أصدرت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار يحيى خضرى نوبى، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد منصور وناصر رضا عبد القادر والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد العزيز السيد نواب رئيس مجلس الدولة حكما مهما فى مجال أراضى وضع اليد على مستوى الجمهورية وأكدت أنه من حق الدولة فرض مقابل انتفاع لجميع أراضى وضع اليد وإلا اعتبروا من مغتصبى أرضى الدولة، وأنه لا يجوز الإثراء على حساب الدولة وألزمت إحدى الشركات بأن تؤدى للحكومة مبلغ مليون ونصف عن أرض ملك الدولة مساحة ألف متر تشغلها الشركة مخازن لها بحلوان وألزمتها المصروفات.
وقالت المحكمة إن بيع الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة بغرض البناء عليها يستوى أحد أدوات الدولة فى التنمية العمرانية كغاية تسعى إليها لإعداد نمو عمرانى متنامى وتنمية اجتماعية أفضل يتوافق فيها الأفراد والجهات الخاصة مع مقتضيات انتمائهم إلى وطنهم وليتمكنوا فى كنفها من المساهمة فى النهضة العمرانية للبلاد، وإذا كان تصرف المحافظة فى الأراضى على هذا النحو يعد جوهر التنمية العمرانية ويتصل اتصالا عميقا بآمال الأفراد والجهات الخاصة وطموحاتهم فى البناء والتشييد والاستقرار الاجتماعى ويرتبط ارتباطا وثيقاً بتلك التنمية التى تسعى الدولة إلى تعميمها، إلا أن هذا الأمر يحده سلطة تقديرية من جانب المحافظة تستقى موجباتها من القواعد السياسية والتنموية التى يقررها مجلس الوزراء فالأمر مرده فى نهاية المطاف محض اختصاص تقديرى للجهة الإدارية فى تقرير أى من الأراضى المعدة للبناء المملوكة لوحدات الإدارة المحلية يمكن التصرف فيها وأى منها تمسك عن ذلك وتخصصها لمشروعاتها التنموية.
وأضافت المحكمة أنه يتعين منح الدولة الحق فى تقرير مصائر الأراضى التى فى جعبتها وتحت مظلة هيمنتها بالتوافق مع الأحكام والضوابط المرسومة لها وبما يتماشى ومقتضيات المصلحة العامة، ويتفرع عن ذلك أن وضع يد الأفراد والجهات على هذا الصنف من الأراضى لا يولد لهم حقاً مباشراً على الأرض وضع يدهم حتى وإن استطال أمد وضع يدهم سنيين عددا وقاموا بأداء مقابل انتفاع عن وضع يدهم إذ لا ينشأ عن هذا المقابل أى حق على الأرض بحسبانه محض مقابل مادى يؤدى من قبل واضعى اليد نظير استغلالهم للأرض وبالتالى يبقى مركزهم فى نطاق وضع اليد ولا يتجاوزه إلى إنتاج حق بتملك الأرض وإلزام الجهة الإدارية بذلك، وبناءً عليه فأن كل ما يبدر من الجهة الإدارية من إجراءات أو معاينات تقوم بها بمناسبة تقديم طلب التملك من واضعى اليد على الأرض أو حتى من غيرهم لا ينشأ لهم حقوق أيضاً فى التملك بل تبقى هذه المسألة فى طور الإجراءات التحضيرية والترتيبات التمهيدية التى لا تنهض بديلاً عن قرار صريح من السلطة المختصة بالجهة الإدارية مكتملاً أركانه وموجباته بالموافقة على التملك.
وأشارت المحكمة إلى أنه عن طلب الشركة بعدم الاعتداد بمطالبة الجهة الإدارية لها بمبلغ مليون وخمسمائة واثنان وخمسون ألف وسبعمائة وتسعون جنيهاً فإن وضع اليد على أملاك الدولة يصاحبه التزام على الجهة الإدارية مالكة الأرض بتحصيل مقابل انتفاع من واضعى اليد عن المدة التى مكثوا فيها بهذه الصفة منتفعين بتلك الأراضى فالمغزى من أداء مقابل الانتفاع يجد أساسه فى أن تحصيل مقابل الانتفاع من شأنه أن ينزل واضعى اليد منزلة المستأجرين للأرضى طوال مدة حيازتهم عوضاً عن اعتبارهم من مغتصبى أرضى الدولة طوال تلك المدة وذلك إيماناً من الدولة بضرورة استقرار أوضعهم على الأرض، ومنزلتهم كمستأجرين على هذا النحو تتلازم بالضرورة مع أداء مقابل انتفاع لكونهم استفادوا من حيازتهم لأرض غير مملوكة لهم طوال مدة وضع اليد بما يستوجب أداء مقابل عن هذا الانتفاع باعتباره حق من الحقوق المالية للدولة واجب التحصيل.
واختتمت المحكمة أن القول بغير ذلك مؤداة إهدار حق مالى للدولة وإثراء واضع اليد دون سبب على حساب الدولة وهو الأمر غير الجائز قانوناً لذلك كان لزاماً تحصيل هذا المقابل بهذه الصورة طوال مدة وضع اليد، فاستطالة وضع اليد لا تكفى بذاتها لإنتاج حق ذاتى لواضع اليد يعفيه من أداء مقابل الانتفاع كحق مالى أصيل للدولة، ومن ثم لا جناح على الحكومة أن هى اتخذت من هذا الأمر سبيلاً من هذا المقابل حرصاً على الحقوق المالية للدولة وإصراراً منها على تحصيلها مادامت قد تجردت فى موقفها من مظنة الميل أو الهوى ونأى تصرفها من شائبة إساءة استعمال السلطة وكان مُلهمها المحافظة على حقوق الدولة المالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة