تتجه أنظام العالم، بدءا من اليوم وحتى الأحد المقبل، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن لمتابعة اجتماعات الخريف السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التى تبدأ الجمعة المقبل، فيما تعقد عدد من اللقاءات والندوات الكبرى بدءا من اليوم، حيث يشارك الوزراء والمسئولون الاقتصاديون فى العالم، فى النقاش حول مستقبل وقضايا الاقتصاد العالمى.
وتبدأ الاجتماعات الرسمية يوم الجمعة المقبل، حيث تشارك الدكتورة سحر نصر الجمعة المقبل، فى أحد الاجتماعات الرئيسية، تحت عنوان "عام واحد منذ إعلان أهداف التنمية المستدامة.. العمل والتقدم المحرز على مستوى البلدان" إلى جانب كل من محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولى لأجندة التنمية لعام 2030 وعلاقات الأمم المتحدة والشراكات وتوماس سيلبرهورن وزير الدولة للشئون البرلمانية فى وزارة التعاون والتنمية فى الميدان الاقتصادى بألمانيا وهيلين كلارك مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى، وذلك بمبنى المقر الرئيسى للبنك الدولى MC، قاعة بريستون.
سحر نصر: عرض احتياجات المواطن وأولويات الحكومة خلال الاجتماعات
وقالت وزيرة التعاون الدولى سحر نصر، إنها تستهل الوزيرة زيارتها إلى واشنطن، بعقد لقاءات مع عدد من المسئولين بالبنك الدولى ومؤسسة التمويل الدولية، كما ستمثل الوزيرة مصر فى اجتماعات مجموعة 24 الدولية، واجتماع المحافظين العرب بالبنك، وأضافت نصر فى بيان لها، أن اجتماعاتها مع مسئولى البنك الدولى سوف تركز على مناقشة محفظة التعاون للبرامج والمشروعات التى يتم تمويلها، إجمالى مبلغ 8 مليارات دولار مقسمة إلى 6 مليارات دولار مقدمة من البنك الدولى للإنشاء والتعمير لمشروعات تنموية، و2 مليار دولار استثمارات من مؤسسة التمويل الدولية فى القطاع الخاص.
وأوضحت أنها سوف تلتقى مع رؤساء المؤسسات التمويلية التى تربطها علاقات تعاون راسخة مع الحكومة المصرية من بينها البنك الأفريقى للتنمية، والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، والبنك الإسلامى للتنمية، وهيئة التعاون الدولى اليابانية "جايكا"، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وأشارت نصر إلى أنها سوف تركز فى لقاءاتها على عرض احتياجات المواطنين خصوصا فى المناطق الأكثر احتياجا، وأولويات الحكومة للفترة المقبلة، وما يمكن أن تساهم به المؤسسات التمويلية المختلفة لمساندة برنامج الحكومة فى تنفيذ الخطة التنموية الطموحة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى مناقشة ما تم إنجازه فى الأشهر الماضية، خاصة فيما يتعلق بالمشروعات التنموية الكبرى التى تشارك المؤسسات التمويلية فى توفير التمويل لها.
كما تشهد اللقاءات مشاركة مصرية رفيعة المستوى، تضم الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولى وعمرو الجارحى وزير المالية وأشرف العربى وزير التخطيط وطارق عامر محافظ البنك المركزى.
ويتضمن جدول أعمال الاجتماعات عددا من الندوات والفعاليات التى تركز على الاقتصاد العالمى والتنمية الدولية والنظام المالى العالمى من بينها مناقشة مشاركة الشباب فى تمويل مستقبل التنمية إلى جانب تحسين البنية التحتية فى البلدان النامية والمزج بين رأس المال التجارى واحتياجات التنمية وإدارة الديون فى الاقتصاد عالمى متقلب والاستفادة من قوة الحلول الرقمية.
بدء الندوات اليوم بكلمة لرئيس البنك الدولى
ورغم أن الاجتماعات الرسمية تبدأ الجمعة، إلا أنه ستنطلق بدءا من اليوم عدد من الندوات واللقاءات قبل انطلاق الفعاليات الرسمية، حيث يعرض رئيس البنك الدولى جيم يونغ كيم رؤيته لإنهاء الفقر المدقع بحلول عام 2030 وتعزيز الرخاء المشترك، وسيتحدث حول الصلات بين النمو والفقر وعدم المساواة والوجه المتغير للفقر والدور الذى يمكن لمجموعة البنك الدولى أن تلعبه فى مواصلة التقدم الرائع الذى تحقق فى التنمية العالمية، كما سيتعرض للتحديات العالمية التى تهدد بانحراف هذا التقدم عن مساره، والمسار إلى تحقيق التغير الضرورى لبلوغ هدفى المجموعة بأسلوب مستدام.
ومن جانبها قالت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية: إن اجتماعات صندوق النقد الدولى لن يكون فيها وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية حول العالم فى مزاج احتفالى فى اجتماعهم فى واشنطن، فرغم عدم وجود تهديد بانهيار اقتصادى عالمى وشيك، إلا أن هناك الكثير من القضايا التى سيناقشونها وتحتل أولوية على أجندتهم.
وتحتل 5 قضايا رئيسية أولويات النقاش فى الاجتماعات
1- خروج بريطانيا والتهديدات الأخرى للاقتصاد العالمى
رغم مراجعة صندوق النقد الدولى لتوقعاته بشأن الاقتصاد البريطانى، إلا أنه لا يزال مقتنعا أن تأثير الخروج سيكون سلبيا على المدى الطويل، خاصة أن حكومة رئيسة الوزراء تريزا ماى تجعل من السيطرة على الهجرة أولويتها أكثر من التركيز على استمرار الاحتفاظ بميزة الدخول إلى السوق الموحد.
وستدعو كريستين لاجارد، مدير صندوق النقد الدولى البنك المركزى البريطانى وزارة المالية على تحفيز الاقتصاد، كما ستحذر من إمكانية وجود اضطرابات جديدة لكل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى مع بداية إجراءات الانفصال بموجب المادة 50.
ومن المرتقب أن يسلط تقرير الاستقرار المالى العالمى الذى يصدره الصندوق مشكلات البنوك الأوروبية، وعلى رأسها بنك دويتشه بنك الألمانى. كما يخشى الصندوق أن تتسبب خسارة رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى فى الاستفتاء على إصلاح مجلس الشيوخ فى ديسمبر المقبل فى أزمة اقتصادية وسياسية، تصل صداها إلى جميع أرجاء منطقة اليورو.
ويراقب الصندوق دول مثل الولايات المتحدة، التى من المتوقع أن تحقق نموا أقل فى 2016 بالمقارنة بما كان متوقعا قبل ستة أشهر، بينما تسعى الحكومة الصينية إلى إعادة توازن الاقتصاد دون اعتمادها على الصادرات.
2- جمود النمو
منذ عشرة أعوام، كان الاقتصاد العالمى ينمو سريعا، فبين عامى 2003 و2006، وصل النمو العالمى لأكثر من 5% فى العام الواحد، وهو أقوى أداء منذ بداية السبعينات، ولكن الأوقات تغيرت، وأصبح النمو جامدا فى حدود الـ3% سنويا نظرا للأداء الضعيف المستمر من قبل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.
وقالت لاجارد فى خطاب الأسبوع الماضى، إن "الانتعاش العالمى كان ضعيفا وهشا على مدار الأعوام الماضية حتى الآن خاصة بالنسبة لاقتصادات الدول المتقدمة، ورغم وجود مؤشرات جيدة، إلا أن توقعات النمو بوجه عام لا تزال منخفضة".
3- اتجاه البنوك المركزية لرفع أو خفض سعر الفائدة
رغم جهود البنوك المركزية الجادة، لا يزال النمو العالمى ضعيفا. وقاموا بتخفيض أسعار الفائدة إلى أرقام قياسية وحاولوا تعزيز الطلب بشتى الطرق، ولكن بلا فائدة واضحة.
وسيجتمع محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية وسط تكهنات متزايدة أن الاحتياطى الفيدرالى سيرفع سعر الفائدة قبل نهاية العام الجارى، بعكس بنوك مركزية أخرى، مثل بنك إنجلترا والبنك المركزى اليابانى والأوروبى الذين يتحركون فى الاتجاه المعاكس بتوفير المزيد من التحفيز.
ورغم أن لاجارد احتفظت بموقف محايد تجاه رفع الولايات المتحدة لأسعار الفائدة، ولكنها تخشى الآثار غير المتوقعة التى يمكن أن يخلقها رفع سعر الفائدة.
وتعتقد لاجارد أن البنوك المركزية يطلب منها أن تفعل الكثير، وأن خلق مستويات أعلى من النمو يتطلب العمل على ثلاثة محاور: التحفيز النقدى وخفض الضرائب أو زيادة الإنفاق من قبل وزارات المالية والإصلاح الهيكلى.
4- أهمية التجارة الحرة فى العالم
أنشئ صندوق النقد بسبب الاضطرابات التى خلقتها الأزمة المالية فى الثلاثينات، وعندها تبنى الجميع سياسة الحماية الاقتصادية كجزء من آثار الركود العظيم، ومنذ نشأته عام 1944، يسعى الصندوق لتقليل الحواجز أمام التجارة.
وينظر الصندوق الآن بعين الحذر إلى مد العولمة الذى يمكن أن يرى فى الخطاب المعادى للتجارة الحرة الذى يستخدمه دونالد ترامب، وجمود المفاوضات بين واشنطن وبروكسل حول الشراكة الاستثمارية، والاستفتاء على الخروج.
وسينضم المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، إلى لاجارد فى واشنطن للتأكيد على أهمية التجارة الحرة، فهما يخشيان بشأن تأثير زيادة تدابير الحماية الاقتصادية على مدار الأعوام السابقة.
5- أزمة ديون جديدة
خلال العقد الأخير، غطت أنشطة صندوق النقد على المنظمة الشقيقة "البنك الدولى"، التى تعقد اجتماعها السنوى هذا الأسبوع أيضا. وكان التركيز على مشكلات العالم المتقدم، فيما يتعلق بانهيار البنوك الوشيك، وتهديدات أمام اليورو والخروج البريطانى من أوروبا، بدلا التركيز على الدول الفقيرة، وبعضها شهد نموا متزايدا بسبب ازدهار أسعار السلع.
ولجأت العديد من الدول الفقيرة للاقتراض عندما كانت الأوقات جيدة، ولكنهم يجدون البيئة الآن أكثر عدوانية، لاسيما مع تراجع الطلب فى الدول المتقدمة والذى أدى إلى تراجع أسعار السلع وتأخر النمو فى الدول النامية.