تفاقمت أزمة الصراع بين مستثمرى الحديقة الدولية وعددهم 15 مستثمرا، و بين محافظة الإسكندرية ، فى الخلاف الواقع حاليا ، حول أحقية المحافظة فى تحصيل فارق القيمة الإيجارية الذى تم إعادة هيكلته وفق السعر الحقيقى للأرض، و تحصيل تلك المبالغ عن السنوات الماضية بأثر رجعى ، مما يتسبب فى تراكم ميدونية تصل إلى الملايين على هؤلاء المستثمرين فى حين مازالت الحديقة الدولية فى حالة يرثى لها من الإهمال .
وأكد مستثمرو الحديقة الدولية ، على أن الحكم الذى تستند إليه المحافظة فى أحقية فسخ العقود قد أجاز بأحقية استمرار محافظة الإسكندرية فى العقود المبرمة كما هى و هو ما قامت به المحافظة فى ذلك الوقت من صدور الحكم فى عام 2006 ، الذى نص على أحقية المحافظة فى التعامل مع المستثمرين طبقا للعقود المحررة مع شركة الدلتا وبموجب ذلك حصلت المحافظة على إيجار سنوى يقدر بحوالى 4 و نصف مليون جنيه سنويا بدلا من 450 ألف جنيه، و فى 2012 قامت محافظة الإسكندرية بتقديم طلب لإدارة الفتوى بمجلس الدولة لتفسير منطوق حكم التحكيم المشار إليه، بإجازة العقود اعتبارا من 2004 حتى نهاية التعاقدات فى 2018 ، وتحرير عقود جديدة مع تعديل القيمة الإيجارية بالاتفاق مع المستثمرين، و فى حال الاستمرار على العقود المبرمة مع شركة الدلتا يتم التأكد من أحقية المستثمر فى الإيجار من الباطن من عدمه.
وأوضح المستثمرون أنه بالرجوع إلى خطاب المحافظة الصادر برقم 194 بتاريخ 11/2/2016 يتضح أن المحافظة قد أخذت بالبند الثانى لتفسير منطوق الحكم والذى ينص على تحرير عقود جديدة، وتساءلوا كيف يحق للمحافظة الرجوع إلى المستثمر بعدما أقرت العقود السابقة مع شركة الدلتا الذى استمر بها العمل منذ 2004 مع انتظام سداد القيمة الإيجارية المطلوبة.
وطالب المستثمرون بإعادة النظر فى تطبيق البند الثانى من فتوى مجلس الدولة فى تفسير منطوق الحكم ، حيث تطالب المحافظة بمبالغ متأخرة منذ 2004 و حتى 2015 دون تحرير عقود جديدة.
من جانبه قال هانى الطرابلسى ، أحد مستثمرى الحديقة الدولية ، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع " أن المستثمرين قد تسلموا الأرض بلا مبان أو بنية أساسية من مياه وكهرباء و صرف و قال " لم نبدأ فى تشييد المبانى إلا بعد الحصول على التراخيص اللازمة و التى كانت تستغرق وقتا طويلا و تم البدء فى 2006 طبقا للتراخيص الصادرة ، بالإضافة إلى أننا تعرضنا بعد ثورة 25 يناير إلى انتكاسة استمرت 3 سنوات ، كما أن المحافظة بالرغم من تحصليها للقيمة الإيجارية مباشرة إلا أنها لم تقم بالاهتمام بصيانة الحديقة التى أصبحت فى حالة يرثى لها .
و طالب المستثمرون بإعادة النظر فى القيمة المطلوبة عن الفترة السابقة التى تزيد عن 10 سنوات مع التعاقد المباشر مع المحافظة و الاتفاق على تقدير القيمة الإيجارية و امتداد العقود تعويضا عن الفترة السابقة المطلوبة .
من جانبه قال المهندس محمد عبد الظاهر ، محافظ الإسكندرية ، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع" أن محافظة الإسكندرية من خلال اللجنة المشكلة فى يناير الماضى لمتابعة ملف مستثمرى الحديقة الدولية ، قد بدأت بالفعل بمطالبة المستثمرين بمبالغ مالية من مستحقات المحافظة المستحقة للقيمة الإيجارية لمنطقة الحديقة الدولية.
وأكد محافظ الإسكندرية لليوم السابع على أن اللجنة المشكلة بقرار صادر منه، قد قامت بالفعل بوضع تسعير وقيمة مالية مبدئية، لكل مستمثر ، و طالبتهم بالدفع مع إعطاء مهلة شهر المبلغ المحدد الذى يعتبر جزء من المبلغ الإجمالى على كل مستمثر إلى حين انتهاء اللجنة من وضع التقدير الإجمالى للمبلغ المستحق عن السنوات الماضية .
وأشار محافظ الإسكندرية ، إلى أن حكم تحكيم وفتوى التى حصلت عليها محافظة الإسكندرية منذ عام 2004 ، تعطى للمحافظة الحق فى اتخاذ الإجراءات القانونية فى حال عدم الالتزام من المستثمرين ، مشددا على أنه فى حال عدم الالتزام سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية الأزمة.
وقال المهندس محمد عبد الظاهر: "إنه لا يوجد حق للدولة يضيع و المحافظة من حقها فى حال عدم الالتزام فسخ العقود طبقا لحكم التحكيم الصادر ".
وأضاف قائلا :" نعمل و نحن نحمل كفننا على أيدينا و لن أخشى أن أدخل عش الدبابير لمحاربة الفساد "، مضيفا :" المحافظة حاليا تحاول إصلاح ما فسد منذ 12 عاما، قائلاً: لن أسمح أن يقال إن المحافظ تقاعس عن تحصيل مستحقات الدولة "
ويعد ملف فساد الحديقة الدولية من أكثر الملفات الشائكة بمحافظة الإسكندرية و الذى استمر طيلة 17 عاما يمثل أكبر علامات الفساد فى المحافظة ، و تسبب فى إهدار أكثر من 7 مليارات جنيه مستحقات مالية للدولة.
ويعود ملف فساد الحديقة الدولية بالمحافظة إلى أكثر من 17 عاما ، تم خلالها إهدار مايقرب من 7 مليارات جنيه إيجارات مستحقة لم يتم سدادها ، حيث يعود الأمر إلى عام 1998 حينما تعاقدت محافظة الإسكندرية بالأمر المباشر مع إحدى شركات القطاع الخاص لتطوير أرض الحديقة الدولية و التى تبلغ مساحتها 130 فدانا ، مقابل سداد حق انتفاع 450 ألف جنيه سنويا للمحافظة و لمدة 20 عاما.
ولم تلتزم الشركة بالعقد المبرم مع المحافظة بضخ 20 مليون جنيه فى بداية المشروع لتطوير الحديقة و التى كانت الحديقة فى بداية افتتاحها متنفسا هاما للمواطن السكندرى كأكبر حديقة للتزه بالإسكندرية ، بل قامت الشركة بتقسيم الأرض و تقليس حجم الحديقة و بيعها إلى عدد من المستثمرين وصل عددهم إلى 18 مستثمرا، يستثنى منهم 3 ضمن منظمات المجتمع المدنى و الجميعات الخيرية ، قاموا ببناء أندية و فنادق و منتجعات سياحية عليها منها (شركة إكسبريس للتنمية السياحية والعقارية "أكاسيا " – الدولية للترفية والاستثمار السياحى "فانتازى لاند" – و"لاجون" للاستثمار السياحى وغيرها"، وتحصلوا لأنفسهم على قطعة منها تحت مسمى الشركة الدولية للفنادق والسياحة "داون تاون" المسجلة بأسماء بعض أعضاء مجلس إدارة الشركة وأثبتوا بالعقود قيمة إيجارية أقل من الحقيقة، وافتعلوا منازعة تحكيم صورية فيما بينهم قضى فيها صلحاً بتخفيض الإيجار لمبلغ 1.40 قرش للمتر سنوياً، والبعض الآخر قام باستئجار جزء منها من الباطن لإقامة كافيهات و مطاعم و محلات لعدد حوالى 230 مستأجرا بقيمة إيجارية تجاوزت 664 مليون جنيه.
فما كان من محافظ الإسكندرية فى ذلك الوقت اللواء محمد عبد السلام المحجوب ، إلا إصدار قرار فى 22 نوفمبر 2004 بفسخ التعاقد مع الشركة ، و تولى المحافظة مسئولية إدارة الحديقة ، ثم فى 2 أبريل2006 صدر قرار التحكيم بأحقية المحافظة بتغيير العقود مع المستفيدين مباشرة الذين استأجروا من الباطن من المستثمرين المتعاقدين مع شركة الخاصة، إلا أن مسئولى المحافظة تقاعسوا عن تغيير العقود سواء فى عهد اللواء عبد السلام المحجوب أو عهد اللواء عادل لبيب ، مما تسبب فى إهدار نحو7 مليارات و304 ملايين جنيه ، وفق التقرير الذى انتهت إليه اللجنة المشكلة فى عهد اللواء طارق مهدى محافظ الإسكندرية الأسبق لحصر خسائر المحافظة فى هذا الملف .
كما لم يتصد كل من المحافظين الأربعة المتعاقبين على الإسكندرية فى أعقاب ثورة 25 يناير مباشرة لهذا الملف ، و هم الدكتور عصام سالم (13 أبريل 2011 - يوليو 2011 ) ، الدكتور أسامة الفولى ( 4 أغسطس 2011 - يوليو 2012 ) ، المستشار محمد عطا عباس (4 سبتمبر 2012 إلى 1 يونيو 2013 ) و المستشار محمد الظاهر بيبرس ( من 16 يونيو 2013 إلى 12 أغسطس 2013 ) ، و ذلك نظرا للظروف السياسية التى مرت بها البلاد فى تلك الحقبة و لقصر المدة التى قضاها كل منهم فى المنصب .
فى عهد اللواء طارق مهدى محافظ الإسكندرية الأسبق ، أصدر قرارا رقم 2422 فى ديسمبر 2013 ، بتشكيل لجنة برئاسة اللواء محمد عبدالرازق رئيس حى وسط الإسكندرية فى ذلك الوقت حيث تقع الحديقة الدولية فى نطاق الحى و ذلك لحصر الخسائر و الأضرار التى لحقت بالمال العام منذ فترة التعاقد مع الشركة فى عام 1998 و حتى هذا التاريخ .
وأكدت اللجنة أنه لم يتم تغيير إلا عقد مستثمر واحد فقط ، بتاريخ 19 مايو 2008 من بين أكثر من230 مستثمرا ومستأجرا من الباطن، و أشارت إلى أن المبالغ التى حصلت عليها المحافظة من الحديقة الدولية لا تتعدى نسبتها 1 من2000 من الأرباح التى يجنيها مستغلو الحديقة مما تسبب فى إهدار 7 مليارات و304 ملايين جنيه.
أما فى عهد هانى المسيرى و التى استمرت 8 أشهر فقط ، فقد تم تشكيل لجنة لاستكمال أعمال اللجنة السابقة فى عهد اللواء طارق مهدى ، تمهيدا لاتخاذ إجراءات قانونية لتغيير العقود المبرمة ووفق الأسعار الحقيقية المستحقة ، حيث قامت اللجنة بحصر مساحة الأرض المنهوبة بما فها التجاوازت الإنشائية التى قام بها المستثمرون و المستأجرون ، و إعادة هيكلة القيمة الإيجارية المستحقة من المستثمرين و المستأجرين وفق أسعار الأرض الحقيقية فى الوقت الراهن ، و رفع الملف و ما انتهت إلية اللجنة إلى الجهات المعنية .
أما المهندس محمد عبد الظاهر محافظ الإسكندرية الحالى فقد أصدر قرارا فى يناير الماضى 2016 بتشكيل لجنة برئاسة الدكتورة سعاد الخولى نائب المحافظ ، تختص بدراسة التعاقدات والأحكام القضائية الصادرة بشأن الحديقة الدولية واتخاذ الإجراءات القانونية والتنفيذية لوضعها موضع التطبيق ، وتحصيل جميع المستحقات المالية للدولة بالحديقة ، وشدد عبد الظاهر على اللجنة بضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاه أى مخالفات .
وتتكون اللجنة من جميع الجهات المختصة السكرتير العام وهيئة الرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة والجهاز المركزى للمحاسبات والشئون القانونية والمالية بالمحافظة ورئيس حى وسط والمدير التنفيذى للحديقة الدولية .
من جهه أخرى تواصل نيابة الأموال العامة ، التحقيق فى تقاعس المسئولين بالمحافظة من المحافظين المتعاقبين على تولى المنصب، عن اتخاذ الإجرءات اللازمة لاسترداد مستحقات الدولة وتنفيذ حكم التحكيم ومحكمة القضاء الإدارى القاضى بأحقية المحافظة فى فسخ التعاقد مع الشركة وتحرير عقود جديدة مع المستأجرين بقيمة إيجارية تتناسب مع طبيعة المكان والنشاط والعائد الذى تدره أو اتخاذ الإجراءات القانونية حيال التعدى على الأراضى المخصصة للمنفعة العامة.
بالصور..تفاقم الأزمة بين مستثمرى الحديقة الدولية ومحافظ الإسكندرية.. المستثمرون:تسلمنا الأرض بلا مبان ونطالب بإعادة النظر فى القيمة الإيجارية.. والمحافظ: مهلة شهر لدفع جزء من المديونية وإلا فسخ العقود
الخميس، 25 فبراير 2016 07:48 م
الحديقة الدولية بالإسكندرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة