ـ التعليم فى مصر ليس مدمرًا تمامًا وهناك من يرى أن نصف تعليم أفضل من جهل كامل
ـ من أراد أن يضرب إيران عليه قص أجنحتها فى سوريا والعراق ولبنان
ـ المصريون مرهقون ويتخيلون أن هناك إنقاذًا سيأتى من العالم العربى ولا مفر أمامهم من الاعتماد على أنفسهم
ذاكرته نضرة ومعلوماته شاملة، فضلاً عن أنها تستند إلى معرفة مباشرة بأصحاب القرار وصانعى السياسة.. ثم أنه متابع دقيق وخزينته المعرفية يسهل عليه تحليل الحاضر واتجاهات الريح، ما يمكنه من استقراء المستقبل.
يعرف البلاد وحكامها، يعرف نخبها الثقافية والقادة المؤثرين فى التوجهات فى القرار، ثم أن له ذاكرة استثنائية فهو نادرًا ما ينسى قائدًا أو قيادات سبق له أن عرفها، عن قرب، فى هذا البلد أن ذاك، يعرف الملوك والرؤساء والأمراء والشيوخ. يعرف قادة ومفكرين مؤثرين فى الغرب، بريطانيا وأمريكا وفرنسا، وفى الشرق. ثم أن له صلات بالنخب، يتابع حركتها ونتاجها الفكرى والثقافى حتى اليوم. ويعرف معظم القياديين من الساسة العرب.. والأهم أنه قارئ نهم ومتميز، تمكنه صلاته بكبريات الصحف العالمية برؤساء تحريرها والكتاب فيها أن يعرف كثيرا عن الآفاق الثقافية وحركة التجديد فيها.
يعرف مصر كلها، بتاريخها القديم وبصناع تاريخها الحديث، من زعماء أحزاب العهد الملكى والنخب الثقافية، إلى القائد الذى تجاوز معه الرواية إلى موقع الصديق والمستشار ومبلور الأفكار والمفسر والشارح لقرارات جمال عبد الناصر.
عرف السادات جيدا واختلف معه إلى حد الذهاب إلى السجن، وعرف مبارك على حد القطيعة بعدما اكتشف عبثية الحوار معه، وعرف كل من كان له موقع فى العهود الثلاثة السابقة على "الميدان"، كما كان يعرف بعض المجلس العسكرى، وحاور الاخوان الذين يعتبرونه خصما. واجتهد فى نصح محمد مرسى، فلما يئس ابتعد، ثم إنحاز إلى "الميدان" وتفهم أسباب حركة الجيش التى انتهت بتولى المشير عبد الفتاح السيسى قمة السلطة عبر استفتاء شعبى.
ولقد ذهبنا إليه للحديث عن إيران، التى عرفها إمبراطورية بالشاة وإحدى زوجاته شقيقة الملك فاروق، ورئيس الحكومة الذى قاد عملية تغيير ثورى الدكتور محمد على مصدق سنة 1951 والذى قاتله الامريكيون والغرب والإمبراطور، ولم تتيسر الحماية لهذا الزعيم الشعبى الذى لعب دورا تاريخيا وصار بطلا وطنيا لا منازع له فى شعبيته حين أقدم على تأميم البترول، وواجه الامبراطور والغرب والرأسمالية الإيرانية واجبر الشاه على التنازل عن كثير من صلاحياته... ثم قاتله الغرب عمومًا وتمكنوا من اسره ثم تصفيته سياسياً.
كذلك فهو قد واكب الثورة الإسلامية فى إيران، فكان بين أوائل من حاوروا الخمينى الإمام بمنطق المتفهم والمساند ولكن من موقع عربى.. كما عرف الكثير من قيادات الثورة ومن متابعى نهج الخمينى بعد رحيله وأبرزهم هاشمى رفسنجانى رئيسا وركنا فى قيادة الحكم لفترة طويلة.. وما يزال يقرأ التطورات فى إيران بعيون عربية.
ربما لكل هذه المعارف اخترنا أن نحاوره حول التطورات الأخيرة، وتحديدًا حول اتفاق فيينا ما بعده، ورؤيته لإيران ما بعد هذا التطور، وكيف سيكون موقف الغرب منها وكيف سيتصرف الحكم المصفح بالشعار الثورى فى المرحلة الجديدة التى سيقبل الغرب عليها.. ثم أين روسيا والصين؟ قبل أن نتوقف أمام محطة العرب وإيران من اليمن إلى لبنان مرورا بالسعودية إلى الخليج.
البداية: أوباما وقدراته
بدأنا بمحاولة استعادة رأى "الأستاذ" بالرئيس الأمريكى باراك أوباما، انطلاقًا من خطابه أمام جامعة القاهرة سنة 2009 ثم الانطباعات التى تكونت لديه بعد ولايتين له:
-الم أكن على حق فى ما قلته يومها؟
إنه خطيب مفوه، لكن تكوينه ضده، أصوله ولون بشرته، وموقع السود فى النظام الأمريكى.
بماذا يتحدى أوباما الكونجرس؟
علينا التمييز بين أن يختلف مع الكونجرس ويمارس اللعبة فى إطار نصوص معينة أو بين أن يتحدى الكونجرس. أنا لا أراه يتحدى الكونجرس وقد اقتربت ولايته الثانية من نهايتها. سيمر الاتفاق، سيحدث الكونجرس ضجيجا كبيرا حوله ولكنه يبقى من اختصاص الرئيس وإداراته. لا يمكن فى أمريكا أن يتم توقيع اتفاق ولو بالحروف الأولى ضد إرادة الكونجرس، حيث أن هناك دائمًا توافقًا بين الكونجرس والإدارة فى هذه المسائل.
التحدى الوحيد الموجود فى المنطقة بالنسبة إلى السياسة الأمريكية هو إيران. فالعالم العربى كله كما نرى! وفى تركيا من هم مثل أردوغان لا يبنى على موقفهم. هذا هو التحدى الوحيد حيث لن ترضى أمريكا عن طيب خاطر بنظام كالنظام الإيرانى، أن تقر بوجوده كحقيقة واقعة وهى لا تملك حلاً آخر! ولكنه لن يكون النظام الأفضل بالنسبة إليها.
سحب هيكل نفسًا من سيجاره، ثم استأنف كلامه فقال: لو كان هناك "سلاح اقتصادى" قد يؤذى إيران لكان آذاها فى السنوات التى اشتد فيها الحصار الاقتصادى عليها.
هناك أمر جديد حصل نتيجة المفاوضات بين أمريكا وإيران، وهو أن حاجزًا كبيرًا كان قائمًا بين أوروبا وإفريقيا وآسيا وبين إيران قد انكسر من غير محاذير بعد فك الحظر الأمريكى، وذلك برغم أن العداء الأمريكى لإيران مستمر.
وبعد أن وصلوا الآن إلى نوع من الاتفاق لن تضطر دول كثيرة أى مراعاة الحظر الأمريكى الذى كان قائمًا.
توقف عن الكلام لحظات ونظر إلينا يتفحصنا، ثم عاد إلى تحليل شخصية أوباما وقدرته على القرار:
-لا يمكن أن تأتى بأحد من خارج سياق القوى الحقيقية وتتوقع منه أن يصل إلى التفرد بالقرار. مجىء أوباما هو دليل بحد ذاته على أزمة قرار وأزمة قوى فى أمريكا، فليس من الطبيعى أن تأتى برئيس "أسود" وبأغلبية الأصوات فى الانتخابات.. فالأغلبية هى للبيض. إذا جئت برئيس من أقلية ضدها تمييز تاريخى ولا تملك مفاتيح القوة ومضطهدة فأنت تريده أن يحقق لك هدفا. السود حتى هذه اللحظة فى أمريكا 14.12% وليست لديهم أى من مفاتيح القوة، وهناك تمييز عنصرى بحقهم. القوى الحقيقة فى أمريكا لديهم هدف فى هذه اللحظة. وبغض النظر عما إذا كان أوباما قد نجح أو فشل فهو لم يحقق الهدف. حتى لو كانت هناك محاولة من قبله بشكل معين فليس معنى ذلك أنها قد تنجح. لا أعتقد أنه غير صورة أمريكا كثيرًا وهو أمر صعب للغاية بالنسبة له. الذى يغير أمريكا هى الصدمات المتوالية فى فيتنام وإيران وأماكن أخرى. تسألنى عن الدليل؟ أعطى دليلاً واحدًا أن أوباما غير سياسة فى منطقة ما. نتكلم هنا عن تغيير حقيقى وليس لعبة العلاقات العامة فى الشكل "كيف يدخل أوباما ويفتحون له الأبواب ويتراقص فى مشيته وهو طويل ويتكلم بثقة".
واستنتج "الأستاذ":
-تقدم أمريكا نفسها أمام الخارج بوجه آخر يمكن أن يكون مقبولا فى العالم، بأنه ليس لديهم تمييز عنصرى ومشاكل إنسانية من هذه الطبيعة. فشلت سياسة الاحتواء الأمريكية السابقة.
ما غير الأوضاع ليس أوباما، بل ما غيرها هو أن كوبا وقفت وإيران وقفت. فلم يأتى رئيس فى أمريكا إلى السدة واتخذ خيارات جديدة وغير الأوضاع، بل كان يأتى الرئيس ويجد أمامه حقائق مختلفة تسقط خياراته القديمة. يمكن أن نقول أن الحصار الذى كان مفروضًا على إيران سيخف.
الشكل الذى كانت عليه سابقًا، ما زالت مستمرة. والإيرانيون يدركون ذلك. تراهن أمريكا على تحولات انفتاحية داخل النظام الإيرنى. لكن النظام الإيرانى لم يفعل مثل ما فعلناه فى مصر، حيث قرر السادات ليلاً السفر إلى تل أبيب وركب الطائرة فى الصباح، فكان ظهر اليوم التالى فى مطار بن جوريون. هذا أمر لم يفعله أحد غيره.
الزيارة الأولى: 1951
صمت لحظة ثم عاد يستذكر تاريخ علاقته بإيران، قال:
-أول زيارة لى إلى طهران كانت سنة 1951 أيام مصدق، وعرفت الشاة وعرفت أشرف "شقيقة الشاة".. ثم عرفت الخمينى والخامنئى ورفسنجانى وخاتمى الذى تكرم فزارنى فى برقاش.
وفى تقديرى أن علينا ألا نبالغ فى مدى تأثير الاتفاق النووى. هو مهم جدًا ولكن أمريكا لن تتكلم والعالم كله يجرى مباشرة على إيران بل تريد أن تتصل مع إيران علنا بقدر معلوم لكنها لا تريد لأحد غيرها أن يتصل. ما تمثله إيران هو الطموح المستقل الذى وصل إلى حد المعرفة النووية وتباعا السلام النووى، وهذا غير مقبول من أمريكا.
هناك فرق بين أن تتعامل لفترة مع حقائق تدرك انه ليس بإمكانك أن تغيرها الان، ولكن تتعامل معها مع افتراض انك قد تكون قادرا على تغييرها فى مرحلة لاحقة. فلو نجح النموذج الإيرانى ورفع عنه الحصار وتركته ينمو، تكون الخطة قد فشلت. وما تقوم به أمريكا اليوم هو أنها تشغل إيران إلى أن تكون قد استولت بالكامل على سوريا، وتشغل إيران إلى أن تكون قد استولت بالكامل على الأردن. العامل النفسى يلعب دورًا وقد بات الجميع يخاف من إيران وفى هذه الحالة تسقط كل التحفظات. والمعركة تدور حاليًا فى مصر حول ما إذا كان ينبغى الانفتاح على إيران. والرئيس السيسى يستمع ويهتم ولكن هناك محاولات هائلة لكى يحصل التقارب أو الانفتاح. الدول القوية قد تقوم ببعض الأشياء التى تستهل أن تقدم عليها هى، ولكن لا تسمح لك أن تفعلها أنت. فهى قد تسمح لبعض الدول التى يمكن أن تسيطر عليها أن تقدم على ذلك، ولكن أن تقوم بها أنت ثم غيرك، ثم ثالث ورابع وتكر السبحة، فهذا لن يكون مقبولاً.
وخلص "الأستاذ" إلى الاستنتاج:
-لم ينته التناقض الإيرانى الأمريكى ولن ينتهى بوجود هذا النظام فى إيران. فأما أن يتغير النظام فيها أو يتم اسقاطه. فأمريكا أمام نظام فى إيران رافض للهيمنة الامريكية وملاصق لروسيا وللصين، وهو فى منطقة وموقع جغرافى يشكل نقطة ارتكاز مشرعة على روسيا والصين وتركيا.. يمكن أن تقبل أمريكا بترتيبات فى هذه اللحظة، ولكن لن ينتهى عداء أمريكا مع هذا النظام مهما كان، إلا إذا غير النظام طريقته أو غيرت أمريكا مطالبها منه.
التناقض الحالى بين الاثنين أكبر من أن يحل، ولن توفر أمريكا أى قيد تقدر أن تفرضه على تمدد النووى الإيرانى. ليس هناك فترة اختبار بين الاثنين كالعلاقة بين ولد وبينت فى فترة الخطوبة. نحن هنا أمام علاقة قوية: هل تستطيع أمريكا أن تقبل بقوة فى المنطقة القادرة على الانتشار والتأثير خارج حدودها ولا تكون حليفة لها؟... أن التناقض بين الدولتين كبير جدًا ويجب أن يغير أحدهما طبيعته. هل ستغير الثورة الإيرانية رأيها فى مفهوم الاستقلال؟ ولو تواضعت أمريكا قليلا أو لو روضت إيران تنتهى المشكلة. ما نشهده اليوم هو الاستمرار للوضع الذى جاء بعد الثورة الإيرانية، والحيرة بين امكانية احتواء الثورة وهى ترفض أن تحتوى، وبين ضربها وهذا امر لا يقدر عليه احد ولا يرغب فيه أحد، فلا يستطيع أحد أن يتحمل حربا فى هذه الظروف. هناك طرف متمرد وطرف اخر يريد أن يروضه وهنا تدخل فى صراع "دون أن يمسكوا فى هدوم بعض"، وإذا جلسوا إلى الطاولة فهم قد جلسوا لطرح موضوع محدد.
هناك دول محورية بين 5+1 وهى أمريكا، فهل تستطيع أمريكا أن تقبل فى هذه اللحظة نظاما ثوريا خارجا على طاعتها ويمارس سياسة مستقلة؟
إيران بعد الاتفاق.. سألنا عما بعد الاتفاق النووى، فقال هيكل:
-أمريكا لن تقبل بوجود أى ما فى إيران يسمح بوجود دولة قوية. فإيران وتركيا تشكلان قاعدة المواجهة الأمريكية الأمامية مع روسيا، بصرف النظر عما إذا كان فى روسيا قيصر أو زعيم شيوعى. فى العودة إلى التاريخ والجغرافيا، تشكل روسيا خطرا حقيقيا على أوروبا، ويتحسب الأمريكيون من روسيا بحد ذاتها وليس من النظام الشيوعى فيها. هزيمة أمريكا فى إيران ستكون مدوية، كما كان الوقع سقوط الشاة والعائلة البهلوية، ثم أن فشل أمريكا حتى الآن فى تطويع الثورة الإيرانية أو استبدالها بنظام آخر يضعها أمام نزاع خطر قد يدخل فى مرحلة يقلم فيها الطرفان أظافر بعضها البعض، ويصعب على أمريكا أن تقبل بنظام قوى فى إيران. هذه مسألة غاية الأهمية.
الاتفاق سيجعل إيران أقل شعوراً بالعزلة، لأن الغرب قد نجح، ولو بالفوضى، فى أن يجعل العراق بؤرة عزل لإيران، وسوريا كانت تشكل نقطة ارتكاز لإيران فى المنطقة... أما اليوم فإيران وحدها فى الإقليم وليس لديها حلفاء طبيعيون لما تمثله الآن، ولا حتى تركيا.
وكان بديهياً أن يستدرك هيكل ليتوقف أمام عنصر مؤثر فى التطورات المحتملة فقال: أما الحركات والتنظيمات التى تعتمد عليها، فكلها ضعيفة. يشكل "حزب الله" قوة كبيرة فى لبنان ولكن لبنان كله "مع احترامى لكم" له حدود فى التأثير، فكيف إذا كانت سوريا مدمرة بهذه الطريقة التى هى عليها اليوم؟ وإذا كان العراق يعيش أو يموت بالطريقة التى نشهدها.
نحن أمام مأزق حقيقى، فلا تحمل الناس أكثر مما تطيق، صحيح أن لدى السيد حسن نصر الله إشعاعاً معيناً فى لبينان وخارجه، لكن لا تحمله أكثر مما يطيق، فليست لديه القدوة على التحرك والحركة خارج حدود لبنان، صحيح أن لديه سمعة جيدة، لكن السمعة بحد ذاتها لا تُشكل قوى تقاتل على الأرض.
قتال "حزب الله" فى سوريا هو للدفاع عن نفسه وليس فى معركة إثبات نفوذ، إذاً فهو فى حالة دفاع عن النفس فى سوريا لأنه مستهدف، فمن يريد أن يضرب إيران اليوم يحاول أن يقض أجنحتها فى أى مكان لديها نفوذ فيه، وقتال "حزب الله" هو من أجل بقائه ودفاعاً عن نفسه، وعما يمثله فى لبنان، ولإيران قد تستفيد من ذلك، وكذلك مصر بالرغم من أننا لا نعترف بذلك، فنحن نستفيد من كل بؤرة مقاومة معطلة لتسوية شاملة فى لحظة ضعف العالم العربى وتهاويه بهذه الدرجة.
وماذا عن مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق.. إذا ما حاولنا استكشاف الآفاق المحتملة؟
قال "الأستاذ": ليس صحيحًا أن كل الملفات قد طويت، وتم فتح الملف النووى وحده، لقد فتحت كل الملفات، والموقف الأمريكى يهتم بإيران أكثر من اهتمامه بما حولها، إيران مثل مصر دولة حقيقية وجدت على أرد محددة عبر التاريخ وبقيت فى الموقع نفسه دون تغيير، وتحمل فى تكوينها حضارة طويلة وقوة، وعندما تكون الطريق إلى إيران مفتوحة فسيدخل فيها الأمريكيون إلى أبعد مدى.
الشيخ راشد بن مكتوم كان شاطراً فى هذه المسألة وكان مستعداً أن يضرب من يحاول الإستهانة بإيران. هناك حقائق فى الجغرافيا، فالسعودية تهيمن على هذا الخليج، وهى قوة ترهلت قبل أن تبلغ الشباب، وهناك إيران وتأثير الهند وباكستان.
ثم استدرك فأضاف: لقد فتحت كل الملفات بين أمريكا وإيران، وقد لامسوا المواضيع من دون أن يجدوا لها الحل. كل من لديه مصالح متشابكة يدخل إلى المفاوضات وضع أجندة المواضيع المطروحة، وهى تتضمن تلك التى لها أولوية فى هذه اللحظة.
رأينا العقوبات والحصار فى مصر خلال عهد عبد الناصر، وكذلك واجهت كوبا هذا المصير. إيران تتعرض لما تعرضت له كل حركة تمرد فى وجه الهيمنة الأمريكية. ذلك حصل لعبد الناصر وحاصل لكاسترو وللصين وآخرين كثيرين، وإيران تعلمت من تجربة الآخرين ودرست تلك التجارب جيداً، ولن يعيد أحد تجربة ما قام به السادات فى مصر فينقلب على ذاته. ونتيجة تجربة السادات وحسنى مبارك واضحة أمام الجميع.
واستنتج "الأستاذ":
ليس هناك أقوى من شعب على أرضه مع حضارة مستمرة. الإيرانيون لم يفعلوا سوى أنهم كانوا أنفسهم. هناك حضارة فارسية على هذه الأرض وفى هؤلاء الناس، فمصر مثلاً وبرغم كل ما أصابها مارست هذا الأمر فى فترة ما.
عن مصر وروسيا والسعودية.. وماذا عن مصر؟.. وطالما استذكرت تجربتها فى الماضى؟
ليت هناك رؤية واضحة بالنسبة إلى ما ستكون عليه مصر مستقبلاً، ولكنها تستعيد توازنها، حيث إن فترة الفوضى التى سادت فى مصر بعد حكم السادات ومبارك قد انتهت. والمصريون اليوم مرهقون بما يواجههم ويتخيلون أن هناك إنقاذًا سيأتى من العالم العربى، ولكن لا مفر أمامهم من أن يعتمدوا على أنفسهم.
روسيا كانت قد دخلت فى صميم الشرق الأوسط وسعت فيه ودفعت فيه خسائر بالرغم من حسن نياتها، ثم انتكست بعد أن خرجت مصر من المعادلة الإقليمية فيه، والآن تقف سوريا عند باب الخروج.
هناك تناقض تاريخى، بين إيران وروسيا، وهناك شك طبيعى روسى. التجربة الشيوعية فى روسيا لم تكتمل ولكنها تركت مواريث ثقافية أثرت فى أمور كثيرة، ما قام به ستالين وخروشوف أو جورباتشوف أنهم نظروا إلى مطالب روسيا فى المنطقة بمقدار قوتها. والصراع التاريخى بين روسيا وإيران طويل جدا، وكذلك التداخل بينهما، وصيغ التعايش فيما بينهما لم تعش كثيراً، فالشاه حاول من قبله، والروس يرغبون فى فترة من غير مشاكل كما يرغبون بسلام مع كل حدودهم مع أوروبا أو مع الجنوب، لأنهم يشعرون أنهم يحتاجون إلى إعادة بناء واسعة جداً فأحوالهم ليست جيدة.
روسيا لا تزال بلد عالم ثالث، وهى غنية بالموارد، وقد دخلت فى ثورة صناعية حقيقية، برغم أنها "عالم ثالث" ولكنها فى أفضل حالات العالم الثالث، ولو أن واحدة من جمهورياتها لديها كل مظاهر العالم الأول ولديها قوة. لو امتلكت إيران مثلاً القنبلة النووية فلن يجعلها ذلك دولة من دول العالم الأول.
انتقلنا إلى الأبعاد العربية لهذا التطور المؤثر دولياً وذلك انعكاسها على الجوار الإيرانى، فقال هيكل:
فى نقاط الارتكاز فى المنطقة، باكستان ليست نقطة ارتكاز بل هى نقطة تواجد فقط. فلا يكفى أن تحتل أمريكا بلداً ليكون نقطة ارتكاز. نقاط الارتكاز فى المنطقة هى تركيا إلى حد ما وإيران إلى حد ما والهند إلى حد ما. أما باكستان فلديها الكثير من المشكلات الخطيرة، أما الدول العربية، فمصر مشغولة ولا يوجد هناك تحالف عربى يمكن أن يحل محلها فى الدور الذى يمكن أن تلعبه، والسعودية ودول الخليج تتصرف بطريقة مختلفة.
وإذا عدنا إلى أساس الموضوع، فإننى أشك كثيراً فى أن تتخطى السعودية أزمتها، ولكن لا أعرف كيف ستكون النهاية وكيف ستتطور الأزمة. الملك سلمان ليس حاضراً لما يكفى، وجيل الصغار يأخذهم غرور القوة. هناك مشاكل حقيقية وهذا هو ما يبقى السعودية.
الجيش يتحكم به أمراء الأسرة. وهم أذكياء إلى درجة أن الوحدات الرئيسية فى الجيش هى بقيادة الأمراء. هل هناك من يملك المصداقية المطلوبة؟
لا أدرى. كلهم يتساوون ولا أحد يظهر أنه البديل، حالة الصراع الموجودة هى مع البرجوازية الناشئة.
عن سوريا والعراق واليمن.. والوضع العربى وكان بيديهياً أن نسأل عن سوريا التى تقلق أوضاعها المضطربة الجميع.. فقال هيكل: سوريا لم تكن مركزاً لدعم بؤر المقاومة فى المنطقة بل حاولت أن تفيد منها لمصلحتها. إذا تحدثنا عن مشروع تقسيم سوريا فذلك يعنى اننا نتحدث أيضا عن مشروع تقسيم فى العراق، وتأثيرات ذلك فى شبه الجزيرة العربية كبيرة جداً، ولا أظن أن الأمريكيين يريدون ذلك. ما يريدونه هو أن يتخلصوا من النظام الحاكم حالياً وأن يأتوا بنظام يناسب مصالحهم "وليس مصلحة إيران بطبيعة الحال".
العراق الحالى كان اختراعاً جديداً، والقوى التى انشأته لم تعد تهتم فيه اليوم وتركته لأهله الذين يرغبون فى الحفاظ على التماسك الداخلى فيه.
والأكراد المشكلة الأكبر فيه، وهم جادون فى محاولتهم لتحقيق مطالبهم فيه بصرف النظر فى ما إذا كانت محقة.
هناك قاعدة للدولة الكردية وهى موجودة على أرض موجودة، وسيكون فى منتهى الصعوبة أن تمنع قيام الدولة، وإذا استطعت أن تمنعها فستلقى مقاومة كبيرة من الأكراد لفترة طويلة. والحقيقة أن للأكراد الحق فى أن تكون لهم دولة تمثل قوميتهم بلغتها وعاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم، ولو تركهم العرب ليقيموا هذه الصفحة فسيقاومها آخرون "تركيا وإيران".
عدد الردود 0
بواسطة:
واد
لا هـــــــذا و لا ذاك
عدد الردود 0
بواسطة:
المنوفى
لا ياحضرة الأستاذ
عدد الردود 0
بواسطة:
سمسم
نقطنا انت
عدد الردود 0
بواسطة:
ابراهيم الهوارى
شعب مصر لايقبل لابغدادى ولاغيرة ولايقبل الهدام البنا لانة اسم مش على مسمى ولايقبل اى احد ضد مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
.
.
عدد الردود 0
بواسطة:
عصام
السكوت افضل
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن المصري
الشعب يريد
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
انا مش عارف بياخدو رأيك على اساس ايه
عدد الردود 0
بواسطة:
وائل مصطفى فهمى
تحليلات شخصية مثقفة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصري
لو تحليلاتك بخصوص سوريا كانت نفعت في الماضي يبقي تنبؤاتك بخصوص السعودية تنفع