قبل 40 عاما أسقطت ثورة عارمة فى إيران النظام الشاهنشاهى الملكى لتنتهى حقبة وتبدأ حقبة جديدة فى فبراير 1979 ويعود المرشد الأول للثورة فى إيران روح الله الخمينى إلى البلاد قادما من باريس برفقه العديد من الأصدقاء والحلفاء ومناصرى نظريته السياسية فى الحكم (مبدأ ولاية الفقيه) الذى كرس زعامة رجال الدين فى النظام، إلا أن الأمور سرعان ما تبدلت بين الخمينى وبعض من رفاقه وحتى السياسيين الذين شاركوا فى بناء النظام فى السنوات الأوائل لتأسيس الجمهورية، ونلقى الضوء فى التقرير التالى على وقائع سجلتها كتب التاريخ فيما حل ببعض من مقربى المرشد الإيرانى الأول.
1- أبو الحسن بني الصدر
بعد مباركة الخمينى انتخاب بنى الصدر كأول رئيس إيرانى يأتى عبر انتخابات رئاسية بعد الثورة فى عام 1980 وحصوله على 11 مليون صوت و700 ألف، وذلك بعد سنوات من النضال ضد النظام الملكى والشاه محمد رضا بهلوى الذى سجنه مرتين، دفعه للهروب إلى فرنسا، بدأت الخلافات تدب بينه وبين المرشد حول مبدأ ولاية الفقيه واتهم بضعف الأداء فى قيادة القوات المسلحة خلال الحرب العراقية الإيرانية، واتهم بالتقارب مع جماعة معارضة للجمهورية الإسلامية، قام البرلمان الإيرانى بسحب الثقة من بنى صدر بغيابه فى 21 يونيو 1981، وتنحيته من منصبه بعد 9 أشهر من تولى رئاسة البلاد، وبقى مختبئا لبضعة أسابيع حتى استطاع أن يفر إلى تركيا ثم إلى فرنسا ويعيش بالمنفى حتى يومنا هذا.
وأصبحت كلمة بنى الصدر فى الأدبيات السياسية الإيرانية تعنى "العزل السياسى"، ويمكن استحضار تهديد لوح به المرشد الأعلى على خامنئى أمام روحانى فى 23 يونيو 2017، حيث هدده بمصير الصدر حال حدوث انقسام حين قسم الصدر الشعب إلى مؤيد ومعارض، ورأه المرشد الأعلى شيء خطير"، هو تهديد مماثل لوحت به جماعة متشددة فى يناير 2017 خلال مراسم يوم القدس حيث أطلقوا هتافات مناهضة لروحانى، واتهموه بالخيانة وشبهوه بـ بنى الصدر.
بني الصدر
2- صادق قطب زاده
فى سبتمبر 1982 أعدم صادق قطب زادة، رميا بالرصاص فى سجن إيفين شمال إيران، بتهمة التآمر على النظام وقيادة انقلاب ضد مؤسس الجمهورية الإسلامية الوليدة آية الله روح الله الخمينى، وكان قطب زادة مستشار للخمينى ومترجمه الخاص فى منفاه بباريس، وتم تعيينه وزير خارجية للحكومة المؤقتة حتى أغسطس 1980 بعد أن عاد مع الخمينى وكان يجلس بالكرسى الملاصق له خلال رحلة العودة إلى طهران على متن طائرة "إيرفرانس"، وتولى مسئولية الإذاعة والتلفزيون، وحصل على عضوية بمجلس الثورة. وإلى جانبه اتهم رجل الدين آية الله سيد كاظم كاظم شريعتمدارى بمعاونة قطب زادة، إلا أن الخمينى منع آنذاك محاكمته نظرا لمكانته بين رجال الدين، واكتفى بتجريده من اللقب وفرض قيود عليه وتم تحديد إقامته وإبعاده من الحوزة الدينية وحرمانه من التدريس بقم.
قطب زاده
3- آية الله حسين منتظرى
توفى رجل الدين الإيرانى حسين منتظرى فى عام 2009 بعد أن عاش السنوات الأخيرة من حياته قيد الاقامة الجبرية منذ 1997 واستهدفته حملة ممنهجة من قبل قادة النظام، فرغم قربه الشديد من الخمينى إلا أن الخلافات دبت بينهما قبل وفاة الأخير فى 89، بسبب أراءه وانتقاداته لرجال الدين الذين اتهمهم بالديكتاتورية باسم الدين، الأمر الذى أدى إلى إبعاده من قائمة من يخلفون الخمينى بعد أن كان مرشح بقوة لخلافته، انتقاداته للنظام لم تنتهى بوفاة الخمينى، ففى عام 2009 وقف إلى جانب المحتجين الذين خرجوا فى تظاهرات عارمة إثر فوز الرئيس الأسبق المتشدد محمود أحمدى نجاد فى انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وقال إن النظام ورجال الدين يهينون الشعب ويرتكبون الجرائم باسم الإسلام، وتم إقصاءه من الحياة السياسية وعاش فى منزله بقم معزولا عن النخب السياسية حتى وفاته.
حسين منتظري
4- مهدى بازرجان
سياسى تزعم حزب حرية إيران وكان معارضا للشاه، وبعد عودة الخمينى تم تعيينه فى منصب رئيس الحكومة المؤقت، عارض المرشد الأول فى الكثير من المناسبات أبرزها أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين عندما اقتحم "الطلاب السائرون على نهج الخمينى" المتشددين لمقر السفارة الأمريكية، فأراد أن ينهى الأزمة، لكن لم تحظى الخطوة بقبول الخمينى، كما عارض بازرجان الإعدامات لاحقا التى نفذت بعد الثورة فى المحاكم الثورية على سبيل المثال أراد إيقاف تنفيذ حكم إعدام عباس هويدا أحد وزراء النظام الملكى، لكن الخمينى لم يقبل برأيه، وابتعد بازرجان عن العمل السياسى إلى أن توفى فى سويسرا فى 1995.
مهدي بازرجان