فى منطقة المعدية غرب الإسكندرية، حيث يقع يارد تصنيع المنصات البحرية، تعمل فتاة تدعى بسنت الغرياني، تبلغ من العمر 28 عاما مهندسة فى أحد أهم ورش تصنيع المنصات البحرية.
تصنيع منصات بحرية داخل اليارد
واستطاعت بسنت أن تكتب اسمها على كل برميل نفط تم استخراجه أو مكعب غاز، بداية من المراحل الأولى لتصنيع المنصات والمنشآت للمياه العميقة، لم يمنعها زواجها مبكرا من استكمال الحلم، لتشكر القدر الذى أهدى لها رجلا يؤمن بها، تخرجت بسنت من كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية فى عام 2013 .
وتحكى عن نجاحها لـ"اليوم السابع "، ، فهى متزوجة ولديها ولد وبنت "توأم" أربع سنوات، برغم صخبهما وصخب المدقات الحديدية فى مكان عملها، تستطيع جمع شتات ذهنها للحفاظ على أرواح مئات العمال، وسلامتهم المهنية.
المهندسة بسنت أثناء متابعة العمل داخل اليارد
وأضافت بسنت قائلة : "عندما كنت فى الجامعة كان هدفى أن أتفوق فى مجال الهندسة خاصة فى تخصص البترول والحمد لله كنت من أوائل الدفعة ودى الحاجة اللى ساعدتنى على البداية المبكرة ".
وأضافت بسنت الغرياتى، أن مساندة زوجها وأهلها لها هو من أهم الأشياء التى جعلتها تتفوق فى دراستها وتنجح فى عملها الذى يوصف بأنه من الأعمال والصناعات الثقيلة التى لا تتناسب مع السيدات قائلة: "ارتبطت فى أولى هندسة واتجوزت وأنا فى سنة ثالثة وكنت بوازن ما بين البيت والشغل".
المهندسة بسنت اثناء تفقد سير العمل داخل اليارد
وتكمل بسنت، حديثها: "مقدرش أقول أن البداية كانت سهلة لأنه لم يكن هناك العقلية الخاصة بالمساواة فى النوع أو المساواة ما بين الرجل والست".. واللى هى حاجة أساسية المفروض تكون متوفرة فى أى شركة عشان تقدر تحقق التنمية المستدامة وهى واحدة من أهداف برنامج تطوير وتحديث قطاع البترول تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى وزير البترول المهندس طارق الملا اللى عملوا لنا دافع كبير جدا عشان نقدر نشتغل ونحقق طموحنا ونفيد القطاع.
المهندسة بسنت الغريانى اثناء متابعة عملها
وتابعت:"أنا بشتغل فى الادارة البحرية من شهر 8 / 2016 فى إدارة السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة، وكنت محظوظة لأنى فى الفترة دى اشتغلت تحت إدارة 3 من أهم الرؤساء وهم المهندس محمد الشيمى وصلاح إسماعيل ووليد لطفى ودعمونى بشكل كبير جدا".
المهندسة بسنت الغريانى مع محررة اليوم السابع داخل يارد تصنيع المنصات البحرية
وأضافت بسنت: "فى الجزء الخاص بـ "السيفتي"، الفضل كله يرجع بعد ربنا للمهندس طارق عادلى مستشار رئيس الشركة للسلامة والصحة المهنية وحماية البيئة وهو القدوة لكلمة قائد لأنه مثال يحتذى به ووضعنى على الطريق الصحيح".
وتابعت: " لم أجد أى مشكلة فى النزول إلى الموقع، بالرغم أنه لم يكن هناك أى مهندسات أخريات بالموقع وشعرت أنى هقدر أعمل حاجة مختلفة وأتكيف مع الوضع وأنزل فى يارد فيه 3500 عامل"، مضيفة "الحقيقة أنا لقيت أن نزول "اليارد"، مفيد جدا والعمال متفهمين جدا و يستجيبوا للتوجيهات والنصائح لأن فى الآخر دى لمصلحتهم ومصلحة الشركة كلها، وشغلى ومهمتى الأساسية فى إدارة "السيفتى " حماية الافراد لتقليل الخطر علشان يروح العامل لبيته وأسرته بسلام ".
المهندسة بسنت الغرياني داخل المنصة البحرية
وأضافت:"انا طبعا موصلتش لده لوحدى ده كان بمساعدة مديرينى وزملائى ممن قدموا لى كل الدعم كلهم كانوا داعمين جدا وفخورة أنى كنت جزء من الفريق اللى اشتغل فى مشاريع مهمة أفادت البلد مثل مشروع "ظهر وأتول وجيزه- فيوم وريفين".
وتابعت الغريانى:"أنا أعمل فى إدارة الصحة والسلامة المهنية ومهمتنا الأساسية هى أننا نحافظ على حياة الناس اللى هما أهم من أى أصول، وده بيتم عن طريق كذا حاجة وأى نشاط بيحصل فى الشركة لازم نعمله حاجة اسمها تقييم المخاطر، ثم بعد ذلك الإجراءات اللى ممكن نشتغل عليها عشان نقلل الخطر للمستوى اللى يسمح للعامل إنه يقوم بشغله بأمان ولا قدر الله، لو أى حاجة حصلت أو أى حدث كان ممكن يؤدى لحادثة بنعمل تحقيق علشان نتعلم منها ونوصل للأسباب الجذرية التى أدت للحادثة ونتأكد من أخذ الاجراءات التصحيحية لعدم تكرار الحادثة، وذلك بالإضافة إلى نشر ثقافة السلامة عن طريق المحاضرة المجمعة لكل فروع الشركة فى نفس الوقت، وبالإضافة إلى محاضرة قبل بدء العمل".
المهندسة بسنت الغرياني داخل المنصة البحرية
وأضافت الغريانى:"أنا فخورة أنه تم اختيارى من ضمن 75 موظفا من قطاع البترول علشان أشارك فى برنامج تنمية الكفاءات فى مجال السلامة والصحة المهنية، وهو البرنامج الثالث من برامج تطوير وتحديث قطاع البترول ومن خلال برامج التطوير هنقدر نفيد قطاع البترول لأن الأساس فى هذا البرنامج الكفاءة فقط، وهو ما سيساعد فى الوصول إلى حالة "صفر حوادث".
المهندسة بسنت الغرياني
وأضافت بسنت أن "يارد" المعدية بالإدارة البحرية أنشئ سنة 1984 ويغطى جميع أعمال المنشآت البحرية فى البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وكل خطوات الانتاج من أعمال هندسية وأعمال تصنيع وأعمال تحميل تتوافق مع متطلبات الأكواد العالمية الخاصة بالسلامة والبيئة والجودة".
وقالت إن عدد المنصات اللى تم تصنيعها حتى الآن 96 منصة و 700 من منشآت مياه عميقة ودى طبعًا صناعة مصرية 100%، فخر لكل المصريين واستطعنا الانتهاء من أعمال منصة حقل ظهر قبل الموعد المتفق عليه بستة أشهر، بالإضافة لمنشآت المياه العميقة اللى بيتم تركيبها على بعد 180 كيلومتر من البر وعلى عمق 1800 متر، بالإضافة للمحطة الأرضية ببورسعيد.
المهندسة بسنت الغرياني داخل يارد تصنيع المنصات ومنشآت المياة العميقة
وأضافت: "استطعنا أن نكسر احتكار الشركات العالمية لتصنيع جميع مكونات منشآت المياه العميقة داخل مصر، بالإضافة لمشروع غرب دلتا النيل وحقل أتول و" نيدوكو " اللى من خلالهم قدرنا تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز والبدء فى التصدير طبقا لتوجيهات القيادة السياسية لتحويل مصر مركز اقليمى للطاقة".
وتابعت بسنت أن مشروع منصة بلطيم، والمرحلة التاسعة B من مشروع البرلس ومشروع ،Zohr ramp up to plateau ومشروع أتول قطامية وجيزه-فيوم ريفين ومنصة بتروسلام، سيتم الانتهاء منهما خلال 2019 .
المهندسة بسنت الغرياني داخل يارد تصنيع المنصات ومنشآت المياه العميقة.
أما المهندس هيثم محمد الألفي، مدير إدارة السلامة والصحة المهنية، فهو المدير المباشر لبسنت الغريانى، وقد قال "منذ انضمامها لفريق العمل وهى شعلة من النشاط، وأول ما جاءت لم تكن تخاف التعامل مع العمال ونزلت الموقع وتعرفت على كل الناس، وحبوها وتعاملت معهم، والعمال بيسمعولها وبينتبهوا لها عند حديثها، وهى المهندسة الوحيدة فى "اليارد " اللى بتنزل وتتواصل مع العمال بشكل مباشر".
وأضاف الألفي، أن بسنت دائما متميزة وتبذل أقصى ما فى وسعها، وجميع من تعاملوا معها أشادوا بها وبعملها ومجهودها، وتم ترشيحها ضمن 75 آخرين بقطاع البترول من أجل رفع الكفاءة للصحة والسلامة المهنية، قائلا : "شغلنا فيه مجهود كبير، وعمل ثقيل على المرأة، خاصة فى مجال الإنشاءات البترولية، ولكن بسنت اثبتت أنها مثل الرجل ولا يوجد أى فرق".
المهندسة بسنت الغرياني
أما المهندس طارق عدلى، مستشار رئيس الشركة للسلامة والصحة المهنية، فأوضح أن المخاطر تتدرج من صناعات مخاطرها قليلة إلى كبيرة، وصناعة البترول والإنشاءات البترولية من أكثر الصناعات فيها مخاطر، مضيفا "الحفاظ على العامل البشرى، هو أغلى ما فى منظومة العمل"، مشيرا إلى أن السلامة عمل جيد ومهم جدا وهو أساس الشركات فى تقييمها.
وأضاف عدلى، أن قطاع البترول فيه مخاطر ضخمة للعمل فى مواد مشتعلة مثل الزيت والجاز والهيدروكربون، مضيفا: "كل شغلى هو كيف أتفادى المخاطر لأن القيادة هى الأساس التى تبنى معايير الالتزام بمعايير السلامة قبل أى شيء آخر".
المهندسة بسنت مع محررة اليوم السابع
وأشار عدلى، إلى أن المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، هو واحد من اوائل الوزراء الذين تحدثوا عن منظومة السلامة بشكل مباشر، وهناك اهتمام بشكل كبير جدا بالسلامة والصحة المهنية.
وتابع ، فى قطاع البترول يتم التعامل مع مواد ملتهبة وتحت ضغوط ، ومستمرون فى تنفيذ الصيانة الوقائية وكل الشركات تمتلك أنظمة معينة للتعامل معها، والسلامة قيمة هامة جدا قائلا : "الحوادث فى قطاع البترول بتأثر على العمل والوقت والاستثمار بشكل كبير وتؤدى أيضا إلى حالات فقد للإنتاج ".
المهندسة بسنت والعمال داخل اليارد
أما عن بسنت الغريانى، فقال عدلى :"كان هناك مقابلة للالتحاق بأحد الوظائف فى الشركة، ولفت انتباهى مهارات التحدث واللغة وحماس، وطريقة عرض الموضوع والقدرة على الاقناع لدى بسنت، قائلا: "الأداء أبهرنى وتم اختيارها أن تكون موجودة فى يارد البحرية، ثم بدء تشجيعها أن تكون موجودة فى وسط العمالة، وترتدى "الأفارول"، وتتحدث مع العمال داخل الموقع شبه يومى ثم بعد ذلك تم وضعها فى خط سريع جدا من التدريب، بسنت حاصلة عليىشهادات عالمية بالرغم من أن كل سنوات خبرتها 3 سنوات، كما تم اختيارها للتحدث فى يوم السلامة لقطاع البترول.
وأضاف عدلى، أن المهندسة بسنت من أكثر النماذج نجاحا فى برنامج القيادات الشابة والذى يتحدث عن ثقافة العمليات وثقافة السلامة، كما أنها أدت اداء متميز جدا فى هذا البرنامج.
المهندسة بسنت والعمال داخل اليارد
وفيما يتعلق بعمل المرأة قال إن المرأة دائما متميزة، ومن الممكن أن تتفوق المرأة فى بعض المهام التى يقوم بها الرجل قائلا: "الشركات العالمية لديها عدد من معايير الاداء وهذه المعايير يأتى من ضمنها معيار عدد السيدات العاملات وكم سيدة تشغل منصبا قياديا وهو ما يتضمن تقييم يقوم على أساس الزيادة فى عدد السيدات العاملات وعدد المناصب القيادية التى تشغلها امرأة، وكلما زاد هذا العدد ارتفعت درجة الشركة فى الأداء قائلا : "المرأة عامة هى الافضل على الإطلاق فى العمل استطاعت بجدها ومثابرتها أن تكون هى الأفضل، ضاربا المثل بأحد السيدات التى كانت تعمل معه فى أحد الشركات العالمية للبترول، حيث إن تلك السيدة عملت على البريمات والمنصات البحرية وهى بيئة عمل قاسية على المرأة، تدرجت تلك السيدة فى المناصب وهى الآن تشغل أحد المناصب القيادية الهامة فى أحد شركات البترول العالمية ".
أما فيما يتعلق بتصنيع المنصات البحرية فقال إن "صناعة المنصات البحرية ليست سهلة ولدينا كوادر فنية ماهرة فى تلك الصناعة وذلك فى "يارد المعدية وجبل الزيت، حيث نقوم بتصنيع المنصات البحرية لأربع دول إفريقية وأهم ما يميزها أنها صناعه مصرية خالصة 100%".
المهندسة بسنت والعمل داخل اليارد اثناء محاضره عن السلامة والصحة المهنية
وتابع عدلى، أن الصناعة البترولية، صناعة صعبة جدا والأنشطة الأساسية بها عبارة عن لحام وأعمال على ارتفاعات، وفى كل الشركات العالمية العمل على ارتفاعات هو الأعلى فى نسبة الحوادث.
المهندسة بسنت ورئيسها المباشر اثناء متابعة العمل
المهندسةبسنت مع زميلها اثناء متابعة سير العمل
بسنت الغرياني مع محررة اليوم السابع
تصنيع المنصات البحرية ومنشآت المياه العم
محررة اليوم السابع مع المهندسة بسنت داخل يارد تصنيع المنصات البحرية ومنشآت المياه العميقة
منصة تحمل شعار صنع في مصر
يارد المعدية