"دقة التصميم وجمال المنظر" أول الأشياء التى تلمحها عند دخولك إلى حديقة الحيوان فى العاصمة الألمانية برلين، أضف إلى ذلك "النظافة" التى يرفعها الجميع شعارا لهم، وكذلك الرائحة المعهودة لحدائق الحيوان والتى نجحت إدارة الحديقة ببرلين فى التخلص منها ليصبح الأمر قائمًا على الجمال والنظافة.
بدأت الرحلة بالحصول على تذاكر دخول الحديقة من خلال مكتب حجز التذاكر الزجاجى بالبوابة الرئيسية للحديقة باختيار نوع التذكرة سواء للكبار أو الأطفال، وكذلك الحصول على خصم معين حال كون الزائر "طالبا".
داخل الحديقة مساحات شاسعة من الأرض الخضراء والصحراوية حسب طبيعة نوع الحيوان الذى يسكن فيها، فتجد أنواعًا من الفيلة فى محيط سكنها وقد تم توفير كل الظروف البيئة المناسبة لحياة هذا الحيوان فى التربة الرملية والأشجار الطويلة، وبالنسبة لأنواع الغزال البرية تم تهيئة البيئة الخاصة بها كمحاكاة واقعية للبيئة الطبيعية التى تعيشها.
من اللافت للنظر وضع إدارة الحديقة لعدد من اللوحات الاسترشادية داخل طرقات الحديقة مع نبذة مختصرة عن كل حيوان يزوره الجمهور، وتحتضن الحديقة عددا كبيرا من الأنواع المختلفة للدجاج "الديوك على سبيل الخصوص"، فيما جرت تهيئة الجزء المخصص للزرافة الذى امتلأ بالأشجار الطويلة محاكاة للواقع الذى تعيشه هذه الزرافة وعائلتها.
"القرود" صاحبة الإقبال الأكبر من جانب زوار الحديقة لما تقدمه هذه النوعيات من تفاعل قوى مع زوار الحديقة، فتقدم نوعًا منها أصواتًا مميزة لجذب زوار الحديقة، كما وضع عدد من الحواجز الزجاجية القوية حماية للأطفال ولتمكينهم من رؤية أفضل لأنواع الحيوانات المعروضة، وكذلك سلالم وأماكن مخصصة لجلوس الزوار والتمتع بمناظر الحديقة الخلابة، كما تم تهيئة أماكن عيش القرود بالأشجار الخاصة ببيئة هذه النوعية من القرد لتسلكها وممارسة الأنشطة الطبيعية التى يقومون بها.
تشاهد خلال جولتك فى حديقة حيوان برلين مشاهد رائعة من الحياة البرية واكتشاف بعض الحيوانات النادرة والجميلة والغريبة مثل الزرافة، والنمر الأسود، والدببة القطبية والقرود والطيور النادرة، إذ تبدأ الحديقة عملها يوميا من الساعة 9 صباحاً حتى السادسة والنصف مساءً.
وجرى تخصيص نافورة كبيرة فى منتصف الحديقة، كما يتوسطها حزامًا طويلاً من الخضرة والورود ليلتقط الزوار الصور التذكارية، فيما صممت مبانٍ مكيفة زجاجية لأنواع معينة من الحيوانات التى لا تتحمل العيش بالخارج مع تهيئة البيئة الخاصة بهذه الحيوانات داخل هذه البيوت الزجاجية.
افتتحت حديقة حيوان برلين Berlin Zoo فى أغسطس عام 1844م فى قلب مدينة برلين، بفضل الملك فريدريك وليام الثالث وشغفه الكبير للحيوانات الغريبة وضع الأساس لحديقة حيوان برلين لتكون أول حديقة حيوان فى ألمانيا والتاسعة حول العالم، وتبلغ مساحة حديقة الحيوان 34 هكتارا، وتضم حوالى 17 ألفا من الأنواع المختلفة للحيوانات، إذ تستقبل الحديقة سنويًا أكثر من 3 ملايين زائر من جميع أنحاء العالم.
وتضم حديقة حيوان برلين مجموعة مميزة ونادرة من الحيوانات وخاصة تلك التى يبحث الجميع عن رؤيتها مثل الدب القطبى والباندا العملاقة، وتتميز الحديقة بسهولة الوصول إليها نظراً لموقعها فى منتصف برلين وقربها من أماكن سياحية أخرى فى المدينة.
خلال الحرب العالمية الثانية، تعرضت منطقة حديقة الحيوان لقنابل الحلفاء لأول مرة فى 8 سبتمبر 1941، وحدثت معظم الأضرار خلال القصف يومى 22 و23 نوفمبر 1943 حيث قُتل 30% من سكان حديقة الحيوان فى اليوم الأول، وتم تدمير مبنى الحوض بالكامل من جراء إصابة مباشرة، ومن بين الفيلة الثمانية نجت واحدة فقط.
بحلول نهاية الحرب، كانت حديقة الحيوان محصّنة ببرج حديقة الحيوان، وهو برج فخم ضخم كان أحد آخر المناطق المتبقية من المقاومة الألمانية النازية ضد الجيش الأحمر، مع مخابئه وأسلحة مضادة للطائرات تدافع عن قوات التحالف الجوية، وعند مدخل حديقة الحيوان، كان هناك مأوى صغير تحت الأرض لزوار حديقة الحيوان وحراسه، وخلال المعركة، تم الاعتناء بالجنود الألمان الجرحى هنا من قبل أفراد من الإناث وزوجات من حماة الحيوان.
وكشف إحصاء فى 31 مايو 1945 أن 91 فقط من بين 3715 حيوانًا قد نجوا، بما فى ذلك شبلان من أسد، وضباعتان، وفيل الثور الأسيوى صيام، وفرس النهر من فرس النهر Knautschke، وعشرة من قرود بابون الحمادرية، وشمبانزى، ولقالق أسود. وبعد المعركة اختفت بعض الحيوانات بعد تدمير حديقة الحيوان، وجرت إعادة بنائها وحوض السمك المرتبط بها وفقًا للمبادئ الحديثة لعرض الحيوانات على مقربة من بيئتها الطبيعية بقدر الإمكان.