لم يكن يتخيل أن الحجر الذى رمى به فى مياة الثوابت الراكدة سيثير كل تلك الزوبعة، فمقترحات الرئيس التونسى الباجى قايد السبسى حول منح المرأة حق المساواة مع الرجل فى الميراث والزواج من غير المسلم استطاعت خلال 24 ساعة أن تتخذ بعدا إقليميا، بعد أن تجاوز الجدل الداخل التونسى وبدأت بعض المؤسسات الدينية فى العالم العربى التحفظ عليها.
فيوم الأحد الماضى فتح السبسى الباب للعاصفة بتشكيل لجنة للبحث فى الصيغ القانونية والنظر فى إرساء المساواة فى الميراث، والبحث عن صيغ لا تتعارض مع الدين ومقاصده ولا مع الدستور ومبادئه، كما وجه إلى وزير العدل دعوة لإعادة النظر فى المنشور رقم 73 الذى يمنع زواج المرأة التونسية بأجنبى غير المسلم.
وبرر السبسى قراراته بأنها تأتى من منطلق مسئولية الدولة والتزامها بتحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل، وضمان تكافؤ الفرص بينهما فى تحمل جميع المسئوليات، وقال "لدى ثقة فى ذكاء رجال القانون، وسنجد صيغ قانونية لتجنب الاصطدام بمشاعر التونسيين، مشددا "لن نمضى فى إصلاحات قد تصدم مشاعر الشعب، الذى فى أغلبه مسلم، لكننا نتجه نحو المساواة فى جميع الميادين".
ما زاد من حده الجدل حول تلك القرارات هو سرعة استجابة ديوان الإفتاء فى تونس بمساندة مقترحات السبسى، حيث قال الديوان فى بيان أمس الأثنين أن المقترحات تدعم مكانة المرأة وتضمن وتفعل مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق والواجبات، التى نادى بها الدين الإسلامى فى قوله تعالى "ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف"، فضلا عن المواثيق الدولية التى صادقت عليها الدولة التونسية التى تعمل على إزالة الفوارق فى الحقوق بين الجنسين.
وشدد ديوان الإفتاء على أن المرأة التونسية نموذج للمرأة العصرية التى تعتز بمكانتها وما حققته من إنجازات لفائدتها وفائدة أسرتها ومجتمعها، من أجل حياة سعيدة ومستقرة ومزدهرة، معتبرا رئيس الجمهورية أستاذا بحق لكل التونسيين وغير التونسيين، وهو الأب لهم جميعا، بما أوتى من تجربة سياسية كبيرة وذكاء وبعد نظر، إذ إنه فى كل مناسبة وطنية أو خطاب يشد الانتباه، لأنه معروف عنه أنه يُخاطب الشعب من القلب والعقل، بحسب نص البيان.
بيان الافتاء التونسية دفع مؤسسة الأزهر الشريف للرد حيث قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة فى الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام.
وأضاف:" المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغيير الأحوال والزمان والمكان، وهى من الموضوعات القليلة التى وردت فى كتاب الله مفصلة لا مجملة، وكلها فى سورة النساء، وهذا مما أجمع عليه فقهاء الإسلام قديما وحديثا.
محاولات وضع الأزمة فى إطار اقليمى ومدها خارج الحدود التونسية أغضب بعض السياسيين خاصة داخل حزب نداء تونس – حزب الرئيس السبسى – الذى شدد على مساندة تلك المقترحات فى ظل عاصفة الجدل التى آثارتها، وأعلن نداء تونس عن عملها لإنجاح مسار النقاش حول المقترحات الكفيلة لترجمة هذا التوجه الإصلاحى إلى منظومة تشريعية نافذة تحقق الغايات الإصلاحية المستهدفة.
و قال القيادى فى حركة نداء تونس برهان بسيّس، إنه من المفيد "التذكير بأن نقاشنا التونسى الداخلى يظل ظاهرة صحية ومطلوبة مهما بلغ حجم اختلافاتنا تجاه قضايا مثيرة للجدل مثل المساواة فى الإرث أو زواج المسلمة بغير المسلم".
ورفض بسيس تدخل مؤسسات غير تونسية فى هذا الجدل، لافتا الى أن مقترحات السبسى قضايا تهم مجتمعنا التونسى فقط وليس من حق أحد الدخول فى هذا النقاش، وأضاف عبر صفحته على "فيس بوك" "علينا تحصين أجواء الجدل الفكرى والثقافى بيننا كتونسيين من أى تشويش خارجى فقط عن طريق جعلها رفيعة المستوى راقية المضامين لا تقع مهما بلغ الاختلاف فيها فى مصيدة التكفير المتبادل ......محافظون يكفرون غيرهم دينيا...وحداثيون يكفرون غيرهم مدنيا".
وتحولت مواقع التواصل الإجتماعى الى منصة للإحتفاء بقرارات السبسى، وأعاد التونسيات نشر صور ومقاطع فيديو للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وهو ينزع الحجاب عن السيدات فى خطوة رمزية لتحرير المرأة، وتعددت التعليقات حيث قال بعضهم "لا عاقل يمكنه أن ينكر دور بورقيبة فى منح النساء حقوقا كثيرة، فرضها فرضا على مجتمع لم يكن مستعدا لذلك قبل ستين عام.
وقال آخر " لا يعنينى دين الشخص ولا لونه ولا عرقة..وأفضل حاكم ملحد ناجح على مسلم يتاجر بالدين ويسرق به..هذا هو الزعيم الحبيب بورقيبة رحمة الله"، "ما بدأه بورقيبة أكمله السبسى بالمساواة بين المرأة والرجل فى الإرث"، "لو أقام التونسيون لبورقيبة ثمثالا فى كل زاوية وميدانا لما كفى..بورقيبة قفز بهم لعالم البشر".
وفى المقابل.. تباينت ردود أفعال السياسيين بين رافض ومؤيد للمقترحات حيث توجه الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق بالشكر للسبسى على خلفية إعلانه عن تشكيل لجنة للنظر فى الحريات الفردية والمساواة التامة بين الجنسين بما فيها المساواة فى الإرث، وقال مرزوق، أن "رئيس الجمهورية تحدث فى مقام تاريخى شاهق يندرج فى المسار التاريخى للحركة الوطنية العصرية التونسية، مؤكدا أنه ليس من عادته أن يجامل سياسة لا يرى حقا فيها ولكن الرفعة أن يقول الحق فى سياسة يرى الرفعة فيها وهكذا كان خطاب الرئيس.
فى حين أكد رئيس المكتب السياسى لحركة النهضة نور الدين العرباوي، أن هذا الأمر لا يزعج النهضة معتبرا أن فتح باب النقاش فى هذا الموضوع أمر إيجابى ومهم للغاية وأن مناقشة المساواة فى الميراث بين الجنسين تحتاج إلى الكثير من التدرج والوقت، وفق تصريحاته.
واتهم البعض الآخر الرئيس السبسى بأنه استغل العيد القومى للمرأة لتدشين حملته الانتخابية، وحذرت صحيفة الصباح التونسية من أن يكون "الانتصار للمرأة مجرد حملات انتخابية"، لافته الى أن المرأة وقضاياها وحقوقها القانونية والدستورية، لا يجب أن ننظر إليها فقط بأطماع انتخابية، تزدهر شعلتها وتبلغ ذروة حماستها إبان الحملات الانتخابية.
عدد الردود 0
بواسطة:
عايده
اعتراض الازهر
اعتراض الازهر علي الارث فقط ....و زواج المسلمة بغير المسلم ..اية .. لان مفيش نص صريح بالتحريم .. و لو قالوا غير المسلم مشرك ...اذن ..فانت توصف الكتابي بالمشرك .. مع ان في اّيات في القراّن بتقول غير كده .. يبقي كنتم بتحاكموا الشيخ سالم عبد الجليل لية .. اصبحت مشتتة ..مين الصح ومين الغلط .
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد الله المصري أدم
معذره إخواننا التونسيين
الإسلام وشرع الله سبحانه وتعالي لا يتقيدان بحدود سياسيه أو أجناس أو أعراق أو ثقافات أو أزمان . معذره لكل الأخوه التونسيين قياداتً وشعباً فإن الأمر لا يخصكم وحدكم , فتداعيات الأمر الجلل وسلبياته من المستحيل أن تقف عند الحدود التونسيه دون أن تمتد إلي الخارج التونسي . من المستحيل القبول بإحداث "فتنه" تبدأ داخل دوله ثم تمتد لتشعل الأمه الإسلاميه بكاملها , معذره إخواننا التونسيين قياداتً وشعباً ماتزال حادثة "طارق الطيب محمد البوعزيزي" وتداعياتها في العديد من دولنا ومجتمعاتنا وما أدت إليه من إنهيار دول كامله عالقه بالأذهان .