أمين جائزة الشيخ زايد للكتاب: الترجمة خيط الربط بين الحضارات

الثلاثاء، 09 أكتوبر 2018 01:11 م
أمين جائزة الشيخ زايد للكتاب: الترجمة خيط الربط بين الحضارات جانب من الندوة
كتب ــ أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال الدكتور على بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، إن الترجمة تعد الخيط الناظم الذى يربط بين المجتمعات ويدعم نسيج الحضارة الإنسانية وهى الجسر الذى يصل بين الشعوب ويقرب بينها؛ فالتفاعل بين الثقافات والحضارات المختلفة يعتمد فى الأساس على الترجمة، لا بوصفها ترفاً فكرياً، بل لأنها حاجة إنسانية ملحة، فالترجمة هنا ذات أثر ثقافى يسهم فى تشكيل الوعى وتنوع الموروث الثقافى والفكرى، ويعزز من وسائل فهم العالم الآخر واستيعاب ما فيه من تقدم ومعرفة".

جاء ذلك خلال الندوة الثقافية الثانية ضمن سلسلة من الندوات الدولية فى متحف فيلا كامبيليو بمدينة ميلان الإيطالية، التى نظمتها جائزة الشيخ زايد للكتاب، تحت عنوان "الحوار الثقافى العربى الإيطالى"، وتضمنت الندوة تعريف الجمهور الإيطالى بأهم مبادرات جائزة الشيخ زايد للكتاب لتشجيع الترشيحات التى تستقبلها الجائزة سنوياً من خارج العالم العربى.

جانب من الندوة (1)
جانب من الندوة (1)

 

وأضاف أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، أننا فى جائزة الشيخ زايد للكتاب نفتح الأبواب لكل تعاون مثمر واقتراح بناء، لأننا فى دولة الإمارات العربية المتحدة نصدر عن إيمان حقيق بالتفاعل الإيجابى بين الحضارات، فالتفاعل والاحتكاك بين الحضارات يعد مكسباً كبيراً يجب أن يوظف ويستغل فى تحقيق التقدم والتطور، ويمكن القول إنه لا يمكن عزل أى حضارة عن أخرى، إذ إنه لا توجد حضارة نشأت من تلقاء نفسها بمعزل عن الحضارات الأخرى، أو أنها لم تتفاعل مع غيرها من الحضارات، وذلك لأن الحضارة كيان ثقافى واسع وممتد، كما أن الحضارات والثقافات غير ثابتة وتتغير مع الزمن وتتفاعل مع بعضها البعض الأمر الذى يؤدى إلى إثراء الحضارة الإنسانية بشكل عام، ففى تفاعل الحضارات تأخذ كل حضارة ما يناسبها وما يتفق مع طبيعتها."

 من جهته، قدم عبد الله ماجد آل علي، عضو مجلس أمناء الجائزة، والمدير التنفيذى بالإنابة لقطاع دار الكتب فى دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبى، عرضاً حول جهود الدائرة لدعم أعمال الفكر والترجمة والثقافة والترويج للإرث الثقافى الإماراتى عالمياً، ومن هذه الجهود منحة الترجمة التى تقدمها الجائزة للكتب المؤلفة عن الثقافة العربية. قائلا: "تأتى هذه الأمسية وما تحمله من مبادرات دائرة الثقافة والسياحة لترسيخ مكانة أبوظبى باعتبارها منارة ثقافية على المستوى العالمى من خلال مشاريعها الفنية والفكرية والثقافية التى تحتضنها، والتى تلعب دوراً مهما فى نشر قيم التسامح والحوار وثقافة احترام الآخر عالميا، مثل متحف اللوفر أبوظبى الذى تم افتتاحه العام الماضي، والمتاحف العالمية فى المنطقة الثقافية فى السعديات المستقبلية، والتى تضم متحف زايد الوطنى ومتحف جوجنهايم أبوظبى."

جانب من الندوة (2)
جانب من الندوة (2)

 

وتعقيباً على أهمية الترجمة فى التوعية الثقافية بين الشعوب، تحدث أليساندرو ساكوزى حول دور الترجمة والأسماء والمعانى، وتناول ما كتبه بورخيس حول ابن رشد (أفيرويس) فى احدى رواياته حيث صور الفيلسوف الكبير فى قرطبة يترجم الكوميديا والتراجيديا بطريقة معبرة ارتبطت بالمضمون ومنحت الاسم المترجم معنى ربما كان جديداً عليها.

وفسر بورخيس ذلك بأنه لم يكن هناك مسرح رومانى أو يونانى فى قرطبة ولذا استخدم الفيلسوف الكبير المضمون وزاد على المعانى شيئاً جديداً لم يتضمنه الاسم سابقاً.

وأكد بورخيس، على أهمية الترجمة وأهمية الفرصة التى تقدمها جائزة الشيخ زايد للكتاب لدور النشر الإيطالية وللأدباء والمترجمين وهذا ما سيمنح الأدب الإيطالى فرصة الثراء بالمعانى الجديدة والتعرف على الثقافة واللغة العربية.

 

جانب من الندوة (3)
جانب من الندوة (3)

أما البروفيسور والفيلسوف كارلو سينى فعلق على تأثير الحضارة العربية على الأوروبية بقوله: "لو كنت معلم مدرسة لمنحت نفسى الوقت المناسب للبحث والاستفادة من مدارس الترجمة الكبرى فى العصور الوسطى فى توليذو ومورسيا واشبيلية، لا أعرف إن كان الجميع فى بلادنا يعرفون فضل هذه المدارس العظيمة على ثقافتنا الغربية حتى هذا اليوم. إن هذه المرحلة الذهبية منحتنا فرصة التعرف على الحضارة اليونانية والعربية والإسلامية ولولا هذه المدارس لاندثرت حضارات وتراث بالكامل".

وأضاف كارلو سينى، لم يقتصر فضل الترجمة على الفلسفة بل شمل العلوم الطبيعية واللغة والطب والفلك والرياضيات والهندسة وغيرها من العلوم. لقد حافظت أيضا على علوم الأديان المسيحية واليهودية والإسلامية. إن من ينكر ذلك يرتكب جريمة بحق الإنسانية جمعاء.إن ما تقدمه جائزة الشيخ زايد للكتاب يأتى فى سياق هذه المدارس الكبرى وعلينا أن نأخذ بهذه الفرصة التى تمنح لنا من أجل خدمة الثقافة الكونية."

 

ومن جانبه، قال الفيلسوف باولو سبينتشى، إن الإشكالية التى أود التحدث معكم حولها هى إشكالية سارة وهى على عكس ما يمكن للمرء أن يتوقعه فهى كنز كبير لنا جميعاً. إنها النص الشعرى الذى كتب فى عصر بعيد سابق لنا والذى يعتبر جزء لا يتجزء من تقاليدنا الثقافية وبرغم هذا البعد فإننا نقرأه ونجد فيما نفهمه جمالاً. نسعد بالنص ونسعد بالحديث عنه وباستحضاره. إنها رسالة الغفران لأبى العلاء المعرى، وعندما أقول أنه جزء من تقليدنا الثقافية فإننى أشير إلى الكوميديا الإلهية لدانتى الذى تأثر بلا شك بأبى العلاء. نصان بلغتين مختلفتين والترجمة جعلت التأثر والتناص ممكنين. إننا كما ترون نتحدث دائما بلغة عن اللغة والنص المكتوب أو المنقول أو المنطوق بلغة ما، وحديثنا هو تعبير عن فكرنا وتفكيرنا. أى أن التفكير بحاجة إلى اللغة. وباللغة لا نعبر عن واقع فحسب بل نعبر عن فكرة ربما لم تصبح واقعاً بعد، أى أنها فانتازيا وحلم، وهذه اللغة ارتبطت وبلا شك بجغرافيا معينة نطلق عليها اسم الوطن. والوطن ينتقل ولو جزئيا مع اللغة." وأضاف "اليوم تقدم جائزة الشيخ زايد للكتاب فرصة التعرف على هذا الأدب وهذه الثقافة العربية العريقة، فهى تقدم لنا ولثقافتنا فرصة العيش فى وطن جديد والتعرف على هذه الحضارة عن قرب. إننى أحث دور النشر والكتاب والفلاسفة والأدباء والمفكرين على الاستفادة من هذه الفرصة النادرة التى تمد جسور الحوار والتواصل مع الآخر."

جانب من الندوة (3)
جانب من الندوة (3)

 

 وتم خلال الفعالية إلقاء نصوص شعرية لأبى العلاء المعرى والشاعر الإيطالى الشهير دانتي، وتعليقاً على ذلك قال ألدو بيرولا: " سمعنا نصاً لأبى العلاء المعرى باللغتين العربية والإيطالية ونصا لدانتى باللغتين العربية والإيطالية، وكان الإلقاء العربى يغنى لنا الشعر ويأخذنا بعيداً فى أعماق المعاني. ولاحظ المستمع تقارب النصين بالرغم من أن نص أبى العلاء من القرن الحادى عشر ونص دانتى من الرابع عشر .إن التأثر بين النصين واضح من حيث الفكرة والمضمون وكلاهما تناولا موضوعا له علاقة بالدين والحياة وهذا يدل على كونية وإنسانية الأدب الذى ينشغل بالإنسان وحياته وفكره وهمه. وما احوجنا اليوم إلى من يقدم مثل هذه الفرصة الهامة بمناسبة التعريف بجائزة الشيخ زايد للكتاب ليصنع من هذه الفرصة ترجمة ونصاً وعملاً يهم الإنسانية."

جانب من الندوة (4)
جانب من الندوة (4)

 

حضر الندوة عدد من ممثلى السفارات العربية كقنصل عام دولة الإمارات العربية المتحدة وقنصل عام مصر وقنصل عام الكويت، بالإضافة إلى نخبة من المؤلفين والناشرين والمترجمين. وشارك فى الندوة كل من سعادة الدكتور على بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد للكتاب، وعبدالله ماجد آل علي، عضو مجلس أمناء الجائزة، والبروفيسور والفيلسوف الشهير كارلو سيني، والناشر ماركو زابارولي، والكاتب الصحفى أليساندرو ساكوزي، والاكاديمى باولو سبينتشي، وممثل مكتبة ميلان الوطنية ألدو بيرولا. وأدار الحوار المحرر والصحفى باولو جوالاندريس.

شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب
شعار جائزة الشيخ زايد للكتاب

 

 

تعتبر ندوة ميلان هى الثانية ضمن سلسلة من الندوات التى تنظمها جائزة الشيخ زايد للكتاب هذا العام للترويج للكتب الحائزة على الجائزة، وستقام الندوة القادمة فى المملكة المتحدة. وحتى هذا اليوم، نظمت الجائزة بنجاح العديد من الندوات فى معالم ثقافية عالمية ومراكز أدبية فى كل من لندن وموسكو ولشبونة، وكان آخرها فى نيويورك.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة