"أرقام مفزعة للتدخين فى مصر بين طلبة المدارس"، هكذا وصف المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة، دراسته عن أعداد المدخنين فى مصر قائلا إن 14.3% من طلاب المدارس الثانوية فى مصر يدخنون، وأن 21.4% من طلبة المدارس الثانوية من الفتيان يدخنون، فيما تدخن حوالى 6.9% من الفتيات فى المدارس الثانوية.
وفى آخر مسح أجرته منظمة الصحة العالمية أشارت البيانات أن 50% من الذكور المصريين فوق سن 15 سنة يدخنون السجائر. وبحسب التوقعات فإن هذه النسبة قد تصل إلى 63% بحلول عام 2020، وهو ما يتجاوز التقديرات في الدول العربية الأخرى، بما في ذلك لبنان والسعودية والمغرب.
ورغم أن المنظمة فى دراسات عدة ايدت زيادة الضرائب على السجائر فى خطوة حمائية مؤكدة أنها تمنع التدخين، إلا أن اليوم السابع تواصلت مع إبراهيم إمبابى رئيس شعبة التدخين فى الغرفة التجارية والذى أكد أن مبيعات السجائر فى مصر لم تتاثر سلبا بالزيادة الأخيرة، قائلا :"اللى بيدخن هيفضل يدخن مهما ارتفعت الأسعار" لكن من الممكن ان يكون الانتقال بين فئات السجائر السعرية، بمعنى أن يضطر المدخن إلى الانتقال إلى السجائر الأكثر رخصا.
الأكثر من هذا أن نتائج ارباح الشركة الشرقية للدخان التى خرجت فى النصف الأول من العام المالى 2017- 2018 قفزت بنسبة 161% ، بل إن وكالة بلومبرج أكدت أنها ثانى أكبر شركة مصرية مدرجة بالبورصة، حيث قدرت فى موضوع نشر على موقعها أمس الثلاثاء تحت عنوان "كم يحب المصريين سجائرهم!" أن الشركة تعد الشركة الثانية من حيث الحجم فى فى البورصة المصرية.
"كارثة اجتماعية" هكذا وصفت الدكتورة سامية خضر استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس انتشار التدخين فى مصر، قائلة إنها عاشت فى العديد من الدول الأوربية ولم تر استهانة بانتشار التدخين كما رأت الحال فى مصر، واصفة الإعلام المصرى بأنه الأقل توعية فى العالم بخطورة التدخين، وأن المجتمع المصرى أيضا هو الأقل إدراكا لخطورة التدخين حتى أن أنظمة التأمين الصحى بالخارج لا تغطى مصاريف الأمراض الناتجة للتدخين، وأن القوانين بالخارج صارمة جدا تجاه التدخين، حتى أن العديد من شركات التبغ اضطرت لنقل مصانعها إلى الدول النامية نتيجة محاربة الدول المتقدمة لها.
وأكدت الدكتورة سامية خضر لـ "اليوم السابع" أن الحملات التى تقاوم التدخين فى مصر "ساذجة" فلن يمتنع مدخن عن التدخين نتيجة الصور الموضوعة على علب السجائر، بل إننا فى حاجة لحملة إعلامية ضخمة ومتكاملة ضد التدخين، لا تستمر شهرا فقط بل تستمر لفترة طويلة وبمنهجية متجددة، وأن نفعل مثل عديد من الدول التى منعت التدخين فى الأفلام والمسلسلات، فالأمر ليس مجرد عادة سيئة بل هو عادة مدمرة صحيا للمجتمع، فبعض الشخصيات فى مصر رغم كونها فقيرة إلا أنها مازالت تدخن، والعجيب أن نجد فى الشوارع متسولين ويدخنون.
وطالبت الدكتورة سامية خضر مشاركة كل قوى المجتمع فى مواجهة التدخين، ومن بينها وزارة التربية والتعليم، وجمعيات المجتمع المدنى، ووزارة الأوقاف، قائلة إن وزارة التربية والتعليم كانت تدعو اساتذة علم الاجتماع قديما لإلقاء كلمة فى المدارس صباحا لكن هذا توقف اليوم مطالبة بعودة هذا الدور، لأن المجتمع بحاجة إلى أن يعرف سلبيات التدخين اجتماعيا وصحيا واسريا.
الدكتور محمود عبد المجيد مدير مستشفى العباسية للأمراض الصدرية اختلف مع وجهة نظر الدكتورة سامية خضر، قائلا إن المواطنين جميعا اليوم يعلمون اضرار التدخين لكنهم يراهنون على أن التدخين لن يصيبهم بأضرار على غرار أشخاص قابلوهم يدخنون منذ سنوات طويلة، وهو أمر حقيقى لكنه نادر جدا وليس معروفا حتى اليوم الأسباب الجينية أو الوراثية للاشخاص الذين يدخنون ولا يصابون بالأمراض، لكن الغالبية العظمى من المدخنين يصابون بأمراض خطيرة فالنسبة الأكبر من مرضى سرطان الرئة هم من المدخنين، بخلاف مرضى السدة الرئوية.
ولم يوافق مدير مستشفى العباسية فى تصريحه لـ"اليوم السابع" على نسب المدخنين التى ذكرتها منظمة الصحة العالمية، قائلا إن مصر تفتقد عموما الإحصائيات الدقيقة، كما أن الأمر لا يمكن رصده بالملاحظة المبدئية فى الحديث العلمى، لكن العالم كله يتجه لمواجهة التدخين، ضاربا المثال بمدينة لاس فيجاس عاصمة القمار فى العالم، والتى تمنع التدخين داخل صالات القمار والتى هي مسموح فيه بكل شيء تقريبا فهى تمنع الدخان، لكن فى مصر فإن التدخين يتم فى قاعات الدرس وفى المواصلات وفى الأماكن المغلقة دون رقيب، فى حين يمنع العالم التدخين ويضع المواطنين فى أماكن محدودة لمنع أذية الآخرين.
ورأى الدكتور محمود عبد المجيد أن هناك قوانين موجودة وجاهزة تحارب التدخين فى مصر، لكنها غير مفعلة، كما أن غياب الإحصائيات مرتبطة أيضا بغياب مقاومة التدخين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة