فلسطين قضية العرب الأولى، وقضية مصر على وجه خاص، هكذا تثبت المواقف المتتابعة والانحيازات الحقيقية، بعيدًا عن الشعارات والتجارة بالقضية أو توظيف بعض فصائلها وأبنائها لمقدرات فلسطين وشعبها فى خدمة أجندات ومصالح دول أخرى، والحلقة الأحدث فى هذه الشواهد هى موقف مصر فى مجلس الأمن الدولى، ففى الوقت الذى تشهد القضية الفلسطينية تجاهلا واسعًا على الساحة الدولية، ويتراجع الاهتمام بها أمام ما تشهده أوروبا من عمليات إرهابية، طرحت مصر على مجلس الأمن الدولى مشروع قرار لإدانة المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس المحتلة، وإيقاف التوسعات الإسرائيلية فى الأراضى المحتلة، ليتم التصويت عليه فى تمام الساعة العاشرة مساء اليوم الخميس بتوقيت القاهرة، ويحتاج تمرير القرار إلى تسعة أصوات لصالحه، إضافة إلى امتناع الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا أو روسيا أو بريطانيا أو الصين عن استخدام حق النقض (الفيتو) ضده.
فى هذا الإطار، قال دبلوماسيون رفيعو المستوى، إن مصر وزعت مسودة القرار مساء أمس الأربعاء، على 15 دولة ستحضر الجلسة، وإلى الآن لم يتضح كيف ستصوت الولايات المتحدة الأمريكية على القرار، خاصة أنها القوة السياسية التى تحمى إسرائيل من أى إجراء داخل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية.
"نتنياهو" يحث الولايات المتحدة الأمريكية على استخدام "الفيتو" ضد القرار
من جانبها، حثت إسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم الخميس، على استخدام حق النقض (الفيتو) لإسقاط مشروع القرار المصرى فى مجلس الأمن الدولى، ولجأ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى "تويتر" لتوجيه هذا النداء، فى بادرة تعبر عن مدى قلقه من أن يطلق الرئيس باراك أوباما طلقة الوداع على سياسة طالما كان يعارضها، وعلى زعيم يمينى كانت علاقته به مضطربة، قبل أسابيع من مغادرته البيت الأبيض وإخلاء موقعه للرئيس المنتخب دونالد ترامب.
وكتب "نتنياهو" فى تدوينة عبر "تويتر"، إنه يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية "استخدام حق النقض (الفيتو) ضد القرار المناهض لإسرائيل فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اليوم الخميس".
مشروع القرار المصرى يهاجم الاستيطان.. وأمريكا تراه غير شرعيا ولكن لا تسمح بانتقاده
يُذكر أن مشروع القرار يطالب إسرائيل "بوقف فورى وكامل لجميع أنشطة الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، ومن جانبه رفض البيت الأبيض التعليق على مشروع القرار المصرى، بينما يأمل بعض الدبلوماسيين فى أن يُمكّن "أوباما" مجلس الأمن من الموافقة على القرار بالامتناع عن التصويت، خاصة أن إدارة "أوباما" دأبت على توجيه انتقادات شديدة لبناء المستوطنات فى الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية، لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إنه ليس من المتوقع أن يتخذ الرئيس خطوات كبيرة فيما يتعلق بالسلام الإسرائيلى الفلسطينى قبل أن يترك منصبه.
وتضيف مسودة القرار المصرى، مؤكدة أن بناء إسرائيل للمستوطنات "لا يستند إلى أى أساس قانونى أو دستورى وهو انتهاك صارخ للقانون الدولى"، ويبدى القرار قلقًا شديدًا من استمرار النشاط الاستيطانى، مؤكّدًا أنه "يعرض الحل القائم على أساس الدولتين للخطر الشديد".
من جانبها، تقول الولايات المتحدة الأمريكية، إن استمرار إسرائيل فى بناء المستوطنات يفتقر للشرعية، لكنها لم تصل إلى حد تبنى موقف عديد من الدول الأخرى القائل بأنه غير قانونى بموجب القانون الدولى، بينما يقيم نحو 570 ألف إسرائيلى فى الضفة الغربية والقدس الشرقية، فى الأراضى التى احتلتها إسرائيل فى حرب يونيو عام 1967.
اليمين الإسرائيلى يستند لوجود الجمهوريين على رأس السلطة بالبيت الأبيض
يدعم موقف زعماء تيار اليمين المتطرف والمستوطنين فى إسرائيل، انتخاب المرشح الجمهورى دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل أشار "ترامب" إلى تغيير محتمل فى السياسة الأمريكية، بتعيينه أحد محاميه، وهو جامع تبرعات لصالح مستوطنة إسرائيلية كبيرة، سفيرًا جديدًا لواشنطن لدى إسرائيل.
وفى عام 2011 استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية، بعد أن رفض الفلسطينيون تسوية عرضتها واشنطن، وقال "دانى دانون"، سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، فى تصريح لراديو الجيش الإسرائيلى: "خلال بضع ساعات سنعرف الرد من أصدقائنا الأمريكيين".
وأضاف السفير الإسرائيلى: "آمل بشدة أن يكون نفس الرد الذى تلقيناه فى عام 2011، عندما كان النص مشابهًا جدًّا للنص المقترح الآن، واستخدمت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، فى ذلك الوقت حق النقض ضده".
وتابع سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة تعليقه على مشروع القرار المصرى، قائلاً: "إن شيئا لن يتغير على الأرض إذا ما تمت الموافقة على القرار، لكنه أكد أن الموافقة قد تشجع الفلسطينيين على السعى لفرض عقوبات دولية على إسرائيل، ما يعيق أى عودة محتملة لمحادثات السلام التى انهارت عام 2014.
مجلس-الأمن
مستوطنات-إسرائيلية-بالضفة-والقدس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة