قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري -في بيانه- "منذ أن تقدمت باستقالتي قبل 50 يوما تلبية لصرخة اللبنانيين واللبنانيات، سعيت جاهدا للوصول إلى تلبية مطلبهم بحكومة اختصاصيين (تكنوقراط) رأيت أنها الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة الاجتماعية والاقتصادية الخطيرة التي يواجهها بلدنا".
وأضاف "...ولما تبين لي أنه رغم التزامي القاطع بتشكيل حكومة اختصاصيين، فإن المواقف التي ظهرت في الأيام القليلة الماضية من مسألة تسميتي هي مواقف غير قابلة للتبديل، فإنني أعلن انني لن أكون مرشحا لتشكيل الحكومة المقبلة".
وتابع "إنني سأتوجه غدا للمشاركة في الاستشارات النيابية على هذا الأساس، مع إصراري على عدم تأجيلها بأي ذريعة كانت، وقد دعوت كتلة المستقبل النيابية للاجتماع صباح الغد لتحديد موقفها من مسألة التسمية".
ويشهد لبنان حالة من الفراغ الحكومي المستمرة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر منذ تقدم سعد الحريري باستقالته والحكومة بالكامل في 29 أكتوبر الماضي تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية منذ مساء 17 أكتوبر اعتراضا على التراجع الشديد في مستوى المعيشة والأوضاع المالية والاقتصادية، والتدهور البالغ الذي أصاب الخدمات التي تقدمها الدولة لاسيما على صعيد قطاعات الكهرباء والمياه والنفايات والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
ويتطلب تشكيل حكومة جديدة في لبنان إجراء ما يعرف بـ "الاستشارات النيابية الملزمة" والتي من المقرر أن تُجرى غدا الخميس في قصر بعبدا الجمهوري، بعدما دعا إليها رئيس الجمهورية، ويقوم بمقتضاها أعضاء مجلس النواب بتسمية رئيس الوزراء الجديد، ليصدر في أعقاب ذلك مرسوم رئيس البلاد بتكليف الاسم الذي اختاره النواب لرئاسة الوزراء، ومن ثم إجراء المشاورات اللازمة لتأليف الحكومة.
وتعقد مسار تشكيل الحكومة الجديدة بصورة كبيرة بفعل الصراعات بين القوى السياسية، التي تختلف على شخص رئيس الوزراء الذي يجب تكليفه بتأليف الحكومة، وكذلك شروط الفرقاء السياسيين حول شكل الحكومة الجديدة، حيث ترى قوى سياسية بوجوب أن تتألف الحكومة من التكنوقراط فقط على نحو ما يطالب به المتظاهرون والمحتجون في الشوارع، في حين تطالب قوى سياسية أخرى أن تكون مزيجا من السياسيين والتكنوقراط معا.
كان حزب القوات اللبنانية قد أعلن أن كتلته النيابية لن تسمي أحدا لرئاسة الحكومة في الاستشارات النيابية، كما سبق وأعلن التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل أنه لن يسمي سعد الحريري للمنصب، وهما الكتلتان المسيحيتان الأكبر داخل المجلس النيابي، وهو الأمر الذي دفع الحريري لطلب تأجيل جلسة الاستشارات التي كان من المقرر أن تُجرى أول من أمس الإثنين، مشددا على أنه يرفض أن تتم تسمية لرئيس الحكومة الجديد من دون مشاركة فيها من جانب أي كتلة مسيحية ذات ثقل وازن، حرصا على مقتضيات الوفاق الوطني اللبناني.