وتتضمن الإجراءات التى أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى تطبيقها فى "يوم التنفيذ" هى الإعفاءات الأمريكية التى ستتناول مبيعات النفط والنقل والخدمات المصرفية فى إيران وغيرها.
وأعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، مساء السبت، أن إيران أكملت الخطوات اللازمة فى الاتفاق النووي وامتثلت لشروطه، ويمكن للمشاركين البدء فى تنفيذ "خطة العمل المشتركة الشاملة" (JCPOA).
ونشر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، البيان التالى على الانترنت: "اليوم أصدرت تقريرا يؤكد أن إيران استكملت الخطوات التحضيرية اللازمة لبدء تنفيذ خطة العمل المشتركة الشاملة." وصدر البيان بعد تحقيق مفتشي الوكالة في أراضي إيران تنفيذ الحكومة جميع التدابير المطلوبة بموجب الاتفاق، مما يُشير إلى حلول "يوم التنفيذ"، والذي يمثل بداية النهاية لفرض العقوبات الاقتصادية على طهران.
وأعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيرى فى بيان ان الولايات المتحدة رفعت ،السبت، العقوبات التى كانت تفرضها على ايران بسبب برنامجها النووى اثر دخول الاتفاق الموقع فى يوليو بين القوى الكبرى وإيران حيز التنفيذ.
وجاء فى البيان ان كيرى الموجود حاليا فى فيينا اعلن ان "التزامات الولايات المتحدة المرتبطة بالعقوبات كما هى واردة فى اتفاق يوليو دخلت من الان حيز التنفيذ"، وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعلنت قبل دقائق انها اعطت الضوء الاخضر لدخول الاتفاق حيز التنفيذ، مشيرة إلى ان طهران التزمت بما تعهدت به للحد من برنامجها النووى.
وأعلن البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما وقع أمرا تنفيذيا، السبت، بإلغاء العقوبات المفروضة على إيران والمتعلقة ببرنامجها النووى بعد أن أوفت طهران بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووى مع القوى العالمية. و
وكتب الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الأمر التنفيذى الذى أعلنه البيت الأبيض أن تنفيذ إيران للاتفاق "يمثل تحولا جذريا فى الملابسات المتعلقة بالبرنامج النووى الإيرانى".
فيما أعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، فيديريكا موجرينى، عن رفع العقوبات الأوروبية على إيران، في مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الخارجية الإيرانى، محمد جواد ظريف، فى العاصمة فيينا.
فيما هنأ الرئيس الإيرانى حسن روحانى، بلاده والشعب الإيرانى، بمناسبة إعلان كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى ومجلس الأمن لأول مرة رفع العقوبات عن بلاده، والتى فرضها الغرب بسبب برنامجها النووى، وذلك بعد أن أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانها حول تقييد الجمهورية الإسلامية لبرنامجها النووى والتزامها ببنود الاتفاق النووى المبرم فى 14 يوليو الماضى.
وكتب روحانى على حسابه على موقع التواصل الاجتماعى تويتر: "الاتفاق النووى وصل إلى نهايته، أحمد الله وأنحنى أمام عظمتكم أيها الشعب الإيرانى الصبور، مبارك لكم هذا النصر".
وبموجب التزام طهران ببنود الاتفاق النووى قامت بسحب قلب مفاعل "اراك"، كما باعت طهران اليورانيوم المخصب للخارج.
وقد أنهى توقيع إيران ودول والقوى العالمية 5+1 على ما يعرف بـ"الاتفاق النووى" فى فيينا، منتصف يوليو الماضى، جدلا طويلا امتد لعشرات السنين الأمر الذى أحدث العديد من الخلافات والصراعات بين الولايات المتحدة والدول العظمى من جهة وإيران من جهة أخرى، وشهدت على إثرها طهران ضغوطا وحصارا اقتصادية ومقاطعة سياسية مما اضطرها إلى الجلوس على طاولة المفاوضات والتوصل لحل.
وفيما يلى أبرز محطات هذا الاتفاق النووى مع إيران:
المحطة الأولى كانت فى التطبيق العملى للبرنامج النووى الإيرانى والتى بدأت فى سنوات الخمسينات من القرن الماضى، ففى حينه وضعت إيران برنامجا نوويا لأغراض مدنية بمبادرة من الشاه محمد رضا بهلوى، وقد زودت الولايات المتحدة إيران فى حينه بمفاعل نووى ومركز أبحاث نووية ومحطة قوة نووية فى طهران.
فى عام 1968 وقعت إيران على اتفاقية حظر نشر الأسلحة النووية، لتنضم بذلك إلى الدول الخمسين الموقعة على الاتفاق وتلتزم بعدم تطوير برنامج نووى لأغراض غير سلمية، وكان ذلك بعد تشغيلها للمفاعل النووى الذى منحته لها الولايات المتحدة.
وفى عام 1973 أقام الشاه الإيرانى منظمة الطاقة النووية التى عملت على عقد اتفاقيات نووية بين إيران ودول أخرى من بينها الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا. وفى هذه الفترة استطاع خبراؤها اكتساب معارف كثيرة وعميقة بالتقنية النووية.
وفى عام 1976 تم توقيع اتفاقية بين شركة ألمانية وإيران لبناء مفاعل استخراج مياه خفيفة لإنتاج الطاقة النووية فى بوشهر، لكن التوقيع جاء بعد أن أنشئ المفاعل ، وقبل بدء التخوفات الأمريكية من القدرات النووية الإيرانية بسنوات قليلة. تجميد البرنامج فى عهد خامنئى بعد سقوط الشاه الإيرانى عام 1979 وتقلد آية الله الخمينى للسلطة، جُمد البرنامج النووى وهرب كثير من خبراء النووى من هناك، لكن العلاقات انقطعت مع الولايات المتحدة بعد أزمة الرهائن الأمريكيين فى السفارة الأمريكية بطهران التى استمرت منذ نوفمبر 1979 حتى يناير 1981.
وكان لظهور عبد القادر خان، العالم النووى الباكستانى، فى نهاية الثمانينات تأثير نوعى، فقد باع لإيران وكوريا الشمالية وليبيا تقنية تخصيب اليورانيوم، لكن لم يتم الكشف عن هذه الصفقات إلا بعد سنوات. وقد تطورت الأحداث أكثر فى تسعينات القرن الماضى، وذلك بعد تقلد على خامنئى لمنصب القائد الإيرانى الأعلى خلفا للخمينى، وبعد توقيع طهران لاتفاقية مع روسيا بقيمة 800 مليون دولار سيتم بموجبها إنشاء مفاعل للمياه الخفيفة فى بوشهر خلال 4 سنوات، وهنا بدأت الولايات المتحدة تحاول إقناع دول العالم بعدم بيع تقنية نووية لإيران.
وفى يوليو عام 1996 فرضت العقوبات على إيران وليبيا بعد أن تكاثفت المعلومات عند الاستخبارات الأمريكية بوجود محاولات إيرانية لصنع قنبلة نووية سرا، وبموجب العقوبات تمت مقاطعة الشركات الأجنبية التى تستثمر فى إيران وليبيا، ولا يزال القانون قائما فى ما يخص الشركات الأمريكية.
وبعد مرور 3 أعوام، فى مايو 1999 زار الرئيس الإيرانى، محمد خاتمى، لأول مرة منذ 1979، المملكة العربية السعودية، وأصدر بيانا مشتركا مع الملك فهد بن عبد العزيز، أعربا فيها عن قلقهما تجاه البرنامج النووى الإسرائيلى، ودعمهما لبرنامج نزع السلاح النووى من الشرق الأوسط.
وبعد 3 أعوام (عام 2002) كُشف عن وجود برنامج نووى إيرانى سرى لم تعرف الأمم المتحدة به ، وكان ضمن البرنامج منشأة نووية فى نتانز لتخصيب اليورانيوم وموقع لاستخراج المياه الثقيلة فى باراك ، وهنا بدأت الاتهامات الأمريكية لإيران بتطوير برنامج نووى سرى لأغراض غير سلمية، إلا أنها لم تتخذ إجراءات عملية كثيرة ضدها لانشغالها بالتخطيط لغزو العراق.
وبعد غزو العراق عام 2003 أعلنت إيران عن إيقاف برنامجها النووى غير السلمى، وفُرضت عليها رقابة مشددة من قبل الدول العظمى كى لا تستمر فى تخصيب اليورانيوم، لكن لم تمض 3 سنوات إلا وأعادت إيران فتح مفاعل تخصيب اليورانيوم فى نتانز مجددا، ومفاعل المياه الثقيلة فى باراك عام 2006، وعليه فرضت أولى العقوبات من قبل الأمم المتحدة على إيران لكبح برنامجها النووى، وتضمنت العقوبات حظر استيراد أو تصدير المواد أو التقنية المستخدمة للتخصيب أو لتصنيع صواريخ بالستية.
وفى عام 2008 بدأ نوع جديد من محاولات التصدى للنووى الإيران، فقد بدأت الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلى بالتخطيط لهجمة إلكترونية لتدمير النظام المحوسب فى مفاعل نتانز، وبعد عام تقريباً نجحت المحاولة واخترق فيروس حواسيب المصنع، فتعطل 1000 من أجهزة الطرد المركزى دون أن يعرف الخبراء هناك أنه كان هجوما إلكترونيا.
وفى عام 2009 أعلنت الولايات المتحدة أنها معنية بالاشتراك مع الدول العظمى بإجراء مفاوضات مع إيران بخصوص ملفها النووى. ومن ثم بدأت سلسلة من اغتيالات لخبراء النووى الإيرانيين وعلمائه منذ عام 2010، من بينهم مصطفى أحمدى روشن، نائب مدير منشأة "ناتنز" النووية.
وقد اتهمت إيران حكومة نتنياهو والموساد الإسرائيلى بالوقوف وراء هذه الاغتيالات ، وفى تلك الفترة أيضاً كثرت تهديدات نتنياهو وحكومته بضرب إيران من الجو، لكن اتضح بعد سنوات أن التهديدات كانت مجرد شعارات لم تصل قط لحيز التنفيذ لاعتراض المستوى العسكرى عليها. واستمرت قرارات المقاطعة بالازدياد ممّا فاقم الأزمة الاقتصادية الإيرانية وبدأ يؤثر بالتدريج على أوضاعها الداخلية.
ففى 1 يوليو 2012 فرضت دول الاتحاد الأوروبى حظراً على استيراد النفط الإيرانى، ممّا تسبب بانخفاض التصدير خلال عام واحد بنسبة 40%، وهو ما أدى لخسارة اقتصادية بقيمة 4-8 مليارات دولار شهرياً. وكانت هذه الخطوة بهدف الضغط على طهران لتوقف برنامجها النووى، وقد ردت إيران بإجراء تدريبات فى الصحراء، وسنت قوانين تعيق الحركة بالخليج العربى الذى يعتبر ممراً مائياً حيوياً للعالم.
وفى خطوات تصعيدية أعلنت إيران فى مارس عام 2013 عن بناء 3000 جهاز طرد مركزى جديد ومتطور لتخصيب اليورانيوم فى نتانز، ممّا أدى لقلق شديد وسط الدول العظمى، ودفع خبراء منظمة حظر الأسلحة النووية للتأكد من وجود أو عدم وجود محاولات لتطوير سلاح نووى.
الملف النووى فى عهد روحانى
ومع صعود حسن روحانى للسلطة فى إيران بدأت تظهر محاولات التغيير فى توجهات إيران الاستراتيجية، إذ اعتبر العالم روحانى قائداً "وسطياً" على عكس أحمدى نجاد الذى بدا متطرفاً، فقد أبدى روحانى استعداداً لمنح حريات شخصية أكثر على الصعيد الداخلى، وبدا أكثر انفتاحا مع دول الغرب.
وعقدت فى 27 سبتمبر 2013 أول محادثة بين قائد إيرانى وقائد أمريكى ، بعد 34 عاماً من الانقطاع، وبعد استمرار المحادثات لعام واحد تقريباً أعلنت إيران والولايات المتحدة والدول العظمى عن التوصل لاتفاق تاريخى ستجمد بموجبه طهران برنامجها النووى. وكان ذلك حجر أساس فى طريق الاتفاق الشامل، الذى يهدف لضمان التزام إيران ببرنامج نووى لأغراض سلمية.
ومع استمرار المحادثات وإبداء النية الواضحة لدى الأطراف بوجوب التوصل لاتفاق شامل، وقع اتفاق إطار فى إبريل عام 2015 وهو اتفاق يوضح الخطوط العريضة للاتفاق الشامل الذى كان من المفترض التوصل إليه نهاية يونيو، والذى يشمل بنودا حول رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وتنظيم آلية الرقابة بطريقة تضمن عدم استمرار البرنامج النووى سراً.
وفى 30 يونيو 2015 أعلنت الدول العظمى وإيران عن تمديد المحادثات لعدة أيام إضافية من أجل الاتفاق حول بنود مختلف فيها، وبعد تمديد الموعد النهائى أكثر من مرة، أعلن وزير الخارجية جواد ظريف رسمياً، الثلاثاء، 14 يوليو 2015 عن التوصل لاتفاق شامل حول النووى الإيرانى والتوقيع عليه، وإغلاق باب عقود من الخلافات والانقطاع، وفتح أمام إيران أبواباً جديدة ستجعل منها لاعباً شرعياً إقليمياً ودولياً.
عدد الردود 0
بواسطة:
ابو علي عراقي من استراليا
قره عين كل محب