فى مناورة جديدة، وخطوة للهروب من أزمات الداخل، التى يأتى فى مقدمتها ملف التدخلات الروسية والذى يهدد بقاءه داخل البيت الأبيض، يعتزم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إعلان موقفه النهائى من مدينة القدس المحتلة، وسط تكهنات وتسريبات نشرتها وسائل إعلام أمريكية تشير إلى أنه يقترب من إعلانها عاصمة إسرائيل الأبدية أو الاكتفاء على أقل تقدير باتخاذ قرار بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
وقبل ساعات من القرار المرتقب، وفى وقت تتوالى فيه التحذيرات من عواصم العالمين العربى والإسلامى، وبعض الدول الأوروبية من تداعيات مثل هذا الإعلان، قالت شبكة "سى أن إن" الإخبارية الأمريكية أن إعلان الرئيس دونالد ترامب المرتقب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيتسبب على الأرجح فى اضطراب سياسى فى الشرق الأوسط .
ترامب ونتنياهو فى لقاء سابق
وأشارت الشبكة إلى أن الموقف السياسى الهش لترامب بين الناخبين الأمريكيين ربما يسبب أصداء خطيرة فى الشرق الأوسط، لافتة إلى أن هناك نقاشا يجرى عما سيستفيده ترامب شخصيا والولايات المتحدة بشكل عام من هذا القرار الذى سيمثل تحولا كبيرا فى السياسة الخارجية ويحمل مخاطر كبيرة.
ويشك المعارضون فى أن ترامب يتصرف على أساس مبادئ راسخة أو إستراتيجية متماسكة تتعلق بالأمن القومى، ويتهمونه بالسعى لتحقيق أهداف شخصية فى وقت يحتاج فيه لكى يثبت لقاعدته السياسية أنه يوفى بوعوده الانتخابية.
وكان مسئولون أمريكيون كبار قد قالوا أن الرئيس دونالد ترامب سيعترف اليوم الأربعاء، بالقدس عاصمة لإسرائيل ويطلق عملية نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة التاريخية فى قرار يلغى سياسة أمريكية قائمة منذ عشرات السنين ويهدد بإثارة اضطرابات جديدة بالشرق الأوسط.
ترامب ونتنياهو .. قبلة حارة على جدران القدس تجسد معاناة الفلسطينيين
وقال المسئولون إنه فى مواجهة المعارضة من الدول العربية، سيعلن ترامب فى خطاب أنه أمر وزارة الخارجية بالبدء فى إعداد خطة لنقل السفارة من تل أبيب فى عملية يتوقع أن تستغرق ثلاث أو أربع سنوات. ولن يحدد الرئيس الأمريكى جدولا زمنيا لذلك.
والسؤال الآن دقيق على نحو خاص، كما تقول سى أن أن، لأن هناك العديد من السلبيات المحتملة. هناك مخاوف من أن تحرك ترامب يمكن أن يثير العنف ضد الأمريكيين والمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط، لاسيما فى البلدان التى تدعم فيها الحكومة الأمريكية، وقد حذرت السفارة الأمريكية فى القدس الأمريكيين من المظاهرات بعدما دعا الفلسطينيون إلى ثلاثة أيام من الغضب فى الضفة الغربية.
وذهبت الشبكة الأمريكية إلى القول بأن قرار ترامب سيمثل تحديا لمناشدات صريحة من القادة الحلفاء فى الشرق الأوسط وأوروبا ومن ثم يمكن أن يضر بأهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة وعلاقاتها، ومن شأن هذه الخطوة أن تقضى على أى فكرة باقية بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون وسيطا نزيها فى محادثات السلام المتعلقة بالوضع النهائى بين إسرائيل والفلسطينية، كما أنها ستسحق محاولات صهر ترامب، جاريد كوشنر، لإحياء الحوار الفلسطينى الإسرائيلى.
مواجهات الفلسطينين وقوات الاحتلال فى طريقها للتصعيد
وقد حذر أرون ديفيد ميلر، المفاوض الأمريكى السابق للسلام والذى عمل مع رؤساء ديمقراطيين وجمهوريين أن "القدس أشبه ببرميل البارود فى انتظار عود ثقاب ليشعلها".
وعن الأسباب التى تدفع ترامب للقيام بهذا التى تبدو أنها ستستفر عن عواقب وخيمة وربما لا يمكن التنبؤ بها، لاسيما أنه سيتحمل المسئولية فى حال زيادة توترات الشرق الأوسط، تجيب سى أن أن، قائلة إن العديد من المراقبين السياسيين يرون أن الدافع سياسى فى ظل تراجع معدلات شعبية ترامب إلى 35% والتركيز الشديد على الوفاء بوعوده الانتخابية فى عام صعب.
وأشارت الشبكة إلى أن ترامب كان يشعر بالقلق إزاء خسارة قاعدته وقام بخطوات لحشد دعم المحافظين مثل تأييده المرشح لمجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما روى مور رغم ما يدور حول قيامه بسلوك جنسى غير لائق مع مراهقات. كما أن قرار القدس سيأتى فى ظل ضغوط سياسية كبيرة يتعرض لها مع وصول تحقيقات التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية للدائرة المقربة منه، بعد توجيه اتهام لمستشاره السابق للأمن القومى مايكل فلين فى هذه القضية.