لم يكن أبو بكر البغدادى، زعيم تنظيم داعش، مجرد قائد لحركة إرهابية ترتكب جرائم باسم الدين، بل إن الجماعة التى قادها منذ عام 2010 عندما كانت لا تزال تحت لواء القاعدة ارتكبت من الفظائع ما لم يكن أحد يتصوره من قبل وأحدثت حالة من الرعب فى العالم بتصويرها عمليات قتل الرهائن الوحشية والتى وصلت إلى حد الحرق حيا مثلما حدث مع الطيار الأردنى معاذ الكساسبة.
بدأت قصة أحد أخطر الإرهابيين فى العالم، عندما ولد إبراهيم عوض إبراهيم البدرى، وهو الإسم الحقيقى للبغدادى، فى مدينة سامراء العراقية عام 1971، داخل ما يسمى بالمثلث السنى، بحسب ما ذكرت شبكة يورو نيوز، وكان والده معلم قرآن وصف بأنه متذمر وانطوائى، وعندما يتحدث بالكاد ما يسمعه أحد.
أبو بكر البغدادي
وفى تقرير لمعهد بروكينجز عام 2015، قال إن أبو بكر البغدادى عرف بـ "المؤمن" فى سن صغيرة، وكان يقضى معظم وقته فى المسجد المحلى ينتقد أشقاءه وأفراد الأسرة الذين ابتعدوا عن النهج المتشدد الذى يتبعه، ولكنه كان معروفا أيضا بأنه لاعب كرة قدم متحمس.
انضمامه للإخوان
ودرس التلاوة القرآنية فى جامعة صدام للدراسات الإسلامية، وهو برنامج يقول تقرير بروكينجز إن انتقائى للغاية فى بغداد، وواصل دراسته للحصول على الدكتوراه، وخلال فترة وجوده بالجامعة انضم إلى جماعة الإخوان التى كانت محظورة فى هذا الوقت، كما هو الحال الآن فى عديد من الدول.
وانجذب أبو بكر البغدادى نحو الجانب الأكثر تطرفا للإخوان فى بغداد والتى هيمن عليها السلفيين والمتشددين الذين تبنوا تفسيرا صارما للشريعة والجاهد وشن الحرب على الحكام الذين اعتبروا أنهم خانوا العقيدة الإسلامية.
بعد الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003 وسقوط صدام حسين، سجن البغداى فى معسكر بوكا الذى صنع بداخله لنفسه اسم كواعظ ولاعب كرة قدم، حتى أنه أطلق عليه لقب ماردوانا، وفقا لتقرير سابق لمجلة المونيتور، وداخل هذا المعسكر أسس روابط مع القاعدة فى العراق، والعديد من الرجال الذين أصبحوا شخصيات بارزة فى جماعته "الدولة الإسلامية فى العراق"، وعندما قتل زعيم هذه الحركة عام 2010 فى ضربة جوية، أصبح البغدادى زعيمها الجديدة، فى عام 2011 وسع نطاق جماعته غلى سوريا، وغير اسمها إلى الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق والتى أصبح يعرف اختصارا باسم داعش. وبعد اندلاع الحرب فى سوريا وصعود الجماعات الإرهابية، استغل داعش فراغ السلطة للاستيلاء على مدينتين هاميتين بينهما الرقة.
وفى عام 2014 ظهر داعش على الساحة العالمية عندما سيطر على مدينة الموصل، وفى خطابه الوحيد المتلفز، أعلن البغدادى من المسجد الكبير بالموصل تأسيس دولة "الخلافة"، ونصب نفسه خليفة، وسيطرت الجماعة فيما بعد على مساحات واسعة من سوريا والعراق، حتى أنها هددت العاصمة العراقية بغداد.
شائعات وفاته
أثيرت شائعات كثيرة حول وفاة البغدادى منذ عام 2015، حيث قيل إنه تعرض لإصابة بالغة فى الباج قرب الموصل بالعراق، ثم قيل مرة أخرى أنه تعرض لإصابة خطيرة تمنعه من قيادة التنظيم فى غارة جوية.
وبعد الضربة التى أصيب فيها، انتقل البغدادى إلى الرقة فى سوريا، وظل بعيدا عن الأضواء يسافر سرا ويتجنب الأنظار، وظهر فى رسائل صورتية فقط لأنصار داعش فى عام 2015 أعوام 2015 و2016 و 2017، وتأكد من ذكر الأحداث الجارية بالترتيب لدحض شائعات وفاته، وكان آخر تسجيلاته فى سبتمبر الماضى.
وخلال قيادته لداعش، ارتفعت حظوظ التنظيم ثم تراجعت فى سوريا اولعراق، فتم إخراج الجماعة الإرهابية من الموصل والرقة عام 2017، وخرج من آخر معاقله فى سوريا فى مدينة الباجوز هذا العام، ويحتجز أغلب أنصاره فى معسكرات اللاجئين شمال سوريا.
واختتم موقع يورو نيوز تقريره، إنه من غير المعروف كيف خطط البغدادى لدخول تركيا أو أين سيذهب عندما يدخل البلاد، إلا أنه كان يعلم أن وقته ينفذ.