"أجهزة المعلومات" أبطال حرب "الخداع الاستراتيجى" فى أكتوبر 1973.. إيهام الإسرائيليين بتسريح الجنود ورحلات عمرة للضباط.. السادات يقوم بجولة عربية قبل الحرب بأسابيع أبرز مظاهر خداع العدو قبل بدء العبور

الجمعة، 05 أكتوبر 2018 12:00 م
"أجهزة المعلومات" أبطال حرب "الخداع الاستراتيجى" فى أكتوبر 1973.. إيهام الإسرائيليين بتسريح الجنود ورحلات عمرة للضباط.. السادات يقوم بجولة عربية قبل الحرب بأسابيع أبرز مظاهر خداع العدو قبل بدء العبور معلومات تاريخية عن حرب أكتوبر
كتب زكى القاضى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- مدير المخابرات الحربية الأسبق: حرصنا أن يكون توقيت الحرب سراً دفيناً ولا يتم تحديده إلا فى آخر لحظة

 
تظل حرب أكتوبر 1973 لها من الأسرار والتفاصيل ما تعجز آلاف الكتب عن تسجيله وتوثيقه، فكل مؤسسات الدولة المصرية والهيئات والوزارات ارتبطت معا لخلق منظومة متكاملة للنجاح، وتعددت النجاحات فكان منها النجاح المباشر بالعبور ونجاحات أخرى فى التصدى لكل التحديات وإزالة كل المعوقات، وبين كل هذا وذاك ظهر ملف «الخداع الاستراتيجى» من قبل الدولة المصرية فى مواجهة كل الإمكانيات المتوفرة للعدو، بحيث ظل العدو ساكنا وتحركاته أقل من الطبيعى فى مواجهة تحركات جيش بأكمله يستعد للعبور فى السادس من أكتوبر 1973.
 
«اليوم السابع» يتذكر فى السطور التالية، أبرز مظاهر الخداع والتمويه التى قامت بها القوات المسلحة المصرية ومؤسسات الدولة، لإحكام سيطرتها على ما يتلقاه العدو من معلومات عبر طرق مختلفة، وهى الخطة التى تم تنفيذها عبر أجهزة المعلومات المصرية، وبالأدوات المتاحة فى ذلك الوقت.
 
فى البداية كان  القادة الإسرائيليون بعيدين تماما عن معرفة موعد قيام الحرب بالشكل الكامل، حيث كانت خطة الخداع محكمة بكل المقاييس قادها على الجبهة المصرية الرئيس الراحل أنور السادات بنفسه، واستطاع ورجاله خداع إسرائيل وجنرالاتها فى وقت كانت تحركات الجيش المصرى مكشوفة أمام الجميع، وفى المقابل كانت نتائج الاجتماعات الإسرائيلية كانت تنتهى دائماً بأنه «لا نية للحرب».
 
Scan0011
 
وفى كل الاتجاهات تم تنسيق خطة الخداع الاستراتيجى فى جميع مؤسسات الدولة وخاصة وزارتى الإعلام والخارجية، اللتين تحملتا دورا كبيرا فى تنفيذ عملية الخداع والتمويه عبر الإذاعات الداخلية والخارجية، بالإضافة للسفارات المصرية بالخارج. 
 
يقول اللواء فؤاد نصار، مدير المخابرات الحربية الأسبق، والذى توفاه الله العام الجارى، فى حوار صحفى نشر عام 2009، بأن  سبب النجاح فى حرب أكتوبر يعود لعاملين أساسيان هما المعلومات والمفاجأة، مضيفا: «كان أساسا عمليا وقد تعلمت درساً وأخبرت به الرئيس السادات وهو أن روسيا عندما أرادت أن تهاجم تشيكوسلوفاكيا أجرت مناورة على الحدود ودخلت عن طريق هذه المناورة، ولذلك بدأنا إجراء مناورة كل سنة وقلنا يجب أن نستغل هذه المناورة لشن حرب من خلالها، أما التخطيط وموعد الحرب فهذا ما كنا نحافظ عليه جدا لدرجة أن أحداً لا يعرف إلا المطلوب منه فقط».
 
ويواصل نصار: كانت نظرية الأمن الإسرائيلية تعتمد على عنصرى القوة لديها وهما الطيران والمخابرات، وكان العنصر الأخير فى نظرهم يشكل العنصر الرابع على مستوى العالم بعد المخابرات الأمريكية والروسية والإنجليزية، بينما كانت المخابرات المصرية فى أكتوبر 73 تعلم أنها تعمل تحت ملاحظة العدو مباشرة من الضفة الشرقية، علاوة على قدرة المخابرات الإسرائيلية فى الحصول على معلومات بمعاونة بعض الدول الأخرى لها، فكان القرار بالسعى دائما لإخفاء تحركات القوات وحشدها، حيث كانت تعليمات التخطيط أن تبدأ التحركات بأقل عدد من الأفراد وتتسع طبقاً لتطور التخطيط وأن يعلم كل فرد قدر ما يخصه من واجبات ومستويات وأن يكتب كل فرد التعليمات والوثائق بنفسه ولا تتم كتابتها بالآلة الكاتبة ولا يتم تداولها إلا بتصديق من القيادة ولمفاجأة العدو وخداع الجيش الإسرائيلى بعد دراسة قدراته فى الحصول على المعلومات تبين أنه لابد من عدم تداول المعلومات داخل الجيش المصرى «نفسه».
 
لوجو-الذكرى-45-لإنتصارات-حرب-أكتوبر-المجيدة-0000)
 
ويتابع: كان على القيادة تنفيذ 3 شروط رئيسية أولها الحرص على أن يكون توقيت الحرب سراً دفيناً ولا يتم تحديده إلا فى آخر لحظة وثانيها الحاجة إلى أعمال التخطيط التفصيلى فى جميع المستويات، وكذلك الاستطلاع المكثف وثالثها وضع خطة حرب بسيطة مبنية على ما هو موجود بالفعل التى تقوم القوات المسلحة بالتدرب عليها منذ عام 1971، مضيفا أنه تم إعلان قيام الجيش المصرى بعمل مناورة عامة على غرار مناورات الخريف السنوية تبدأ أول أكتوبر وتنتهى 7 أكتوبر، ولكى تقوم القيادة العامة للقوات المسلحة بتأكيد هذا الكلام تم إبلاغ الضباط الذين يريدون إتمام مناسك العمرة عليهم الاستعداد لذلك عقب المناورة ويبدأ تسجيل الأسماء يوم 9 أكتوبر ولابد أن تعلم إسرائيل كل هذا، ويبدأ تسريح الاحتياطى المشترك فى المناورة اعتباراً من 4 أكتوبر، وتم إعلان كل هذا وكانت هناك خطة خداع أخرى حدثت فى يوم 27 سبتمبر حيث تم إعلان تعبئة 120 ألف جندى ويوم 4 أكتوبر تم «تسريح» 20 ألفا منهم على أن يتم تسريح العدد المتبقى تباعاً وليس من المعقول أن يرى أى جهاز مخابرات كل هذا، ويعتقد أن هذه الدولة فى طريقها إلى الحرب. 
 
من ضمن الروايات أيضا التى ترد أيضا ضمن خطط الخداع الاستراتيجى، أنه فى 21 أغسطس 1973 تم اجتماع بين القادة السوريين والمصريين، فى القاهرة، ولكى يتم إخفاء حضورهم فقد تم إحضارهم بالملابس المدنية على إحدى السفن القادمة إلى الإسكندرية، وتم خلال الاجتماع تحديد موعد الهجوم ما بين 5-11 أكتوبر، وكان الحضور السورى على أعلى المستويات ضم وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس هيئة العمليات، وأيضا كان هناك نظراؤهم من مصر. 
 
فى كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل عن تلك الفترة، تضمن كتاب «الطريق إلى رمضان»، أن السادات أصدر  توجيها لمندوبى مصر وسوريا فى مؤتمرات عدم الانحياز والأمم المتحدة وفى غيرها من الاجتماعات أن يتحدثوا بأسلوب السلام، ولم يكونوا يعرفون الغرض من التوجيه الصادر إليهم بالتحدث بهذا الأسلوب، بينما كانت الصحف والإذاعة قد وجهت إلى إبراز اهتمام مصر وسوريا بالبحث عن حل سلمى لنزاع الشرق الأوسط وإظهار عدم الرضا عن الخطب والعمليات العسكرية التى يقوم بها الفدائيون الفلسطينيون. 
 
أيضا لجأ الرئيس السادات للمشاركة بنفسه فى خطة الخداع الاستراتيجى والعمل على خلق صورة أمام العالم بأن مصر تسير فى طريق آخر غير طريق الحرب، فقام بجولة إلى السعودية وسوريا وقطر، وكانت كلها مباحثات فى إطار دعم القضية المصرية بالحلول السلمية، كما كان من بين أهم الأحداث التى تمت فى إطار خطة الدولة للخداع الاستراتيجى هو قصة طرد الخبراء السوفييت، حيث قام الرئيس السادات بطرد الخبراء السوفيت فى محاولة منه لخداع العدو، وتصدير الفكرة بأن الجيش لا نية لديه للتطوير أو استكمال التسليح فى ذلك الوقت.
 
فى مذكراته عن تلك الفترة، يقول المشير محمد عبد الغنى الجمسى: «أصدر الرئيس السادات توجيها إستراتيجيا إلى الفريق أول أحمد إسماعيل مؤرخا فى 9 رمضان ـ 5 أكتوبر 1973 نصه الآتى: بناء على التوجيه السياسى العسكرى الصادر لكم منى فى أول أكتوبر 1973، وبناء على الظروف المحيطة بالموقف السياسى والاستراتيجى، قررت تكليف القوات المسلحة بتنفيذ المهام الاستراتيجية الآتية: «إزالة الجمود العسكرى الحالى بكسر وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم 6 اكتوبر 1973، وتكبيد العدو اكبر خسائر ممكنة فى الأفراد والأسلحة والمعدات، والعمل على تحرير الأرض المحتلة على مراحل متتالية حسب نمو وتطور إمكانيات وقدرات القوات المسلحة».
 
خطط الخداع الاستراتيجى، شملت أيضا قيام الصحف المصرية صباح يوم 3 أكتوبر 1973 بنشر خبر حول فتح باب العمرة لأفراد القوات المسلحة، كما تم نشر أيضا خبر عن زيارة وزير دفاع رومانيا للقاهرة يوم 8 أكتوبر، وأنه سيكون فى استقباله المشير أحمد إسماعيل، وزير الحربية بنفسه، بالإضافة لخبر عن بدء تسريح أفراد الاحتياط للمناورة التى تم الإعلان عن انتهائها قبل أيام من الحرب.
 
p









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة