الأديب الراحل نجيب محفوظ، الذى تحل ذكرى رحيله الـ12 غدا الخميس، إذ رحل فى 30 أغسطس من عام 2006، على حياته المديدة، وأعماله العظيمة، لم يسلم من الصعوبات والأزمات، التى ربما بعضها جعله يعيد تنظيم حياته بشكل مختلف منذ ذلك الحين.
الإصابة بمرض السكرى
"محفوظ" كان دائم التردد على الأطباء من أجل متابعة حالته الصحية، لكنه على الرغم من ذلك لم يسلم من الإصابة بمرض السكرى، وذلك عام 1961، ومنذ ذلك اليوم الصعب تغيرت أشياء كثيرة فى حياة عميد الرواية العربية، حيث اضطر لاتباع نظام غذائى قاس، ففى الصباح يتناول قطعة جبن قريش وبسكويت مخصوص لمرضى السكرى إضافة إلى فنجان نسكافية مع قليل من اللبن، أما الغداء فعبارة عن خضار وقطعة لحم وسلطة وربع رغيف، والعشاء فهو مكون من فول مدمس وعلبة زبادى، وطوال اليوم لا يشرب سوى ثلاثة فناجين من القهوة التى كان معتادا عليها، كما حرم نفسه من جميع الحلويات.
وبحسب ما يروى صاحب نوبل نفسه أنه منذ ذلك اليوم نالت المضاعفات الجسدية منه، بسبب المرض أصيب بضعف فى السمع وفقد السمع فى أذنه اليمنى تماما، وأضطر لتركيب سماعة، كما أصيب بضمور فى الشبكية، أفقده فى البصر تماما فى العين اليمنى ثلاثين يوما كاملا، وتسببت تلك المضاعفات فى عدم مقدرة على مشاهدة التليفزيون والمسرح وتمنعه من القراءة باستمرار كما اعتاد.
التوقف عن كتابة الرواية
بعد ثورة يوليو عام 1952، كان يحتاج الأديب الراحل لفترة لاستكشاف تلك المرحلة الجديدة من تاريخ البلاد، حتى يستطيع التعبير عنها، وفى خضام تلك الفترة كان تعرض الكبير لأزمة مالية طاحنة، وساعتها تيقن بأن الكتابة "ما بتأكلش عيش" حينها اتجاه لكتابة السيناريو ودخول عالم السينما.
بيان المثقفين ضد السادات
"ربما صعب المتاعب التى واجهتها فى علاقتى بالسلطة هو ما حدث بدايات عصر السادات أقصد تداعيات البيان الشهير" هكذا علق الأديب الراحل عن موقفه بعدما وقع على بيان المثقفين الذى أعده الأديب الكبير وأبو المسرح العربى توفيق الحكيم، ضد حالة اللا سلم واللا حرب قبل نصر أكتوبر المجيد.
الأزمة التى بدأت فى 4 فبراير 1973، تسببت فى عزل الأدباء الموقعين ومنعهم من الكتابة، وعليها توقفت الأهرام عن نشر مقالات نجيب محفوظ، ومنع من الحديث فى الإذاعة والتليفزيون، كما كان له عقاب إضافى هو منع أعماله السينمائية من الإذاعة، إضافة إلى الهجوم الذى تعرض له من حسين إمام عمر وصالح جودت، والذى اعتبره الأشد ألما.
الفوز بنوبل
13 أكتوبر عام 1988، رغم أنه اليوم الأبرز فى حياة نجيب محفوظ بعدما تم اختياره فائزا بنوبل للآداب إلا أنه لم يتصور أنه سيسبب له إزعاجا أيضا، فرغم أنه أول وآخر عربى يفوز بالجائزة، ورغم الاحتفاء الشعبى وفرحة البسطاء التى عبر عنها، حتى سائقو التاكسى الذين تسابقوا لتوصيله مجانا منذ إعلان النتيجة، إلا إنه يذكر المتاعب التى تعرض لها، بداية من إيقاظ زوجته له فاستيقظ غاضبا، مروا برجوعه لمكتبه بجريدة الأهرام والتقاط مئات الصور مع الزملاء، والمظاهرة أمام منزله من الصحفيين والإعلاميين حتى أنه خشى الدخول.
كما أن الجائزة تسببت له فى العديد من الهجوم من أول ما قيل إنها بسبب موقفه من الكيان الصهيونى، مرورا بهجوم بعض الأدباء عليه مثل يوسف إدريس الذى كان يتمنى الفوز بالجائزة.
محاولة الاغتيال
14 أكتوبر 1994، ربما كان من الأيام السوداء فى حياة أديب نوبل، بعدما تعرض لمحاولة اغتيال على يد شابين ينتميان إلى التيار الإسلامى، بسبب روايته أولاد حارتنا، وموقفه من تكفير سلمان رشدى، منذ ذلك الحين تغيرت أشياء عدة فى حياة نجيب محفوظ، فالرجل الذى كان معتادا على المشى لمدة ساعة يوميا بسبب السكر، لم يعد يستطيع فعل ذلك، بسبب هذه المحاولة الغشيمة.