إذا كنا نتحدث عن التقدم وبناء الدولة الحديثة، علينا بالفعل أن نتمسك بالمواجهة الواضحة والشاملة للفساد أولا والإهمال بشكل حاسم، وقد أشرنا إلى حجم المخالفات والإهدار فى المال العام فى المحليات بأكثر من جهة، واكتشفنا كيف أنه فى شهر واحد تمت إحالة 3500 موظف وقيادى بالمحافظات للنيابة بتهمة التقصير وإهدار المال العام، وما نقوله عن المحليات يمكن تطبيقه على حوادث القطارات والسكك الحديدية، والطرق التى تتكرر فيها الحوادث، ومهما كانت هناك أخطاء للسائقين والصغار وعمال التحويلة والمزلقانات فإن المسؤولية تقع على كل المسؤولين التنفيذيين، من مراقبين ومشرفين وحتى المسؤولين التنفيذيين الأعلى، لأن هؤلاء هم من ينفذون قواعد العمل ويطبقون القانون.
وإذا كنا نواجه تكرار حوادث القطارات بسبب الأخطاء الصغيرة، فإن الأسباب ليست فقط من نقص الإمكانات وإنما من سوء إدارة الموارد والإمكانات وتشير التقارير إلى أن القطارات الحديثة بها أنظمة للأمان ومنع الحوادث، ومع هذا تتكرر الحوادث، بسبب تأخر تطوير المزلقانات وتحويلها للعمل بالطرق الحديثة أوتوماتيكيا حتى يقل تأثير العنصر البشرى.
تأخر تطوير المزلقانات بالرغم من توفر الإمكانات يعنى أن الوزارة لا تتابع، والهيئة لا تهتم ولا تراجع إلا إذا وقعت حادثة كبيرة، عندها فقط يخرج كل المسؤولين ليتحدثوا عن الأمر ويقدموا وعودا بالتطوير، وكلما أغلقوا بابا انفتح باب، هناك الاعتداء على أملاك السكك الحديدية، هناك المزلقانات غير المشروعة التى يفتحها الأهالى تقريبا للمسافات، وكلها مخالفات يقع عبء مواجهتها على المسؤولين، ولا يجوز أن نبقى فى حالة الاعتذارات والحجج.
آن الأوان لتطبيق حاسم للقانون بالشكل الذى ينال فيه كل مخطئ عقابه، مع تعميم العقوبات على كل من يقومون بدور ومنهم كبار المسؤولين حتى يمكن تطبيق الحسم، وألا يكون هناك مسؤول خارج دائرة العقاب.
وزير النقل المهندس سعد الجيوشى تحدث عن أهمية وجود هيئة سلامة النقل التى سيتم إنشاؤها، سيكون من خلالها كل شىء مرخص سواء القطار أو الطريق أو السائق، والهيئة ستكون مسؤولة عن سلامة المصريين وستتم معاقبة المخطئ.. ولا شك فى أهمية مثل هذه الهيئات، والأهم أن تكون قائمة على خبراء ومتخصصين مستقلين يمكنهم فرض القانون، لأنه من دون فرض حاسم للقانون ومواجهة التجاوزات بالعقاب الواضح لا يمكن لمثل هذه الهيئات أن تنجح أو تؤدى عملها، ومن حق المواطن أن يتشكك دائما فى جدوى مثل هذه الهيئات التى تتعدد من دون أن تقوم بدور.
لم يعد هناك وقت لاستمرار هذه الطريقة فى الإدارة، والأمر يحتاج بالفعل إلى تحديث شامل، والأهم ألا يكون هناك مسؤول فوق المحاسبة.
- ابن الدولة يكتب: المحليات وضرورة وقف "الإهدار" والإهمال... لن يتم الإصلاح من دون القضاء على أسباب المشكلات وإعادة بناء نظام الإدارة.. ووقف نزيف الفساد وإهدار المال يمكن أن يعود بفائدة مزدوجة
- ابن الدولة يكتب: القرارات الجمركية وأزمة «المانكير والأفوكادو».. التعريفة تم تعديلها على أدوات التجميل والمكسرات وتسهم فى حماية الصناعة الوطنية.. عندما يكون القرار لصالح الأغلبية على الأقلية أن تلتزم
- ابن الدولة يكتب: القانون والحقوق والواجبات.. ومحدود الدخل وتنظيم النسل.. آراء القراء حول الخدمة المدنية.. كثيرون يطالبون بالمساواة.. وآخرون يتحدثون ويبدون آراءهم بناء على هواجس ومخاوف من تراجع الرواتب
ابن الدولة يكتب: جرائم الإهمال فى حوادث الطرق والقطارات.. تطبيق حاسم للقانون على كبار المسئولين قبل صغارهم هو الحل لمواجهة تكرار الحوادث.. المواجهة الشاملة للفساد طريقنا لبناء دولة حديثة
الخميس، 04 فبراير 2016 09:08 ص
ابن الدولة