 ديسمبر الماضي، وحمل عنوان "أوضاع الفلسطينيين في نهاية عام 2024 وعشية رأس السنة الجديدة 2025"، فإن عدد سكان غزة المقدر للعام 2024، انخفض بنحو 160 ألف فلسطيني، ليبلغ 2.1 مليون وبانخفاض مقداره 6% عن تقديرات عدد السكان القطاع للعام 2023، منهم أكثر من مليون طفل دون سن الثامنة عشرة.

عدد سكان فلسطين مع نهاية عام 2024
عدد سكان فلسطين مع نهاية عام 2024

 

وأوضح التقرير أن 14.9 مليون فلسطيني في العالم نهاية العام 2024، نصفهم خارج فلسطين التاريخية، إذ بلغ عددهم نحو 5.5 مليون فلسطيني في دولة فلسطين، منهم 2.8 مليون ذكر، و2.7 مليون أنثى، و1.80 مليون في أراضي العام 1948، بينما عدد الفلسطينيين في الشتات، قد بلغ نحو 7.6 مليون، منهم 6.4 مليون في الدول العربية.

وأشار إلى أن هناك 96% من السكان في غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، من بينهم حوالي 49,300 امرأة حامل، لافتا إلى تراجع مساهمة القطاع في إجمالي الاقتصاد الفلسطيني إلى أقل من 5%، بعد أن كانت تمثل حوالي 17% قبل السابع من أكتوبر 2023.

تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني
تقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني

 

وأكد التقرير، انكماش الناتج المحلي الإجمالي في غزة بأكثر من 85%، وحوالي 22% في الضفة الغربية، ليتراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة الثلث مقارنة بما كان عليه الحال قبل السابع من أكتوبر 2023، كما ارتفع معدل البطالة إلى 80% في القطاع.

 

 

الصحفيون في مرمى رصاص الاحتلال

بينما حال الصحفيين لا يختلف مطلقا عن باقي سكان غزة، فهم عين الحقيقة وأصحاب الرسالة التي انتشت من خلال أقلامهم وفيديوهاتهم الرواية الفلسطينية وجابت العالم أجمع، واكتشفت الشعوب حجم الإجرام الذي يرتكبه هذا الاحتلال المجرم، ففي أخر إحصائية أصدرها المكتب الإعلامى الحكومى بالقطاع في ديسمبر، أعلن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 201.

هنا يتحدث لؤى الغول، مدير نقابة الصحفيين في غزة، عن تلك المآسي التي يعيشها الصحفي الفلسطيني، مؤكدا أن إسرائيل تحجب وتمنع دخول المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والملابس وكل شيء يمكن أن يعزز صمود المواطن المرابط، وهناك أكثر من 200 شهيدا قتلهم الاحتلال رغم تعريفهم أنهم صحفيين، خاصة أن الجنود يقتلون الصحفيين وأسرهم ومنازلهم ومؤسساتهم ويلاحقوننا حتى لا ننقل الحقيقة ولا يعرف العالم ما الذي ترتكبه قوات الاحتلال من جرائم لم ترتكب على مر التاريخ وهو ما يجعل عام 2024 الأصعب بالنسبة لنا".

 

لؤي الغول
لؤي الغول


ويضيف في تصريحات لـ"اليوم السابع" :"نتمنى أن تقف هذه الحرب الشرسة الهوجاء الذي شنها الاحتلال ضد شعبنا وأرضنا وكل ما يوحى بالحياة ووقف هذا الدمار والقتل والعنف الذي يرتكبه الاحتلال ضد الأطفال والكبار والحجر والشجر والمستشفيات والمدارس"، موضحا إسرائيل لا تحترم القوانين الدولية ولا حقوق الإنسان بينما تدعي الديمقراطية فإنها ترتكب أبشع المجازر".

ويتابع لؤي الغول :"نحن أقبلنا على عام 2025، ومنذ عام و3 أشهر ترتكب قوات الاحتلال جرائم بشعة ويتباهى الجنود بقتل الأطفال وحرق المدارس والمستشفيات وتدمير البنية التحتية حتى لا يصبح قابل للحياة"، لافتا إلى أن أصعب اللحظات التي عاشها كانت عندما أصيب طفله بالريقان ولم يجد له علاجا، حيث كان يعيش مع أسرته في خيمة مهترئة لا تحميه من الشمس ولا تقيه من المطر والمياه غير صالحة الاستخدام وكان لابد أن يكون لطفله المريض طعاما وعلاجا خاصا بينما لا يتوافر الطعام والمياه والعلاج، وكان الخوف والرعب يدق في قلبه على فلذة كبده ويتسائل كيف يجتاز هذا المرض اللعين الذي كاد أن يقتل ابنه".

"من أصعب اللحظات أيضا عندما قصف الاحتلال بيت عمي في مخيم الشاطئ وكنا موجودين في جنوب غزة، وقطعت إسرائيل معتمدة الاتصالات والإنترنت ونحن لم نعرف مصير عائلتى ونحن نبعد حوالي 100 متر فقط عن منزلهم الذي كان متكدس بالنازحين"، هنا يصف لؤي الغول أصعب الأيام التي عاشها في العام الماضي، مضيفا :"استشهد عمى وأبناء عمي وأقاربنا 45 شهيدا، وكانت لحظات صعبة، حيث ظللنا يومين نحاول معرفة من البيت المستهدف ال المنطقة، وكان المنزل يأوى أكثر من 100 فرد لا نعرف من الشهيد ومن المصاب وانقطع الاتصالات رغم قصر المسافة وفي الوضع الطبيعي كنا قد اطمئننا عليهم وذهبنا لهم إلى المستشفيات لكن الاحتلال قسم القطاع بين الشمال والجنوب، منذ عام و3 شهور لم نعود لمنزلنا".

ويوجه لؤي الغول عدة رسائل للمجتمع الدولي مع دخول العام الجديد قائلا :"نتمنى من المجتمع الدولي التدخل الفوري لوقف شلال الدم الذي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وكذلك وقف الهجمة على المقدسات خاصة المسجد الأقصى والاستيطان في الضفة الغربية، فالعالم يدعى الإنسانية والحرية وحقوق الإنسان والحيوان، واليوم غير قادر أن يقول كلمة واحدة وهي كفى قتل الأبرياء والأطفال".
ويتابع :"نتمنى أن نعيش بأمن وسلام واستقرار ونلملم جثث الشهداء ورفاتهم ونداوى الجرحى كي نستطيع أن نحزن، نحن للأسف منذ عام وثلاث ليس لدينا وقتا أن نحزن على شهدائنا وأطفالنا وبيوتنا التي دمرت ومساجدنا ومدارسنا التي هدمت، فغزة مكان صغير جدا ولكن تفاصيله كبيرة للغاية بالنسبة لنا، ونحن شعب يريد العيش بسلام والاستقلال والذهاب للصلاة وزيارة الأقارب ونتمنى أن يكون الجميع على قلب رجل واحد لوقف هذا العدوان الغاشم، حيث أقبلنا على عام 2025 والناس جياع وتنام في خيام متمزقة ونحن في فصل الشتاء والبرد قارس والناس على بحر غزة ينامون على التراب بدون فرشات وبطانيات ".

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة