أعلن الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، فى مؤتمر صحفى عالمى من جبانة سقارة، عن نجاح البعثة الأثرية المصرية الألمانية التابعة لجامعة توبنجن بالكشف عن ورشة كاملة للتحنيط ملحق بها حجرات للدفن بها مومياوات تعود إلى عصر الأسرتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين (664- 404 ق.م)، وذلك أثناء أعمال المسح الأثرى بمنطقة مقابر العصر الصاوى، الموجودة جنوب هرم أوناس بسقارة، كما عثرت البعثة أيضا على قناع مومياء مذهب ومطعم بأحجار نصف كريمة كان يغطى وجه أحد المومياوات الموجوده بأحد حجرات الدفن الملحقة.
كذلك تم الإعلان عن ثلاث مومياوات ومجموعة من الأوانى الكانوبية المصنوعة من الكالسيت (الالباستر المصرى)، وعدد من تماثيل الأوشابتى المصنوعة من الفاينس الأزرق وأوانى لزيوت التحنيط مكتوب عليها باللغة المصرية القديمة.
وقال خالد العنانى إن أهمية الكشف الأثرى تعود لارتباطه بموضوع يشغل العالم وهو عبقرية الفراعنة فى التحنيط وطرقه والورش والأدوات المستخدمة فيه.
ومن جانبه قال الدكتور رمضان بدرى حسين، رئيس البعثة والأستاذ والباحث فى الآثار المصرية بجامعة توبنجن، إنه يبدو من القراءات المبدئية للكتابات المتهالكة على القناع، الذهبى المكتشف فى جبانة سقارة، وإنه يخص كاهناً من العصر الصاوى، ومن بين ألقابه الكاهن الثانى للإلهة موت وكاهن الإلهة نيوت شا إس، وهى إلهة على هيئة ثعبان وذات صلة عقائدية بالإلهة موت.
وأضاف رمضان بدرى إنه يوجد على القناع طبقة من الاتساخات والتكلسات وبعد الفحص المبدئى له ميكروسكوبياً تبين أن القناع مصنوع من الفضة المغطاة بطبقة من الذهب وعيونه مطعمة بحجر أسود (ربما عقيق أسود)، ورخام مصرى، وأوبسيديان (زجاج بركانى)، وتبلغ مقاساته نحو 23× 18.5 سم، ووزنه قبل تنظيف العوالق 267.96 جرام. وتعكف البعثة الآن على إعداد مشروع بحثى وترميمى للقناع.
وأشار رمضان بدرى إلى أن الورشة ذات تخطيط معمارى مستطيل ومدخل فى الركن الجنوبى الغربى، ومشيدة من الطوب اللبن وأحجار جيرية غير منتظمة الشكل.
وتشمل الورشة مبانى بئر خبيئة التحنيط، بعمق 13 م وينتهى بحجرة أسفل الأرض، وضعت عليها ها أوانى فخارية مدون عليها بالخط الهيراطيقى والديموطيقى أسماء لمواد وزيوت التحنيط.
وتضم الورشة أيضاً حوضين محاطين بجدران من الطوب اللبن، أغلب الظن أن أحدهما خُصص لوضع ملح النطرون والآخر لإعداد لفائف المومياء الكتانية.
و من أهم عناصر ورشة التحنيط البئر المعروف اصطلاحاً بـ K24. ويقع فى منتصف ورشة التحنيط، وتبلغ أبعاده 3 م× 3.50م، ويصل لعمق 30 م. وهو بئر ذو طبيعة خاصة، حيث يشمل على عدة حجرات دفن منقورة فى الصخر على أعماق متباعدة، بالإضافة إلى مومياوات وجدت فى منتصفه.
وقامت بعثة جامعة توبنجن بأعمال الترميم الدقيق لنقوش حجرات الدفن الخاصة "بادى إن است،" مدير مخازن القصر الملكى، و"بسمتك،" كبير الأطباء، و"آمون تف نخت،" قائد فرق المستجدين بالجيش المصري. كما شملت أعمال البعثة أيضا التسجيل ثلاثى الأبعاد بالليزر لهذه النقوش.
وقد أولت البعثة جانباً كبيراً من أعمال التسجيل ثلاثى الأبعاد لحجرة الدفن الشمالية الثانية الواقعة على عمق حوالى 30 متر وتشمل مدخلاً فى الشمال بعرض حوالى 2 متر يؤدى إلى صالتين صغيرتين، تبلغ أبعاد الصالة الأولى 4 م×2 م، أما الصالة الثانية فهى 2.85 م×2.87 م. ويقع على جانبى الصالتين حجرات دفن منقورة فى الصخر.
واشتملت الصالة الأولى على حجرة دفن بالناحية الغربية عُثر على سدتها كاملة، وبداخلها ثلاث مومياوات فى حالة غير جيدة من الحفظ مستلقاة على الناحية الغربية لتابوت حجرى كبير غير منقوش وبجوانب غير مستوية. وتوجد مومياء أخرى خلف التابوت من الجهة الشمالية بحالة أسوأ من الثلاث السابق ذكرهم. كما عُثر على عدة تماثيل من الاوشابتى غير جيدة الصنع، وجدوا فى أربعة تجمعات بالحجرة على طول الناحية الشمالية.
ولعل أهم مقتنيات هذه الحجرة ما يخص المومياء الوسطى المستلقاة فوق التابوت الحجري، حيث عُثر على القناع مثبتاً على لفائف الكتان الخاصة بالوجه ومن أعلاه التابوت الخشبى الذى تحلل تماماً، هذا إلى جانب عدة كسرات لطبقة الملاط الملون الذى كان يكسو التابوت الخشبى.
وقامت البعثة أيضا بأعمال التوثيق الفوتوغرافى للقناع وانتشاله وتغليفه بمعرفة مرممى البعثة.
ومن ناحية أخرى قال الدكتور مصطفى وزيرى، أمين المجلس الأعلى للآثار، إن أهمية الكشف الأثرى الذى تم اليوم فى جبانة سقارة الأثرية، يكمن فى أن المنطقة التى وجد بها، لم تأت إليها بعثات منذ عام 1900، أى منذ بعثة عالم الآثار "ماسبيرو".
وأكد مصطفى وزيرى، أن البعثة التى أشرف عليها الدكتور رمضان بدرى، تعمل منذ مارس 2016، وهى بعثة مصرية خالصة من مفتشين ومرممين وعمال.
وأشار وزيرى إلى أن الورشة التحنيطية وجد بها 1500 تمثال من الأوبشتى، مشيرا إلى أن أغلب الدلائل أن البئر الذى توجد به الورشة متصل ببئر آخر، ويعتقد بأن سيتم الكشف عنه خلال موسم أو اثنين على الأغلب.