يبدوا أن ملفات الفساد المتورط فيها حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق تفوق كافة التقديرات والتوقعات، فما بين تمويل الإرهاب فى دول الشرق الأوسط وجرائم غسيل الأموال العابرة للحدود، تظل قضية بنك باركليز التى ينظرها القضاء البريطانى تحمل بين طياتها العديد من الأسرار والتفاصيل التى لم يتم الكشف عنها بشكل كامل حتى الآن.
وقبل يومين كشفت صحيفة "جارديان" البريطانية تفاصيل جديدة، مشيرة إلى أن ممثلوا الإدعاء البريطانى وجهوا تهم جديدة لمدراء سابقين فى البنك البريطانى من بينها محاولة شرعنة التحويلات المالية القطرية التى كان لها دور فى انقاذ البنك من طوفان الأزمة المالية العالمية عام 2008، إلا أنها كان لها ـ بطبيعة الحال ـ تأثير على استقلالية البنك.
وقالت الصحيفة فى تقريرها إن ممثلى الإدعاء فى مكتب الاحتيال الخطير ببريطانيا قد قالوا إن محاولات رؤساء بنك باركليز السابقين لإظهار الخدمات الاستشارية التى قدمتها قطر كانت مجرد "غطاء" لمحاولة إضفاء شرعية على الأموال الاحتيالية التى قدموها إمارة تميم فى عام 2008.
واستمعت هيئة المحلفين فى محكمة أولد بيلى بلندن إلى ما قاله الإدعاء بأن المسئولين التنفيذيين السابقين ببنك باركليز قد حاولوا جمع أدلة لإظهار ان الأموال التى تم دفعها لقطر كانت مجرد مقابل خدمات استشارية حقيقية، وليس وسيلة لإخفاء رسوم غير شرعية بقيمة 322 مليون إسترلينى.
وقال إدوارد براون، ممثل الإدعاء فى مكتب المدعى العام: "من الواضح أنه كانت هناك بعض المحاولات (بعد الحدث) لإظهار أن بعض الخدمات قد تم تقديمها. لم تصل تلك المحاولات إلى حد تبرير الأموال الضخمة التى تم دفعها للقطريين، ولم تكن، كما يمكنك أن تستنج، أكثر من محاولة للسعى لإضفاء الشرعية على ما ذهب من قبل".
ومثل ثلاثة مسئولين تنفيذيين سابقين فى بنك باركليز أمام هيئة محلفين فى لندن فى محاكمة جنائية تحظى باهتمام واسع وتعد من أهم القضايا الخاصة بمكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة فى بريطانيا، وتتعلق بمدفوعات لم يتم الكشف عنها عندما قام باركليز بجمع أكثر من 11 مليار استرلينى من المستثمرين فى 2008 لتفادى إنقاذ حكومى.
ويواجه روجر جينكينز، الرئيس السابق لمجلس إدارة ذراع الخدمات المصرفية الاستثمارية للبنك فى الشرق الأوسط، وتوم كالاريس الذى تولى منصب الرئيس التنفيذى لقطاع الثروات فى ذلك الوقت، وريتشارد بوث الرئيس السابق لأنشطة تمويل الشركات الأوروبية، اتهامات بالتحايل فى المحاكمة التى بدأت مؤخرا، وتستمر لفترة قد تصل إلى خمسة أشهر، والتى ينفى المتهمون الثلاثة فيها ما وجه إليهم من اتهامات.
وقال براون خلال افتتاح مرافعة الإدعاء فى المحاكمة: إن مثل هذه الأكاذيب تنطوى على مخالفة جنائية، وأضاف أنه إنه احتيال.. لقد تصرفوا بعدم أمانة بهدف الحفاظ على مستقبل البنك والحفاظ على مراكزهم.
تقوم القضية على معلومات قدمها "باركليز" للسوق فى وثائق عامة، مثل نشرات الإصدار واتفاقات الاكتتاب، التى توضح الرسوم والعمولات التى دفعها البنك إلى المستثمرين، ومن بينهم رئيس الوزراء القطرى السابق الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى.
وقال ممثل الادعاء إن "باركليز" نحى جانبا الممارسات المصرفية المتعارف عليها والمتمثلة فى قول الحقيقة فى الوثائق العامة بخصوص الشروط التى يدعم المستثمرون البنك على أساسها عندما كانت أزمة الائتمان تهز الأسواق، وذلك بهدف الحصول على استثمار بنحو أربعة مليارات استرلينى من قطر الغنية على مدى عام 2008.
مدراء البنك السابقين
وأضاف أن المدعى عليهم استخدموا "آلية حيكت بعناية" لإخفاء الرسوم الإضافية باستخدام اتفاقيتى خدمات استشارية غير حقيقيتين، بل كانتا وسيلة مخادعة لدفع مبالغ إضافية للقطريين وإخفاء الرسوم.
وبحسب "رويترز"، فإن القضية التى بدأت قبل 7 سنوات، مثال نادر لمحاكمة جنائية لمصرفيين كبار ببنك عالمى فيما يتعلق بممارسات جرت إبان أزمة الائتمان قبل أكثر من 10 سنوات، وتعد قضية عالية المخاطر لمكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة.