"لم يمنعنى فقرى من أداء الأمانات لأصحابها" بهذه الكلمات تحدث محمد شقرانى الذى يبلغ من العمر 45 سنة، ويعمل سائق توك توك، عن قصة عثوره على حقيبة بداخلها مبلغ مالى يقدر بنحو 9 آلاف دولار، ورغم حجم المبلغ وحاجاته للمال هو وأسرته فإن ذلك كله لم يمنعه من أداء الأمانة لصاحبها بعد أن ظل 12 ساعة متواصلة يبحث عن صاحبها.
"اليوم السابع" توجه إلى منزل السائق الأمين، بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، والذى يقع داخل حارة صغيرة وهو عبارة عن منزل بسيط مكون من حجرة واحدة، يسكن فيها سائق التوك توك محمد شقرانى، وأبناءه الـ6 ووالدته العجوز.
السائق الامين فى المنيا مع أسرته
ورغم حالته الاقتصادية الصعبة إلا أنه ضرب المثل فى الأمانة والمعدن المصرى الأصيل، فمرضه واحتياجه للمال لسداد مديونياته التى تراكمت عليه، لم يمنعه من واجبه الأخلاقى ورفض أن يقبل على نفسه وأسرته مبلغ كبير من المال عثر عليه فى الطريق أثناء قيادته التوك توك، وأصر على إعادته لصاحبه، بعد أن ظل يبحث من شروق الشمس حتى غروبها ولم يهدأ حتى أعاد المال لصاحبة ورد الأمانة إلى أهلها.
تفاصيل القصة يرويها محمد لـ"اليوم السابع" قائلاً: "كنت أعمل شيال عندما كنت بصحة جيدة، ومنذ أن أجريت جراحة فى الفقرات والعمود الفقرى وجراحة أخرى تركيب شرائح فى ذراعى أصبحت غير قادر على العمل، لذلك لجأت إلى قيادة التوك توك للإنفاق على أسرتى، وخاصة بعد أن أصبحت مثقل بالديون والقروض الكثيرة التى عجزت عن سدادها، وأضاف أعيش داخل حجرة فى منزل العائلة مع أبنائى الستة ووالدتى العجوز".
وقال: "نجلى الصغير أيضا يقود التوك توك حتى يساهم معى فى الإنفاق على المنزل، وفى يوم الواقعة خرج فى الصباح وأثقلتنى الهموم ولكن تركت ذلك وتوكلت على الله وخرجت، وركبت التوك توك وأثناء السير فى أحد شوارع سمالوط لفت انتباهى وجود لفافة الجميع يدوس عليها بأقدامه، وتوقفت وأمسكت اللفافة، وإذا بداخلها مبلغ مالى كبير لكن ليست أموال مصرية، أيقنت أنها لأحد الأشخاص".
وتابع: "بحثت فى اللفافة فوجدت صورة بطاقة بداخلها، وهذا هو الذى قادنى للوصول إلى صاحب المال، وأخذت أبحث عن صاحب البطاقة، واستغرقت عملية البحث ما يزيد عن 12 ساعة متواصلة ، حتى عثرت عليه وطلبت منه الحضور لاستلام أمواله، مشيراً إلى أنها لحظة فرحة كانت من أسعد لحظات حياته، وفى هذا الوقت نسى ديونه ومعاناته من هموم الفقر نظير تأدية الأمانة لصاحبها".
وأشار إلى أنه لم يترك حظاً للشيطان حتى يتلاعب به لحظة واحدة، ولم يفكر فى أى شىء سوى إعادة المال إلى أصحابه، وعلق قائلاً: "الأمانة لا تحتاج إلى أن نكون فقراء أو أغنياء، فلا تعلم هذا المال أين سيذهب به صاحبه".
وأوضح "شقرانى"، أنه فوجئ بالجميع من سكان المنطقة يهنئونه ويلقبونه بالأمين، مشيراً إلى أن منزله لم ينفض من كثرة الناس التى حضرت تشكره على أمانته وإعادة تلك الأموال لأصحابها.
وعن مطالبه، علق السائق الأمين قائلاً: ليس لى مطالب من الدنيا سوى شقه تحمى والدتى وأبنائى وأشعر فيها بالأمان مع أسرتى".