من سن الثامنة، وحتى 63 عاماً لم ينتقل الحج "حمدى" من ورشته الصغيرة بالجمالية التى قضا بها عمره كاملاً فى صناعة "مباسم الشيشة" بفن ومهارة لا يدركها سوى من عاصروا المهنة منذ بدايته، يردد يومياً "سبحان من ادانى عمر.. مباسم الشيشة دى حتى فى صناعتها مرض"، هكذا يلخص الحج حمدى حياته باختصار فى مهنة صناعة كل ما يخص "الشيشة".
تدق الساعة الخامسة صباحاً يستيقظ الرجل الخمسينى ليذهب إلى ورشته الصغيرة ليبدأ فى عمله الذى يتلخص فى تقطيع قطع الصدف الكبيرة الملونة إلى قطع صغيرة جداً بأداة تسمى "القصافة"، منذ الخامسة صباحاً وحتى التاسعة مساءً يُقطّع عم حمدى الصدف حتى تنزف يديه دماءً وهو لا يشعر، فنتائج هذه المهنة الشاقة التى مارسها منذ أن كان طفلا تظهر على يديه رغماً عنه، لتعكس ما يعانيه من تعب لكسب القليل من الأموال.
تنتقل هذه القطع الصغيرة من الصدف إلى محمد الرجل الثلاثينى ليبدأ غمسها فى "الغراء الحمراء" ويلصقها على القطعة الخشبية، ومن ثم يلصق بعض الشرائط الطويلة ذو اللون الأسود عليها، لتنتقل بعدها إلى مجموعة مواد كيميائية لا يعرف أصحاب المهنة أسماؤها، لتعطيها شكل نظيف ولامع.
ويروى مجدى ذو الـ32 عاماً "اتعلمتها وأنا صغير مع الحاج حمدى صاحب الورشة، مكنش فيه شغلانة غيرها وبعد ما اشتغلت فيها بشهر رحت للدكتور قالى انت مناخيرك وصدرك تعبوا جدا، بس لو سبت الشغلانة هاكل عيش منين؟".
داخل الغرفة الصغيرة جداً داخل الورشة لا تأخذ أكثر من شخص واحد، تأتى المرحلة الأخيرة والأصعب لصناعة مبسم الشيشة، وهى مرحلة صنفرة المبسم على مكنة كبيرة، يُمسك مجدى المبسم ويضعه على المكنة وسرعان ما يخرج منها أكواماً من الجير والمواد الكيميائية، التى تسببت له بعد شهر من عمله فى المهنة وهو صغير فى أمراض صدرية وأنفية، تجعله يتنفس بصعوبة بالغة.
ويكمل الحاج حمدى صاحب الورشة "تصنيع المبسم له أصوله وقليل أوى اللى بيصنعه دلوقت عشان الحاجة غليت أوى واصحاب الورش التانية بتيجى تاخده مننا بأسعار بسيطة، مكسبنا قل ومينفعش اشوف شغلانة تانية أصلى بحبها وبعتبرها فن مش كله يقدر يعمله، بس المهم تحب الصنعة عشان تحبك".
بعملها بس مابشربهاش.. الحاج حمدى صنايعى"مبسم الشيشة": حتى فى صناعتها "مرض"
السبت، 05 مارس 2016 06:12 م
صنايعى مبسم الشيشة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
طرازان
إهمال !!!!