وقال آفى يسسخاروف، محلل شئون الشرق الأوسط بصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، ومسئول ملف الشئون العربية فى صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية، أن سوريا فى شكلها السابق كدولة لها حدود واضحة وحكومة مركزية مقرها فى دمشق لم تعد موجودة، وأنها تركت هذا العالم وما تبقى منها هو مساحة من الأرض متفككة وممزقة ومنقسمة بين مئات التنظيمات التى تضم رجال مسلحين يقاتل أحدهم الآخر ويعملون بجد على القضاء على ما قد يكون قد تبقى منها.
وأشار يسسخاروف، فى التقرير الذى نشرته صحيفة "هاآرتس"، الذى يعمل أيضاً أستاذ للتاريخ الفلسطينى المعاصر بجامعة تل أبيب، أنه بعد 5 أعوام تقريباً على انطلاق الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد والتى تحولت فيما بعد إلى حرب أهلية دامية حصدت حياة حوالى نصف مليون شخص، بسبب عمليات القتال والمجازر بالأسلحة الكيميائية، فأنه يبدو أن هناك نهاية فى الأفق لهذا الصراع.
لعبة بين القوى العظمى
وقال المحلل الإسرائيلى، إن نظام من نوع ما لا يزال يصارع من أجل البقاء فى دمشق، ويتلقى أوامر من رؤسائه فى طهران، وأصبحت سوريا السابقة لعبة بين القوى العظمى الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك القوى الإسلامية فى المنطقة إيران والمملكة السعودية.
وأشار يسسخاروف إلى أن "المحور الشيعى" الذى تقوده طهران والمسيطر على معظم الأوضاع بسوريا، إلى جانب روسيا، يحارب ضد "المحور السنى" المعتدل نسبياً الذى تقوده السعودية، وكلاهما يحاربان تنظيم "داعش"، الرابح الأكبر والوحيد فى الحرب الأهلية بالأراضى السورية.
سوريا أصبحت مقسمة
وقال يسسخاروف، إن المنطقة التى كانت تعرف حتى وقت قريب باسم سوريا مقسمة اليوم إلى أراضى يسيطر عليها محور "إيران - حزب الله – الأسد" برعاية روسيا، وأراضى يسيطر عليها المحور السنى المدعوم من "تركيا و السعودية"، ومناطق قام فيها الأكراد بإنشاء ما يشبه منطقة حكم ذاتى، وأراضى يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابى، وفى كل هذا، هناك قرى ومدن تحافظ على مكانة شبه مستقلة وتعمل وفقاً لاعتبارات محلية.
السيناريو الأسوأ استمرار الحرب الأهلية
وأاضاف المحلل الإسرائيلى، أن السيناريو الأسوأ هو أن تستمر الحرب الأهلية لعدة سنوات أخرى، وأن السيناريو الأكثر تفاؤلاً هو إنشاء اتحاد فيدرالى، بدعم وتأييد من القوى العظمى، على الأرض التى كانت يوما ما تدعى "سوريا".
تقدم المحور الشيعى
وأضاف يسسخاروف، أن تحركات روسية الأخيرة فى سوريا بعد أشهر كثير من الجمود والركود فى سوريا، خلقت شعوراً بأن "المحور الشيعى" لا يزال يتقدم نحو النصر، ويعزز ذلك وقف إطلاق النار الذى تم الإعلان عنه فى سوريا قبل حوالى 10 أيام، والذى نجح بتهدئة المعارك إلى حد ما، ولكن هذه التطورات غير كافية إلى أعادة الوضع إلى ما كان عليه.
ولفت المحلل الإسرائيلى إلى أن إيران قامت بسحب كل قواتها المقاتلة من الأراضى السورية، وأعادت حوالى 2400 مقاتل من الحرس الثورى الإيرانى إلى طهران وتركت الأسد وحزب الله مع الغارات الجوية الورسية والحرب ضد قوى المعارضة، حوالى 700 عنصر من الحرس الثورى لا يزالون على الأرض السورية، ولكن كمستشارين وليس كمقاتلين.
طهران اللاعب المهيمن فى سوريا
وقال يسسخاروف، إنه بالإضافة إلى مئات المستشارين التابعين لإيران، فهى مسئولة أيضاً عن الميليشيات الشيعية من بلدان مثل باكستان وأفغانستان، وعن حزب الله اللبنانى، موضحاً أن حزب الله يقوم بإرسال الآلاف من مقاتليه إلى سوريا بأوامر من إيران، ويقدر مسئولون إسرائيليون بأن 1500 مقاتل من حزب الله قتلوا وبين 6500 و 7000 أٌصيبوا، أى أن أكثر من ثلث قوة حزب الله النظامية خارج نطاق الخدمة.
وأوضح المحلل الإسرائيلى، أن الرجل المسئول عن هذا المشروع هو سعيد عز الدين وهو جنرال رفيع المستوى فى الحرس الثورى الإيرانى، وعضو فى فيلق القدس ومقرب من قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، وقام عز الدين بفتح مكتب له فى دمشق، ومن هناك يقوم بالتخطيط لهجمات ضد أهداف إسرائيلية فى هضبة الجولان وفى الضفة الغربية وغزة أيضاً.
وأضاف المحلل الإسرائيلى، أن عز الدين هو الذى يقف وراء 3 خلايا عملت ضد إسرائيل فى هضبة الجولان، الخلية الأولى كانت خلية عماد مغنية، الذى خطط هو ولاعبين أساسيين فى حزب الله لسلسلة من الهجمات واسعة النطاق، بما فى ذلك التسلل لبلدات إسرائيلية، وتم القضاء على هذه الخلية فى يناير 2015، والخلية الثانية كانت خلية سمير القنطار، الذى حاول تجنيد دروز محليين اعتماداً على ديانته وصلاته المتعددة، وانهارت هذه الخلية مع القضاء على القنطار فى ديسمبر، والخلية الثالثة كانت بقيادة أعضاء فى الجهاد الإسلامى الفلسطينى المسئولين عن إطلاق الصواريخ باتجاه الأراضى الإسرائيلية فى أغسطس 2015، وتم القضاء على هذه الخلية وهى فى طريقها إلى دمشق.
داعش الرابح الأكبر
وقال يسسخاروف، إن عدو إيران الرئيسى كان وما زال تنظيم "داعش"، على الرغم من محاولات طهران وموسكو تركيز جهودهما على مجموعات أخرى شمال سوريا، حيث لا وجود لـ"داعش"، بالإضافة إلى أن "داعش" تتلقى ضربات عكسرية ومالية فى الأسابيع الأخيرة، فالتنظيم يعانى من هزائم فى العراق أيضاً، وفى سوريا ويتعرض للقصف من كل اتجاه.
وأوضح المحلل الإسرائيلى، أن المشكلة الأسوأ التى يواجهها تنظيم "داعش" قد تكون تدفق الأموال، حيث ركز الأمريكيون جهودهم القتالية على مصادر تمويل التنظيم، كما يبدو مع بعض النجاح، وتعرضت صادرات النفط الخام لـ"داعش" لضربات موجعة، وحتى الأماكن التى يضع التنظيم أمواله فيها تعرضت للقصف.
وأضاف يسسخاروف، إن كل ذلك خلق مشكلة كبيرة للتنظيم فى تجنيد متطوعين جدد، حيث أنه كان يدفع لهم رواتب كبيرة، مشيراً إلى أنه منذ عام 2014، أفضل أعوام التنظيم يواجه داعش حالياً موقف دفاعى، حيث يواجه الأعداء من كل اتجاه.
الأكراد.. العنصر الأضعف فى سوريا
وقال يسسخاروف، إنه بجانب "داعش"، أبرزت الحرب الأهلية فى سوريا عنصراً آخر، ولكن هذه المرة عنصراً إيجابياً، فالأكراد على الرغم من اعتبارهم المجموعة الأضعف فى الساحة السورية، فقد أظهروا قدرة عسكرية كبيرة فى النظام والانضباط والتنظيم، فقوات "البشمركة" ووحدات "حماية الشعب الكردية" (YPG) حققت إنجازات هامة على الأرض فى منطقة "كوبانى" من بين مواقع أخرى.
وأضاف المحلل الإسرائيلى، أن وحدات حماية الشعب الكردية تتلقى المساعدة من روسيا، ومن الواضح أن ذلك يأتى ضمن الجهود الروسية للاستهزاء بتركيا، التى لا ترغب برؤية وجود عسكرى جوى روسى أو وجود روسى بأى شكل من الأشكال فى المنطقة، وتعارض بشدة إقامة حكم ذاتى كردى.
وأوضح يسسخاروف، أنه على أرض الواقع فإن الاستقلال الكردى يحدث بالفعل فى الوقت الذى يتقدم فيه الأكراد ببطء ولكن بثبات باتجاه الجنوب والغرب، فى حين أن إنشاء كيان كردى سياسى رسمى على أرض سورية وتركية قد يبدو بعيد المنال، فالواقع هو أن الأكراد يسيطرون على مساحات واسعة من الأراضى.
موضوعات متعلقة..
رسميًا.. إسرائيل تعلن تأييدها لانفصال إقليم "كردستان" عن العراق
رسميًا.. إسرائيل تعلن تأييدها لانفصال إقليم "كردستان" عن العراق
روسيا وإسرائيل يناقشان التطورات فى سوريا وصفقة صواريخ الـS-300 لإيران
إذاعة إسرائيل: معارض سورى كبير زار "الكنيست" وطالب بتسهيلات أمنية
صحيفة عبرية: حزب الله يوجه صواريخ دفاعه تجاه طائرات إسرائيل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة