أعلنت إيران حذف 4 أصفار من عملتها الرسمية الريال وتغيير اسمها إلى التومن فى تعاملاتها، جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية على ربيعى فى أعقاب اجتماع للحكومة اليوم الأربعاء، وسيتم إرسال المشروع إلى البرلمان لإقراره وفقا للمسئول الإيرانى، (وسوف يصبح 10 آلاف ريال = ا تومان)، ويبقى التعامل بالريال بين البنوك فقط.
قرار حذف أصفار من العملة الإيرانية لم يكن الأول، فكل عام كانت تعتزم الحكومة القيام بذلك وتعلن حذف صفرا واحدا، فى وقت تشتد فيه الأزمة الاقتصادية وترتفع نسبة التضخم لكن القرار بقى حبيس الأدراج لم يخرج قانونه عمليا إلى النور، وفيما عدا عام 2017 اضطر البنك المركزى الإيرانى إلى حذف صفر واحد قرار لم ينفذ على أرض الواقع، وكان الاعلان عن القرار بالنسبة لحكومة روحانى مسكنات لمعالجة حالة التذمر من التدهور الاقتصادى وارتفاع الأسعار لكنه لم يكن أبدا حلا لعلاج الأزمة الاقتصادية جذريا أو انتعاش لعملتها التى فقدت أكثر من 40% من قيمتها، لكن الجديد فى الأمر هذه المرة هو الاعلان عن حذف 4 أصفار وفقا لتوصيات من البنك المركزى مطلع العام الجارى.
وفى يناير الماضى أقر رئيس البنك المركزي الإيراني، عبد الناصر همتي، أن عملية حذف 4 أصفار من العملة المحلية لن تكون سهلة وستستغرق عامين كاملين حتى يتم توزيع العملة الورقية الجديدة بدلا من العملات القديمة. واعترف المسئول الإيرانى بأن التضخم في إيران أفقد النظام المالي أكثر من نصف قيمة العملة المحلية، وقال: "إن ثمن معدن النقود المعدنية أكثر من قيمتها المالية حيث أن تكلفة طباعة العملة الورقية فئة 500 تومان تصل إلى 400 تومان".
وتواجه إيران أزمة اقتصادية حادة، نتيجة للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على قطاعات حساسة أبرزها قطاعى النفط والقطاع المصرفى والبرتوكيماويات التى تغذى بمبيعاتها بشكل رئيسي الموازنة الإيرانية، حيث أدت العقوبات إلى حرمان خزينة الدولة الإيرانية من مبيعات النفط وبالتالى انخفض مخزون العملة الأجنبية، وارتفعت قيمة الدولار أمام العملة الإيرانية بشكل غير مسبوق على مدار العام الماضى وشهد سوق العملة فى إيران تقلبات حادة منذ اعلان الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووى مايو 2018 وفرض عقوبات مشددة.
وعلى واقع مساعى الولايات المتحدة تصفير الصادرات النفطية لطهران وخفض احتياطى العملة الصعبة، تسببت العقوبات فى انكماش اقتصادى، وارتفاع أسعار المواد الغذائية لأضعافها، وفقدت العملة الإيرانية القوة الشرائية، وانخفضت قدرة الإيرانيين على الشراء، الأمر الذى انعكس على الأسواق التى ارتفعت فيها أسعار السلع الأساسية بشكل كبير ونقص بعض المنتجات، دفع طهران للحدیث مجددا عن اللجوء لنظام "الكوبونات" لتوزيع السلع على المواطنين، وذلك لمواجهة الأزمة.
تداعيات القرار على الاقتصاد الإيرانى
يستهدف القرار فى المقام الأول عدة محاور فى مقدمتها، مواجهة التضخم فى محاولة من حكومة روحانى لخفض الأسعار، كما يهدف أيضا للحفاظ على قوة العملة الإيرانية وانعاش قيمتها ومواجهة الانهيار الإقتصادى، فضلا عن تسهيل وتحديث ادوات المدفوعات النقدية في التعاملات المحلية فبسبب كثرة الاصفار فى العملة الإيرانية، من الممكن أن يدفع المواطن الإيرانى الملايين من الريالات خلال عملية شراء واحدة لبعض السلع الغذائية البسيطة مثلا، بجانب خفض تكاليف طبع الاوراق النقدية والحد من المشكلات الاعداد الضخمة في التبادل اليومي، واعباء عد العملة والمسكوكات النقدية وحمل المبالغ الكبيرة منها وفقا لوكالة فارس الإيرانية.
ومع وجود اختناق اقتصادى جراء العقوبات الأمريكية المشددة على إيران، قد لا يكون للقرار أثرا ملموس على الاقتصاد، وقد يكون طفيفا لطالما لم يوازى هذا القرار اصلاحات جذرية للهيكل الاقتصادي والمصرفى، أما الأثر الإيجابى الذى قد يعود عليه بحسب مراقبين هو الأثر النفسي على الإيرانيين، الذين لم يعدوا بعد الآن مجبرين على استخدام مصطلحات "الملايين من الريالات" من خلال إسقاط الاصفار من الأوراق النقدية فى تعاملاتهم اليومية، وهوما سيمنحهم احساس بارتفاع قيمة عملتهم.