ترتبط الكعبة بقدسية كبيرة فى الإسلام إذ ذكرت أكثر من مرة وبأسماء عدة فى القرآن الكريم منها: الكعبة، البيت، البيت العتيق، المسجد الحرام، البيت المحرم".
ويختلف المؤرخون حول بنائه فهناك العديد من الروايات، فيعتقد البعض، أن من قام ببنائها نبى الله آدم، وأخرى تنسب لـ شيث عليه السلام، فيما يعتبر البعض أن أول من بنى الكعبة هو النبى إبراهيم عليه السلام وفقا للنص القرآنى" (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" (البقرة 127)، وأيضا "وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِى شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِى لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ" (الحج 26)، وبقيت الكعبة على هذا الحال إلى أن أُعيد بناؤها على يد قبيلة قريش قبل الإسلام، وبالتحديد بعد عام الفيل بثلاثين عاماً، وذلك بعد حادث حريق كبير بالكعبة، نتج عن محاولة امرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء، ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة، فأعادت قريش بناءها، واتفقوا أن لا يُدخلوا فى بنائها إلا مالا طيباً.
وترتبط القدسية الدينية للكعبة، حتى قبل نزول الإسلام، فغير إعادة قريش بنأئها -كما سبق ذكره- كان العرب فى الجاهلية يحجون حول الكعبة بتلبيات مختلفة، ومنها تلبية قبيلة "عك" ومما جاء فى كتاب
"الأصنام"
للمؤلف ابو المنذر هشام بن محمد أبي النضر ابن السائب ابن بشر الكلبى: "وكانت تلبية عك، إذا خرجوا حجاجًا، قدموا أمامهم غلامين أسودين من غلمانهم، فكانا أمام ركبهم، فيقولان: نحن غرابا عك! فتقول عك من بعدهما: عك إليك عانية، عبادك اليمانية، كيما نحج الثانية!".
ويأتى تفسير ذلك النداء أى نحن قبيلة عك أصحاب البشرة الشديدة السمرة، قبيلة عك لك ساجدة، عبادك من اليمن، لكى نحج مرة أخرى.
ويرجع ذكر :"عك" نسبة إلى عك (الحارث) بن الديث بن عدنان من العدنانيون أو العرب العدنانية وهى القبائل التى تعود بأصلها إلى جد مشترك عرف عند النسابة والإخباريين العرب باسم عدنان وقال المؤرخون العرب من ولد النبى إسماعيل بن النبى إبراهيم وقد روى عن عائشة قولها: " استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان".
وبحسب الروايات التاريخية كان العرب قبل الإسلام يفدون إلى الكعبة لأداء الحج من كافة أرجاء الجزيرة العربية وكانت أشهر الحج عندهم حرما، و قد خصصوا للحج ثلاثة أشهر رغم أن موسم الحج لا يستغرق سوى شهر و أيام معدودة.
وكانت أولى مناسك الحج لديهم هو الطواف بالكعبة، و يلطخون جدران الكعبة بدماء الهدى –ذبيحة- اعتقادا منهم أن ذلك يقربهم إلى الله، ويعتبر "الحج" لدى العرب قبل ظهور الإسلام مناسبة دينية وثقافية واجتماعية واقتصادية يلتقون فيه للعبادة والمتاجرة والتعارف.