نقلا عن العدد اليومى
عام 2009 خرج الرئيس الأمريكى باراك أوباما وألقى كلمة موجهة للعالم أجمع، بشر فيها بتقنية العلاج بالخلايا الجذعية وأنها اكتشاف علمى خطير ومهم سيكون السبيل لعلاج كثير من الأمراض، وتنفيذا لما جاء فى برنامجه الانتخابى قرر أوباما رفع الحظر عن استخدام الأموال الفيدرالية فى تمويل أبحاث الخلايا الجذعية الجنينية، معتبرا ذلك دعما قويا للباحثين فى هذا المجال الذى مازال فى طور البحث وسيحتاج لإقراره سنوات عدة وأسند مسؤولية متابعة تلك الأبحاث وإعداد خطوط استرشادية لها، لمعاهد الصحة الوطنية فى أمريكا.
الخلايا الجذعية التى لا تزال فى طور البحث فى دول العالم المتقدم، يقابلها مشهد مغاير داخل مصر، فهناك أطباء يدعون ظاهريا رفضهم الترويج للعلاج بالخلايا الجذعية ويعتبرونه بمثابة «النصب»، ولكنهم فى حقيقة الأمر يستغلون اسم «الخلايا الجذعية» فى إيهام المرضى بفاعلية هذا العلاج، مقابل حصولهم على أموال طائلة وفى الوقت نفسه يعملون بعيدا عن أعين الجهات الرقابية.
فى هذا التحقيق الاستقصائى، كشفت «اليوم السابع» عن قيام أربعة مراكز بالترويج للعلاج بالخلايا الجذعية لأمراض عدة، بداية من المزمنة وصولا إلى التجميلية، مقابل حصولها على مبالغ مالية، على الرغم من تصريحات وزير الصحة عادل عدوى فى مارس الماضى بمنع ادعاء العلاج بتلك التقنية فى المراكز الخاصة، والتأكيد على أنها مازالت فى طور البحث والدراسة، أى أنه لم يتم إقرارها كعلاج رسمى، وأبحاثها تتم على المرضى دون مقابل وبعلم وزارة الصحة.
وكشف التحقيق أيضًا عن عدم علم وزارة الصحة المخولة بالإشراف على لجان البحث العلمى، بتلك الأبحاث والتجارب التى يقوم بها هؤلاء الأطباء، الذين لا يلتزمون باشتراطات البحث العلمى التى تقتضى أن تكون التجارب بشكل تطوعى من قبل المريض ودون أخذ مقابل مادى منه، فضلا على ضرورة إخطار وزارة الصحة بهذه الأبحاث حتى يتم اعتمادها من قبل لجان أخلاقيات البحث العلمى والاعتراف بها فى الداخل والخارج.
كما تبين قيام بعض الأطباء باللجوء إلى وزارة التضامن الاجتماعى لإشهار جمعيات أهلية تعمل فى مجال البحث العلمى للعلاج بالخلايا الجذعية لاكتمال حلقة العمل بعيدا عن أعين وزارة الصحة، ومن بينها الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية.
وكشفت «اليوم السابع» فى تحقيقها عن قيام عدد من الأطباء بدور الوسيط بين المرضى ومؤسسات علاجية خارجية فى الصين وألمانيا تدعى علاج كثير من الأمراض المزمنة بالخلايا الجذعية لاستقطاب مرضى من مختلف أنحاء العالم، وهذا على الرغم من اعتراف المنظمة الدولية للخلايا الجذعية لنا بأن العلاج بتلك التقنية فى الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوى والكبدى والسكرى وضمور المخ والعضلات مازال فى طور البحث، وهذا ما يؤكد استغلال المرضى فى الخارج أيضا للتجربة، إضافة إلى تورط بعض الأطباء المصريين فى تسهيل عملية خروج الخلايا من مصر لحفظها فى بنوك خارجية، وهذا يعد مخالفة للأمن القومى المصرى.
ماهية الخلايا الجذعية وشروط أبحاثها:
قبل سرد تفاصيل الحلقة الأولى لهذا التحقيق الاستقصائى يجب توضيح مفهوم الخلايا الجذعية، فوفقا لتعريفها العلمى، هى عبارة عن خلايا لديها القدرة على الانقسام لتجديد نفسها وتكوين أنواع مختلفة من الخلايا وهناك نوعان منها: خلايا جذعية جنينية تتكون فى المراحل الأولى من التكوين البشرى وتنتج كل أنواع الخلايا الموجودة فى الجسم وأخرى بالغة موجودة فى الأطفال والبالغين، وتنتج نوعا متخصصا فقط من الخلايا، ويتم الحصول عليهما إما من خلال دم الحبل السرى أو النخاع العظمى أو الأجنة المجهضة أو الفائض من لقائح أطفال الأنابيب.
وبدأت الأبحاث فى هذا المجال بدول العالم منذ 50 عاما، فيما دخلته مصر معمليا منذ الثمانينيات، ولكن بدأت تطبيق أبحاثها إكلنيكيا على البشر فى أواخر التسعينيات وبداية الألفية وفقا لما ذكره الدكتور عبدالحميد أباظة، مساعد وزير الصحة الأسبق.
وحسب الاشتراطات المنظمة لعمل المراكز الجامعية والبحثية المعتمدة من وزارة الصحة فى هذا المجال والموضوعة عام 2012 وتتشابه مع الاشتراطات التى وضعتها معاهد الصحة الأمريكية بالتعاون مع منظمات دولية بحثية، فإن التجارب السريرية «الإكلينيكية» التى تجرى على المرضى يجب أن تكون تطوعية، أى بعلم المريض، أى دون تقاضى أجر نظير ذلك، وبعد الحصول على موافقة كتابية منهم بذلك وتحت إشراف لجان البحث العلمى التى تطلع بدورها على نتائج التجربة وتسجلها كاملة أولا بأول مهما كانت إيجابية أو سلبية، ويتحمل المركز المعالج مسؤولية علاج المريض فى حالة حدوث أى مضاعفات وقبل كل ذلك أن يكون الباحث على دراية بمفهوم الخلايا الجذعية عامة ومجال بحثه خاصة، ويشترط أيضًا أن تجرى العملية فى مكان تابع لمؤسسة بحثية أو جامعية، وهى المركز القومى للبحوث وجامعات مثل القاهرة، عين شمس، والإسكندرية والمنصورة وأسيوط ومستشفى أحمد ماهر التعليمى والشيخ زايد التخصصى والساحل التعليمى والأزهر والمعهد القومى لأورام الكبد ومستشفى الرمد بروض الفرج، وهذه الأماكن تجرى فيها المراحل الثلاث من التجربة وهى التحاليل وفصل الخلايا وحقنها، وغير مصرح لأحد بالترويج للعلاج بالخلايا الجذعية خارج المناطق المذكورة.
الاشتراطات السابقة كانت المحرك الأساسى فى هذا التحقيق فبعد الاطلاع عليها تم رصد مدى تطبيقها على أرض الواقع.
«الصحة» لا تعلم شيئا
بداية الخيط كانت مع «الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية» والتى تضم ما يزيد عن 200 باحث فى هذا المجال، وتروج الجمعية لنفسها عبر صفحات التواصل الاجتماعى للعلاج بالخلايا الجذعية لاستقطاب أكبر عدد من المرضى.
قصة الجمعية مع المرضى يرويها أحدهم ويدعى إبراهيم نصر قائلا: ابن شقيقى ذو الأحد عشر عاما يعانى من ضمور خلايا الحركة، أخذنا نبحث عن أى وسيلة لعلاجه خاصة أن نسبة الضمور وصلت لـ90 وأصبح الأمل فى شفائه ضعيفاً على حد قول المختصين، مضيفا: «سمعت عن الدكتور وائل أبو الخير أحد أعضاء تلك الجمعية وإمكانية العلاج بالخلايا الجذعية، وبالفعل توجهنا إليه وقال لنا، إن العلاج سيمر من ثلاث إلى أربع مراحل حقن وتكلفة الحقنة الواحدة 6000 جنيه».
يشير نصر إلى أن أبوالخير قام بعد ذلك بإرسالهم لطبيب على معرفة به فى إحدى الجمعيات الطبية وأخبرهم بعد إجراء الأشعة المطلوبة وبأنهم سيتوجهون مرة أخرى لأبوالخير لفصل الخلايا ثم يعودون له لحقنها، وبالعودة لأبوالخير طلب منهم التوجه لعنوان المعمل الذى اتضح فيما بعد أنه نفسه عنوان الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية لبدء الإجراءات، ولكن أسرة الطفل تراجعت فى آخر لحظة خوفا من عدم جدوى العلاج خاصة أمام هذه التكاليف الباهظة.
معرفه ماهية هذه الجمعية تطلب الرجوع لوزارة الصحة لسؤالها عما إذا كانت تتبعها أم لا، ولكن تبين أن وزارة الصحة لا تعلم عنها شيئا ولا عن الباحثين فيها، يقول الدكتور صابر غنيم، مدير إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة والمكلف بضبط أى جهة تروج للعلاج بالخلايا الجذعية بعيدا عن المؤسسات البحثية المعتمدة، إنه لم يسمع عنها من قبل، مؤكدا أنه لا يحق لباحث إجراء أبحاث فى هذا المجال بعيدا عن المؤسسات البحثية الجامعية المعتمدة وأى مركز يثبت تورطه يتم غلقه ويحال القائم عليه للتحقيق من قبل لجنة آداب مزاولة المهنة بنقابة الأطباء.
واتفق معه الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة قائلا: حتى وإن كان هؤلاء الباحثون يقولون لمرضاهم إن العلاج بالخلايا فى مجال البحث أو التجربة لإعداد رسائل علمية فأبحاثهم يجب أن تكون بلا مقابل مادى ولا يجوز اعتماد دراستهم فى الداخل أو الخارج إلا بعد موافقة جهات البحث العلمى الرسمية ويكون ذلك تحت إشرافها وليس فى أماكن وعيادات خاصة.
وتعد الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية واحدة ضمن 53 مركزا تروج لهذا النوع من العلاج دون علم وزارة الصحة، وهذه المراكز منتشرة ما بين القاهرة ومحافظات الدلتا، وذلك حسبما يقول محمود فؤاد، رئيس المركز المصرى للحق فى الدواء.
أمام نفى وزارة الصحة لم يكن هناك سبيل آخر سوى اللجوء إلى وزارة التضامن الاجتماعى، لمعرفة ما إذا كانت هذه الجمعية تعمل تحت مظلة العمل الأهلى أم لا، وبالفعل تبين أنها مشهرة بها تحت رقم 6865. وفى ذات السياق كشف التواصل مع «المنظمة الدولية للخلايا الجذعية» عن عدم معرفتها بما تسمى بـ«الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية».
البحث بمقابل
لم يعرف ناصر محمد، عامل بمصنع غزل ونسيج، أنه سيخوض رحلة طويلة لعلاج أبنائه أحمد ذى الثمانى السنوات ومريم ابنة الخمسة الأعوام والمصابين بضمور فى العضلات، وذلك بعدما ذهبا لأكثر من مستشفى ووصله الرد بأن هذا المرض وراثى وليس له علاج على مستوى العالم.
لم يقتنع ناصر بقول الأطباء فبدأ فى السؤال والبحث هنا وهناك بعدما تأخرت استجابة طفليه لجلسات العلاج الطبيعى حتى توصل منذ عام للدكتور «وائل أبوالخير» أستاذ المناعة والتحاليل الطبية بالأكاديمية الطبية والذى يعمل فى الوقت نفسه كسكرتير عام للجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية، كان وقتها الأخير يتولى إدارة وحدة أبحاث الخلايا الجذعية فى مستشفى الشيخ زايد التخصصى، وبعد رؤيته للحالتين أخبر الأبوين بأن علاج طفليهما سيكون عن طريق الخلايا الجذعية والتى سوف تمكن طفلهما أحمد من الجلوس بمفرده نظرا لتأخر حالته فيما سيصبح بمقدور مريم المشى بسهولة.
تمسك الأبوان بهذا الأمل وذهبا لإجراء التحاليل اللازمة فى المعمل الخاص بالدكتور فى منطقة المنيل، تقول الأم: أخبرونا فى البداية أن التحاليل ستكون مجانا فى المستشفى ولكننا فوجئنا بعدم وجود معمل للتحاليل هناك ولا مكان لإجراء العملية وبالتالى أجرينا التحاليل فى معمل خاص- أبوالخير شريك فيه- وكلفنا هذا آلاف الجنيهات.
تضيف: بعدما أجرينا التحاليل علمنا أيضا أن العملية ستكون على نفقتنا الخاصة، بدأنا فى نشر قصة معاناة أحمد ومريم على صفحات التواصل الاجتماعى طلبا للمساعدة وتوفير نفقات العملية كاملة وقدرها 45 ألف جنيه حتى استجاب رجل أعمال سعودى لحالتنا وتحمل تكاليف العلاج فى مراحله الأولى، بعد ذلك كان مطلوب متبرعاً بالخلايا فوافق ابن خالتى وأجرينا العملية بالفعل لأحمد بعدما تم فصل خلايا ابن خالتى فى مستشفى أبوالريش بتكلفة 3500 جنيه.
وتتابع: ذهبنا بالخلايا مرة أخرى للمعمل واستلمناها بعد 15 يوما لحقنها لأحمد فى مستشفى آخر فى المقطم، وعلى الرغم من مرور عام على العملية لم تتحسن حالة أحمد.
منذ أسبوعين توفى أحمد ولم تفلح الخلايا الجذعية فى شفائه ولا يزال مصير شقيقته مريم غير معلوم.
انتهت قصة أحمد مع الدكتور وائل أبوالخير وظن البعض أن تجاربه ستتوقف مع انتهاء العمل فى الوحدة البحثية للخلايا الجذعية بمستشفى الشيخ زايد التخصصى المنشأة عام 2012 والتى كان مشرفا عليها قبل غلقها فى بداية العام الجارى، بسبب حدوث مخالفات ممثلة فى قيام بعض القائمين عليها بإرسال المرضى لعياداتهم الخاصة لعلاجهم بالخلايا الجذعية، على حد قول الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث باسم وزارة الصحة.
أبوالخير يستمر فى العمل دون أن يدرى أحد
بعد غلق وحدة مستشفى الشيخ زايد لأبحاث الخلايا الجذعية والتى كانت مكلفة فقط بجمع البيانات الخاصة بالمرضى الراغبين فى تجربة هذا النوع من العلاج، استمر أبوالخير أحد كوادر الجمعية فى العمل دون أن يدرى أحد، وهذا ما كشفنا عنه وواجهناه به بعد ذلك.
تم تحديد موعد للكشف عند الدكتور وائل أبوالخير لحالة تعانى من ضمور فى المخ، ولكن فى مركز آخر شريك فيه يدعى «الروضة للجراحة». والذى يعمل فيه عدد من أعضاء الجمعية المصرية لخلايا المنشأ الجذعية.
وسط 5 حالات تتنوع إصابتها ما بين ضمور المخ والعضلات والسكرى- وجميعها أمراض بعيدة عن اختصاص الدكتور وائل أبوالخير المعلن- جاءوا جميعا لأبوالخير بعد سماعهم عن فاعلية العلاج بالخلايا الجذعية وتأكيد الحجز باسم مستعار وهو الطفلة «هدى»، تمت مقابلة أبوالخير الذى طلب معرفة تفاصيل أكثر عن الحالة وفضل مقابلتها على الطبيعة، ولكنه أشار إلى أنه من الممكن زرع خلايا جذعية للطفلة، مؤكدا أن نسبة الشفاء لا تتعدى الــ%40، وبالرغم من هذه النسبة فإنه لا يوجد سبيل لعلاج الطفلة سوى بالخلايا الجذعية على حد قوله لعدم وجود حل آخر لعلاج الضمور.
وتابع أبوالخير: «علاج الطفلة سيبدأ بثلاث حقن وتكلفة الواحدة 6000 جنيه بمعدل حقنة كل شهر أو على فترات متباعدة حسب مدى استجابة الحالة، وعلى أن يتم ذلك فى المركز هنا»، وهو ما يعد مخالفا لاشتراطات المنظمة لهذا المجال البحثى والتى تقتضى أن الأبحاث يجب أن تتم داخل مؤسسة بحثية حكومية وليست داخل مؤسسات أو مراكز خاصة وبلا مقابل مادى.
التأكد من مدى فاعلية الخلايا الجذعية فى علاج الأمراض المزمنة كضمور المخ والعضلات، تطلب التوجه إلى المنظمة الدولية للخلايا الجذعية، والتى كشفت خلال مراسلاتها لـ«اليوم السابع» عبر البريد الإلكترونى، عدم إقرار العلاج بالخلايا الجذعية فى هذه الأمراض المستعصية، مع ملاحظة المنظمة أن العلاج بالخلايا الجذعية يتم تسويقه فى بعض العيادات حول العالم بدون رقابة ودون تحقيق اشتراطات السلامة المطلوبة للمريض.وهذا ما أكده أيضا الدكتور إبراهيم صبيح، نائب رئيس الاتحاد العالمى للمخ والأعصاب، نافيا لـ«اليوم السابع» فكرة أن تستخدم الخلايا الجذعية لعلاج تلك الأمراض، مؤكدا أنها مازالت فى طور البحث والتجربة.
وهم علاج «السكر» بالخلايا الجذعية
يحيى محمد، طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، قطع والده عشرات الكيلومترات من محافظة الوادى الجديد حتى القاهرة، بحثًا عن علاج لابنه الذى يعانى من «السكر» منذ أن كان عمره عامين ونصف العام.
برنامج طبى يذاع على إحدى القنوات الفضائية، كان كفيلًا ليخوض والد يحيى رحلة طويلة مع العلاج بالخلايا الجذعية للقضاء على مرض «السكر» نهائيًا، تنتهى بفقدان ابنه البصر طيلة حياته، وعلى الرغم من ارتفاع تكلفتها، فإنه قرر اللجوء لتلك التقنية فى العلاج.
«مركز الغدد الصماء التخصصى» الواقع بشارع الأهرام، بمنطقة مصر الجديدة، كان هو الوجهة التى قصدها والد يحيى بعد توقيع الكشف عليه من قبل الدكتور محمد سعد حامد، أستاذ الغدد الصماء والسكر بجامعة عين شمس، وتأكيد الأخير على فعالية العلاج بالخلايا الجذعية لعلاج مرضى «السكر»، ونجاح تلك العمليات بنسبة %100 على حد قوله.. أبلغ حامد والد الطفل أن العلاج سيتكلف 16 ألف جنيه، على الفور عاد الأب لمحافظته، وبدأ فى جمع الأموال المطلوبة، نجح فى توفير 10 آلاف جنيه، ولجأ لمكتب المحافظ لمساعدته على توفير البقية، وبالفعل قام اللواء طارق مهدى، محافظ الوادى الجديد السابق، بتبنى علاج الطفل المريض، واستغرق هذا الأمر عامًا كاملًا، وبعدما نجح فى جمع المبلغ المطلوب أبلغ الطبيب المعالج والد يحيى بأن تكلفة العلاج ارتفعت ووصلت إلى 28 ألف جنيه.
يقول والد يحيى إن الطبيب المختص قام بإجراء الجراحة، ومنح ابنه علاجًا لمدة 6 أشهر لتحفيز الخلايا على العمل، وبعدها فوجئ بتدهور حالة ابنه وارتفاع نسبة السكر بدرجة كبيرة حتى فقد القدرة على الإبصار، فقام بالاتصال بالطبيب الذى أبلغه بأن عملية الزرع فشلت، وابنه بحاجة لإجراء عملية أخرى تتكلف 70 ألف جنيه.
حرر الأب محضرًا بقسم شرطة الخارجة، والذى تم قيده تحت رقم 8018، جنح مصر الجديدة لسنة 2013، واتهم الطبيب المعالج بتقاضى مبالغ مالية نظير إجراء جراحة غير مجدية، وتم حفظ البلاغ بعد إقرار الطب الشرعى بصعوبة تحديد وجه المخالفة، مما استلزم تقيم مذكرة تظلم للمحامى العام لم يحدد مصيرها بعد، وعلى الرغم من مرور عام على الواقعة، فإن المركز مازال مستمرًا فى عمله، والترويج لعلاج «السكر» بالخلايا الجذعية.
الوصول إلى هذا المركز بدأ بصفحة على «فيس بوك» لـ أ. د محمد سعد حامد، أستاذ الغدد الصماء والسكر بجامعة عين شمس، ويمتلك مركز الغدد الصماء التخصصى بمنطقة مصر الجديدة، ويروج فيه للعلاج باستخدام تلك التقنية.
فى الدور السادس داخل أحد عقارات شارع الأهرام، بمنطقة مصر الجديدة يقع المركز، وعند الاستفسار من الممرض المسؤول عن الحجز رد قائلاً: «حجز الموعد داخل المركز يتم أولا بإيداع ثمن الكشف فى حساب رقم 191/1/21567 ببنك مصر، أو الدفع بمقر المركز بمنطقة مصر الجديدة، وتكلفة الكشف العادى 500 جنيه والمستعجل 700 جنيه». ووفقًا لما ذكرته لنا مساعدة الطبيب أيضًا، فإن د. حامد هو من يقوم بتحديد عدد مرات الحقن حسب طبيعة الحالة وتكلفتها، ويتم هذا فى المركز بعد إجراء التحاليل اللازمة التى تصل قيمتها إلى 5000 جنيه.
وتعليقًا على هذا يقول الدكتور هشام الحفناوى، عميد المعهد القومى للسكر والغدد الصماء، إن علاج «السكر» بالخلايا الجذعية لا يزال فى طور البحث فقط، ولم يصل لمرحلة إقراره كعلاج رسمى، وعلى مستوى العالم كله لا يوجد علاج لـ«السكر» سوى عن طريق حقن «الأنسولين» المنظم لاستخدام الجسم للسكر والأغذية الأخرى.
ويضيف: أى شخص يعلن أنه يعالج مرض «السكر» باستخدام الخلايا الجذعية فهذا يندرج تحت مظلة «النصب»، لأن ذلك يتم بعيدًا عن المراكز البحثية المعتمدة، ودون علم رجال البحث العلمى.
وهذا أيضًا ما أكده لنا الاتحاد العالمى لمرضى «السكر» عبر البريد الإلكترونى، أن أبحاث الخلايا الجذعية لعلاج مرضى «السكر» مازالت فى المرحلة التجريبية، ولم يعترف بها كعلاج رسمى فى هذا الشأن.
«التجميل» والمتاجرة باسم الخلايا الجذعية
ما سبق ذكره يتعلق بالترويج للعلاج بالخلايا الجذعية للأمراض المزمنة، لكن حتى الأمراض التجميلية التى تشمل «الشعر والبشرة» كان لها نصيب من عملية الترويج تلك.. «اليوم السابع» رصدت مركزين للتجميل يعلن صاحباهما فى وسائل الإعلام أنهما يعالجان بتقنية مختلفة عن الخلايا الجذعية، لكنهما فى حقيقة الأمر يستخدمان المسمى فى الأوراق الدعائية لمركزيهما لاستقطاب أكبر عدد من المرضى، مع العلم أن الأمراض التجميلية لم تدرج فى قائمة الأمراض التى ثبتت فاعليتها فى المراحل البحثية للعلاج بتقنية الخلايا الجذعية، وفقًا لما أعلنت عنه المنظمة الدولية للخلايا الجذعية، وعلى الرغم من ذلك مازال اسم الخلايا الجذعية يستخدم فى الدعاية.
د. مروة رحاب تعترف باستخدام الاسم مجازًا
زيارة واحدة لصفحة الدكتورة مروة رحاب، أخصائى تجميل الجلدية والليزر بجامعة عين شمس، بموقع «فيس بوك» كانت كفيلة بالتعرف على عدد من المتضررين الذين تكبدوا آلاف الجنيهات أملًا فى إيجاد علاج لمشاكلهم، لكن دون جدوى بعد إيهامهم بفاعلية العلاج بالخلايا الجذعية.
«ر. م» دخلت عيادة الدكتورة مروة رحاب فى الرابع من نوفمبر الماضى، كانت تعانى من اتساع الفراغات فى الرأس، وتساقط الشعر، مع وجود بصيلات، نصحتها الطبيبة المعالجة فى البداية بالمواظبة على استخدام عقار سائل لتنشيط الدورة الدموية بالرأس، وتحضيرها لعملية الحقن، إلى جانب المواظبة على استخدام شامبو وبلسم محدد، وتناول أقراص بعينها، وبعد مرور ثلاثة أشهر بدأت جلسات حقن الخلايا الجذعية التى كان عددها 6 جلسات، تكلفتها الإجمالية 10 آلاف جنيه دفعتها الحالة مرة واحدة «كاش».
تقول «ر. م»: أخبرتنى الطبيبة بأن الخلايا الجذعية سحر، ولم تنبهنى إلى احتمالية النجاح، وأنه غير مؤكد، وكان يتم سحب 20 سم دم من جسدى ويوضع فى أنبوب يدخل جهازًا، وبعد ربع ساعة تبدأ المعالجة فى إجراء الجلسة. فى البداية كنت أشعر بألم شديد مع وغز الحقنة فى رأسى، وكنت أشعر بصداع، ويبدأ مكان الحقن فى التورم، لكن سرعان ما كان يهدأ بعد ذلك.. واظبت على جلسات الحقن، وتناول الأدوية المطلوبة قبل وبعد الجلسات، ووصلت تكلفة العلاج الإجمالية ما يقرب من 30 ألف جنيه، ولم تحدث نتيجة.
تضيف: ذهبت للطبيبة وسألتها عن عدم وجود تحسن فى حالتى، فأخبرتنى بأن رأسى بها بصيلات، وهذه نتيجة جيدة، على الرغم من أن البصيلات كانت موجودة قبل عملية الحقن، وبالتالى أوقفت التعامل معها، وذهبت لطبيب آخر أبلغنى بأننى لم أكن بحاجة لمثل هذا العلاج الذى كانت تدعيه مروة رحاب من الأساس، وبعد ذلك بدأت أعرف أن هذا العلاج غير معترف به، ووزارة الصحة منعته، وكل ما أتمناه أنا وغيرى ممن خسروا أموالهم أن يوقف المسؤولون مثل هذه الممارسات، والنصب على المرضى بحجة علاجهم.
وبالرجوع إلى المركز وسؤال القائمين عليه عن إمكانية العلاج بالخلايا الجذعية لحالة تعانى من تساقط الشعر، كان الرد بإمكانية إجراء ذلك، والتكلفة تتراوح بين 2000 و10000 جنيه شهريًا لمدة 3 أشهر، كما أنه توجد أدوية أخرى، ويتم تحديد ذلك وفقًا لحالة المريض.
هذا ما يتم على أرض الواقع، لكن فى وسائل الإعلام تقول مروة رحاب إنها تعالج تساقط الشعر بتقنية مختلفة، هى نوع من أنواع الخلايا الجذعية، وتعترف بأنها تستخدم اسم الخلايا الجذعية مجازًا.
وهذا ما رفضه الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة، قائلاً إنه مخالف لاشتراطات الدعاية الطبية، فيجب استخدام المصطلحات العلمية بشكل دقيق قبل الترويج لها، على عكس ما تفعله د. رحاب فى أوراق الدعاية الخاصة بمركزها.
«عنانى» والعلاج بمسحوق «الخلايا الجذعية»
جولة أخرى لرصد المراكز المروجة لاسم الخلايا الجذعية فى تقنيات علاجها بمنطقة مصر الجديدة، حيث مقر مركز الدكتور رامى العنانى، استشارى التجميل والليزر. بعد التساؤل عن إمكانية علاج مشاكل الشعر والبشرة بهذه التقنية، أجابت المساعدة: «طبعًا المركز يعمل على حل مشاكل البشرة، وعلاج تساقط الشعر عن طريق حقن مستخلص الخلايا الجذعية فى الأماكن المصابة، بعدما يحدد الطبيب عددها وسعرها وفقًا للمشكلة».
الكلمات السابقة للمساعدة وتصريحات د. عنانى فى وسائل الإعلام نفسها متطابقة حول العلاج بمستخلص الخلايا الجذعية، ففى أحد اللقاءات الإعلامية لـ«عنانى» قال إن العلاج بالخلايا الجذعية بالونة كبيرة، وغير مثبت حتى الآن، ومن يدعى ذلك فهو «نصاب»، وإنه يعالج بمستخلص الخلايا الجذعية فى هيئة مسحوق، وهو شىء ليست له علاقة بالخلايا الجذعية، أو عن طريق سحب عينة من الدهون يقوم بتركيزها، فتتركز معها الخلايا الجذعية، ويُعاد حقنها فى الأماكن النحيفة فى الوجه.
ويرد الدكتور عبدالحميد أباظة على هذا الكلام قائلاً: قد تكون هذه تقنية فى العلاج، لكن ليست لها علاقة بالخلايا الجذعية، وأماكن وجود الخلايا الجذعية فى جسم الإنسان معروفة، وبعيدة تمامًا عن الدهون.
وبالرجوع للمنظمة الدولية للخلايا الجذعية للاستفسار حول ما اذا كان هناك ما يسمى بمستخلص الخلايا الجذعية فى هيئة مسحوق يستخدم فى مجال التجميل، وصلنا الرد بأن المنظمة تقوم بتحذير المرضى وتوعيتهم من الترويج للعلاج بالخلايا الجذعية، وأن نتائجها لم تثبت بعد، وبالتالى من غير الطبيعي أن علاجًا آخر فى ظروف مختلفة مؤثرة على الأنسجة سيعطى نتيجة.
ولكن على الرغم من ذلك فالأوراق الدعائية الخاصة بالمركز تذكر أن د. عنانى يستخدم حقن الخلايا لنضارة البشرة، وعلاج التجاعيد، وتساقط الشعر.
حق الرد: بمواجهة الأطباء السابق ذكرهم بتلك المخالفات كان ردهم الآتى:
الدكتور وائل أبوالخير
نفى قيامه بأى تجارب فى أماكن خاصة، قائلاً: لى رصيد بحثى كبير فى هذا المجال، وأول شىء أفعله مع المريض هو أننى أخبره بأن العلاج مازال فى مرحلة البحث والتجربة، وأن نسبة النجاح لا تتعدى %40. ونفى د. أبوالخير مارصدناه خلال زيارته فى مركز الروضة للجراحة، الخاص بشأن تكاليف الحقن التى تصل إلى 6000 جنيه، قائلًا: هذه حقن تنشيط لخلايا النخاع، وليست خلايا جذعية، وثمنها يصل إلى 500 جنيه فقط. وأكد د. أبوالخير أن غلق وحدة العلاج بالخلايا الجذعية فى مستشفى الشيخ زايد التخصصى كان لأسباب مالية فقط، وليس لأى مخالفات أخرى.فيما جاء رد الدكتور عبدالحميد أباظة
، رئيس اللجنة القومية للخلايا الجذعية، عليه بنفى صحة هذا الكلام، قائلاً: لا يوجد ما يسمى بحقن تنشيط خلايا النخاع تحقن للمريض فتنشيط الخلايا يتم بعد فصلها من الجسم وبطرق معملية محددة.من ناحية أخرى حاولت «اليوم السابع» الوصول للدكتور محمد سعد حامد أستاذ الغدد الصماء والسكر بجامعة عين شمس، لمعرفة رده قبل نشر التحقيق ولكن لم نستطع الوصول إليه.
عدد الردود 0
بواسطة:
مريض
مقال صادق فى كل كلمة ( بارك الله فى الصحفية هدى)
عدد الردود 0
بواسطة:
alaa motaweh
وهم العلاج بالخلايا الجذعية
عدد الردود 0
بواسطة:
راجى عطف الرحمن
كلمة للدكتور وائل ابو الخير
عدد الردود 0
بواسطة:
Maged
الإعلام أو قل الإعلان نجومه الآن طباخون واطباء ومحترفي سياسة.
عدد الردود 0
بواسطة:
هانئ حسيب
كلام سليم ومظبوط من الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الباري
والله هذا علم وابني يدرس درجة الدكتوراه في جامعة مرموقة في أمريكا في هذا التخصص
عدد الردود 0
بواسطة:
محرر الموقع
الى الاستاذ هانى حسيب
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم نصر
وفقكى الله وسدد خطاكى
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد السيد حسن
اين الدوله اين نقابة الاطباء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمدمحمد مجاهد
لله المشتكى