حالة من الجدل الشديد انتابت رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك عقب نشر فتوى لـ دار الإفتاء عن عدم جواز مصافحة الخاطب لخطيبته ، وتهكم البعض بأن هذا الأمر لا يحدث في وقتنا الحاضر وأن الأمر تخطى المصافحة، وأرجعوا ذلك إلى عدم الالتزام بالرؤية والضوابط التي حددها الشرع للخاطب والمخطوبة.
اليوم السابع يستعرض في التقرير ما ذكره الراحل الدكتور محمد رأفت عثمان ،عضو هيئة كبار العلماء ، في كتاب فقه النساء في الخطبة والزواج، والذى أجاب وأوضح العديد من التساؤلات بشأن العلاقة وحدودها بين الخاطب و المخطوبة .
فى البداية، اتفق العلماء على أنه يحرم على الرجل أن ينظر إلى المرأة عند الخوف من الفتنة، واتفقوا كذلك على حرمة النظر إلى ما عدا الوجه والكفين من المرأة الأجنبية ،ومعنى المرأة الأجنبية :المرأة التي يجوز له أن يتزوجها ، ثم اختلف العلماء في النظر عمداً إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها في حالة ما إذا لم تخف الفتنة وكان النظر لغير شهوة.
ونقل عن الإمام الشافعي رضى الله عنه أن النظر بغير شهوة إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها عند أمن الفتنة ليس محرماً ،بل هو مكروه و كتب الشافعية تبين أن الكراهة هى احد رأيين أرجحهما التحريم،ويوافق الرأى الراجح عند علماء الشافعية ما يذهب إليه الحنابلة ، فإنهم يرون أن نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية من غير سبب حرام إلى جميع جسم المرأة.
هل يجوز للمرأة أن تنظر للرجل والعكس ؟
فأما المرأة فيجوز لها أن تنظر من امرأة مثلها ومن الرجل إلى ما عدا ما بين السرة والركبة ،ويدل على هذا ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت قيس بعدما طلقها زوجها "اعتدى عند ابن ام مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك .
وأيضا ما روى عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنها قالت : كان النبى صلى الله عليه وسلم يسترنى بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون فى المسجد " والأحباش رجال كانوا يلعبون فى المسجد ،وكانت السيدة عائشة تشاهدهم وهم يلعبون ،ولم يمنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ،ولو كانت رؤية المرأة للرجل حراما لمنعها من مشاهدتهم.
نظر الرجل إلى المرأة التى يريد الزواج بها هل هو جائز أو غير جائز
جماهير العلماء ترى جواز النظر عند إرادة الزواج فذهب الجماهير من العلماء إلى أن الرجل إذا أراد أن يتزوج فإنه يجوز له ان ينظر إلى من أراد الزواج بها ، لم يشذ عن القول بهذا إلا بعض لا يرى جواز النظر إلى المرأة قبل عقد الزواج وهذا الرأى كما يقول الشوكانى أحد كبار أئمة الحديث والفقه خطأ مخالف للأدلة ولأقوال أهل العلم .
وقد استند العلماء فى جواز نظر الرجل إلى من أراد زواجها إلى الأحاديث المروية فى هذا الأمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة ،فقال النبى صلى الله عليه وسلم " انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" أى تدوم بينكما المودة والألفة .
هل يجوز للمرأة أن تمكن الخاطب من مس شئ من جسمها
إذا كانت الاحاديث الشريفة قد بينت أنه يجوز لمن أراد التقدم لخطبة امرأة أن ينظر إليها ، فهل يجوز له زيادة على النظر أن يمس شيئاً من جسمها ؟ أجاب العلماء عن هذا بأن الرخصة التى بينها الشرع إنما هى فى النظر فقط ، وعلى هذا فلا يجوز له أن يمس شيئا من جسمها ، حتى لو كان الخاطب أعمى ، فلا يحل للرجل أن يمس وجه امرأة أجنبية ولا يجوز لها بداهة أن تمكنه من ذلك ، وإن كان النظر حلالا للرجل فى بعض الحالات مع عدم الخوف من الفتنة والشهوة، كحالة الخطبة، وحالة الشهادة على المرأة فى أمر من الأمور التى يجوز للرجل أن يشهد فيها على المرأة، وحالة تعليم الرجل للمرأة.
المواضع التى يجوز للمرأة أن تظهرها للخاطب
أجمع العلماء على جواز أن ينظر الرجل الذى يريد الخطبة إلى وجه المرأة ، وذلك لأنه كما يقول ابن قدامة أحد كبار علماء الحنابلة ليس بعورة وهو مجمع المحاسن وموضع النظر ،ثم اختلف العلماء فيما زاد على الوجه ، والذى يهمنا هنا بالنسبة للمرأة أن نقول إن جمهور العلماء يرون انه يجوز له ان ينظر إلى الوجه والكفين وما عداهما لا يجوز له ان ينظر إليه ، وذلك لأن غير الوجه والكفين من عورة المرأة ،لقول الله تعالى "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها.."، أى الوجه والكفين ، فالوجه سيدل الخاطب على جمال المرأة ، و الكفان يدلانه على خصوبة جسمها .
هل يجوز للمرأة أن تختلى بمن يريد خطبتها ؟
قد تحدث الرجل نفسه أن يختلى بمن يريد خطبتها، وقد يرى استجابة منها أو من أهلها لذلك، فكثيرا ما ترى الخاطب والمخطوبة يخرجان وحدهما بدون محرم معهما ،فيذهبان إلى اماكن الترفيه واللهو ، ولا رقيب عليهما من أقاربهما فما هو رأى الفقهاء المسلمين فى هذا الخلوة؟
أجاب الفقهاء المسلمون بأن المرأة التى يراد خطبتها هى اجنبية بالنسبة إليه ما دام لم يعقد عليها ، والخلوة بالمرأة الأجنبية حرام ، فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذى رحم محرم"، و الشرع لم يجئ إلا بجواز النظر فبقيت الخلوة على التحريم ، وأيضا فإنه ليس مأموناً ان يحصل بينهما في لخلوة شيء مما هو محرم بين الرجل و المرأة التي ليست زوجة له ؛ لهذا فإنه يجب أن يكون معهما عند نظره إليها أحد محارمها كأخيها أو أبيها للاحتياط فى هذا الأمر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة