قبل أقل من يومين على انتهاء المهلة التى منحتها الدول العربية لإمارة قطر لتنفيذ قائمة مطالب تتضمن 13 بنداً من بينها غلق قناة الجزيرة ووقف دعم وتمويل الكيانات الإرهابية، قالت مجلة فورين بوليسى الأمريكية فى تقرير لها إن حمد بن خليفة، والد الأمير تميم هو الحاكم الفعلى لإمارة قطر، مشيرة إلى أن "الأمير الوالد" لا يفوت فرصة لإزعاج "جيرانه الخليجيين".
وألقت المجلة فى تقريرها المطول الضوء على تاريخ الخلافات بين حمد وملوك وأمراء الخليج التى تعود إلى عام 1995، عندما أقدم على الانقلاب على والده الشيخ خليفة، حيث يتهمهم بمحاولة تدبير انقلاب مضاد لوقف سيطرته على الحكم آنذاك، وهو الأمر الذى دفعه لتدشين قناة الجزيرة التى كان لها دور فى زعزعة استقرار العديد من دول المنطقة فضلاً عن إيواء ودعم جماعة الإخوان وتمويلها للقيام بالدور نفسه.
وفى بداية تقريرها، قالت "فورين بوليسى" إن المملكة العربية السعودية تعتقد أن الأمير تميم بن حمد آل ثانى، ليس الحاكم الفعلى لقطر وأن الرياض تتطلع لتغيير النظام القطرى.. وتابعت: "على الورق، فإن تميم ، 37 عاما، منذ أن تنازل له ابيه عن الحكم عام 2013، لكن قيادات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التى تشارك أزمة دبلوماسية مع قطر، تعتقد أن الشيخ حمد، المعروف الآن باسم والد الأمير، لا يزال يتحكم بخيوط الحكم".
ونقلت المجلة عن دبلوماسى سابق عاش فى الدوحة 10 سنوات دون ذكر اسمه، قوله: "الأب لا يزال القائد الفعلى للدبلوماسية القطرية.. إن حمد يكره الإماراتيين والبحرينيين، لكنه يتجاهل تماما السعوديين"، وهو ما يعكس جانباً خفياً فى الدور المشبوه الذى تقوم به إمارة قطر فى الوقت الراهن تجاه الدول العربية الكبرى، وتمسكها بعلاقاتها مع إيران رغم ما تمثله الأخيرة من تهديد واضح للمنطقة العربية بأكملها".
وبحسب المجلة ، قال مسئول أوروبى على صلة بملف استضافة قطر لكأس العالم 2022، إن حمد عنيف لكن أبيه قوة محركة بشكل كبير، وعلى هامش التقرير لفتت فورين بوليسى إلى الرشاوى التى شابت التصويت لقطر لإستضافة كأس العالم، التى تقدرها وكالة إستخبارات أوروبية بـ180 مليون دولار.
وعن الجذور التاريخية للخلاف، وكواليس نشأة قناة الجزيرة، قال التقرير: "استفاد حمد من ثروة الغاز الطبيعى فى بلاده لإنشاء قناة الجزيرة، وهى أول شبكة تلفزيونية فضائية فى المنطقة، مما أدى إلى زيادة نفوذ قطر بشكل كبير، فى حين تسببت فى إزعاج جيرانها لأنها وفرت منبرا لأصوات المعارضة والوعظ المزعج مثل رجل الدين الإسلامى يوسف القرضاوى.. وعلى مر السنين، كان حمد غير مبالى بالاحتجاجات الدبلوماسية بشأن مضمون القناة، وفى كثير من الأحيان يرد بتملق وبشكل غير معقول على السفراء بأن الجزيرة قناة مستقلة أو ينبغى أن يسمح بحرية التعبير".
واستطردت المجلة: "يبدو أن حمد لا يمكنه أن يقاوم فرصة لإزعاج جيرانه العرب الخليجيين حتى لو كان ذلك يخاطر بتفكك مجلس التعاون الخليجى الذى حمى، إلى حد كبير، النظام الملكى المحافظ والمشيخات العربية من الاضطرابات التى شهدها المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إيران والعراق عام 1980، والأمثلة على أن حمد لا يتردد فى فقع جيرانه فى العين كثيرة، فلقد دعمت الدوحة جماعة الإخوان باعتبارها موجة المستقبل للعالم الإسلامى، وهو موقف مثير للسخرية باعتبار أن الإخوان لا يوافقون على مشيخات وراثية مثل تلك التى فى قطر".
وفيما يتعلق بالمطالب العربية من قطر لإنهاء الأزمة الدبلوماسية الحالية، قالت فورين بوليسى إن على المدى الطويل فإنه رد حمد وتميم سيعتمد على مقدار الضغط الذى يشعرون به من عشيرة آل ثانى الأكبر، وتشير إلى أن قيادة حمد لقطر لم تحظ باحترام كبير من قبل قبيلته فيما يقل هذا الاحترام لابنه، وذلك منذ أن تولى حمد السلطة بعد انقلاب عام 1995، الذى أثار استياء كبير داخل القبيلة الحاكمة ولاسيما أن والدة حمد هى من قبيلة العطية لذا فإنه لا ينتسب بشكل كامل لآل ثان.
وأضافت أنه على الرغم من أن أثنان من زوجاته الثلاثة هم من قبيلة آل ثانى، إلا أن "موزة" المفضلة لديه من قبيلة المسند، لذا فإن وضع تميم داخل عائلة آل ثانى ليس أكثر أمنا وأقل أمانا من حمد، ومن المحتمل أن تحاول الرياض وأبو ظبى تقديم بديل له من قبيلة آل ثانى.
وعلى صعيد المجتمع القطرى الأوسع، فإنه على الأرجح لا يريد القطريين أن يكونوا على خلاف مع السعودية، كما أنهم لا يريدون أن يعتمدوا على إيران، التى تعمل حاليا كطريق الإمدادات الغذائية بعد الأزمة مع الرياض، فيما تستبعد المجلة خضوع حمد لأى ضغوط من أجل المصالحة.