قال مندوب مصر الدائم لدى مجلس الأمن السفير عمرو أبو العطا ان المجلس عليه مسئولية كبيرة في تصحيح المفهوم وليس فقط تعديل مصطلح " العقوبات" الشائع ومدلوله العقابى، مؤكدا ان التدابير المنصوص عليها في الميثاق تهدف نصاً لـ "حفظ السلم والامن الدولي او إعادته إلى نصابة" وليس لمعاقبة أي طرف، ففرضها يرمي بالأساس إلى التصدي إلى تهديدات السلم والامن والدولي، وحماية الأطراف التي يمكن أن تتأثر من تلك التهديدات، والحيلولة دون تدهور الأوضاع، والسعي لإعادة الامور إلي نصابها.
وأكد السفير عمرو ابو العطا خلال نقاش حول " تحسين فاعلية العقوبات الأممية"، موضحا أن المفهوم السلبى للعقوبات يجب أن يحل محله تصوراً أكثر اتساعاً يقوم على فكرة الشراكة بين المجتمع الدولي -والذي أُوكل لمجلس الامن وفقاً لولايته المنصوص عليها في الميثاق - فرض التدابير المناسبة وفقاً للحاجة، وبين الدول الأعضاء بالأمم المتحدة التي تعمل على تنفيذ تلك التدابير، بما في ذلك تلك المستهدفة بالعقوبات الموجهة.
وفيما يلي بيـان السفير عمرو أبو العطا المندوب الدائم لجمهورية مصر العربية لدى الأمم المتحدة أمـام مجلس الأمن في النقاش حول " تحسين فاعلية العقوبات الأممية":
في البداية أود التوجه بالشكر للسيدTaye-Brook Zerihoun مساعد السكرتير العام للشئون السياسية على إحاطته القيمة في هذا الشأن الهام والمحوري لعمل مجلس الامن.
لقد منح الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مجلس الامن الولاية لاتخاذ التدابير المختلفة المنصوص عليها في الفقرة 41، بهدف التصدي للمخاطر التي تهدد السلم والامن الدوليين دون اللجوء إلى استخدام القوة، وعلى عكس التسمية الشائعة لتلك التدابير بالعقوبات، فأن الميثاق لم يرد فيه هذا المصطلح والذي أضحى مستخدماً في قرارات المجلس التي تفرض مثل تلك التدابير.
إن المجلس عليه مسئولية كبيرة في تصحيح المفهوم وليس فقط تعديل المصطلح الشائع ومدلوله العقابي، فالتدابير المنصوص عليها في الميثاق تهدف نصاً لـ "حفظ السلم والامن الدولي او إعادته إلى نصابة" وليس لمعاقبة أي طرف، ففرضها يرمي بالأساس إلى التصدي إلى تهديدات السلم والامن والدولي، وحماية الأطراف التي يمكن أن تتأثر من تلك التهديدات، والحيلولة دون تدهور الأوضاع، والسعي لإعادة الامور إلي نصابها.
وبناء عليه فأن المفهوم السلبي للعقوبات يجب أن يحل محله تصوراً أكثر اتساعاً يقوم على فكرة الشراكة بين المجتمع الدولي -والذي أُوكل لمجلس الامن وفقاً لولايته المنصوص عليها في الميثاق - فرض التدابير المناسبة وفقاً للحاجة، وبين الدول الأعضاء بالأمم المتحدة التي تعمل على تنفيذ تلك التدابير، بما في ذلك تلك المستهدفة بالعقوبات الموجهة.
السادة الحضور
لقد قطع المجلس شوطاً في تطوير مفهوم العقوبات، فتحولت من تدابير شاملة إلى تدابير أكثر ذكاءً وفاعلية، وذلك بناء على التراكم المعرفي الناتج عن التجارب السابقة للمجلس، بحيث تم تخفيف التداعيات السلبية غير المقصودة للعقوبات، بالأخص على السكان المدنيين والدول غير الأطراف في النزاع، مع قصر الاستهداف على الأطراف التي تهدد السلم والامن الدولي، بما ساهم في زيادة الفاعلية والإسراع بتحقيق الأهداف المرجوة.
أن هذا التقدم المحرز يستحق الإشادة والتقدير، ولكنه ليس نهاية المطاف، فمازال المجال مفتوحاً لمزيد من التطور والتقدم، فالمجلس منوط به دور قيادي في دعم جهود زيادة فاعلية نظم العقوبات بالمفهوم الشامل للفاعلية، عبر تحسين التصميم، وضمان التنفيذ بصورة كاملة ودقيقة، وصولاً إلى تحقيق هدف إعادة السلم والامن في أسرع وقت، وبأقل كلفة إنسانية واقتصادية واجتماعية.
أن خصوصية التهديدات المختلفة للسلم والامن الدوليين تستلزم أن تكون كل منظومة عقوبات مصممة بصورة تتناسب مع طبيعة تلك التهديدات وتتعامل معها وفقاً لمعطياتها، ولكن من المؤكد أن خصوصية كل تجربة لا تعني إغفال سبل الاستعانة بالخبرات والدروس المستفادة من تطبيقها، فالمضي قدماً على النحو الحالي في التعامل مع العقوبات بمنظور ضيق يقصر الامر على كل حالة على حدا، لن يؤتي ثمار التطوير المرجوة، إلا بتكامله مع آليات أخرى أكثر اتساعا وشمولية تهدف لدراسة سبل إحداث تطوير نوعي وموضوعي لتلك الأداة الهامة.
وعليه فإيجاد آليات حوار مناسبة، ورصد وتقييم الدروس المستفادة من تجارب نظم العقوبات المختلفة، والتعرف على رؤى الأطراف المعنية، أضحى أمراً لا يجب على المجلس التقليل من أهميته او التقاعس عن النظر في كافة سبل تحقيقه.
لقد مثل الاجتماع غير الرسمي الذي نظمته مصر في الشهر الماضي بصيغة آريا تحت عنوان "تحسين صياغة منظومة عقوبات الأمم المتحدة: رؤية كافة الأطراف ذات المصلحة"، فرصة حقيقية للاستماع إلي تجارب ثلاث دول أفريقية شقيقة، حول أثر العقوبات على إعادة الاستقرار، كما أظهرت المشاركة والحضور الواسع للدول الأعضاء بالمجلس والعضوية العامة للأمم المتحدة الاهتمام الواضح بهذا الملف، والحاجة إلى مزيد من الفهم والتحليل للتجارب السابقة والتي ستؤدي الخبرات المكتسبة من تطبيقها لتطوير وتجويد تصميم نظم العقوبات. فتعظيم الاستفادة من تلك الأداة عبر ضمان عدالتها سيجعلها أكثر فاعلية، في حين أن إساءة استخدامها سيضر بمصداقية المجتمع الدولي، ويترتب عليه تداعيات سلبية تفاقم من بعض الازمات بدلاً من المساهمة في تسويتها.
كما يتعين أيضاً مساعدة الدول على مزيد من فهم التنوع في طبيعة منظومات العقوبات، والعمل على تعزيز قدراتها الفنية لتطبيق إجراءات العقوبات على النحو المطلوب، وهو جهد أود التأكيد على استعداد مصر المساهمة فيه. وفي هذا الإطار اود التوجه بالشكر للسكرتارية على مشاركتها في أول مائدة مستديرة للتعريف بنظم العقوبات التي استضافتها القاهرة في الفترة 12-13 يوليو 2017، بمشاركة من أعضاء اللجنة الوطنية المصرية التنسيقية المعنية بتنفيذ العقوبات الأممية، حيث ترى مصر في هذا التعاون الرائد مع السكرتارية نموذجاً يستحق الدعم وتتطلع للنظر في إمكانية التوسع في تطبيقه بما في ذلك في أطر إقليمية.
السادة الحضور
لقد أًنصتُ باهتمام لمدخلات الدول الأعضاء، وعلى الرغم من تباين بعض المواقف والاهتمامات والتي انعكست على محتوى تلك المداخلات، فقد رصدت الاتفاق على أهمية السعي نحو تطوير نظم العقوبات الاممية، فعلى المجلس مسئولية جماعية لتحويل هذه المواقف المعلنة من قبل أعضائه، إلى أفعال تثبت صدق وجدية النوايا، وتعد بمثابة رسالة عملية للدول الأعضاء بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بأن المجلس حاضر ومدرك لأهمية هذه الأداء الهامة وضرورة تطويرها على النحو المطلوب، وأن قيامه بدوره لن يتكامل دون تعزيز شراكة حقيقة مع الدول الاعضاء والأطراف ذات المصلحة، عبر خلق الآليات والقنوات التي تتيح له الانصات لتلك الأطراف والتعرف على رؤيتها، كأحد الأدوات الداعمة لتحقيق التطوير المرجو لنظم العقوبات الحالية والمستقبلية، فضلاً عن إتاحة الفرصة المناسبة للمجلس للتحاور بصورة دورية في هذا الشأن، واتخاذ الإجراءات اللازمة إذ اقتضت الحاجة.
وفي هذا الإطار تتطلع مصر، خلال رئاستها للمجلس، للتعاون مع الدول الأعضاء ومواصلة الجهود المشتركة لترجمة المواقف والكلمات الإيجابية التي استمعنا إليها اليوم الى إرادة سياسية وخطوات تنفيذية، والاستعانة بعناصر تلك المواقف وروح تلك الإرادة في التوافق على اُسلوب عملي وآليات فعالة، من شأنها الإسهام في تمكين المجلس من مزيد من تطوير منظومة العقوبات، لتحقيق الهدف منها كأداة لاستعادة الامن والسلم، ومراعاة انعكاساتها او انحرافها عن الغايات المنشودة منها وفقا لخصوصيات كل حالة.
شكراً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة