فى تأكيد على خطورة الدور الذى تقوم به مواقع التواصل الاجتماعى وفى مقدمتها "فيس بوك" و"تويتر"، بجانب محرك البحث الأشهر "جوجل" فى سوق الدعاية والإعلان الخاص بالصحافة الإلكترونية، واحتكار تلك المواقع الحق فى عرض محتوى دور النشر الصحفية الكبرى دون مقابل، مع امتلاك آلية عرض المحتوى من عدمها وتحديد ظهوره وآلية فهرسته، نشرت صحيفة "جارديان" البريطانية تقريراً مطولاً بعنوان "إذا كان فيس بوك يريد أخبار الصحف لماذا لا يدفع مقابل"، مشيرة على لسان الخبير الإعلامى البريطانى بيتر بريستون إلى أن أموال الإعلانات التى كانت تمول الصحف تذهب إلى "حوصلة الإنترنت"، فيسبوك وجوجل، وإن هذا يضع الصحافة فى أزمة تصل إلى إغلاق الصحف أبوابها.
فيس بوك
وشدد الكاتب، اليوم الأحد، على أن "فيس بوك" و"جوجل" بحاجة للأخبار لكى يحافظا على استمرار تصفح المستخدمين لصفحاتهم، وإنهما إذا تسببا فى ضياع مصادر الأخبار سيكون عليهما أن يستبدلاها، طارحا فكرة أن يمولا الصحف.
ونقل عن خبيرين من مباردة "تقرير ستانفورد للابتكار الاجتماعى"، التابعة لجامعة ستانفورد الأمريكية، أن مشاكل الإعلام فى العقدين الأخيرين تتخلص فى التالى 5 محاور أولها نقص القاعدة التمويلية للصحافة المطبوعة، ثم التفتت المتزايد لمجموعات الجماهير، بجانب تسارع النشر الرقمى والعشوائى والفورى للمعلومات، بالإضافة إلى استبدال المعلومات المكتوبة والتليفزيونية والإذاعية بمقاطع الفيديو، وأخيراً تناقص كمية وجودة التعليم وما يليه من تدنى فى المعرفة بالشأن العام.
جوجل
وأوضح الخبيرين "بروس سيفرز" و"باتريس شنايدر" أن هذه العوامل تهدد الديموقراطية وتمثل تربة خصبة للأخبار الزائفة، والحل هو التعامل المادى مع الصحافة بقدر من الأهمية يساوى تلك التى تحظى بها العلوم والعملية التعليمية.
تويتر
ولكن أشار بريستون إلى أن التبرعات التى تصل لوسائل الإعلام الأمريكية ترنو على 150 مليون دولار فقط سنويا، بينما إذا ارتفعت التبرعات إلى 1% من أموال الأعمال الخيرية فى أمريكا فسيصل الدعم إلى 3.7 مليار دولار.
وأضاف أنه من الصعب أن يحول أحد أموال الأعمال الخيرية إلى الصحف التى تغطى مواضيع كالرياضة وأخبار الفنانين.
وقالت الأستاذة "إميلى بيل"، رئيسة "مركز تاو فى كولومبيا" التابع لجامعة كولومبيا، إن الولايات المتحدة بحاجة لمبادرة مماثلة للبى بى سى فى بريطانيا، والتى تمولها الحكومة، حسبما نقل عنها الكاتب.
وقالت بيل إن 4 أو 5 شركات تكنولوجية عليها أن تتبرع بمليار دولار كمنحة لمشروع جديد للصحافة المستقلة.
ونوه بيرستون إلى محاولات الصحف للاستمرار، ضاربًا المثل بصحيفة التايمز البريطانية التى تطلب اشتراك لقراءة أى من أخبارها، والتليجراف التى تطلب اشتراك لبعض مواضيعها، والجارديان التى تحاول جذب القراء للاشتراك لكى يساعدوها فى الاستمرار فى نشر مواضيع ذات جودة عالية، بالإضافة إلى سعى الصحف لتنويع أطروحاتها ووسائل عرضها على القراء.
ولكنه أوضح أن كل هذه المحاولات قد تدر دخلا إضافيا أو بعضها يناسب صحيفة دون غيرها، مشيرًا إلى أنه لا يوجد حل سحرى لإنقاذ الصحافة، ما يعنى تراجع الصحافة تمامًا أو إلغاء فكرة تنافس وسائل الإعلام وتوحدهم من أجل إنقاذ الصحافة أمام مواقع الإنترنت التى تستأثر بالإعلانات.