أثير، مؤخرا، الكثير من الكلام عن اللغة العربية فى أفريقيا، فالبعض تعجب من وجودها فى دول مثل "موريتانيا" وبعيدا عن ذلك فإن حال اللغة العربية فى أفريقيا فى حاجة إلى إلقاء نظرة وافية لمعرفة حالها فى البلاد التى تدخل تحت راية الدول العربية.
فى البداية علينا التأكيد بأن اللغة العربية رابع لغة بعد الصينية والأوردو-الهندية والإنجليزية، من حيث الانتشار، حسبما أكدت دراسة وضعها أستاذ علم اللغات فى جامعة دوسلدورف، أولريخ آمون، واستغرقت 15 عاماً.
يقول المفكر العربى الكبير "ابن خلدون" إن اللغة العربية دخلت إلى إفريقيا قبل خمسة آلاف سنة، عبر المداخل الجنوبية والشمالية لساحل البحر الأحمر، وأطلقوا على ساحل أريتريا آنذاك، اسم بلاد الحبشة"، ورغم كون الصومال وأريتريا دولتين عربيتين إلا أننا نجد اللغة الصومالية هى اللغة الرسمية للبلاد وهى أحد اللغات الكوشية التى هى بالتبعية فرع من فروع اللغات الأفريقية الأسيوية، وتعد أقرب اللغات للصومالية لغات عفار التى يتحدث بها أهل إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي، وأورومو التى يتحدث بها أهل إثيوبيا وكينيا.
كما توجد بعض اللغات التى يتحدث بها قلة من الناس فى الصومال مثل اللغة البراوية وهى منبثقة عن اللغة السواحلية ويتحدث بها أهل براوة فى الجنوب الشرقى للصومال.
أما جيبوتى التى استقلت عام 1977، وانضمّت إلى جامعة الدول العربية، وقرّرت جعل اللغة العربية من اللغات الرسمية فى البلد، غير أن هناك عوائق وقفت أمام حركة التعريب فى جيبوتى.
ويتحدث الشعب الأريترى تسع لغات، تتوزّع على تسع قوميات، منتشرة فى طول البلاد وعرضها، من هذه القوميات: التجراى والتيجرينية، والرشايدة العربية، أن اللغتين الأكثر انتشاراً هما التيجرية والعربية.
أما موريتانيا بلد المليون شاعر والتى تعد اللغة العربية لغتها الرسمية حسب الدستور الموريتانى، فإن اللغة الفرنسية هى اللغة السائدة فى الدوائر الحكومية.
ورغم أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية فى الجزائر منذ دستور 1963، بالإضافة إلى اعتبار اللغة الأمازيغية لغة قومية منذ التعديل الدستورى 2002، فالعربية والأمازيغية ينطقها حوالى 99% من الجزائريين، حيث يتحدث 72% منهم بالعربية بينما 27% بالأمازيغية، أما اللغة الفرنسية فهى تُستخدم على نطاق واسع فى الدولة الجزائرية، فى المجالات الثقافية والإعلام والتعليم فى الجامعات، وذلك على خلفية الاستعمار الفرنسى للجزائر، فالفرنسية تعد لغة شبه رسمية فى الجزائر رغم عدم وجود ذكر لها فى دستور الدولة.
وفى تونس يتكلم التونسيون اللهجة التونسية وهى لهجة مفرداتها عربية وتحوى على العديد من الكلمات كالتركية والإيطالية وبدرجة كبيرة الفرنسية نضرا لاعتبارات تاريخها تعود للقرن 18 و 19 وتعتبر العربية اللغة الرسمية، والفرنسية لغة الإدارة والأعمال بحكم الأمر الواقع.
وفى المملكة المغربية توجد العديد من اللغات فى المغرب ولكن اللغتين الرسميتين فيها هما العربية واللغة الأمازيغية، وتعتبر اللغة المغربية (المعروفة باسم اللهجة الدارجة العروبية) هى اللغة المحلية. واللغة العربية بشكليها التراثى والحديث إلى جانب اللغة الفرنسية (اللغة الأجنبية الثانية للعديد من المغاربة) هما الدالتين على مكانة الإجتماعية العالية، ووفقاَ لدراسة 2000-2002 التى أجراها (موحا الناجي) مؤلف كتاب (تعدد اللغات، الهوية الثقافية، التربية والتعليم فى المغرب) "يوجد اتفاق عام على أن اللغة العربية الفصحى، واللهجة العربية المغربية واللغة الأمازيغية هى اللغات القومية.
ويوجد من 15 إلى 18 مليون متحدث بالأمازيغية فى المغرب أى ما يوازى من 50 إلى 65% من تعداد السكان، وتعد الفرنسية هى اللغة الثالثة غير الرسمية للمغرب، وتدرس بشكل عالمى وتمثل اللغة الأساسية للتجارة والاقتصاد المغربى، كما تستخدم على نطاق واسع فى التعليم والحكومة.
وفى "تشاد" اللغة العربية لغة التعامل بين الشعب وبعض اللهجات المحلية، فـ"تشاد" ينص دستورها على أن اللغة الرسمية بالبلاد هى اللغة العربية والفرنسية وأيضاً لغة الشعب المحكية.