لم ينس الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما، أن يأمر برفع كفاءة أنظمة التكنولوجيا والإنترنت التى عفا عليها الزمن بالبيت الأبيض قبل قدوم الساكن الجديد، ولكن لم تكن هذه هى هدية أوباما الوحيدة لترامب قبل مغادرته منصبه، فقد أغرق الرئيس الراحل عن البيت الأبيض الإدارة الجديدة بعدد من القرارات وضعت "ترامب" فى موقف لا يحسد عليه مع أجهزة الدولة، آخرها مع الكونجرس الأمريكى بسبب عقوبات فرضها على روسيا على خلفية تدخل الأخيرة فى الانتخابات الأمريكية.
وأعلن أوباما، يوم الخميس الماضى، أن البيت الأبيض سيقوم بطرد 35 روسيًا من بينهم دبلوماسيون قيل إنهم جمعوا معلومات عن الولايات المتحدة للتجسس لصالح مخابرات روسية.
وأنكرت روسيا تمامًا ما زعمته الإدارة الأمريكية وأعلنت أنها ستنئى بنفسها عن "سياسة المطبخ" التى انتهجها الرئيس أوباما، وقد لاقى رد فعل موسكو ترحيبًا كبيرًا من "ترامب"، الذى وصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بـ"الذكى جدًا" لرفضه اتخاذ قرار مماثل ضد دبلوماسيين أمريكيين بروسيا.
وبالرغم من أن معلقين يرون أن هدوء بوتين وتلميحه بانتظار موقف الإدارة الجديدة من العلاقات الثنائية قد قطع الطريق على خطط أوباما لإفساد محاولات ترامب لتوثيق العلاقة مع روسيا، إلا أنه فى الواقع خلق مواجهة داخلية محتملة بين الرئيس المنتخب الذى سيتسلم مهام منصبه فى 20 يناير وبين الكونجرس.
ومع استنكار "ترامب" للعقوبات التى أشار إلى أنها غير مناسبة، واضطراره لحضور جلسات الإفادات الاستخباراتية التى كان يرفضها للإطلاع على نتائج التحقيق الذى أفضى إلى اتهام روسيا بشن قرصنة إلكترونية ضد نظام الانتخابات الأمريكية، أعلن كبير مساعديه "شون سبايسر" فى تصريحات صحفية أن الرئيس المنتخب ينوى إصدار مراسم لنقض قرارات أوباما مع تسلمه منصبه.
وكثيرون يعتقدون أن هناك ائتلافا قويا داخل الكونجرس، من ديمقراطيين وجمهوريين، سيتصدى لتلك المراسيم، بحسب ما أشار النائب الديمقراطى بلجنة الاستخبارات "آدم شيف"، محذرًا من "رد فعل قوى" حال قيام ترامب بتلك الخطوة.
وصرَّح "شيف" لشبكة "ايه بى سى" الأمريكية: "سوف ترى ديمقراطيين وجمهوريين مثل جون ماكين وليندسى جراهام، وآخرين يتَّحِدون من أجل حزمة عقوبات قوية لأنه على الرغم من أن ما فعلته الإدارة هو بصراحة يعتبر شيئا رمزيا إلا أنه كان مفيدًا للغاية".
ونقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مساعد جمهورى بمجلس الشيوخ لم بذكر اسمه أنه "سيكون هناك مواجهة فى نقطة معينة ما لم يغير ترامب سياسته"، مضيفًا أن الإدارة الجديدة سوف يتوجب عليها أن تقرر ما أن تسير مع جهود المجلس ضد روسيا أو محاربته".
فيما رأى محللون سياسيون أن العقوبات الجديدة التى أعلنها أوباما، بالرغم من أنها جاءت متأخرة، إلا أنها ستجعل ترامب يبدو لينًا إذا أسقطها فورًا عقب توليه مهام منصبه، على حد قول الصحيفة البريطانية.
وإلى جانب طرد الدبلوماسيين الروس، توالت الصفعات التى وجهها الرئيس الأمريكى باراك أوباما للإدارة الجديدة فى الأسابيع الماضية، متضمنة قرارات من شأنها أن تؤثر على سياسة ترامب الخارجية وخططه التى يعتزم تطبيقها فور انتقاله للبيت الأبيض بنهاية هذا الشهر.
صفعة مجلس الأمن
وقبل أسبوعين، سمحت إدارة أوباما، لأول مرة بتبنى قرار بمجلس الأمن ضد المستوطنات الإسرائيلية منذ نحو 8 سنوات، بعد أن امتعنت عن التصويت، وهو ما مثَّل مفاجأة كبيرة وتصعيدًا غير متوقع، تاركًا ترامب يخوض صدامًا جديدًا مع الأمم المتحدة لوقف العمل بالقرار لما يراه فيه "ظلمًا كبيرًا" لإسرائيل.
وقد كتب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة "تويتر": "فيما يخص الأمم المتحدة، الأمور ستكون مختلفة بعد 20 يناير"، فى إشارة إلى موعد دخوله البيت الأبيض وتوليه مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة.
وأشار معلقون على "تويتر" إلى أن هناك غموضًا يخيم على مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وسط حالة من عدم اليقين بشأن سياسات دونالد ترامب فى الشرق الأوسط، إذ سمّى الرئيس المنتخب "ديفيد فريدمان" سفيرًا للولايات المتحدة فى إسرائيل، والذى يُعرف بعدم معارضته لبناء المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية، كما تعهد بنقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
حظر التنقيب
ومن القرارات الأخيرة التى أصدرها أوباما، والتى من المتوقع أن يقوم ترامب بإلغائها هو قرار حظر نهائى على أعمال الحفر تنقيبًا عن النفط والغاز فى المنطقة القطبية الشمالية والساحل الأطلسى من منطلق المحافظة على البيئة، فى اتفاق مع رئيس الوزراء الكندى "جاستن ترودو".
ورأى معارضون للقرار أن ترامب سوف يلجأ لرفع قضية أمام المحاكم لوقف الحظر، لما يمثله من عراقيل أمام خططه المستقبلية الرامية لتوفير مزيد من مصادر الطاقة.
تسجيل المسلمين
كما قررت الإدارة الأمريكية قطع الطريق على خطط دونالد ترامب بشأن دخول المسلمين، من خلال إلغاء برنامج تسجيل دخول وخروج تم تدشينه عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، كان من المحتمل إحياؤه لتعقب المسلمين والعرب داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان أوباما قد علَّق العمل بالقانون منذ العام 2011، لما رأته أجهزة المخابرات من أنه يستهدف المسلمين والعرب، وأنه لم يحقق الهدف المأمول منه وهو ردع الارهاب فى أمريكا.
وعلى الرغم من ذلك، أكد ترامب أن تلك المحاولات لن تردعه عن تنفيذ خططه، التى ستحدد دول بعينها تشهد انتشارًا للارهاب، سيتم منع الوافدين منها من دخول أمريكا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة